دينار من عهد مؤسس دولة السلاجقة السلطان المعظم طغرلبك
دينار من عهد مؤسس دولة السلاجقة
السلطان المعظم طغرلبك
د. محمد عقل
أرسل إليّ السيد عبد الله عبد الله من الكويت رسالة يطلب فيها مساعدته في قراءة الكتابة الموجودة على دينار قديم كان قد اشتراه منذ ثلاث سنوات من امرأة كبيرة السن من العراق، وقد أفادني بأن الدينار يزن 4,20 جرام ذهب عيار 23,5 قيراط، وقد أرسل لي صورة فوتوجرافيه للوجهين عبر البريد الإلكتروني. وفيما يلي قراءة تلك الكتابة:
الوجه الأول:
لا إله إلا الله
وحده لا شريك له
السلطان المعظم
طغرلبك
وعلى الهامش: سنة خمس وثلاثين وأربع ماية
وصورة هلال ، وكتابة أخرى غير مقروءة
الوجه الثاني:
شمس
محمد رسول
الله، القائم
بأمر الله،
الأمير فراموز
شرح وتعليق:
1.في العصر العباسي كان الدينار يزن 4,25 غرام، أما الدينار المذكور أعلاه فيزن 4,20 جرامات، ولعل النقصان القليل ناتج عن تآكل من كثرة الاستعمال والتداول. وهو من عيار 23,5 قيراط أي من الصنف الجيد جدًا.
2.أصدر السلاجقة نقودهم من المعادن الثلاثة: الذهب(الدينار)، الفضة(الدرهم) والنحاس(الفلس). الدينار المذكور أعلاه كتب بالخط الكوفي المزهر وفيه تزدان الحروف بمراوح نخيلية تشبه زخارف التوريق خالية من الإعجام، وشاع هذا النوع في إيران في عهد السلاجقة وفي مصر في العهد الفاطمي.
3.ضرب الدينار المذكور أعلاه في سنة 435 هجرية/1043م حين كان الأمير فراموز عاملاً(حاكمًا) على أصفهان، ويحمل اسم السلطان المعظم طغرلبك، مؤسس دولة السلاجقة، كما يحمل اسم الخليفة العباسي القائم بأمر الله، ويصحح هذا الدينار المعلومة التي توردها المصادر التاريخية بان فراموز كان عامل السلاجقة في أصفهان منذ سنة 438ﻫ/1046.
4.كان أبو منصور فراموز بن علاء الدولة وهو من بني كاكويه، أميرًا على أصفهان في عهد البويهيين. يقول النويري في كتابه نهاية الأرب في فنون الأدب وابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ إن طغرلبك حاصر أصفهان سنة 438ﻫ/1046 فلم يظفر بطائل، ثم اصطلح هو وصاحبها أبو منصور فراموز بن علاء الدولة على مال يحمله إليه ويخطب له بأصفهان وأعمالها، ثم حصل بعد ذلك من صاحبها تلوّن، فكان يُطيعه تارة ويعصيه تارة ويطيع الملك الرحيم بن بويه، فجاء السلطان طغرلبك إلى أصفهان في سنة 442ﻫ وحاصرها سنة وتسلمها في سنة 443ﻫ واستطابها وجعلها دار مقامه ونقل ما كان له بالري من الذخائر والأموال والسلاح إليها وخَرّبَ قطعة من سورها. هذه المعلومات تفيد بأن الدينار المذكور أعلاه ضرب في السنوات التي كان فيها فراموز عاملاً على أصفهان، ما يؤكد أن الدينار أصلي وغير مزيف. تاريخ ضرب الدينار سنة 435ﻫ/1043م يصحح المعلومات التي ذكرها النويري وابن الأثير أعلاه.
5.في الكتابة على الدينار المذكور لُقّبَ طغرلبك بالسلطان المعظم وليس بشاهنشاه، ما يدل على أن طغرلبك منح نفسه لقب السلطان المعظم قبل دخوله بغداد سنة 455ﻫ، وارتباطه بالخليفة القائم بأمر الله بالمصاهرة.
6. ظهور رسم الهلال على الدينار يؤكد على أن السلاجقة أبرزوا العامل الديني في دعايتهم، وهم أتراك على المذهب السني وعلمهم أحمر في داخله هلال ونجمة وهو العلم الذي تبناه الأتراك العثمانيون وصار فيما بعد علمًا لتركيا. أما البويهيون فكانوا من الشيعة الزيدية.
7. كلمة(شمس) المذكورة على الوجه الثاني للدينار المذكور أعلاه فريدة ونادرة إذ لم نجد لها مثيل في النقود الإسلامية. وقد حمّلها أتاتورك عام 1930 إيحاءات خاصة في الفضاء التركي حين قام بوضع نظرية لغة الشمس التي تقول إن اللغة التركية الأولى هي أم اللغات في العالم، ومنها أخذ السومريون لغتهم في الألف الرابع قبل الميلاد، وكذا فعلت سائر لغات العالم. فالشمس هي مركز العالم وأساس اللغة التركية الأولى. فهل قدّس السلاجقة الشمس وقرنوها بمحمد رسول الله..!!.
8. القائم بأمر الله: هو أبو جعفر عبد الله القائم بأمر الله بن أحمد القادر بالله من خلفاء بني العباس ولي من ذي الحجة سنة 422ه وبقي إلى 3 شعبان سنة 467ﻫ/4 نيسان 1075م. كان هذا الخليفة ألعوبة بيد البويهيين ثم صار دمية بيد السلاجقة.
9. يجب وضع هذا الدينار في المتحف الوطني العراقي ببغداد.