قلب خزاعة ينبضُ مقاومة..!!
هنادي نصر الله
أولُ مرةٍ تحطُ قدمايَ أرض خزاعة شرق خانيونس جنوب قطاع غزة.. سلامٌ على أهلها وقد قضى أغلبهم نحبهم تحت ركام منازلها المدمرة.. سلامٌ على أطلالها.. أنقاضها.. سلامٌ على قبب مآذنها التي بقيتْ رغم قصف مساجدها بكبرياءِ المنتصر..
" خزاعة" كلُ ملامح الفظاعةِ والمجاعةِ فيها.. إجرامٌ فاق تخيلات البشر، فالدمارُ طال بيوت الأحياء وقبور الأموات، قُصف الميتُ في قبره بصواريخ الإحتلال الإسرائيلي، وداستْ دباباته ما تبقى من رفاته..!!
لا حقوق للإنسانِ هناك لا حيًا ولا ميتا... أقسى شعورٍ أن تقضي أكثر من نصفِ يومك هناك، تتجول بين رائحة الدمار التي تُوحي لك بوجودِ مفقودين تحت الأنقاض..تُصر على التجولِ بين صحراء جرداء قاحلة إلا من الخرابِ والآلام.. لا ماء ولا كهرباء.. بل لا صوت آذانٍ يصدحُ رغم كوارث المكان..فلا بنية تحتية هناك. لا ماء ليتوضأ الناس.. لا كهرباء لتسمع صوت المؤذن.. لا شيء هناك..!
حرُ الشمسِ في آب اللهاب.. يزيده حرقة القلب على فقدان الأحباب، يُضاعفه انعدام المأوى وكل مقومات الحياة..
صورةٌ أسى.. نقلتها وسائل التلفزةِ والإعلام المختلفة عن خزاعة.. " خزاعة" من يعرفها قبل تدميرها.. يصعبُ عليه أن يستوعبها بعد التدمير..!!
فقد تحولتْ إلى حفرٍ عميقة تحت الأرض بعشرين متر أو أكثر قليلا، صواريخ الإحتلال التي تزنْ أطنانًا ثقيلة ما تزالُ تشهد على الأسلحة المحرمة دوليًا التي دُكتْ بها أجساد وبيوت الأبرياء هناك..من تحصن بما تبقى من منازلها خلال أسبوعين من الحصار الإسرائيلي يُدرك كم قيمة الحياة في لحظات تُصارع فيها الأرواح من أجل البقاء، قذائف مدفعية وصواريخ حربية وغازٌ مختلف الأنواع، ولا طعام ولا شراب، ثم تنجو بجسدك بأعجوبة يعني أن رعاية المولى عز وجل قد كتبتْ لك حياةً من جديد..
مع كلِ مآسي " خزاعة" هناك أسطورةُ عزٍ من الصعب أن نتجاوزها، فبينما كنا نوثقُ معاناة أصحاب المنازل المدمرة لاسيما أولئك الذين قُصفتْ منازلهم في حربي الفرقان وحجارة السجيل أيضًا، وإذ بفرق الإسعاف تتمكن من استخراج مقاومين أحياء..
كبرّ من توجعتْ قلوبهم بهدم منازلهم، واكتوتْ بفقدانهم أبنائهم، كبروا من أعماااااق قلوبهم النازفة" الله أكبر ، الحمد لله أحياء، أحياء ، احياء"..
خزاعة.. لن نحزنْ على دماركِ وإن كان فقداننا لأشيائنا وأحبابنا جلل، فما دامتْ مقاومتنا بخير، سنبقى نكابرُ ونقول بخير.
نذهب نحن، وأرواحنا وما تبقى من أهلنا؛ لأجل أن يعيشَ المقاوم الفلسطيني ويبقى نبض قلبه عامرًا بحب التضحية في سبيل " فلسطين"..
المهم أن يحيا المقاوم، أن يبقى على قيد الحياة.. فبدون المقاوم. لا عزة ولا شرف ولا كرامة لنا..
صاح أهل خزاعة من الناجين بذلك.. قالوها بقوةٍ" تُنزع روحه من يطالب المقاومة بنزعِ سلاحها"..