مكيافيللي شيطان هارب

مكيافيللي شيطان هارب

من الجحيم والاستبداد بنظمه هو الجحيم ذاته

د.عبد االغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

لكل طاغ ومستبد نظريته الخاصه ,واستراتيجته المبنيه على سفك الدماء البريئه هي نقطة الالتقاء بين الطغاة كافه ,فقبل ان يوجد مكيافيللي وكتابه الامير كان الطغاة موجودين وعلى مر العصور .فعند قيام الدوله العباسيه ومؤسسها السفاح اعتمد مبدأ يلتق كاتب الامير معه في ابادة بني اميه  (لكي تسيطر على بلد جديد يجب ان تمحي الاسر التي كانت حاكمة عن الوجود).

وكان اكثر القرون مجازرا ضد الشعوب القرن الماضي  بنظمه الاستبداديه والديكتاتورية ,فيطالعنا في هذا المجال لينين واستالين وابادة الملايين من الشعب الروسي لا كما قال مكيافيللي لان مكيافيللي كان هدفه امير بلده وتحقيق وحدة البلاد وامتلاك القوه لصد اعداء ايطاليا في عصره .ولكن هؤلاء وجهوا جرائمهم ضد شعبهم من اجل السلطه والسلطه فقط.

وماوتسي تونغ عندما استقرت الامور له في الصين اعدم كل من كان موال للامبراطور ليعدم الملايين من شعبه وهو البطل الهمام الذي انقذ البلاد من براثن الاحتلال الياباني.ليلتق هنا مع فكرة مكيافيللي في ابادة الحكام القدامى ولكن ليس في بلد احتله وانما في بلده هو.

والقصة تطول ولكن في منطقتنا العربيه فهاهي اسرائيل تنافس مكيافيلي وما فعلته في فلسطين والفلسطينين ومحاولة منها للاباده المطلقه وما تزال.

ومع هذا الاجرام المتمثل فيما ذكر وغيره الكثير لابد من الوقوف على جرائم ارتكبت في حق شعوبها في الوطن العربي ,يتزعم هذه الجرائم كثير من حكامها مع بدايتها كان عبد الناصر في مصر عبد الكريم قاسم في العراق ليكونا متتبعي الاثر من الانظمه الثوريه المدعيه في الوطن العربي ليكشف النقاب عن صدام حسين ,والباقي مازال غطاؤه مستوراحتى الآن.

(لكي تلهي الشعب عن اعمالك ولا تدعهم للاطاحة بك أشغلهم بالحروب المستمره) مكيافيللي

اتبعها بحذافيرها صدام حسين ونهجها حافظ الاسد .في وجود عدو دائم اسرائيل لتقوية جيشه في سبيل العدو الحقيقي له هو شعبه.

(على الامير ان يعمل جاهدا لكي يكون محبوبا من قبل الشعب وهي الضامنه له للبقاء اكثر من اي شيء آخر)

فقد تفوقوا عليك ياصاحب الامير واعتمدوا:

 على ارهاب الشعب والقتل والمذابح فقط وهذه لصالحك لانك لم تكن عدوا  لشعبك ابدا.

(لكي يكون الامير منتصرا او مهابا عليه ان يكون بقوة الاسد ومكر الثعلب لان قوة الاسد توقعه بالافخاخ والشرك ومكر ودهاء الثعلب ينجيه من ذلك)

فاعتمد الطغاة في بلادنا على قوة الاسد ومكره ضد شعوبهم فقط وكانو كالنعام في وقوفهم ضد العدو الحقيقي للبلاد.

وقد استخدم هؤلاء الطغاة كل اساليب المكر والخداع في قهر ابناء شعوبهم حصرا.

(يوجد طريقتين للقتال .الاولى قواعد وقوانين تعتمد على القوه فقط ,وهي الطريقه الاولى للبشر,والثانيه للحيوانات المفترسه ,وعلى الامير ان يعرف كيف يستخدم كلتا الطريقتين).

ففي سوريه لم تترك طريقه الا واستخدموها في حرب عدوهم وهو الشعب السوري وليس ذكرى مجزرة تدمر عنا ببعيد ومن جرائم ارتكبت وترتكب في زنازين الظالمين.

كيرون اسم رمزي لمعلم الامراء في السابق يمتلك نصف حيوان ونصف بشر ولكن الذي رايناه من هؤلاء الطغاة لايمكن ان يكون معلمهم يملك ذرة من بشر او حيوان وانما اسوا حتى من الشيطان ذاته.

(فعلى الامير ان لايحفظ عهدا يكون الوفاء به ضد مصلحته ,وان لايستثمر الوفاء بوعد انتهت اسباب الارتباط به,وقد يكون هذا المبدا شرير ولكن يصدق اذا كان جميع الناس صالحين)

الوفاء بالعهد والالتزام به يكون هنا لمصلحة الامير اي لمصلحة البلد والوطن .اما طغاة امتنا فما وفوا بعهد ولا وعد الا مع اعداء الامه وعلى الاخص اسرائيل ومع شعوبهم لاعهد ولا وعد ولا فضيله لهم عند هؤلاء.

فمكيافيلي لم يكن الا رجلا واقعيا يبحث عن السبل والوسائل الممكنه لتخليص بلاده من الاشرار .بينما طغاة العصر يبحثون عن السبل والوسائل لتخليص البلاد من الاخيار والاحرار,لانهم يعلمون ويتوقعون ان الاحرار لابد الا وان ياتي يوم يقضون فيه عليهم ,وسيجدون الدافع دائما للتمرد باسم الحريه وهي اشياء لاتنسى بمرور الزمن .

ومن يظن ان المنفعه الحديثه تمحو اثر الاساءه القديمه  من نفوس العظماء والاحرار فهو واهم .وقد انصف بعض الناس مكيافيللي فهاهو المفكر الانكليزي فرانسيس بيكون قال عنه (كم نحن مدينون لهذا الرجل ,فهو الذي ارانا حقيقة  عالم السياسه ,اذ علمنا الفارق بين براءة الحمامه ورياء الثعبان على نعومة ملمس كليهما).

والنتيجه الخالصه مما تقدم ان هؤلاء الحكام الذين اهلكو الحرث والنسل واضاعوا الارض وهتكوا العرض هم الجحيم نفسه وليس بذلك الرجل مكيافيللي الذي همه الوطن اولا واخيرا.