بطالة المثقف.. بطانة التخلف
بطالة المثقف.. بطانة التخلف‼
رابح عداد
جرى بيني و احد أفراد سامتي نقاش جد جاد، لان المادة المصاغة لا تستمد من رأي منفرد لفرد يدعي جمال الجيد بزينة الحكمة و الاجتهاد، سيما عند إيجاد مرد الحد المزعوم يرتد نحو درك التاتاة الركيكة بعد فقدان اللِّسن اللَّسن و فساد اللسان البين بمجرد خلع بردة الخطاب جنب مائدة الاخد و الرد و تجريد سيف الحوار من الغمد.
أمد قولي و مقصد القصد يمتد إلى جريدة الديار، و بالتحديد الرقم الرابع من زاوية العدد، حيث أتى رسم كاريكاتوري بمشهد تأثيري لما جسد فكرة افتقار البلد إلى معادلة إسناد الأمر لمن هو له أهل، و ذلك من خلال الإخلال بحق شاعر و مخرج مسرحي و فنان تشكيلي حين أسندت لهم مهام اقل ما يقال عنها أنها تندرج في بوتقة سجل أعمال رجل بناء.
إن هذه الصورة الرمزية المعبرة فطرت جوا من الحوار الحضاري الممزوج ببعض التحيز الذاتي درجة بلوغ مستوى طرح الاقتراح المثالي فقط لنخدر تخمين الواقع بالأماني، إذ فور اصطدام بصر الصاحب بالرسم الرمزي اظهر تأييدا و نصرة لما ورائية تطلع المبتكر عبر مسرد الخطاب׃"لكانه طل على ثنايا القلب إذ حرك الأنامل و انطق الريشة بما يسع إسماع الجمع آهات الدمع المكبوتة خلف صدر كل مثقف مجحف بحقه.
وهو تعليق لطالما ظل يحز في نفسي ادحاض ركائزه الوهمية لعلل شتى، ذلك أن من تأمل المسالة معي بروية أدرك قصر نظر و قلة مسعى المهرج للمقولة الباطلة القاتلة "نحن في زمن الأمي تقلد منصب المدير و المثقف بالبراري يرعى الحمير".
عل نقطة محورية مثيلة كفيلة باستلزام تقصي جوانبها القاصية للوصول إلى خلاصة منطقية مرضية للذات قبل الغير، الأمر الذي أثار فيَّ روح الثورة عبر اختيار جرأة المداخلة الاعتراضية الفورية بنية إيقاف نزيف المغالطات القادحة في جوهر العلم بالذات.
فحين يتقول – على الاخير – وعاء من أوعية الإبداع بهكذا أقاويل، قد يجعل ظلمة الجهل تسود سماء الفضيلة و تسوِّد غمامة الرقي لا محالة، كون المدعي سيدع ماهية الهدف المسطر خلال الطلب- طلب العلم، ليضع الأخير وسيلة لنيل المطامع.
لا ريب أن الأغلبية قد اهتزت اعتراضا و هي تحاول السعي إلى تحليل هيرمينوطيقا ناقل ذا التخمين، و بالأخص الجانب القريب على الأقل. سوى أن ميزان الحكم العادل لا يتسم بسمة الكمال دون إتمام الكلام، و إلا ذم و شان.
على هذه الطريقة المثلى صارمت محاوري بعد أن طرحت سؤالي الاستنكاري التالي׃ ماذا لو أصلحت النعل عند اسكافي نال شهادة سامية؟ استجد حد التواصل نديد التعامل و الرجل الجاهل؟
فما كان رد الصاحب إلا ضحك ساخر على المخاطب، في عين الزمن الذي نعتني بوصف غير لابق لبغية مكتنة جزمت أنها عنوان هزيمتي حسب ظن المتهكم ׃ "أيا أيها المواطن القاطن بتراب المدينة الفاضلة، إذا بلغت أبواب الأخيرة بلغ مليكها سمو الشيخ الفارابي تحياتي العطرة على ما أوقعه في دواخل نفوس الحمقى من ترهات".
و كان الحلم الذي ما فتئ يؤنس الذات ساعة الوحدة و بمعية الرفقة موحى من مبادئ ميتافيزيقية بحثه رغم قذف الفكرة بروح الحياة إبان الحضارة الإسلامية الآفلة و النهضة الغربية السارية على سبيل القياس دون حصر بمقاس.
فإذا نظرنا إلى مثالب و مناقب ابرز الأعلام في الحيز المذكور، لاكتشفنا عدم التحام عالم الشغل بالمستوى الدراسي بتاتا، حتى إنهم اشتهروا بأسماء المهن و الحرف التي اتخذوها مكسبا لنيل حوائج المعيشة مثل الدباغ و الزجاج...اللهم إلا قلة نادرة ممن رضخت طواعية لأمر الحاكم إذ تعزَّم مدها بكرسي الإمارة أو الولاية أو حتى الفتوى و القضاء، على استثناء من أبى و فضل إلا الاعتزال تفرغا للاجتهاد بكد و جلد فوق تسخير المال المدخر لديه في خدمة التنقيب و الابتكار.
هذه حالة شقشقة الأدمغة..فما بال الحفنة المتفيهقة ببلادي تترفع على العمل المتواضع، و تستشعر الذل و الهوان المكتن بالذعر قبالة عرض منطقي؟الاجل شهادة بالكاد ترقى درجة الاعتراف الدولي تستهجن المهن الخاوية من المكاتب المكيفة و الأرائك المريحة المدبجة؟
أأظن أن المفارقة بين الأمرين تكمن في خلفية جوهرية منطبقة على طريقة استيعاب مغزى التعلم، هذا المغزى الذي لن يتجلى إلا عند مصارحة الذات بكل صدق و أمانة ما إذا كان السعي إليه مقصدا للتحصن من الجهل و التخلف، أم يقتصر على التلذذ بقشور المآرب الدنية.
و بذا الطرح يتضح المستوى الصح، إذ سيتحقق نطق لسان جهاز كشف الكذب الداخلي بالحكم النهائي القاضي..