أمير الشعراء اليمنيين

صالح مفلح الطراونه

صالح مفلح الطراونه

[email protected]

الحسن بن علي بن جابر الهبل

كنت مُدرك إن الكتابه عن اليمن وتحديداً قافية الشعر فيها , تجعلني منتشياً أكثر مما لابد خصوصاً ونحن في حضره الشعراء من اليمن نتوه  فيما سوف نكتب عنهم .. فقد لمست بغياب عبدالله البردوني وحزنه الممتد الى آخر صدر بالحياه حزن طويل بكل قافيتي الثقافيه وأوراقي المكسوره على أبواب الُحلم الضائع أن اصُبح ذات مساء بشاعر وما  أنا بشاعر .. أو حتى بمستمع في كل ما نراه من شعر غائب عن المعنى والحداثه والتطور فطويت نفسي رغم صغر السن عن الأستماع لشعراء .. لا يجيدون ألشعر إلا لحضرة .. القائد أياً كان موقعه فمضى الشعر الى الّتمجيد أكثر من المعنى ..

لكنني عندما فتشت في فصول الثقافه المعرفيه لمن نُحب وجدت إن ألكتابه عن شاعر بّحجم الحسن بن على بن جابر تستحق أن تكون على جداريه اليمن الثقافيه الأقرب للنبض والوجدان وسبيلي بذلك هذا المثقف اليمني الرائع اخي الأستاذ ياسر ... الذي يُلح دائماً ان يوسع مدارك الجداريه لتصبح اكثر التصاقاً بالموروث العربي بعيداً عن الهويه والعرق والمذهب .. فتركت قلمي يتوه بالبحث ويتعمق بالوصول الى محمد الجواهري ثم في مؤنس الرزاز ثم في عرار ثم في عبدالله البردوني والسجن الذي ادمى الأقدام ..

ولعل الحديث هنا وعلى هذه القامه الشعريه كالتي بين أيدينا تجعلنا نفتخر بعروبة اليمن وثقافتها الأصيله في كل ما طرحت من فلسفه وبكل قضاياها الثقافيه عبر إمتداد عمرها الزمني الملتصق ببدايات التكوين لمعجم اللغه والمكان والسيره ...

ولن نزاود أبداً فيما نطرح إلا بالحقيقه المفاده من جموع المثقفين فما رأو وشاهدوا من طرازة العمران الموحي بجيل من العماره والفن والثقافه تتمتع فيها كل شعوب اليمن بحضرها وبواديها وتأصل تاريخها الماجد ..

ادعكم مع قراءه واقعيه لشاعر بحجم هذا المثقف الرائع والشاعر النبيل المتصل بالتاريخ الحسن بن على بن جابر

هو الشاعر الأديب الكبير الحسن بن علي بن جابر الهبل ، ولد بصنعاء عام ( 1048هـ / 1639م) لاسرة قضاة عرفت بالعلم والصلاح وتعلم بها على يد علمائها ، وبها توفي سنة 1079هـ عن واحدٍ وثلاثين عاماً .

عرف بالعبادة والزهد ومودة آل محمد، واشتغل بالعلوم والأدب، وفاق شعراء عصره بل وأغلب شعراء اليمن، حيث يبالغ فيه السيد يوسف بن الحسين فيقول: إنه لم يوجد باليمن أشعر منه من أول الإسلام .

وحيث يقول محقق الكتاب [ أي كتاب ديوان الهبل ] أحمد بن محمد الشامي: إنه أشعر شعراء اليمن، وهو زيدي المذهب، خولاني الأصل، صنعاني المنشأ، أخذ في العلوم على علماء عصره في ظل دولة آل القاسم، آمن بالثورة والخروج على الظلمة والمنحرفين، وألزم نفسه محاربة الفساد ونقد المنحرفين والفاسدين، وقصائده في آل البيت ومودتهم من روائع ما قيل. شنع عليه كل من يكن العداء والبغضاء للعترة النبوية.

يعتبر بعض الدارسين الهبل أروع شعراء القرن الحادي عشر الهجري ولوطال به العمر لكان له شأن عظيم .

برغم صغر سنه الذي لم يتجاوز الثلاثين عاماً إلاّ أنه خلف ديواناً جميلاً ورائعاً جمعه في مخطوطة القاضي العلامة الشاعر/ أحمد ناصر عبدالحق المخلافي وحققه وعلق على حواشيه القاضي أحمد محمد الشامي .

عن ديوانه الرائــــــع :-

من روائع الأدب العربي ومن أهم داوين الشعر ولم يبالغ الأديب أحمد محمد الشامي حين أطلق على الشاعر أمير شعراء اليمن ونظرة واحدة على بعض قصائد الديوان تكفي للتدليل على أن الشاعر من عمالقة الأدب اليمني.

هو شعر فائق في كل معنى مليح. قال ابن أبي الرجال: نهج مناهج الأدباء وجاراهم في رقيقهم وجزلهم، وجدهم وهزلهم، ومع ذلك هو السابق المجلي. وقال الشوكاني في (البدر الطالع 1/199): وله شعر يكاد يسيل رقة ولطافة وجودة سبك وحسن معاني، وغالبه الجودة، وله ديوان شعر موجود بأيدي الناس إلى أن قال: توفي في شهر صفر سنة 1079هـ، فيكون عمره إحدى وثلاثين سنة ولو طال عمر هذا الشاب الظريف، ولو لم يشب صافي شعره بذلك المشرب السخيف !! لكان أشعر شعراء اليمن بعد الألف على الإطلاق.

قال الشامي معلقاً على قول الشوكاني: ونحن نعلم أن مثل هذا التقريض البياني لا يخطر ببال من لا يتعصبون لغرض أو ينفعلون بهوى عندما يؤرخون أو ينتقدون أو يحكمون، و(لو) هذه التي يقول اليمنيون إنها (اسم جني) وإنها تفتح باب الشيطان قد نستطيع أن نتقبلها مع كل أمنية أو حلم، ولكنا لا نستطيع أن نستصيغها ونحن ننقد الشعر والشعراء، ولا نستطيع أن نقبلها من الشوكاني وفي شعر الهبل بالذات، فقصائد ديوانه بلاغة وفصاحة وأسلوباً وسبكاً وتصويراً وتعبيراً (كلها غُررُ) وإن شابها ما شابها مما لا يرضي الإمام الشوكاني، ولا يرضينا أيضاً في الناحية المذهبية، علماً بأنها أبيات معدودة لا تنقص من قيمة الديوان وصاحبه شعرياً لو حذفت ولا تزيده فضلاً إذا بقيت ....إلخ.

معلومات أخرى:-

نسب إلى الجارودية لأبيات قالها، وروي عنه الرجوع عنها، وحذفها المحقق من ديوانه، ضاع من شعره الكثير، ولم يبق منه إلا النـزر اليسير، كما قال جامع ديوانه العلامة المخلافي الذي جمع منه ما وجده فقط، يحتوي الديوان على مقدمة ودراسة رائعة عن الهبل وشعره كتبها الأديب الكبير أحمد محمد الشامي.

المرجع (الحسن المتوكل- مجالس آل محمد(