غزات بلاد الشام.... استحقاقات  ولوازم

غزات بلاد الشام....

استحقاقات  ولوازم

د. عامر البوسلامة

[email protected]

تتشابه الأسماء أحياناً، ثم تتمايز بنوع من أنواع التمايز، كي تعرف، كإضافة أو وصف زائد، فيقال مثلاً: طرابلس الشام، وطرابلس ليبيا، وهكذا، وفي بعض الأحيان يكون التشابه، من خلال اجتماع وصف المحنة، كالحال في بلاد الشام اليوم، حيث محنة كبيرة، ومصاب جلل، وكارثة عظيمة، في غزة هاشم، فترى الدماء والأشلاء، والقصف الهمجي، والعدوان السافر، والتخريب المصائبي، ومشاهد الكارثة، التي يقشعر منها البدن، حيث لا يستطيع المرء رؤية صورها لهول المناظر، واختلاط الجثث، صغار كبار، ذكور وإناث، وتداخل الدم مع غيره من بقايا الحطام، وفظاعة المصاب، ورائحة الشر الصهيوني في كل زاوية من زوايا المشهد.

وغزات بلاد الشام الأخرى، تنتشر على أرض سورية الحبيبة، ولو قلت : إن في كل بلد في سورية غزة، لم أبعد عن الصواب، غزة في الشام، ومثلها في حلب، وأخرى في ديرالزور، ثانية في حمص، وثالثة في حماة، ورابعة في درعا، وخامسة في إدلب، ولا ننسى غزة الساحل، وسائر القرى والبلدات السورية، على امتداد أرض الوطن.

منذ ثلاثة أعوام، ونحن في السنة الرابعة، وهي ترمى عليها البراميل المتفجرة، والصواريخ الحارقة، والغازات السامة، والمجازر المروعة، والمذابح الجماعية، والكيماوي الذي لا يعرف الرحمة، وقوى الطائفيين الشريرة، التي غزت البلد، جهاراً نهاراً، على مرأى ومسمع، من القاصي والداني، كل ذلك بأوامر من لا خلاق لهم ، ولا أخلاق.

ما أشد الشبه، من حيث المعنى الذي ذكرنا، بين هذه الغزات، وإن الأيام التي نعيشها مع غزة هاشم، عشناها ونعيشها، في كل غزات سورية، تشابهت قلوبهم، وتعاضدت جهودهم، وقد بدت البغضاء من كل أجهزتهم.

كل هذا مع خذلان عالمي مذهل، إضافة إلى تيار قليل خبيث، ممن يدعو إلى استمراء نشر ثقافة الترويج للصهيونية، والتطبيع معها.

ولا ننسى تيار الممانعة البطل ؟!! الذي خرس مطبلوه، والمتاجرون به، وبدى جلياً، أنهم تجار مواقف، وليس لهم أثناء الالتحام فعل.

ورغم هذا بطولات شعب بلاد الشام، وصبرهم وثباتهم، تسطر بصحائف من نور، وتكتب بماء الذهب.

وبقي الخير في الأمة، وبارك الله في شعوبها، وشكراً لكل من قدم شيئاً لغزات بلاد الشام، وطوبى له، وهنا ننبه لأمرين:

1 - يجب على الأمة أن تقف مع غزات الشام، ولا يجوز لحظة واحدة الاستهانة بهذا الأمر، أو التقصير فيه، والعار كل العار لو دخلنا في قائمة الخاذلين لهؤلاء المظلومين.   عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا" وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، "بِحَسْبِ امْرِئٍ مِن الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ".أخرجه أحمد (2/277 ، رقم 7713) ، ومسلم (4/1986 ، رقم 2564) . وأخرجه أيضًا: البيهقي (6/92 ، رقم 11276). (لَا يَخْذُلهُ) قَالَ الْعُلَمَاء: الْخَذْل تَرْك الْإِعَانَة وَالنَّصْر, وَمَعْنَاهُ إِذَا اِسْتَعَانَ بِهِ فِي دَفْع ظَالِم وَنَحْوه لَزِمَهُ إِعَانَته إِذَا أَمْكَنَهُ, وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْر شَرْعِيّ.

2- قضايا الأمة كثرت، فلا بد من لغة توازن وتداخل وتعاون وتكامل، حتى تمضي القافلة بنجاح، فبين القضايا خصوص وعموم، وكما يقول علماء الأصول: لا تعارض بين عام وخاص، فيعمل بالخاص فيما تناوله، وبالعام في الباقي. ( وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون). نحن أمة واحدة، وجسد واحد، وبلد واحد، وشعب واحد. وفي الحديث الصحيح .( مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتعاونهم، كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).

فما أحوجنا إلى مشروع، ينهض بهذه الأمة، ويدافع عن حقوقها، من خلال برنامج عمل شعاره ( الجسد الواحد ) حتى لا تترك غزات الشام تلاقي مصيرها وحدها، وحتى يشعر العالم كل العالم، أننا أمة فعلاً وعملاً، لا قولاً فقط، فإذا ترجمنا القول إلى عمل، نكون بهذا قد حققنا كثيراً من الخير.

لا تنسوا إخوانكم من صالح دعائكم، ومدوا لهم يد العون بما تستطيعون، واعلموا أن على كل مسلم، أن يكون سفير خير لقضايا الأمة، حيث يكون، جهاداً باللسان والقلم والقدم والمال، والشرح والبيان، والوسائل كثيرة، والاجتهاد فيها واسع، والمهم أن نصنع شيئاً. ( واتقوا النار ولو بشق تمرة ).