البؤساء

البؤساء ......

الارادة والنجاح

نهاد الزركاني

العراق _ بغداد

[email protected]

لقد ركزٌ المفكرون  أرائهم  بعد الحرب العالمية الأولى على  عدة أمور من أهم هذه الأمور  ، هو النجاح ومن خلفيات هذا النجاح الإرادة الداخلية عند الإفراد،ولقد تم  تمجيد الإرادة وتبيان ما تلعب من دور هام في سبيل الوصول للنجاح .فالإخفاقات التي تحصل عن الأفراد كان سببها الرئيسي بنظرهم هو ضعف  الإرادة ، وقلة السعي وينصحون له ، ولا بأس بالتحفيز على ذلك و لكي ينال نصيبا من النجاح ، أن يعزم على الجد وان يقوي أرادته فيه . وقد امتلأت المكاتب العربية . قديمها وحديثها ، بهذه الفكرة . فأينما ذهبت رأيت من ينصحك على المنوال التالي، كل من سار على الدرب وصل، الجد في الجد والحرمان في الكسل، من طلب جلب ومن جال نال......... إلى غير ذلك ، من أقاويل سلطانية اخترعها لنا المغرورين وأصحاب العبيد وغيرهم.  واستخفافا منهم بعقول الآخرين لأنها ؟ لا تصدر من أناس يضعون المقاييس الحقيقية في التعامل مع الآخرين ..

وقد امتلأت كتب المدارس ونصائح المعلمين بها إلى درجة تسبب الصداع ، فإخواننا الذين ساعدهم الوضع الشاذ في الوطن العربي أو الصدفة على نيل المناصب العالية اخذوا ينظرون ، إلى من حولهم من البؤساء والمساكين بعين الكبرياء ويتبجحون عليهم بأنهم أنما وصلوا إلى مناصبهم تلك بسعيهم وقوة أرادتهم. 

وكثير من الأفراد الذين أتيحت لهم من الفرصة أو الثروة أو الوساطة القوية، ما جعلهم ينالون من الحظ ما لم يناله اقرأنهم اخذوا يتباهون ويتكبرون ، على الناس كأنهم قد نالوا ما نالوا بمحض السعي والصبر والإرادة _ ناسين اثر تلك الظروف السعيدة التي أحاطت بهم منذ نشأتهم الأولى فوضعت أسماءهم في قائمة المترفين والمدللين ........... في العالمين العربي والإسلامي ..

يقول بعض أولي الحظوظ ممن ساعدته الظروف على الدخول في المدارس والنجاح فيها : أنهم جدوا ودرسوا نالوا أخيرا ما يستحقون جزاء ما كانوا عليه من صبر وإرادة ، وقد نسي هؤلاء بان ذلك المسكين الذي يكدح في أيام الصيف من شروق الشمس إلى غروبها يحمل على ظهره التراب و الحجر، ليكسب بعض المال ليوفره لجلب رغيف الخبز، هم أكثر منهم صبرا وأقوى أرادة ، وغيرهم من الأطفال التي يملئون الأسواق والشوارع والأيتام وخصوصا في هذه الأيام بعد ما حصد الإرهاب والاحتلال والفاسد المستشري في أركان الدولة ؟ وخصوصا في العراق الجريح سوء أدارة من امسك دفة الحكم ، الذين تناسوا كيف كانوا قبل ذلك على الرغم أنهم كان يهتفوا من خلال البيانات، سوف نعوض المحرومين والمستضعفين بعد التغير؟! ولكن لم يتغير حال المستضعفين بل زادت المأساة وعدد الأيتام والمعوقين ولم يرو الضوء بعد الظلام الدامس ولا أتصور سوف يكون هناك الضوء في النفق إذ بقى الحال على ماهو عليه؟؟  وقد رأيت ذات مرة صبيانا يعملون في بناء دار وهم يساقون بالعصا إلى العمل المضني تحت وهج الشمس وهنا بدون إي شعور أمتلات عيني بالدموع على كل طفل يتيم ومحروم ، وقلت  ما ذنب هؤلاء المساكين في العالم وفي العراق خصوصا  .  فهؤلاء لم يستطيعون لفقرهم إن يدخلوا المدارس كما دخلها إخواننا المدللون. وليس لإرادتهم شان في هذا المصير المؤلم الذي أناخ بهم ، أنهم ضحايا ظروف لم يكون لهم يد فيها وان النجاح لدى البعض يصيبهم بالغرور قليلا أو كثيرا، ولذا تراه يعزو نجاحه إلى بعد نظره وشده سعيه وقوة أرادته. والواقع إن _ للنجاح عوامل أخرى _ علاوة على هذه العوامل التي يتبجح بها الناجحون عادة.

لو سألت ؟.. إي فرد قد بلغ منزلة رفيعة من منازل الجاه واليسر أو الشهرة: هل كنت في بداية حياتك ! قد وضعت نصب عينيك برنامج معين لهذه المنزلة التي أنت فيها، فسعيت نحوها حتى وصلت إليها ؟؟ فانه سوف يجيبك على أرجح الظن ،

إن من النادر إن نجد شخصا وضع في حياته خطة دقيقة للعمل فسار عليها خطوة بعد خطوة ، ثم نال النجاح أخيرا على أساسها إن معظم الناس يتجهون في أول أمرهم نحو غاية ثم ينحرفون عنها أخيرا ، إن واقع الحياة أقوى من أية خطة يضعها عقل محدود . فالإنسان ينحرف في كثير من الأحيان بتيار الحياة ويسير كما تمليه عليه ضرورات الساعة. فإذا نجح على سبيل الصدفة رايته صعر خده على الناس .!

والغريب أن الحظ لا يؤمن به ألا الفاشلون . فهم يحاولون أن يجدوا تعليلا وتفسيرا لفشلهم ولا يحبون أن ينسبوا قسطا من فشلهم إلى ضعف صدر منهم فيلجئون ، اضطرار إلى عقيدة الحظ ينسجون منها علة ماهم عليه من فشل وشقاء . أما الناجح فهو قد امتلكه الغرور (( ألا البعض )) كما ذكرنا ونسب كل فضل في نجاحه إلى نفسه

الفاشل يؤمن بوجود الحظ بينما الناجح ينكر وجوده . علينا إن نقف هنا موقف يكون علمياً ما بين من يؤمن بلحظ ومن لا يؤمن ، أي ندرس الوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في أي مجتمع ، بعد ذلك نعطي الحكم من اجل أن لا نظلم  أي طرف من الأطراف