شوق الحياة

لطفي بن إبراهيم حتيرة

لطفي بن إبراهيم حتيرة

[email protected]

  عاطل عن العمل.. خارج عن الزّمن.. متسلّق جدران الحياة ومتملّق على أعتاب المؤسّسات.. يحمل أوراقه ألواحا لم تنزل من السماء بل تريد أن تصعد إلى العلياء لتعانق السماء.. شهادات تنام في غياهب أدراج مكاتب التشغيل.. كفاءات أصابها الانحلال.. قدرات ماتت وأخرى تموت كلّ يوم.. رغبات تسرّب إليها النعاس فاستكانت فتراخت فشاخت.. إرادة تمزّقت فغابت عنها الحياة فصارت تعيش على فتات موائد الاجتماعات والمؤتمرات والكلمات الكاذبة والوعود الزّائفة والبسمات..

 شبابنا بين الموت والحياة.. بين داعش والقاعدة ومختلف الجماعات يريد الحياة فارّا من عذاب الخيبات و النكبات والجلوس على أعتاب المقاهي وخشبات الانتظار الشهور والسنوات.. شبابنا عصب الأمّة تسلب منه حياة وتخمد في روحه جذوة الانطلاق ومتعة الوجود وحبّ الوطن فيمضي إلى البحر حارقا ومحترقا غارقا وحالما بالخيرات.. شبابنا شعلتنا في العتمات.. صار يعيش في ظلمات القهر والظلم والمحسوبيّة والقربات وال(قهوة) والرشوة و(أنت متاعنا ولينا) و(الماء الماشي للسدرة الزيتونة أولى به..).

إلى أين نمضي ونحن غارقون في بحيرة آسنة!.. أين نمضي وأيدينا مصبوغة بالدماء وثيابنا تمزّقت وتساقطت فصرنا عراة.. أين نمضي وقنواتنا تنشر غسيل الفاسقين والفاسقات وتبيح الرذيلة وشرب المنكرات وترفع أستار بيوت النّوم و تكشف العورات أمام الصغير والصغيرات!.. أين نمضي وكيف نتطلّع إلى الشّمس وأقدامنا في الوحل تدوس و تغوص!.. ثمّ ماذا؟ والسّاسة دجّالون والوزراء لا يعرفون من اللّعبة غير الرّبح والخسارة وأحزاب مدجّنة و مهجّنة أوهي غربان للجيف آكلة ثمّ ناعقة.. ولا تحكي عن الجمعيّات فهي طاعون أزرق و جراد أحمر لا يبقي ولا يذر همّها معروف وأصحابها صيتهم بالوفاء موصوف إلاّ من رحم ربّي فهو مسكين لا يرى ولا يشوف..  و- شعبنا ذكي ليس له مثيل من الأطلس إلى النّيل- شعب لا يعرف غير ( هات أعطيني ويلاّ زيدني.. وآش يهمّني في غيري؟!..).. شعب تكاسل وتهافت على الموبقات والنّهب والسرقات وتكديس الأموال و شتّى المعصيات إلاّ من كان قليل الحيلة أو نبيل الصفات.. منافقون بامتياز.. إنتهازيون لا يشقّ لهم غبار.. مخادعون ومحتالون..

نبني على وهم ونمضي في وهم ثمّ نجني الخيبات والنكسات ونذرف الدمعات الكذوبات

ونعاود الحياة بغير طعم ولا مبالاة.. شوق الحياة تبخّر و لهفة الوجود تراخت ودهشة اللّقاء قتلت فهل بقي لنا شيء في الحياة؟؟ غير الإنتماء إلى أحد الجماعات لإختصار المسافات...