جامعة أمير الشعراء بالإمارات العربية المتحدة

سليم ساعد المقعي السلمي

[email protected]

يُعَدُّ برنامج أمير الشعراء بمثابة جامعة للشعر العربي الفصيح، الذي هو منبع العلم العربي مندُ العصور الأولى، تحديداً من العصر الجاهلي، فدار في خاطري أن أصف هذا البرنامج الشهير الذي يقام في دُبي بالجامعة الأكاديميَّة التي تحمل جميع قواعد العلم وقوانينه، وما تشتمل عليه من أعضاء هيئة تدريس، وموظفين، وما إلى ذلك من الشؤون التي تتطلبها الجامعة،ومن هنا عقدتُ مقارنةً بين هذا البرنامج والجامعة، واتضح ليَّ أن هذا البرنامج يشتمل على أعضاء هيئة مناقشة معتمدة تنظر في هذا الشعر، ومدى قوة اللغة الشعريَّة فيه، وما يُمتاز به عن غيره، وتمييز كلُّ شاعرٍ عن شاعرٍ آخر بألفاظه ومعانيه وأفكاره، كما يعمل الأستاذ الجامعي بالنظر في ورقة الطالب والتدقيق فيها، وتصحيحها على وجه الصواب، وإبعاد الطالب عن الخطأ، وتمييز  كلُّ طالبٍ عن طالبٍ بألفاظه وأفكاره وإجاباته ومناقشته، وما إلى ذلك، ولا شك أن هذا البرنامج المُسمى بالجامعة يَعدُّ امتحاناً للشاعر، كما تَعِدُّ الجامعة الامتحان للطالب؛ لذلك أُصنف هذا البرنامج  ضمن الجامعات العربية الذي يذهب إليه الشاعر الفصيح ليقدم فيه أشعاره كل موسم من المواسم التي تُعقد هناك، وهذه الأشعار بمثابة أوراق رسمية ينظر فيها حتى يتأهل لدخول في البرنامج،وهذا أمر جيد يُحسب لمن قام به، في الأول والأخير سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

وبناءً على هذا الأمر من الطبيعي أن ترقى هذه الجامعة على مستوى الجامعات، والتي هي متخصصة في تفحص الشعر، وكشف أعماقه والنظر فيه، وإخراج الردئ منه والحسن، وليس هذا فحسب بل هي جامعة لعامة الناس اللذين اطلعوا على هذه الجامعة، كيف تنقد وكيف تنظر في الشعر، فهي تدرس هذا الشعر أمام الجمهور، وتنقده بالنقد الملائم وباللغة الأدبيَّة راقية المستوى العلمي، التي تخرج من أفواه النقاد، وهو ما كان يفعله كبار الشعراء والنقاد في العصور الأولى من أمثال النابغة الذبياني الذي يُجهز له القباب قبل وصول الشاعر من مكانه، وكذلك الخنساء في استخراج العيوب عند الشاعر حسان بن ثابت، وأيضاً من النقاد القدامى يعمل بهذا اللون بشار بن برد، وجرير، ولا نبالغ إذا قلنا أن الشعر عندهم بمثابة جامعة آنذاك. وهو الحال في برنامج أمير الشعراء المسمى بــ(جامعة أمير الشعراء).   

              

* سميتُ هذا البرنامج بالجامعة؛ لأنه يجمع الناس من كلِّ مكان، كما هو الحال في الجامعة حينما يجتمع الناس إليها من كلِّ مكانٍ ومن كلِّ صوبٍ، وأيضاً لأنه يجمع بالعلوم من كل طرف.