رسائل الإصلاح 13
رسائل الإصلاح
(13)
الجهاد في سبيل الله
د. موسى الإبراهيم
[email protected]
3- أهدافه وأحكامه
أولاً: أهداف الجهاد في سبيل الله.
قال
الله تعالى: ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فان انتهوا فان الله
بما يعملون بصير).
إن
هذه الآية الكريمة تضع لنا معالم وأهداف الجهاد في سبيل الله وأهم تلك الأهداف :
1-
حماية الدعوة الإسلامية لكي تبلغ كلمة الحق مداها وتصل إلى جميع العالم وتطرق
أسماعهم في جو من الحرية والأمن.
2-
الإطاحة بالحواجز والعقبات البشرية الطاغوتية التي تصر على حجب نور الإسلام أن يصل
للناس جميعا
3-
القضاء على الفتنة في الدين فالإسلام لا يكره الناس على الدخول فيه ( لا إكراه في
الدين) لكنه بنفس الوقت يمنع أحدا من البشر أن يكره الناس على ترك دينهم، أو يفرض
عليهم اعتقادا من تلقاء نفسه.
4-
حماية الدين الحق فإن من طباع كثير من البشر حب الظلم والتسلط
مثل
هؤلاء لا يسرهم أن يقوم الحق والعدل والقسط بين الناس فيحاولون دائما هدم القيم
والمبادئ العادلة ليؤمنوا فرصا لمطامعهم وشهواتهم. فالإسلام يحمي الحق من أولئك ولا
بد لكل حق من قوة تحميه وإلا ضاع وتلاشى وشوهت صورته في أعين الناس.
5-
رد العدوان. ومن أهداف الجهاد الإسلامي أيضاً رد العدوان عن الأمة الإسلامية
والوقوف في وجه أي طامع في أمنها وخيراتها، قال تعالى: ((ولا يزالون يقاتلونكم حتى
يردوكم عن دينكم إن استطاعوا)). ففي هذه الآية بيان صفة العدوان القائم في نفوس
اليهودية والصليبية تجاه الأمة الإسلامية وقد وجه الله المسلمين لرد هذا العدوان
بقوله: ((وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة)).
ويلخص لنا أهداف الجهاد الإسلامي الصحابي الجليل ربعي بن عامر رضي الله عنه عندما
سأله رستم قائد الفرس: من أنتم؟ ولماذا جئتم إلينا؟ فقال رضي الله عنه: نحن قوم
ابتعثنا الله لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ومن ضيق الدنيا إلى
سعتها ومن جور الحكام إلى عدل الإسلام.
ولقد كانت أهداف جيوش الفتح الإسلامي واضحة جداً فقد كانوا يطلبون من أعدائهم واحدة
من ثلاث:
إما
أن تدخلوا في الإسلام فلكم ما لنا وعليكم ما علينا.
وإما أن تخضعوا لحكم هذا الدين وتدفعوا الجزية ولكم الأمن والحرية وما تعتقدون
ونجتازكم نبلغ دين الله إلى من وراءكم.
وإن
أبيتم ذلك فبيننا وبينكم السيف.
وهكذا انتشرت جنود الله تفتح الأمصار وتنشر فيها الحق والأمن والسلام حتى لأولئك
الذين لم يدخلوا في هذا الدين واختاروا أن يعيشوا مسالمين تحت مظلة الإسلام
وأحكامه.
ثانيا- أما أحكام الجهاد في سبيل الله
فقد
ذكر الفقهاء رحمهم الله أن الجهاد في سبيل الله لا يخرج عن واحد من حكمين اثنين فهو
إما فرض كفاية وإما فرض عين وذلك بحسب حال الأمة الإسلامية.
فالجهاد فرض كفاية على المسلمين إذا كانت الأمة الإسلامية آمنة على أبنائها وأرضها
وثغورها مهابة من أعدائها لا تطمع قوة في الأرض أن تنال من كرامتها أو تسيء إلى
جنابها فإذا كانت الأمة الإسلامية كذلك فهي مع هذا يطلب منها أن يكون فيها من
أبنائها من هم على استعداد دائم للدفاع عنها وحماية ثغورها من أي عدوان خارجي.
ويكون الجهاد فرض عين على المسلمين إذا اغتصب أعداء الإسلام شبراً واحداً من أرض
المسلمين أو أسروا مسلماً واحداً من الأمة الإسلامية فإذا وصل الأمر إلى ذلك فيجب
على المسلمين وجوباً عينياً أن ينفروا كافة كباراً وصغاراً ورجالاً ونساءً ويبذلوا
كل الوسع والطاقة حتى يردوا كيد الأعداء ويدحروهم عن الأرض الإسلامية المقدسة وكل
أرض إسلامية مقدسة.
والوجوب العيني هذا يطالب به من هم في جهة الأعداء المهاجمين ثم من وراءهم من
المسلمين حتى تتحقق الكفاية لرد العدوان وإذا لم تحصل الكفاية إلا بوقوف جميع الأمة
الإسلامية في وجه العدو الغاصب فإن الوجوب يشمل الأمة الإسلامية كلها حينئذٍ. وقد
ذكر فقهاء الإسلام أنه إذا أُسر مسلم واحد من شرق الأرض الإسلامية فيجب على أهل
المغرب من تلك الأمة أن يبذلوا كل ما يستطيعون من نفس ومال لفك هذا الأسير وإنقاذه.
تلك
خلاصة عن أحكام الجهاد الإسلامي وأهدافه وإن نظرة عابرةً لأحوال أمتنا وذلها
وضياعها وتكالب أعداء الإسلام عليها واغتصاب مقدساتها وحرماتها وإهانة كرامة
أبنائها وهتك أعراض صباياها في مختلف أصقاع الأرض وجوانبها إن نظرة سريعة لهذا
الحال لتؤكد لنا أن الجهاد اليوم فرض عين على جميع المسلمين ولا يعذرون بالتخلي عنه
ولا بتركه بحال من الأحوال.
وأُولى درجات القيام بهذا الواجب الإعداد والاستعداد ومما يصلح أن يكون شعاراً
لأمتنا الإسلامية اليوم وكل يوم كذلك قوله تعالى: ((وأعدوا لهم ما استطعتم من
قوة)).
وإذا لم تبدأ الأمة الإسلامية بالإعداد الصادق والعزم الأكيد والتخطيط السليم
للمعركة الفاصلة مع أعداء الإسلام فهي آثمة كلها وسيحاسبها الله عز وجل على تضييع
الأمانة – أمانة الاستخلاف في الأرض- والتفريط في حقها.
أيها الإخوة..
تلك
نفثات وأشجان أبثها إليكم من قلب أمتنا الإسلامية الجريح وواقعها المؤلم الحزين
لعلها تلامس قلوباً حيةً فتستجيب للنذير وتنهض لنصرة الحق ونصرة المستضعفين في
الأرض. قال تعالى: ((وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال
والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا
من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصيراً)).
اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
5/7/1406 هـ ـ 1986