التاريخ يعيد نفسه.. ولكن بالنهاية لا يصح إلا الصحيح..

التاريخ يعيد نفسه..

ولكن بالنهاية لا يصح إلا الصحيح..

م. هشام نجار

المنسق العام لحقوق الإنسان - الولايات المتحده 

najjarh1.maktoobblog.com

اعزائي القراء

في عام ١٩٥٩ كنت طالباً في الصف الأول ثانوي، ايامها كان المد العربي القومي مسيطراً على اتجاهات وتفكير نسبه كبيره من شعوب الأمه العربيه , أذكر في أحد الأيام الدراسيه دار حديث ونقاش بين الطلاب يتركز حول قيامنا بإضراب إحتجاجا على عبور طائرة السيد عدنان مندريس رئيس وزراء تركيا آنذاك الأجواء السوريه في طريقه إلى السعوديه ..فتركيا دولة مؤسسه لحلف بغداد بقيادة بريطانيا وحلف بغداد كما هو معروف حلف إستعماري يعادي تطلعات الامه العربيه , وفعلاً تم تنفيذ الإضراب وخرجنا بمظاهرات في الشوارع منددين بعبور طائرة مندريس الأجواء السوريه.

في عام ١٩٦٠ كان السيد عدنان مندريس يقبع في احد سجون الانقلاب العسكري الذي قاده جمال جورسيل..وبمحكمة سريعه احيلت أوراق السيد مندريس الى فضيلة المفتي مع بعض رفاقه وتم اعدامهم شنقا في إحدى جزر مرمره.

سألت اليوم نفسي السؤال التالي:

لماذا تظاهرنا ضد عدنان مندريس من اجل سبب بسيط ,ولم نتظاهر ضد الإنقلابي الجنرال جمال جورسيل علما بأنه كان يكره العرب لدرجة الوقاحه.

إهتديت إلى إجابه منطقيه وهي اننا في تلك الايام كانت أدمغتنا مغسولة بالكاريزما الديكتاتوريه العسكريه منذ عهد الانقلابات الى عهد عبد  الناصر فلم نتعرف على حكم ديموقراطي في حياتنا الا لفترات محدوده , فأوهمونا ان هؤلاء الحكام سيعيدون مجدنا وحضارتنا وفلسطيننا , فخوفونا من الانتخابات الحره والديموقراطيقه والحريه , فكانت عداوتنا لعدنان مندريس الذي إكتسح نتائج الانتخابات الديموقراطيه اكبر من عداوتنا لجمال جوسيل الكاريزما العسكريه المشابهه للشخصيه العسكريه في بلادنا.

عدنان مندريس بإختصار شديد دخل على خط السياسه التركيه كرجل عادي لم يكن يحمل فكرا اسلاميا متجذرا في داخله بل كان عضو نشطا في الحزب الذي أسسه اتاتورك ثم انشق عنه واسس حزبه واعلن مبادئه البسيطه كعودة الاذان الى العربيه وفتح المعاهد الدينيه والجوامع..مستشعرا ان هذه رغبة شعبيه فلم يشأ ان يقف حائلا امامها ، فإكتسح البرلمان بنسبة  مرتفعه جداً وشكل وزارته وبدأ بتنفيذ وعوده...فعاجله العسكر بانقلاب قاده الجنرال جمال جورسيل كما أسلفت فحكم عليه وعلى اقرانه بالاعدام ونغذوا الحكم فيه عام 1960.

اعزائي القراء ..

 لقد كانت ردة فعل هذه الجريمه في الأوساط التركيه قويه ، فمن رحمها ولدت نبتة صغيره في تركيا مالبثت ان ترعرعت لتولد اليوم تركيا الحديثه المهابة الجانب على يد حزب العداله اقتصاديا وعسكريا وسياسيا.. بعد ان كان الاتراك ينتظرون موسم الحج لتقف قوافل باصاتهم بالطريق من مكه في ساحة باب الفرج في حلب ليتبضعوا من البسة الباله وليشتروا كيلو من القهوه المطحونه يدخرونها لعام كامل .

في عام 2013 قامت حاله مشابهة الى حد ما في مصر.. فعاجل العسكر الديموقراطيه بإنقلاب قاده الجنرال عبد الفتاح السيسي.

التاريخ يقول ستولد من ردة الفعل هذه مصر جديده تماما كما ولدت تركيا حديثه..

اخواني  لدي شعور قوي اليوم من ان مخاضا صعبا وعسيرا سيمرعلى الامه العربيه , إلا انه بالنهايه سيعيد التاريخ نفسه ولن يصح إلا الصحيح وستقود سوريا ومصر من جديد نهضة الأمة العربيه على مبادئ الحريه والديموقراطيه.