البلدة القديمة في القدس معلقة في الهواء
أسعد العزوني
شعار اليهود : بيت وراء بيت وتكون القدس لنا !!
أسوار البلدة القديمة احدى عجائب الدنيا السبع الجديدة
تبلغ مساحة البلدة القديمة في القدس الشرقية 0,9 كم 2 (35,. ميل 2 ) وكانت حتى القرن التاسع عشر تشكل مدينة القدس 0 وكانت كافة القرى المجاورة تابعة لها ، وقامت اليونسكو عام 1981 باضافة هذه المنطقة لقائمة مناطق التراث التاريخي ، وفي العام 1982 أضافتها اليونسكو الى قائمة الأماكن التاريخية المعرضة للخطر ، لكن اسرائيل ما تزال تحاول نقض هذا القرار لشطبها من القائمة المهددة بالخطر حتى تتمكن من التصرف فيها كما هو مخطط 0
تعد البلدة القديمة في القدس موطنا لعديد من الأماكن الدينية الهامة وفي مقدمتها المسجد الأقصى وقبة الصخرة للمسلمين وكنيسة القيامة للمسيحيين 0 وهي مقسمة لأربعة أقسام هي الحي اليهودي والحي المسيحي والحي الاسلامي والحي الأرمني 0 وحوالي 25% من بيوتها وعقاراتها ( أكثر من 1300 عقار ) انتقلت ملكيتها لجهات استعمارية يهودية ، في حين يتهدد الخطر البقية ، وعليه فان واقع الحال يقول أن البلدة القديمة من المدينة المقدسة بدأت تفقد هويتها العربية0
قبل غزو الملك داوود للقدس في القرن الحادي عشر ق0م كانت المدينة المقدسة موطن اليبوسيين الذي جاؤوا من اليمن وبنوا القدس قبل نحو خمسة آلاف عام ، ووصفها الانجيل بأنها مدينة محصنة قوية يحوطها سور المدينة ، وقام الملك سليمان بعد ذلك بتمديد أسوار اللمدينة ، وفي العام 440 ق0م في العهد الفارسي عاد نحميا من بابل وأعاد بناء السور 0
قام السلطان المعظم سلطان دمشق في العام 1219 بتعلية أسوار البلدة القديمة بموجب اتفاق مع مصر وفي العام 1239 قام الملك الألماني فريدريك الثاني الذي كان قد سيطر عليها باعادة بناء أسوارها مرة أخرى لكنه تم هدم الأسوار بواسطة داوود أمير الكرك 0
وفي العام 1243 سيطر المسيحيون مرة أخرى على القدس وعملوا على ترميم الأسوار ، وبعد ذلك سيطر عليها الخوارزميون وقاموا بتطوير وتعلية الأسوار لتصبح عازلة وحامية للمدينة 0 وجاء اليها سليمان القانوني قبل نحو خمسمائة عام وبنى الأسوار من جديد.
تعاني هذه المنطقة بالتحديد من التهويد منذ احتلالها عام 1967 ، وبحسب شهادات المقدسيين ، فان خمسة من كل ستة حوانيت مقفلة يستر ألوانها الغبار ويتعمشق العنكبوت على جدرانها 0 فيما يعاني أصحاب المحال المفتوحة من الكساد لأن السواح الأجانب لا يدخلونها ولا يشترون منها بتوجيهات من الأدلاء السياحيين اليهود 0الذين يقودونهم الى محلات الحي اليهودي التى يمتلكها اليهود بالطبع 0
ويتابع المقدسيون القول أن سلطات الاحتلال تقوم باعتقال اصحاب المحال المفتوحة وينكلون بهم ويضغطون عليهم لكي يبيعوا حوانيتهم ، ويقولون لهم : أكتبوا السعر الذي تريدون ونحن ندفع ! وللتضييق عليهم أكثر يتهمونهم بجرائم قتل ، ويقومون بتفتيش محالهم بطريقة مباغتة 0وخاصة بعد رحيل المرحوم فيصل الحسيني الذي كان يبادر للقيام بعدة اجراءات لحماية التجار والمواطنين لدعم صمودهم وكان يسعى للحصول لهم على قروض من الاتحاد الأوروبي بقيمة 20 ألف دولار لتسديد بعض الديون الضريبية 0
العقارات والمقدسات المسيحية في البلدة القديمة أيضا ليست بعيدة عن التهويد ، وهناك عمليات بيع يقوم بها كهنة يونان يسيطرون على بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس ، وهذا الملف يحتوي على مئات عمليات البيع والتأجير منذ قيام اسرائيل عام 1948 حتى اليوم 0
عملية التهجير متواصلة من القدس ، وهذا هو هدف التضييق على أصحاب المحال وحتى أصحاب البيوت ليبيعون ممتلكاتهم للمستعمرين اليهود ويرحلوا ، وتقوم القنصليات الغربية في القدس بمنح التهسهيلات للشباب وخاصة المسيحيين لاغرائهم على الهجرة ، ولذلك انخفض عدد المسيحيين من 30 ألفا الى ثلاثة آلاف فقط.
لا يتورع الاسرائيليون عن استخدام أي وسيلة ضغط لاجبار الملاك ورجال الدين على بيع ممتلكاتهم ويشكوا الأرمن من قيام سلطات الاحتلال باجبار أحد من كبار رجال الدين السابقين على التنازل عن بيت تملكه الكنيسة خارج الأسوار نظير الأفراج عنه في قضية تهريب بضائع غير مجمركة في سيارته 0 ويقول الأرمن أن هذه هي عملية البيع الوحيدة لديهم 0 متهمين سلطات الاحتلال بأنها نصبت لهم كمينا 0
الحي الاسلامي بيع منه ما يقارب من ألف عقار الى الشركات الاستعمارية اليهودية ، في حين لم تبع الكنائس الغريبة أيا من ممتلكاتها 0 ويحذر المقدسيون من مواصلة اهمالهم من قبل العرب والمسلمين ، وهم يؤكدون أن مشروع التهويد قائم على قدم وساق ، وقد جرى تطويق الحرم القدسي الشريف بالمستعمرات والبؤر الاستعمار ية سواء يالترهيب أو بالترغيب وفتح الأنفاق لاقامة مدارس تلمودية في المدينة 0 أو بناء مستعمرة قبيحة شاذة مكان حارة الشرف وهي تشوه عمران القدس التاريخي كما يلجأ اليهود الى تزوير شراء الممتلكات 0
الاستعمار الاستيطاني في البلدة القديمة يطمس حضارة وتاريخ العرب فيها ويعبث بالمقدسات ويخل بالواقع السكاني وينتهك الأعراف والقوانين ، وقد اندفع هذا الاستعمار في المدينة المقدسة بعد احتلالها عام 1967 اذ بدأ المستعمرون اليهود وعائلاتهم يندفعون اليها يتمويل من الملياردير اليهودي موسكوفيتش ، وأخذوا يضعون أيديهم على البيوت لخلق واقع جديد وتحديدا البيوت المهجورة وبلغ عدد العائلات اليهودية التى استولت على بيوت مهجورة في البلدة القديمة 38 عائلة حتى العام 1970 أي خلال سنتين ونصف السنة من الاحتلال 0 تبع ذلك سيلا من المستعمرين اليهود الذين قدموا بدعم من الحكومات الاسرائلية المتعاقبة 0 ففي نيسان عام 1968 صادرت الحكومة آنذاك 116 دونما داخل البلدة القديمة بحجة ترميم الحي اليهودي وتطويره 0 وأسست شركة لانجاز المشروع في خطوة منها لتركيز البؤر الاستعمارية داخل أسوار القدس في البدة القديمة ، وكانت أول مستعمرة تقام هناك هي " هارافع هايهودي " سكنتها 600 عائلة يهودية تضم ما بين 4-5 آلاف نسمة ، وتم توسعتها باستمرار ليصبح الحديث هذه الأيام عن حي يهودي في قلب الحي الا سلامي في البلدة القديمة من القدس 0
أحس المقدسيون بهذا الخطر ، ورفضوا تأجير البيوت المهجورة أو السماح لأي كان الاستيلاء عليها بالقوة ولكن المنظمات الاستعمارية الاستيطانية المدعومة من قبل الحكومة استخدمت كل ما هو ممكن وما هو غير مكن لتحقيق أهدافها ومن هذه الأساليب وضع بصمات الموتى على أوراق بيع وهمية ، وتوقيع المطلوبين المقدسيين الى المخافر والمراكز الأمنية الاسرائيلية على أوراق باللغة العبرية تبين لا حقا أنها عقود بيع وتنازل عن كافة ممتلكاتهم في القدس ، وكذلك قيام الجنود بسرقة الوثائق من البيوت التى يقومون بتفتيشها وهكذا دواليك 0 وكان شعار هذه المنظمات: " بيت وراء بيت وتكون القدس لنا " 0 ولذلك بلغ عدد العقارات المسيطر عليها في البلدة القديمة 40 عقارا حتى العام 1990 ، وهي قريبة من المسجد الأقصى ، وقد قررت حكومة اسحق شامير في ذلك العام بالاتفاق مع الأحزاب الدينية الصهيونية اقامة 14 ألف وحدة سكنية استعمارية استيطانية في البلدة بهدف تصفية الوجود العربي هناك 0 كما أقدم رئيس الوزراء الأسبق أرائيل شارون على الاستيلاء على أحد العقارات العربية في القدس داعيا المستعمرين الاستيطانيين الى الاقتداء به ، وقام بتقديم 30 دونما – وكان وزيرا للاسكان آنذاك الى جماعة - عطيروت كوهانيم الاستعمارية الاستيطانية " وأقامت عليها بعد سنتين مجمعا سكنيا من مئتي منزل .
رغم الهجمة الاستعمارية الاستيطانية الشرسة ، المحمية من قبل الجيش الاسرائيلي والذي يدعمها الملياردير اليهودي موسكوفيتش الا أن المقدسيين سجلوا حكايات صمود أسطورية لصد اليهود ومنعهم من الاستيلاء على بيوتهم وخاصة أصحاب البيوت في عقبة الخالدية مثل عائلة أبو رجب ، ونورا غيث ، ودور الزربا والزرو ، وآل رصاص ، ودار المحتسب ، ودور السلفيتي والخياط وعويضة 0 وقد تم اعتبار أسوار مدينة القدس القديمة احدى عجائب الدنيا السبع الجديدة.