أنا.. والعكّاز

جلال / عقاب يحيى

في قراءاتي المختلفة كان تعبير العكّاز، وتعكّز، وعكّز، وعكّازة.. ترتبط بالذهن مباشرة باتكاء شيء على غيره، لأنه لا يقدر على تحمل عبء ما يحمل . ودخل المصطلح حياتنا السياسية، وعمليات النقد التي كانت توجّه لأوضاع لا يتسم عاملها الذاتي بالنضج، والقدرة على حمل وإنجاز المهام المناطة به، فيضطر، أو يلجأ إلى غيره يتعكّز عليه . ومثله أوضاع استغلالية، أو استخدامية، وهنا يختلف فعل التعكيز عن ذاك، حيث نقبض على فعل الاستغلال : استغلال وضع لآخر كي يشيله، أو يمرر له شيئاً ما ..فتنوّعت المعاني ومداليلها .

 وعند نقد الأحزاب الشيوعية العربية، كان فعل التعكيز من أقوى عوامل النقد لها، فاستخدم كثيراً، لأنها لم تكن بقدرة لا المهام التي تفرزها المرحلة، ولا البرامج التي تطرحها، ومثلها الشعارات، والأهداف.. وغيرها، فكانت تتعكّز على الاتحاد السوفييتي إلى درجة لم يعرف الكثير مستوى تلك العكّازة : طولها، قطرها، درجة انحناء قبضتها، قدرتها على الحمل، وقوس الانحناء .

 والشيء نفسه تقريباً وجّه للأحزاب القومية الملحقة بالمركز الحاكم، التي تحوّلت إلى تابع، فضمرت، واضمحلت، وأصيبت بتقوّس عمودها الفقري، وبأنواع مختلفة من " الديسك"، فبات العكاز ضرورياً لها، ثم ازداد استخدامها له حتى لم تعد قادرة على المشي، ولا الوقوف، وحتى الانحناء( ليس للعواصف ، والمتغيّرات وحسب، بل لقائد القيادات، والبلد، والأوطان، والكل بالكل) دون عكّاز من النوع الصلب، والمستورد، أحياناً، وبعكازتين، أحياناً أخرى .

 تفلسفنا في استخدام المدلول لفهم جانب هام من تركيب بعض الدول، والقوى السياسية التي لا تقدر على بلورة، وصيانة استقلاليتها، فتحتمي بعكاز خارجي : طويل، شديد السطوة غالباً ، ينقلب عليها ليصبح هو الأصل وهي العكّاز.

 وفي معرض محاولة فهم التركيبة اللبنانية، مثلاً، وربما ( دول بلاد الشام التي أفرزتها اتفاقية " سايكس ـ بيكو"، ووضع الأحزاب الأردنية قابل للقياس)،

( اكتشفنا) أن أحد أهم عوامل أزماتها المتعاقبة، أو الدائمة ـ المتجددة استنادها إلى عكاز خارجي، على اليمين، أو اليسار، أو في جميع الاتجاهات . وان هذا الخلل( العكّازي) يجوّف جوهر الهوية، ومفهوم ومقومات الدولة، والأحزاب، والشعارات الكبيرة الصارخة، وشجرة الأرز أو غيرها من الرايات، والصور ..وأن التعكيز مجلبة للهيمنة الخارجية، ولانقسامات طولانية تشبه شكل العكاز، وتتناسب ودوره .

 وعندما كنا نتناول أزمة المعارضة السورية غالباً ما نردفه بتعبير ( المسكينة)، أو اليتيمة، ونقصد به تحديداً : أنها لم تجد عكازاً تستند إليه، وقد نضع اللوم عليها أحياناً، لأنها لم تحسن التكتيك، و" التعامل" مع المتغيّرات، ولم تتخلّص من عقد الذات، والأنا، ووهم الاستقلالية( في عالم صار قرية صغيرة، وتعولم ..!!)، وأحياناً نحمّل الآخر تلك المسؤولية العكّازية . فتارة نلوم بقسوة النظام العربي الذي لم يضغط يوماً( كفاية)، أو بالمرة، والذي غطّى، ودعم، وقوّى، وشرعن النظام وخطواته وتجاوزاته بحق الشعب، والوطن، والأمة، وتارة، ( خاصة مع تعميم العولمة) نتجه إلى الدور الخارجي، ( لنكتشف) أنه لم يكن جاداً، ولم يكن بمستوى المطلوب، وأنه لم يبلور قراراً بالضغط المفضي إلى الإسقاط، وأن أقصى ما يريده مساومات لا تخرج عن دائرة( تغيير، أو تعديل السلوك)، مع استعدادات مفتوحة للتفاوض معه، ومساومته، ومقايضته : فوق وتحت الطاولات.. فتصاب بعض المعارضة، خاصة الجديدة، والمستجدّة، والمتجددة جداً بخيبة الأمل، والإحباط، وقد تعتب، وتلوم، أو تبرر .

 وحين يأتي الحديث عن الصهيونية وكيانها يجمع الكثير أنها لا تريد بديلاً لهذا القائم، فتكثر التحليلات والتفسيرات، تارة :" للخوف من مجيء الإسلاميين، وثانية ل" ضعف المعارضة، وغموض مواقفها، والتي لا يمكن المراهنة عليها.."، وثالثة ب" تناغم بنية، ودور، ومواقف، وممارسات النظام مع المشروع التفتيتي الذي يسري كالنار في هشيم شعوبنا، وأحزابنا، وتشكيلاتنا السياسية، وحتى المجتمعية، والذي قطع مسافات هامة.."، ورابعة ب" الوضع العربي الهشيمي، المهشّم، الفاقد لأي مشروع خاص به..والدليل ما يجري لدرّة قضايا النضال العربي، ومركز تجمّعهم : فلسطين، وحصار غزة، وانسداد فوهات التسوية.."، ورابعة في " المفاوضات السورية ـ الإسرائيلية التي قطعت أشواطاً هامة.. والتي يمكن أن تكون حلولاً بدل فلسطين..إلخ "..

 أي : إن عكاكيزاً كثيرة ترمى للنظام كي يستند إليها وعليها، فيقاوم الكساح، والشلل، ومرض الاستبداد المزمن، ومرض الشيخوخة المتصابية، ومرض الأحادية، وعسر الهضم، ومرض الكوابيس والأحلام المزعجة... بينما المعارضة ( يتيمة) لا عكّاز ولا ما يحزنون .. على العكس فإن معتقليها، وهم من خيرة نخبة سورية المثقفة.. مرميون ولا ضغط، ولا ما يفعلون، والكاتب، والصحفي ميشيل كيلو، وزميله محمود عيسى ما زالا معتقلين، ويرفض النظام إخلاء سبيلهما، ووردة سورية الفوّاحة تقاوم محاولات التيبيس بمعالجة السجينات المرضى، فيتعكّزون عليها، ومثلها رفاقها الصامدون من أجل أن يكون عكّاز البلد من سنديانه الحرّ : الصلب، القوي، المقاوم للتسوّس، والرخاوة ..

 الحقيقة أنني حزنت لمحاولات استبدال المصطلح الذي ألفناه بآخر مستحدث من المرحلة، والمستخرج من مفهوم، واشتقاق " الاستقواء بالخارج" .. وعندما يفحص المرء هذا الجديد يكتشف أنه ليس سوى عكّاز عن حق وحقيق، لكنه ، وكونه يخص العلاقة بالأجانب درج البعض على استخدامه بين محبب، ومتمن، وكاره، وحذر، وخجول .

 ورغم أن هذا المدلول، مثله مثل العكّاز ..يدخلنا في متاهة البحث عن معنى الاستقواء بالخارج، وحدوده، وما أثاره من لبس، وتشوّش، وتشويش، واستخدام، وفعل وردّ فعل، وقوننة، واتهامات، وتحريم، وتجريم، وتبشير، وتغرير، وتبرير( والقائمة طويلة).. فإن ( المسكينة) المعارضة، المتهمة بالرغم عنها، لم تجد من تستقوي به . أي من تتعكّز عليه( بصريح العبارة)، بغض النظر عن مروحة مواقفها من العكّاز، والتعكيّز، وطبيعة العكّاز، وحجمه، ودوره، ومدته، وثمنه، وجوهر الحاجة إليه ..

وبوضوح أكبر فإن العكاكيز المستوردة لم تتجّه إليها، بل انحنت لحمل النظام علنياً، والمعارضة، أو لنقل : بعض منها، يتفرّج بحسرة، فيلتهب الظهر من تقوّس العمود الفقري، ويدبّ التصلّب في الشرايين، والخوف كبير أن يصل النخاع الشوكي فيقبض عليه كليّاً، وعندها لا بدّ من عمل جراحي محفوف بكل المخاطر، وعندها قد لا تنفع عكاكيز الدنيا برفع حمل المعارضة، واحتمالات تفكك عقد وفقرات العمود الفقري، الهشّ أصلاً من فعل الأعوام، والشيخوخة، وشدّة الضغوط عليه، وما عانيه في الزنازين، والرطوبة، والتعذيب، والمنافي الإجبارية، والآمال، والأحلام الخلّبية، والعزلة الأشبه بالأسر.. لذلك باتت مضطرة للبحث عن عكاكيزها الوطنية، أيّاً كانت نوعيتها، ومصاعب الحصول، أو الوصول إليها، لأنه (( ما حكّ جلدك مثل ظفرك)) ..

 ****

قبل عشرة أشهر أجريت عملية جراحية لأحرر قدمايّ من ضغط ظهري مزمن صار يهدد بالمزيد من المضاعفات . ويبدو أن ظهري، كالمعارضة، حمل أثقالاّ كثيرة طوال تلك العقود السوداء وما امتلأت به من معاناة من الحجم العنيف، خاصة لمن عاش في القطر تلك السنوات الجحيمية.. فما عاد قادراً على نقلي لأمتار طويلة . ولم يخطر ببالي الاستناد إلى عكّاز يساعدني، فالأطباء أوصوا بوجوب العملية ..

 ثارت بقايا البدوية، والوطنية، فعاندت على إجرائها هنا، والوعود كثيرة بأنها سهلة، أيام وتتحرر ساقاي، فلا أعود كهلاً كمعظم أبناء المعارضة، وربما أجدد شبابي، فاستعيد تلك العقود الجامحة، وأصبح قادراً على السير بسرعة الشباب، ولما لا : الجري، والمرحلة سريعة التغيير، كثيرة التلاطم، وعلى من ينخرط في الشأن العام أن يكون بالمستوى، وإلا .. فالتقاعد مشروع، أو : اصطحاب عكّازة لائقة.( ولم أك بعد من أصحاب العكّازات) ..

 لم أوافق بالسفر إلى فرنسا.. فعدا عن مصاعب ( التأشيرة) نحن المنبوذون، المذلّون، القابلون بالإهانة، والوقوف صفوفاً طويلة أمام السفارات الأجنبية وشروطها، وطلباتها العجيبة( لأننا بالأساس عرب، وقد نكون مشروع إرهابيين حتى لو تجاوزنا الستين، والسبعين..) !!..

 وعدا، أيضاً، عن التكلفة المالية.. فإن وخز تلك المرحلة( الذهبية، كما يحلو لمراهقتنا تسميتها)، وتلك الشعارات الكبيرة المفعمة بالطموح، والجموح.. الطائرة فوق السماوات السبع، وأحلامنا الأكبر في وطن آخر : حداثي، متطور، موحّد، جميل، عادل، يساوي بين البشر بالقسطاس، لا فرق بين الرجل والمرأة، والأبيض والأسود، والعربي والأمازيغي، والسواحلي، والإفريقي، والكردي، والآشوري، والتركماني، والسريان، والمسلم والمسيحي، والعلوي والسني، والشيعي والإسماعيلي، والصابئي، والعلماني.. وغيره..

وخزها، أو ما صنعته من كبرياء يمضغ الأعوام، والزلازل، والانهيارات العجائبية.. جعلني أوافق..فأجريتها. وأخطأ الطبيب، وهو من أشهر أطباء جراحة الأعصاب هنا( والقياس نسبي)، ومن ( عادة العرب العالم الثالث) ألا يعترفوا بأخطائهم( فمعزة ولو طارت)، و" العملية ناجحة" مهما كان الألم، والتوجّع الذي لا يحتمل، والقعاد في الفراش دون حراك لأشهر ..

ـ اخطأ الطبيب ودفعت الثمن : نوعاً من الشلل الجزئي في القدم اليمنى . فبات العكّاز ضرورياً .

ـ صار العكاز رفيقاً، وأنيساً.. ورحت أكتشفه عن قرب، أنا الذي استخدمته طويلاً في الكتابات، وقرأته أكثر، لكنني كنت أتفاجأ به، وبدوره، وقدرته على التحمّل، والرفد، والإعانة، وكأنّ كل تلك الأعوام مجرد شعارات، وهذه الأشهر القصيرة هي الواقع الذي يعلّمني المعنى الحقيقي للعكّاز، وفعل تعكّز .. حتى أنني وأنا أحاول المشي لا أقدر أن أمنع نظري من التحديق بالعكاكيز الأخرى، التي غالباً ما يستخدمها كهول وعجائز أكبر منّي، على العموم، لكنني أبحر معها لمعرفة أنواعها، ومن أي خشب هي، وشكلها، وعقدها، وتلك المصنوعة من الألمنيوم : الخفيفة، الحديثة.. بينما تبحر( عكّازتي) معي وتغوص في محيط المعاني الحقيقية، والتعبيرية، فأتوه بين التخوم ..

ـ اليوم بتّ أعرف، بالملموس، المعني الحقيقي للعكّاز، ودور فعل التعكيز في الرفد، والحمل، والمساعدة، وكأني غرّ يكتشف لعبة جديدة،وليس ذلك الذي استخدم التوصيف، وقرأه آلاف المرات، وربما أكثر، فأدنو من عقلنا وتركيبه، ومن حجم الجموح، والاندفاع، والأفقية( ولن أستخدم كلمة السطحية) فينا، وفي فهم الشعارات التي نرفعها، والمقولات والأشعار، والرايات، والصور، وكل ما حملناه ورفعناه وحفظناه عن ظهر قلب، لكننا نكتشف أننا لا نعرف الفعل الحقيقي للعكّاز إلا بعد تجريبه ..

 ****

 وبالرغم عنّي، وعن الكثيرين : تحضر العكّازة بقوة هذه الأيام، بطلها : فردتي حذاء، أو صرماية الصحفي العراقي : منتظر الزيدي ..

ـ الحق، أنني ومثل الأغلبية الساحقة من العرب، وحتى المسلمين، وكارهي بوش والإدارة الأمريكية، كنت فرحاً حتى مستوى من النشوة لذلك ( الفعل ـ الحادث ـ المنعطف ـ الظاهرة ـ الأزمة..)، فقد استيقظت، دفعة واحدة بدويتي من أيام ذي قار، والجاهلية، وبعدها، وبعدها، وتكوّمت أمامي هزائم العرب المتلاحقة، وأخصها : هزائمنا الحديثة، المتواصلة..وتجويف المشروع النهضوي، التوحيدي على يد من يدعي حمله، والصخب فيه، والسباحة في نهب الإنتاج الوطني، وحقوق المواطن والأوطان(لأجله) وسقوط بغداد بتلك الطريقة، والغزو الأمريكي، وتدمير الدولة العراقية، وفلسطين التي تتفتت وتنقسم، وتتآكل، وانتخى عنترة داخلي وهو يعيد عشرات المرات رؤية فرديتي الصرماية..تنطلقان بحركتهما السريعة، والمبطّأة، والمركّبة.. فكثرت اللوات ..

ـ لأقل أنني شأن الأغلبية : تمنيت لو كانت تلك الفردة قنبلة تخلّصنا من أحد أكبر مجرمي الحرب، وتواضعت الأماني إلى لو : أصابته إحداها، لو لم يمل. لو لم ينتبه..لو لم يرفع ذلك ( المالكي) يده، لو .. وسألت : ترى لو لطمت وجهه إحداها، أو كلتاهما .. ما الذي كان سيحدث أكثر ؟!.. هل سيكون ( العرس) أكبر من الذي شهدناه ونشهده ؟..هل سنطنطن، ونغرّد أكثر مما فعلنا؟. هل سنثني على البطل أكثر، فتتهاطل القصائد مروية بآثار المسامير، أو النعل على وجه بوش، أو رقبته، أو شعره ؟؟!!.

ـ الحق، أيضاً، كنت في غمرة حماسي، وبعض ( انتقامي) من المجرم.. سأكتب شيئاً في الحادثة، وتبلور العنوان عندي، وكدت أن أبدأ، وقد حددته ب(( بين منتظر ومنتِظر)).. لكن طوفان المقالات، والقصائد، والتباينات، والتأييد، والرفض، والنقد، وهذه الدوشة الكبرى جعلتني أكتفي بالتصفّح، وصورة العكّاز تحضرني، فأستعيدها ..

ـ أكيد أن منتظر، ومهما كان انتماؤه( للمناسبة الخلاف اتسع حتى حول لمن ينتمي)، وحول الدوافع، والتسابق على أشده بين من يريد أن يقول : أنه شيوعي يثأر لمواقف الحزب الرخوة، التعايشية، التصالحية( ما لم أقل أكثر)، إلى أنه ( بعثي، تخرّج من جامعة العراق أيام حكم البعث)، على أنه ( صدري) لأنه يسكن المدينة التي سيطر الصدريون على اسمها، وخرجوا بمظاهرات يرفعون فيها صور البطل، والبعض حمل الصرماية دليلاً ..وكناية ..هو وطني عراقي فاض كأسه من ممارسات الغازي، ولم يجد وسيلة لتنفيس الاحتقان، أو التعبير سوى صرمايته، متمنياً لو امتلك شيئاً آخر يرشقه به : قاتل الشعب، والأطفال، ومدمّر الدولة : هذا البوش الذي يعترف يأنه استند إلى معلومات كاذبة لغزو العراق، ليكذب مرة، ومرات .( والكاذب يستحق أكثر من صرماية على رأسه) .

ـ ضجّ العالم العربي بفعل منتظر، وما انتظر أحد ما ستسفر عنه المحاكمة.. وانقسم الناس بين أغلبية تنتشي للفعل، وأقلية تدين وتستهزئ، وتقزّم.. وتعمّق الخلاف، ودخلنا في فلسفة معنى الضرب بالحذاء عندنا وعندهم، ونظّر البعض لماهية فعل الحذاء في الثقافة العربية، وردّ آخرون باستخفاف، وبأن ضرب الصرماية( عندهم)، وفي الديمقراطيات الغربية لا يعني شيئاً، وجاؤوا لنا بقصص سابقة عن رشق بلير بالبيض، والبندورة، وغيره من المسؤولين الأوربيين، الذي يتفكهون لمثل هذه الفعلات، وردّ فعل بوش( عن طبيعة مقاس الحذاء)، و(نكتة رئيس البرازيل)، وغيره كثير، حتى صار يمكن القول أننا دخلنا فعلاً عصر الصرماية، وأن هناك من يريد نقلنا بعكاكيز شبحية إلى عصر العولمة، كما يفهمها . أي العصر الذي يمكن أن تأكل فيه صرماية على رأسك وتضحك، لأنك ديمقراطي !!..

ـ الأكيد أن منتظر الزيدي عبّر عن مشاعر الملايين، هذا لاشكّ فيه. وعبّر أكثر عن فعل العجز الذي نمارسه، وفعل الفحشاء للنظام العربي . والأكيد أن الملايين أيضاً تمنّت لو تقدر على ضرب رؤوس النظام العربي بالنعال ..

ـ لكن هذا العطشّ الفاضح يعيدنا إلى مسالة العكّاز مرة أخرى، وكأننا لا نقدر على عمل شيء سوى الفرجة على صرماية منتظر وهي تحاول لطم رأس بوش، بينما يستمر الاحتلال في العراق، وتكاد غزّة أن تختنق حصاراً وجوعاً، وموتاّ من نوع كيدي، وتستمر( دويلات فلسطين) بين الفهلوية، والشطارة في علم الخلاف، وتدبيج الشتائم، ويواصل النظام العربي"إبداعاته" الفاحشة في كل ما يخص قضايا المواطن، والوطن، والأمن العربي، ومستقبل الأجيال ، ويطلع علينا الرئيس السوري، المغرم بالمصطلحات، بإفصاحات جديدة عن وجوب وحتمية التفاوض المباشر مع العدو الصهيوني، وكأنها المرة الأولى التي يتفاوضون فيها بشكل مباشر !!، فيهلل البعض( لهذه العقلانية) المبشّرة بإمكانية الضحك على الذقون( لرمي التحالف مع إيران بحذاء ما !!)، ويمسكها البعض كدليل إثبات، وكأنه يحتاج إلى دلائل ليعرف طبيعة، ومشوار، وجوهر ذلك النظام .. كأننا بحاجة إلى صرماية جديدة لمنتظر ما كي نستفيق على الواقع، فنفهمه كما هو، لا كما تتوهمه رغبات تعكّزت عقوداً على الأحلام ..