دفاعاً عن امرأة العزيز!

محمد عبد الشافي القوصي

[email protected]

إلى متى سيظل الناس مخدّرين في هذه الحياة ومغفّلين؟!

ومتى سيتوقف تطفيف الكيل؟ ومتى يقيموا الوزن بالقسط ولا يخسروا الميزان؟ 

لماذا لا يذكرون (امرأة العزيز) إلا رمزاً للفجور والغواية والوقيعة بالرجال؟

هل فكروا في قراءة القضية بموضوعية، آخذين في الاعتبار ماهية الحدث، وطبيعة الزمان والمكان، والظروف الاجتماعية والاقتصادية .. وما إلى ذلك؟

لماذا تناسوا أنها هي المرأة الذكية الأريبة الواعية؟  

وأنها المرأة الصادقة التي اعترفت على الملأ بما أقدمت عليه، وبرأت (يوسف النبيّ)!

 أليست هي النادمة، والتائبة .. بلْ تقول كتب اليهود إن (يوسف الرسول) تزوجها بعد موت العزيز، وأنجبت له ثلاثة أولاد كلهم أنبياء!

ثمّ ما هي الجناية التي ارتكبتها امرأة العزيز؟

إنها همّت بفعل سيئة، ولم تفعلها .. عسى أن تكون قد كُتِبتْ لها حسنة؟!

على جانب آخر: أليست هذه المرأة معذورة .. خاصة بعدما علمنا من أخلاق يوسف وشمائله، وحسبه ونسبه، وحُسنه الفتّان، وجماله الذي دونه كل جمال؟! 

إنها لم تُفتَن بسياسي فاشل، أو برلماني جاهل، أو هلفوت من هلافيت الفن، أو رجل أعمال نصّاب! كما لم تُفتن بفنان مغمور، أو لاعب كرة نكرة!

إنها فُتِنت بنبيٍّ رسول .. إنه الكريم بن الكريم بن الكريم بن خليل الله! 

*    *    *

وبالرغم من أن (زليخا هانم) كانت "السيدة الأولى" في زمانها؛ إلا أنها لم تتعدّى دورها المنوط بها .. فلم تفكّر أبداً في العمل مساواة بالرجل! أو تطالب بإصدار مجلات نسائية تافهة، كما لم تطالب بزيادة مقاعد المرأة في البرلمان لتصبح الجلسات كلام حريم × حريم!

 ولا هي المرأة التي تسهر إلى آخر الليل على المقاهي والكافيهات لتتعاطى النرجيلة، أو ترتاد المسارح ودور البغاء والرذيلة! ثم تطالب بـ"تعدد الأزواج"!

 ولم تكن بالمرأة التافهة الثرثارة التي تلوك لسانها وتفتي في كل شيء، وتملأ صفحات مجلتها في محاربة "الحجاب"! أو تتطاول على الإسلام زاعمة أنه ظلم المرأة في الميراث!   

*    *    *

 لم تكن (امرأة العزيز) بالمرأة المبتذلة الفاجرة؛ كالتي جمعت النسوة السافرات بميدان التحرير، مطالبة بتحرير المرأة! أو كالتي فتحت (كازينو) باسمها. ولا هي التي قامت بإخراج الأفلام المشينة التي ينطبق عليها الباب المعروف في الفقه بـ"الملاعنة"! ولا هي التي شاركت في فيلم "دكان شحاتة" أو فيلم "حين مسخرة"! ولا غير ذلك من الأعمال السطحية المبتذلة التي يُنفَق عليها الملايين في بلد بائس يعيش أغلب مواطنيه تحت خط الفقر والموت الزؤام!

الحق أقول: إنني بعدما تدبّرتُ قصة (زليخا هانم) أدركتُ أنها امرأة مؤمنة وراقية جداً .. فليست كنساء هذا العصر اللائي يضعن على وجوههن "صيدلية" من الأحماض والقلويات والعهر والمساحيق ... حتى تشابه علينا البقر!!