وقفة مع الأخ الحبيب الشيخ سلمان العودة
د. عبد الله السوري
نشر الأخ الشيخ سلمان في مجلة العصر موضوعاً عنوانه ( الإسلام والحركات ) خلاصته (( أن الإسلام أكبر من الحركات وأبقى ، والحركات هي محاولات بشرية يعتريها الخطأ وتفتقر إلى التصحيح ، ....الإسلام أكبر من الدول والحكومات والمؤسسات ، وكل أوعيته تذ1هب وتجيء ويبقى الإسلام ...)) .
وهذه جواهر وبدهيات يشكر الشيخ عليها ، ولا يعترض عاقل على هذا القول ... لكن مر في موضوعه نقاط تدل على اختلافي معه في الفهم منها :
1- قوله (( ...ما أردت قوله أن من المجتمعات والأنظمة مايضيق ذرعاً بحركة إسلامية تزاحمـه في ســلطته ، أو تعتمد على معارضة صرفة قد لايحتملها .....))
وتعليقي على هذا القول :
أن الحركات الإسلامية الراشدة وأخص منها الإخوان المسلمون ، والسلفيين والدعوة والتبليغ وطلاب العلماء وأمثالهم .... هؤلاء لايبغون سلطة ولا كراسي ، وإنما يبغـون أن يسمح لهم بالكلام فقط ، الكلام الشفوي والمكتوب والمرئي والمسموع ، الكلام الذي يدعون فيه المسلمين بالحكمة والموعظة الحسنة إلى الالتزام بدينهم كله ، كما أنزله الله عزوجل في الكتاب والسنة ، لايريدون غير ذلك ، وقولهم وأفعالهم تدل على صحة ذلك ، ولكن الأنظمة تمنعهم ولاتسمح لهم ، لأن أسياد هذه الأنظمة لايرضون أن يعلم الدعاة المسلمين حقيقة الإسلام ، ويخافون أن يذكر الدعاة المسلمين بأن الإسلام نظام شامل لكل شؤون الحياة ، وأنه صالح لكل زمان ومكان ، الأنظمة تخاف من هذا الوعي الإسلامي – إلا من رحم ربك وهم أقل من نادر إن وجدوا – ولذلك تحارب الدعاة إلى الله ، وتصرح بأنه لاينفع معهم إلا الاستئصال ....
2— يقول الشيخ سلمان (( وجدت مجريات الواقع مختلفاً ، فالحجاب شــائع جــداً دون اعتراض ، ومظاهــر التــديــن قائمـــة ، والمساجد تزدحم و.... ))
وتعليقي هنا أمران : الأول هذا أمر الله ( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون ) ، وليس هذا مما تقدمه الأنظمة ، بل هو غصب عنها ، كما أن الفضائيات لها دور في ذلك ، وصارت الصحوة الإسلامية تلقائية في الشعوب المسلمة ، وقد عشت في الجزائر في السبعينات الميلادية وشاهدت أن الدعوة الإسلامية تلقائية ، عبر عنها الدكتور سعيد رمضان البوطي بقوله ( أرى في الجزائر دعوة ولا أرى دعاة ) ، وأصحح له فأقول : أرى في الجزائر دعوة أكبر بمئات المرات من جهود الدعاة ، هذا طبعاً في السبعينات ، والصحوة الإسلامية اليوم أكبر من معارضة الأنظمة لها ومنعهم إياها ....
والثاني أن الأسلوب الأمريكاني في محاربة الإسلام يقوم على :
فسح المجال أمام الشعائر التعبدية ، كي لايتهم النظام بمحاربة الإسلام ، ومن أجل تضليل عامة المسلمين الذين لايعدو الإسلام عندهم هذه الشعائر التعبدية .... وتكثيف المحاربة ضد الدعاة الذين يدعون إلى تطبيق الشريعة الإسلامية ، يدعون إلى تطبيق الإسلام كاملاً في جميع نواحي الحياة ، ومنها الحياة السياسية ، والاقتصادية ، ....وسائر مجالات الحياة .... يدعون إلى ذلك بألسنتهم وأقلامهم دون عنف ، ولكنهم يحاربون وتصرح الأنظمة بأن هؤلاء ليس لهم إلا الاستئصال ....
هذه وقفة مع شيخنا المحبوب سلمان العودة ، بارك الله بأعماله ، وجهوده من أجل نصرة المسلمين ، وإقامة شريعة الله عزوجل ، بدعوتهم إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة .....
والحمد لله رب العالمين ....