ما يسمى "الدولة الإسلامية"
ما يسمى "الدولة الإسلامية"
تجسر الفجوة بين أوباما وبشار الأسد
زهير سالم*
وأخيرا انتصر بشار الأسد على كل التفوهات الأمريكية التي صدرت ضده من كل القيادات الأمريكية . والمثير العجيب أن يأتي انتصاره الثاني في توقيت انتصاره الأول نفسه . ففي مثل هذا اليوم من العام الماضي ليلة 21 / 8 / 2013 داس بشار الأسد بقدم همجية خط أوباما الأحمر ، ورمى الغوطة الدمشقية بقذائف السارين ، فقتل ألف إنسان بالغ من رجل وامرأة ، وخمس مائة طفل وطفلة . وبلع أوباما ريقه فبلل حلقه الجاف ، وحقق بشار الأسد نصره الأول بحركة التفافية بارعة ، فبقي الإرهابي الأول الذي استخدم سلاح تدمير شامل ضد مدنيين أبرياء لأول مرة في القرن الحادي والعشرين ، والذي ارتكب حرب إبادة جماعة على خلفية طائفية مقيتة ؛ على كرسي القتل في بلده ، بل ظل ممثله بإرادة دولية ينثر المواعظ كنبي كذاب على منبر أرقى ناد دولي وإنساني ..
وظل شيطان المكر الأسود يحوك خيوطه ، كثيرا من القتل وكثيرا من الاعتقال والتعذيب وكثيرا من التهجيروالتشريد وكثيرا من المكر والكيد ليس في سورية وحدها بل من ( بحر قزوين إلى خليج العرب ) كماسبق له ولأنصاره أن هدد من قبل .
وعلى ضوء التمدد المتزايد لتنظيم الدولة ( المصنوعة ) التي زعموا أنها تسيطر على ربع العراق وثلث سورية وأنها تحتل مساحة تزيد على مساحة بريطانيا ..
وعلى ضوء النمو المتزايد لتنظيم الدولة التي أكدوا أن تعداد منتسبيها في سورية وحدها تجاوز خمسين ألف ، وأن عدد المستجيبين لدعاتها في الشهر الأخير فقط هو ستة آلاف . ..!!!
وعلى ضوء كل هذا كان لا بد لأوباما من مبادرة ، وإن ضاعفت حجم الحرج الذي يمضغه ، وهو يصمت على مدى أربعين شهرا عن فصول المأساة الجريمة تجري على الأرض السورية ..
وتحرك أوباما باتجاه العراق حركة دائبة قاصدة سريعة غير مترددة ولا خجولة ولا متريثة ولم يحتج إلى موافقة من الكونغرس ، ولا إلى استطلاع الرأي العام !!! تحرك أوباما آليا وكأنه ريبوت مبرمج زعموا لحماية أصدقائه الأكراد ، وهذا لم يكن إلا ذريعة وإنما تحرك على الحقيقة ليدعم نفوذ حلفائه الإيرانيين الطائفيين على العراق والشام . في صفقة ظهر من بنودها أولا انسحاب إرهابي العراق ( جواد المالكي ) وثانيا إعادة تأهيل إرهابي سورية ( بشار الأسد ) ، وثالثا محو ظلهما الإرهابي المتطرف من سورية والعراق . وتبنى الأمريكي المهمة في العراق وتبناها بشار الأسد بنفسه في سورية .
وتبني بشار الأسد للمهمة في سورية هو بند آخر في الصفقة الأمريكية – الإيرانية . وهو محاولة جادة من بشار الأسد لاستعادة دور وظيفي تعاقد عليه هو وأبوه من قبل مع الأمريكي والصهيوني على السواء . كسر إرادة الشعب السوري وإخماد كل صوت حي فيه ..
إن ما نشرته جريدة السفير اللبنانية بالأمس ( 19 / 8 / 2014 ) ، الجريدة الموالية لبشار الأسد ، بل شبه الناطقة باسمه ، عن تنسيق مخابراتي أمني ( أمريكي – أسدي ) ، وأن الضربات الكثيفة المتكاثرة التي وجهها بشار الأسد إلى تجمعات ما يسمى ( تنظيم الدولة ) في منطقة الرقة كان بإرشاد ودلالة أمريكية مسبقة . حيث كان الرصد الجوي الأمريكي دليلا للطيارين الأسديين ، ليحكموا ضرباتهم ويحسّنوا أداءهم ، حتى ظن الكثير من المواطنين السوريين أن هذه الضربات إنما يقوم بها طياريون أمريكيون وطائرات أمريكية وليست طيارين سوريين وطائرات سورية ..
ثم إن التصريح الذي أدلت به الناطقة الأمريكية ماري هارف عن نفي تطوير علاقة مع عصابة بشار الأسد ، هو نفسه بحسب ما تعودنا من الساسة الأمريكيين ، تأكيد لما أوردته جريدة السفير التي لم تكن لتجرؤ أن تكتب من فراغ . بل إن ما أشارت إليه ماري هارف نفسها من أن ( القضاء على مقاتلي التنظيم أمر جيد ) يعطي شهادة جودة أمريكية لبشار الأسد وطياريه.
ويدعم هذا الانتصار الذي حققه بشار الأسد على قنطرة تنظيم الدولة ما طالب به فيصل المقداد في محاضرة له في دمشق مطالبا بتحويل ( التنسيق الأمني ) إلى تنسيق وعلاقة سياسية علنية ومبرمجة . ففي محاضرة قدمها فيصل المقداد في دمشق قال إن الحرب على الإرهاب لا يمكن أن يتم بطريقة أحادية وإن أي تدخل أحادي يعتبر تدخلا في شؤون الدول ، داعيا إلى التنسيق والتعاون في محاربة الإرهاب ..
أكرر النقل : فيصل المقداد مساعد وزير الخارجية السورية يرفض مقاومة الإرهاب بطريقة أحادية ويعتبره تدخلا في شئون الدول ، ويدعو إلى التنسيق والتعاون في محاربة الإرهاب ضمن ( اتفاقات وقرارات ناظمة ) فهل بعد هذا الدليل من دليل
الثورة السورية عند منعطف خطير وقيادات الثورة والمعارضة النائمين في الحضن الأمريكي ، أو النائمين في حضن النائمين في الحضن الأمريكي على شفا جرف قد انهار ..
تنادي العرب : البدار ..البدار ، الوحا ...الوحا ، العجل ... العجل ..
وبندائهم أنادي : أيها السوريون البدار ... البدار ، الوحا ...الوحا .. ، العجل .. العجل ..
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية