الكتابة الشعرية، والكتابة السياسية
التصنيف الرباعي:
للكتابة الشعرية، والكتابة السياسية!
عبد الله القحطاني
قال الشاعر القديم ، أبياتاً من الرجَز، مصنّفاً فيها الشعراء ، في أربع درجات :
الشـعـراء ، فاعلـمَـنّ ، أربـعـهْ :
فـشاعر يَجري ، ولا يُـجرَى مـعَـه
وشاعر يَـجـولُ وسطَ المـعـمَـعَـه
وشاعر لا تَـشـتـهـيْ أن تَسـمعَـه
وشاعر لا تـستـحـي أن تَصـفـعَـه
وما نحسب هذا التصنيف ، في عمومه ، يحتاج إلى تعليق ! الملحوظة الأساسية ، حوله ، هي أنه لم يذكر المواصفات ، التي تضع شاعراً في الدرجة الأولى ، وآخر في الدرجة الثانية ! ومانحسب هذا مطلوباً منه ، في كل حال ، في هذه الأبيات القليلة ! فهذا أمر يحتاج إلى بحوث نقدية مطولة ، لا يحتملها الشعر ، سواء أكان رجزاً ، أم قصيداً !
أمّا على مستوى الكتابة السياسية ، فالأمر مختلف ! ربّما كان التصنيف الرباعي العامّ ، المذكور آنفاً ، يناسب أصناف الكتّاب ، بعمومه .. إلاّ أن التفصيل ، هنا ، لابدّ منه ، أو من بعضه ! لِما للكتابة السياسية ، من أهمّية بالغة ، تؤثّر في شرائح كثيرة من الناس ! فقد تؤذي الكلمة السياسية ، قائلَها وسامعها ، وناقلها والمنقولة إليه ! كل ذلك ، بحسب أهمّية الكلمة ، وأهمّية قائلها ، ومركزه .. وطبيعة موضوعها ، والناس الذين تعبّر عنهم ، إذا كانت تعبّرعن أناس معيّنين .. والفكرة التي تعبّر عنها ، إذا كانت تقصد التعبيرعن فكرة سياسية معيّنة !
وعلى سبيل المثال :
* الكلمة التي يقولها رئيس دولة : قد تنفع ، أو تؤذي ، دولته ، كلها : بما فيها ، ومَن فيها ، من بشر ومؤسّسات ، وقوى سياسية واجتماعية وثقافية ! وهنا تكمن خطورتها !
وبناء على هذا الأساس ، ينظَر إلى كلامه ، ويصنّف في إحدى الدرجات المذكورة ، سواء أكان الكلام مكتوباً منشوراً ، أم ملفوظاً في مجلس ، أم مذاعاً ، أم متلفزاً !
* الكلمة التي يقولها وزير : ينظَر إلى وزارته ، وأهميّتها في الدولة ! فوزارة الخارجية تختلف عن وزارة التموين ، ووزارة الدفاع تختلف عن وزارة البلديات ، ووزارة التربية تختلف عن وزراة الزراعة والري ، ووزارة الثقافة تختلف عن وزارة الإسكان .. وهكذا !
كما أن المناسبة التي تقال فيها الكلمة ، والمهمّة المطلوب منها أن تؤدّيها ، والجمهور المخاطب بها .. كل ذلك يسهم ، في إعطاء الكلمة أهمّيتها ، وقدرتها على النفع والضرر!
· الكلمة التي يقولها معارض سياسي : تختلف من حالة إلى حالة ، ومن ظرف إلى ظرف ، ومن متلقّ إلى آخر ، ومن فكرة سياسية إلى أخرى ، ومن أسلوب كتابي إلى آخر ، ومن مستوى خلقي إلى آخر!
· في المحصّلة : إجادة مراعاة الأمور المذكورة ، كلها ، وغيرها.. تضع قائل الكلمة ، في أحد الأصناف التي تمّ ذكرها ! وربّما وجَد بعض النقاد ، أصنافاً أخرى ، لم يذكرها الراجز ، ووجدوا أنها ينبغي أن تذكر، هنا ! فتزداد الأصناف إلى خمسة ، أو سبعة ، أو عشرة .. أو أكثر من ذلك !