بمناسبة احتفاليات القدس عاصمة الثقافة العربية
وسام الفقعاوي*
القدسُ عاصمةُ الثقافةِ العربية، والقدسُ قبلةُ العربِ والمسلمين الأولى، القدسُ عروسُ عروبَتِنا، وللقدسِ تشدُّ الرحالُ، والقدسُ ما تزال تحت الاحتلال، هنا يأخذ الاحتفالُ بالقدسِ عاصمةَ للثقافةِ العربيةِ مضموناً ومعنى مختلفاً، ترى.. هل القدسُ ما زالتْ عربيةَ الثقافةِ إسلاميةَ التراث؟؟ وهل محاولاتُ التهويد والأسرلة لم تؤتِ أكلها فيها؟؟ وهل حقاً ما زالت قبلةَ العربِ والمسلمين الأولى ؟؟ وإذا كانت كذلك فلماذا أصبح الحج إلى البيت الأبيض أكثر من الحج إلى الحجر الأسود؟!!! أو للقبة الصفراء المذهبة؟؟ ولماذا نحج نحن الفلسطينيين لبيت أولمرت وقد يكون غدا نتنياهو أو ليبرمان في القدس أكثر مما نحج للقدس ذاتها؟؟ ولماذا نصرُّ نحنُ الفلسطينيينَ على تعميقِ الانقسامِ أكثرَ من إصرارِنا على وحدةِ البيتِ الفلسطيني تحتَ قبةِ الصخرةِ المشرفة التي تئنُّ تحتَ وطأةِِ الانقسامِ والتهويد والأسرلة؟؟ وهل نشدُّ الرحالَ إلى القدسِ أكثرَ مما نشدُّها إلى القاهرةِ من أجلِ عدم الاتفاق وبروبوغندا الحوار؟؟ فإذا كانت القدسُ عروسَ عروبَتِنا حقاً؟؟ فهل يكونُ مهرُها ديةَ قتيلِ على مذبحِ الانقسام؟؟ وهل ألبسناها بدلةَ ليلةِ الزفافِ البيضاء؟؟ أم انزوتْ في ثيابِ الحداد؟؟ وبكتْ دمعتين ووردة؟؟ دمعتين، إحداهُما على هتكِ عِرضِها صباحَ مساء من الإخوةِِ ومن الأعداءِ، وأخرى على ثقافتِها وتراثِها التي تداسُ تحتَ نعالِ شرطيٍّ من حرسِ الحدودِ، قد يكونُ مسلمَ الديانةِ أو يهودياً. . لا فرق، ووردة لمن ظلُّوا على عهدِها وأصالتِها وثقافتِها وتراثِها، وإن خبا جهدُهم قليلاً في زمنِ الاستسلامِ وثقافتِهِ، وهنا يأتي الحديثُ عن الثقافة، باعتبارها جملةَ ما يبدعُهُ الإنسانُ والمجتمعُ على صعيدِ العلمِ والفنِ ومجالاتِ الحياةِ الأخرى، الماديةِ منها أو الرُّوحيةِ، من أجلِ استخدامِها للإجابةِ عن الأسئلةِ الكبرى التي يطرحُها الواقعُ للإسهامِ في حلِّ مشكلاتِ التحررِ والانعتاقِ والتقدمِ والتطور، وهنا تتجلى خصوصيةُ الواقعِ الفلسطيني والعربي، التاريخيةُ والراهنةُ وتفاعلُها مع المفهومِ العام المعاصرِ للثقافةِ بكلِّ أبعادِها ومكوناتِها العلميةِ، والاجتماعيةِ، والاقتصاديةِ، والسياسيةِ في اللحظةِ الراهنةِ من تطورِ البشرية.
إننا كفلسطينيين نحتاجُ إلى الثقافةِ الوطنيةِ الحقةِ، التي تعملُ على خدمةِ قضايانا ومصالحِنا وأهدافِنا الوطنيةِ العليا بعيداَ عن المصالحِ الحزبيةِ أو الفئويةِ الضيقةِ التي وسمتْ معظمَ تاريخِنا الثقافي، مع احترامي لما أنجزتْهُ في مراحلَ محددةٍ، لكنَّها حَرَفَتْ البوصلةَ عن فلسطينَ الأكبرَ منا جميعاً إلى الحزبِ الذي أصبحَ أكبرَ من فلسطينَ ومن الإنسانِ الذي أنتجَ هذه الثقافة، وهنا فلا يجب أن نبقى أسرى لثقافة التسوية أو ثقافة العنف ولنحرر ثقافة مقاومة أي ثقافة المقاومة.
وأخيرا أعودُ إلى الأسئلةِ من جديد، وفي حضرةِ القدسِ عاصمةُ الثقافةِ العربية، التي لا يمكنُ أن تكونَ كذلك، دونَ أن يكونَ بيننا الأدباءُ والشعراءُ والمثقفين الثوريين الشهداءُ منهم والأحياءُ: غسان كنفاني، ومعين بسيسو وماجد أبو شرار ومحمود درويش وتوفيق زياد وأبو سلمى وعبد الرحيم محمود، وفيصل دراج ، وغيرهم الكثير الكثير ممن نجلهم ونحترمهم، وأكررُ أسئلتي عليهم وعلينا ونحن نقترب من العامِ الحادي والستينَ للنكبة، هل كانت المشكلةُ فيما كتبتم أم فيما قرأنا؟؟ وهل قرأناكم حقاً كما أردتم أم طوعنا كتاباتَكم كما أردنا؟؟ وهل ثقافتُنا التي أردناها ولم تريدوها قربت المسافة بين القدس وعريسِها أم باعدت بينهما؟؟ أم أننا توهمنا العرس بالبدلة البيضاء لكن اللون الكاكي كان الطاغي وما زال؟؟
لكن جواب غير المثقفين إلا الثوريين الملتزمين لم نتوهم العرس، فجدتي الكنعانية، حاكت بدلت العرس ليبوس العرب؟؟ وبالتالي.. لم نتوهم العرس،، بل سندخلها فاتحين..
* ألقيت في احتفالية نظمتها الجبهة الشعبية بمناسبة القدس عاصمة الثقافة العربية.
* عضو اللجنة المركزية لفرع الجبهة الشعبية في قطاع غزة.