أيّهما يريح عدوّه أكثر:

عبد الله القحطاني

من يخضع له ، أم من يغلق أبواب الحوار بينه وبينه !؟

عبد الله القحطاني

· مَن يخضع لعدوّه ، أو خصمه ، ليملي عليه هذا العدوّ، أو الخصم،  شروطه .. يريح عدوّه ، أو خصمه .. كما هو مفترض ، وكما يتوقّع الطرفان ، ويتوقّع كل عاقل يراقب المشهد ! ونقول : هذا بحسب الأصل ! أمّا ما يجري على أرض الواقع ، من كلا الفريقين ، ولاسيّما الفريق الخاضع ؛ فتتحكّم فيه جملة من العوامل والظروف ، وعلاقات القوى ، على الأرض ..القائمة منها ، والمستجدّة ! فأنواع الخضوع كثيرة ، وصوره شتّى ، كما يدرك العقلاء ! منها الجزئي ، ومنها الكلّي .. منها العسكري في ساحة الصراع ، ومنها السياسي ، المنبثق من معادلات القوى العسكرية..ونحو ذلك ! وواضح ، هنا ، أن الخضوع ، إنّما يكون من الضعيف للقوي ..على اختلاف أنواع القوى ، التي يتصارع ، من خلالها ، الطرفان !

· مَن يغلق الباب ، بينه وبين عدوّه ، أو خصمه .. باب الحوار، أو التفاهم ، أو التفاوض ، أو نحو ذلك .. إنّما يقدّم لعدوّه ، راحة من نوع خاصّ ؛ هي راحة اليأس من التفاهم السلمي ، النابع من الحوار .. على مذهب من قال : فإنّ اليأس إحدى الراحتين ..! والانصراف إلى نوع آخر من العمل، الذي يَتصوّر مغلِق الأبواب،  أنه أجدى له ، وأنفع ! وقد يكون هذا النوع الآخر، عسكرياً ، أو قانونياً ، أو إعلامياً ، أو اقتصادياً ، أو شعبياً ، أودولياً .. أو نحو ذلك ! وواضح ، هنا ، أن مغلِق الباب ، قد لا يكون هو الضعيف ، حصراً ! فقد يكون إغلاق الباب ، من قبل الضعيف ، بسبب ما يرى من غطرسة القويّ ، واعتداده بما لديه من قوّة ، تدفعه إلى الاستهانة بقوّة خصمه ، أو بأهمّيته ، أو بقدرته على فعل شيء مزعج له ! كما قد يكون إغلاق الباب ، من قبل القويّ ، لاستهانته بشأن عدوّه ، أو لخطأ في حساب القوى على الساحة ، الكامنة منها والظاهرة .. أو لوجود مراكز قوى ، في داخل صفّ القوي ، تمنعه من الاهتمام بالضعيف ، ومن محاورته !

· كل من الأمرين : الخضوع ، وإغلاق باب الحوار.. هو موقف سياسي ، يفترَض أن صاحبه قد حسبه ، جيّداً ، وعرف ما فيه من ربح وخسارة.. إذا كانت لديه خيارات أخرى ، غير هذا الموقف ، واختاره ، من بين خياراته المتعدّدة ! أمّا إذا كان لايملك إلاّ خياراً وحيداً ، هو الخضوع .. فليس أمامه ، سوى خيار آخر بديل ، هو خيار شمشون ، وهو الخيار الانتحاري المعروف : عليّ ، وعلى أعدائي ! وما نحسب سياسياً عاقلاً ، يلجيء خصمه ، أو عدوّه ، إلى هذا الخيار، الذي له في كل أمّة ، أدبيّات يحفظها الكثير من عقلائها .. ومن أبرزها ، في أدبنا العربي ، قول الشاعر:

إذا لم يكن إلاّ الأسنّة مركباً    فلا رأيَ للمضطرّ ، إلاّ ركوبـُها

وقول الآخر:

وإذا لم يكن مِن الموتِ بدّ        فمِن العَجزِ أن تموتَ جبانا