أموال الصالحين
معمر حبار
مقدمة المحب لأولياء الله: حدّثني أحد كبار السّن، أن المارة بقبة سيدي معمر، كانوا ينزلون من مراكبهم، وسياراتهم، وكل منهم يقدّم مبلغا من المال للقائم على القبّة.
ومنذ سنوات خلت، رأيت بأم العين وأكثر من مرة، كيف يرمي السائقين، الذي يمرون على سيدي معمر، نقودا فيلتقطها الصغار، فرحين مسرورين مما جمعوه.
ومن يومها، وصاحب الأسطر يستنكر طريقة رمي النقود على حافة الطريق، وزادت حدّة هذا العام، حين قضى بعض أيام عطلته في المدن الساحلية، مستعملا طريق سيدي معمر في الذهاب والإياب عدّة مرات، وكانت هذه الملاحظات..
من الناحية الأخلاقية : تسيء للصدقة، لأن الصدقة تعطى ولا ترمى، ناهيك عن تهافت الأطفال وراء النقود، وتنافسهم في من يفوز بالنقود المرمية عوض زميله.
ومن الناحية الأمنية: رأيت بأم العين أطفالا يلتقطون النقود من تحت العجلات، معرضين حياتهم للإعاقة أو الموت.
ومن الناحية الاجتماعية: فإن عملية رمية النقود على قارعة الطريق، أنجبت جيلا عاطلا عن العمل إلا من عمل إلتقاط النقود.
بعدما كانت العملية تشمل الأطفال، أمست تشمل شبابا في زهرة العمر، يفترشون الطرقات طول النهار، منتظرين من يرمي لهم بعض النقود، ليسرع كل منهم إلى أقرب قطعة، يلتقطها من الأرض، قبل أن ينعم بها زميله الشاب القوي، وربما حدث نزاع بين الشباب ، بسبب تلك القطعة المرمية.
الحماية والصون من الصلاح: لست ضد تقديم المال، فتلك عادة ورثها المجتمع الجزائري منذ قرون، حين كانت الغاية نبيلة، والهدف سامي. لكن أن تتحول الصدقة والإعانة إلى نقود المرمية، ووسيلة للإهانة والإذلال، وطريقة أسرع للموت والإعاقة، وغاية نحو البطالة ونبذ كل مجهود.. فتلك فضائح لابد للمجتمع أن يحاربها، ويشير إليها المتتبع، ويحذّر من عواقبها.
حب الصالحين محمود مطلوب، لكن من الصلاح أن لايعرّض المرء من حوله للإهانة، والإعاقة، والموت، والبطالة، بل يرفعهم ويرتفع معهم، ويحميهم ويصون كرامتهم.