هل انتقلت مصايد المغفّلين ،

عبد الله القحطاني

من ساحات حرب العصابات ،

إلى ساحات الفضائيات !؟

عبد الله القحطاني

·   مصايد المغفّلين ، في حرب العصابات ، معروفة ! وأكثر ماكانت تستخدم ، في الحرب الأمريكية الفيتنامية ، في النصف الثاني من القرن المنصرم ؛ إذ كان المحاربون الفيتناميون ، ينصبون فخاخاً خفيّة ، للجنود الأمريكان ، في الغابات ، بما يتناسب مع طبيعة الأماكن ، التي يتحركون فيها ! وقد أوقع هذا الأسلوب ( مصايد المغفّلين ) جنوداً كثيرين ، من جنود أمريكا ، في المصايد .. فتمّ اقتناصهم ، أو أسرهم !

·   مصايد المغفّلين ، انتقلت ، فيما يبدو ، من حرب العصابات ، إلى حرب الإعلام ، عبر الفضائيات ! وباتت هذه الفضائيات ، تتنافس على اقتناص المغفّلين ، من المتحدّثين ! وذلك ، خدمة لمصالح الفضائيات ، والقائمين عليها ، ومموّليها ، الساعين إلى خدمة أهدافهم السياسية ، عن طريقها !

·       الفضائيات الموجّهة سياسياً ، أنواع :

  ـ من الفضائيات الموجّهة سياسياً ، فضائيات قويّة جداً ، شديدة التركيز، في برامجها ، وفي كوادرها ، العاملة فيها لاصطياد المغفلين ! وهذه هي التي تتميّز بطابع عقّدي ، أيديولوجي ، مموّل وموجّه ، من جهات داخلية ، أو خارجية .. ذات أهداف واضحة ، ومطامح واسعة ، لا تبالي بما تبذل من المال .. في خدمتها ، والترويج لها !

ـ ومن الفضائيات الموجّهة سياسياً ، فضائيات ضعيفة التركيز ، ببرامجها وعناصرها.. ولاتبالي ، كثيراً ، بخبرة مَن يعمل فيها ، وقدرته على التفوّق في مجال عمله .. وحسبها في ذلك ، أن تقوم ببعض الأعمال المسنَدة إليها ،على سبيل رفع العتب ، أو رفع الملامة!

* المتحدّثون في الفضائيات ، أنواع :

 ـ منهم المحبّ للثرثرة ، والظهور الإعلامي ، بأيّة صورة ، وبأيّ أسلوب ، والمستعدّ لقول كل مايطلبه مقدّم البرنامج ، وللإجابة على كل مايسأل عنه ، بالصورة التي يريدها هذا المقدّم ! وأحياناً ، يتطوّع ، هذا الثرثار ، لجعل نفسه بوقاً مجّانياً ، لهذه الجهة ، أو تلك .. على سبيل التزلّف ، أو النفاق ، أو التفاصح ، أو الفهلوة !

ـ ومنهم صاحب الموقف المحايد ، الذي له شان ما ، بين الناس ، ويثق به بعضهم ، ويتأثّرون بما يقول ! وكلما كان مقدّم البرنامج ذكياً محترفاً ، كان أقدر على استدراجه ، إلى قول ما يناسب سياسة الفضائية ، والقائمين عليها ، بصورة مباشرة ، وغير مباشرة ! والمغفّلون الذين يحرص مديرو البرامج ، على استضافتهم ، أكثرهم من هؤلاء ! لأن المؤيّد لسياسة الفضائية ، يكون قليل التأثير ، في العادة ، في نفوس الناس وعقولهم .. لمعرفتهم أنه من أصحاب البيت ، الذين لايشهدون إلاّ لمصلحته ! أمّا المعارضون ، فقلّما يستضاف أحدهم ، إلاّ إذا كان شديد الغفلة ، مع شيء من العلم والبراءة ! وحين يكون مقدّم البرنامج ، من النوع المحترف المتمرّس ، يستدرج هذا المعارض ، بصورة دقيقة وذكية ، إلى مايودّ قوله ! وفي الغالب ، يكتفى من هذا المعارض ، بكلام ليس فيه عداء لأفكار أصحاب الفضائية ! وحسب الفضائية منه ، أن يشهد شهادة حقّ ، في السياق الذي يطرحه مقدّم البرنامج ، والذي ينتقيه ، عادة ، من بين سياقات عدّة .. ليتحدّث فيه هذا الضيف ، تحديداً ! فيكون حصل على شهادة مجّانية ، توظّفها الجهة القائمة على القناة ، بالصورة التي تراها مناسبة !

ـ وهكذا يتّضح ، أن أكثر المغفّلين المتحدّثين في الفضائيات ، هم من المحايدين .. وقليل منهم من المعارضين ! أمّا المتحدّثون الموالون للفضائية ، و المأجورون الذين يقبضنون مالاً على مايقولون .. فلهم شأن آخر !