الفارس
محمد عبد المجيد الصاوي
غزة ـ فلسطين
اكتب ثم اكتب ثم اكتب ... لعل الأوراق تُقرأ، والأفكار يصبح لها ذات يوم قيمة .
لماذا تجد أنه لزام عليك أن تكتب ؟ ألأن بحوزتك قلما إلى جوارك أوراقا ؟ وهناك ما يستدعي أن تخطه . لحظات وستعود ... ها أنت قد عدت ، أشعلت سيجارتك وأمسكت بالقلم ... هل تكتب لأنك سئمت القراءة ؟ بعد أن أمضيت رحلتك الطويلة مع الطيب صالح وعشراتي سليمان ودوستوفسكي وهيكل وقطب وابن الرومي وابن زيدون ... كثيرا ما قرأت .. لحظة ما هذا الأسلوب المباشر الذي تكتب به ؟ أين ذلك المستوى الرفيع الذي تعودت الكتابة عليه ؟.
ألا تدع كل هذا السخف .. فما الثقافة إلا زاد الضعفاء ،وما المثقف إلا مغفل جدير بأن يُزدرى في القرن الواحد والعشرين .. مابالك تشعر بإحساسات عبيطة تأخذك إلى الشعور بأن هذا المجتمع يحتاج إلى مصلحين ومفكرين وقادة لا تفرزهم البؤر الحزبية .
هل تكتب تزجية للوقت .. ودفعا للسأم ؟ اسمع أنت بارع في الكتابة عن السياسة ، فلماذا لا تكون كتابتك عن الأحداث السياسية الني يمر بها وطنك : الحرب ... الحصار ... الحوار ... الاتفاق ... الأنفاق ... الانتخابات .. مؤتمر القمة .. أوباما ... نتنياهو ... ليبرمان ... باراك ... ألا تجدها مواضيع جديرة بأن تشرع بها قلمك .
لا تتبعثر هكذا . ما الذي تريده حقا ؟ تحديدا وعلى وجه الدقة ، انسَ أنك تكتب ليقرأ الآخرون ، اكتب لنفسك ولا تطلع أحدا على أوراقك .
هل تعرف حقا ما تريد ؟ وهل أنت " فارس هذا الزمان الوحيد " ؟ لا تقل أن الزمان قد خلا من الفرسان .. لكن مهلا .. هل أنت فارس حقا!
ياه ... كل فلسطيني على هذه الأرض فارس .. هه .. دعني أصارحك : إنك لست فارسا، وكذلك أنت لا تعرف ما تريد ! دافع عن نفسك إن كنت جريئا ، ألست ناجحاً في عملك كمدرس ؟ يشهد لك الجميع بالإبداع والعطاء .. أهكذا تصبح فارساً! يا حسرة .. أكثر من نصف الطلبة الذين في مدارسكم لا يجيدون مبادئ الكتابة والقراءة ، وتقول لي أنك فارس ! ( مدرس عبقري ) .. لحظة : هل ذنبك أن الأمية المقنعة في مدارسكم تصل إلى ستين في المئة ؟ كلا .. إنها خطيئة سياسية تجهيلية لا زالت تُمارس منذ عقدين ، أنتجت جيلا جاهلا إلا فيما . انظر ؟إلى القلة من الطلاب المثابرين على النجاح ؛ تجدهم هم المستوى الطبيعي في كل زمان ومكان ، بعضهم يتلقف ما بجعبتك بنهمٍ وإقبال وبعضهم برويةٍ وتُؤدةٍ . تراهم مثالا واقعياً لأناسٍ يعرفون ما يريدون ، فهم على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية والطبقية ، مصممونَ على أن ينهلوا من العلم ويغترفوا كما كان حالكم في ثمانينيات القرن المنصرم ، حين كنتم مجتمعا بكراً يتحدى الاحتلال بالعلم . لا ترى بالفصل سوى أربعة طلاب يغردون خارج السرب ؛ أما غالبيتكم العظمى فقد شمرت عن ساعديها ، تتنافس وتفرح بالنتائج الباهرة نهاية العام.
تلك أيام خلت ... لكن هل زمن الفروسية ولّى ؟ هل أصبح الفارس هو القادر على أن يطل علينا من الفضائيات يُرغي ويُزبد ويناطح " كوعلٍ أوهى قرنه الصخر " عن أفكار مهترئة : ثوابت ... مبادئ ... وحدة ، مفاوضات ومسيرة سلمية ... مستجدات ومستدركات .
يا "للعجب العجيب العُجاب.. " الفارس في زماننا يرتدي أفخم سترة ، ويضع أزهى ربطة عنقٍ ،ويسير وقد أحاط به جيش من الصحافيين والمرافقين والمتقربين ...فيغدو مصدرا للإعجاب بالبطولة !فتلك هي الفروسية في زمن ما بعد( الحرب ).
لو اتفقنا سوية على انك فارس تعرف ما تريد...فهل الآخرون يعرفون مثلك ما يريدون وهل هم كثيرون
أم هم قليل ؟... ولماذا لا يجتمع هؤلاء(الكثيرون ) أو(القليل) ؟و ما الذي يحول دون التقائهم على مائدة واحدة .
لحظة انتم تريدون ولكن ما الذي تريدونه ؟ أنكم تريدون السمو والكمال, وتعملون لذلك تجابهون وتحاربون .. يسقط منكم من يسقط ويتعثر ثم ينهض من لديه العزم فيكم.
فرسان يريدون رفعة لهذا الوطن ومجداً لهذه الأمة..وعلواً لهذا الدين.
ما أنبلكم.. ما أطهركم.. ما أروعكم لم تلوثكم المطامع والأهواء ..لأنكم أعفة النفوس بيض الأيادي فلم تقبل عليكم الدنيا لتحيلكم إلى فرسان هزليين.
ها...لماذا لا تلتقون ؟... لماذا لا تبحث الواحد فيكم عن صنوه , فتتآلفون ... وقد جمعكم الهدف النبيل الذي نذرتم أنفسكم لأجله ... تركلون الدنيا إن هي أقبلت وان أدبرت لا تلهثون بطلبها . بكم يغدو الغد جميلاً .
ألا ترى أن لديك الكثير لتبوح به للأوراق انك الآن "أنت والأوراق في عناقٍ "فهل تخشى أن تقرع بابك أيدٍ لعينة ؟.)