المصلحة والأخلاق بين الإيمان والكفران

أبو عبد المجيد

بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

كلُّ ساع في هذه الحياة يحدوه أمران هما: جلب المصلحة ودفع المضرّة , إلاّ أنّ مفهوم هذين الأمرين يختلف من إنسان إلى آخر إلى حدّ التّناقض, حسب المعتقد والنّظرة إلى الحياة.

فمن كان يعتقد انّه لا اله والحياة مادة, ولا يؤمن بالبعث والحساب والجزاء , فانّه يرى المصلحة وفق معتقده هذا أنّها الوصول للمنفعة الذاتية والمتع والرّغبات بغضّ النّظر عن الوسيلة والأسلوب, لذلك نجد عند الملحدين والوجوديين قديما وحديثا مبدأ"الغاية تبرر الوسيلة" وهذا المبدأ يجعل صاحبه أنانيا, متوحّشا,غادرا, خائنا, مؤذيا, يطغى إذا قدر ويذلّ إذا عجز,لا يؤتمن على شيء,  لأنّه يرى الخيانة والغدر والغشّ والكذب والسطو, والاحتيال,  وسائل ذكيّة لتحقيق المصلحة., يغرق نفسه في الملذّات ويدسّها في الشّهوات حتّى يكون أكثر بهيمية من البهائم العجماوات,لأنّه يرى تلك المتع والملذّات غاية وجوده, فهو يحرص على الاستكثار منها قبل أن يدركه الموت فيحول بينه وبينها, لا يحجزه شيء عن الظّلم والجور والفساد, إذا أمن العقاب الدّنيوي بالتّستر والحيلة , أو النّفوذ والمكانة والقوّة, لا يرجى منه نفع أو خير بدون مقابل مادي  أو معنوي دنيوي, كالشّهرة والجاه عند النّاس,  فلماذا يضحّي من أجل الوطن إذا كان يموت

1

ليهنأ الآخرون؟ ولماذا يساعد المحتاجين بماله أو قوّته ما دام ذلك يجعله يخسر البعض من رصيده المادي من غير مقابل؟ بل ولماذا يرعى أبويه العاجزين إذا صارا عبئا ماليا و اجتماعيا عليه؟ إن أحسن ما يقدمه لهما هو وضعهما في بيت للعجزة, وما المانع عنده من استعمال عرضه وشرفه كوسيلة لكسب المال, أو الوصول إلى المنصب؟ حتى العلم فانه لا يهتم به إلا بقدر ما يجنيه من ورائه من مال أو شهرة, فإذا أقفرت ساحته من ذلك تخلّى عنه إلى الجهل وانْبَتَّ في قِفَارِهِ إذا رأى انّه يكسبه المال ويحقّق المصلحة المادية .

وقس على ذلك كل الأخلاق والقيم, فإنّها لا تتصور من كافر إلاّ بقدر ما تُدِرّ عليه من منافع مادية , فإذا انتفت المنافع المادية انتفت الأخلاق وانقلب إلى ضدِّها بكلِّ وحشية وسُعَار.

.فإذا وجدنا صانعا من الكفّار يتقن صنعته وعمله ولا يغشُّ, فليس دافعه في ذلك القيم الخلقية كإتقان العمل, أداء الواجب , الوفاء  بالالتزام ,  ورعاية حق الزّبائن, إنّما دافعه هو الحفاظ على سمعته الصّناعية لتشتهر صناعته فيكثر زبائنه, وبالتّالي يكثر ربحه ومدخوله المالي, فإذا أمكنه الغشّ من غير أن تُضَرَّ سمعته الصّناعية , انقلب إلى اكبر غشّاش, بلا قيود ولا حدود.

لذلك فالمجتمع الكافر مهما ظهر لنا مُنمّقًا, منظَّما, قويًّا, مستقرًّا, متماسكا, فانّه يحمل عوامل فنائه في ذاته , لأنَّ مصالح ورغبات أفراده وكياناته لابد أن تتعارض وتتناقض وتتصادم, ممّا يجعله مجتمع صراع وأمراض وفساد , وذلك يعجِّل بسقوطه واندثاره ,  وتلكم سُنَّة الله في المجتمعات الباغية الكافرة. وأنَّى لمجتمع كافر أن يستقرَّ ويصلح ,  وهو تنخره المفاسد والجرائم والصّراعات, لانَّ أفراده كما وصفهم القرآن: لايهتدون,لا يعلمون,لا يفقهون,لا يعقلون, فهم ضالون, وان جمعتهم المصلحة المادية المشتركة حينا , فهي التي تفرُّقهم وتشتِّتهم أحيانا كثيرة.

قال عز وجل :" لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسَهُمْ بَينَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُُلوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَعْقِلُونَ"14 الحشر"

 فالكفر هو دائما مصدر الفساد والفساد سبب الدَّمار والاندثار.

 قال تعالى:" وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا القَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرَا" (16 الإسراء)

2

وقال سبحانه : " وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِن كُلِّ مَكَانِ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالخَوفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ "  النحل 112

وذلكم هو المصير الوشيك للمدنية الغربية المتغطرسة الكافرة ,لأنَّها قادت الإنسان إلى الكفر والطُّغيان والفساد والتمرُّد على الدّين والإيمان الصّحيح منبع القيم والأخلاق والفضائل الفردية والجماعية. وهذه الحقيقة خلص إليها بعض المفكرين  النُّبهاء بعد التَّجربة والملاحظة .

 يقول الدكتور اليوناني ك.ووتيراكيس:" إنَّ الشَّخص الذي لا يؤمن بالله كما ينبغي مهما كان جنسه ونسبه, هو أكبر سمًّا من الأفعى, وأكثر وحشية من الحيوانات المفترسة, وهو فوق ذلك لو حصل على الدُّنيا كلَّها لا تشبع غريزته النَّهِمَة , وحرصه على جمع الأموال, ويبقى أسير الأوهام والأحلام حتَّى قد يدَّعي الإلوهية متعقِّبا طريق البلهاء المتفلسفين الضَّالين, ولا يُحجم عن القيام بأيِّ عمل ضارٍّ ضدَّ بني جنسه" . فهل تستقرُّ وتستمرُّ حضارة أفرادها من مثل هذا الصِّنف من البشر؟؟؟                                

أما الصِّنف الأخر من النّاس وهو الصّنف الذي يؤمن يقينا بوجود خالق عظيم خلق الكون, وهو يحكمه, ويكلؤه, ويراقب مخلوقاته, وسيعيد النّاس إليه , ويحاسبهم على أعمالهم, ثمّ يثيبهم عليها  بالنّعيم المقيم إن  أحسنوا العمل, أو يعاقبهم بعذاب الجحيم إن أساؤوا وطغوا وظلموا,  فهم أيضا يسعون وراء المصلحة, لكنّها عندهم ذات مفهوم إيماني  ينبع من إيمانهم بالله واليوم الأخر, وشعارهم هو( الغاية الشّريفة بالوسيلة الشّريفة ) فهم يرون المصالح المادية العاجلة هامشية تافهة بالمقارنة مع ما يؤمنون به ويعملون لنيله في الآخرة, فالمصالح المادية الدّنيوية ناقصة زائلة, و الأخروية خالدة كاملة , لذلك فهم يكدحون ويجتهدون لإرضاء الله عز وجل وكسب الأجر, كي يفوزوا بالخلود في الجنّة حيث تتحقّق المصلحة التّامة بتحقّيق السّعادة الأبدية, وهم يبتعدون عن الظّلم والفساد وكل أفعال الشّر والسّوء حياء من الله و تجنُّبا لغضبه عزّ وجل ,  وخوفا من الوقوع في الشّقاء الخالد الذي هو عذاب جهنم,  أعاذنا الله منها. فتجد المؤمن متواضعا, رحيما, متعاونا, مهما كانت مكانته وغناه وسلطته, ولا يطغى بالكبر لأنه يؤمن أن الله اكبر. وتجده عزيزا, قنوعا ,عفيفا, شريفا , مهما عانى من الفقر أو الظُّلم أو الضُّعف, لانَّ الأمر بيد الله والعاقبة للمتقين.

3

وتجده أمينا, صادقا, وفيًّا, عفوًّا, متسامحا , لأنّه يؤمن أنّه مأمور بذلك و مأجور عليه من الله عز وجل, وتجده مضحِّيًا من أجل الوطن والأمّة والدّين والأهل  بنفسه وماله, لأنّه بذلك يمارس تجارة رابحة , الرّبح فيها هو رضا الله والجنّة ,

كما تجده كريما, رحيما , سخيًّا, بل يؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة , لأنَّه يؤمن أنَّ الأجر مضاعف إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة في بنك ربه.

قال تعالى : ".... وَيؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ " (9 الحشر )

وهو يكرم والديه , ويخدمهما , ويتذلَّل لهما , مهما عانى بسبب ذلك,   مستجيبا لقوله عز وجل:" وَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمَا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرَا"24الاسراء

وهو يتقن عمله, استجابة لأمر الله ورسوله بأداء الأمانة وإتقان العمل وعدم الغشّ

قال عز وجل : " إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُوا الأَمَانَاتِ إلى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالعَدْلِ  إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرَا (58 النساء

  وفي السُّنَّة المطهرة: "إِنَّ اللهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِل َأَحَدُكُمْ عَمَلا أَن يُتْقِنَهُ" "مَنْ غَشَّنَا فَلَيسَ مِنَّا"

وهكذا يكسبه إيمانه الضّمير الخلقي, والرّقابة الذّاتية , المنبثقة عن الشّعور بالرّقابة الإلهية ,  التي لا تُسْتَغْفَلُ ولا يُحتال عليها, ولا يبطلها محاباة ولا رشوة ولا جاه اوسلطة , فالمؤمن يشعر أنّ الله معه  يراقبه , ويعلم سرّه وجهره , مما يجعله يعمل على أن تكون أقواله وأفعاله وحتّى خواطره , خيِّرة لا مضرَّة فيها للنّفس أو النّاس أو حتّى الحيوان والنّبات والمحيط , وتلكم هي الأخلاق والحكمة التي جاء بها الأنبياء من عند الله عز وجل ,  وهي الآن محصورة في الدّين الصّحيح الذي لم يحرف, وهو الإسلام الذي يقول نبيه محمد صلى الله عليه وسلم :"إِنَّمَا بُعِثْتُ لأتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ" والذي من دونه لا تقوم حضارة راشدة ولا يسعد بشر.

قد يقول قائل:ها نحن مسلمون مؤمنون, ولكن أخلاقنا متدنية , وأوضاعنا مزرية , والكفّار رغم كفرهم أكثر قوّة وتماسكا  منّا , فأين ما تَدَّعي ؟؟؟

والحقيقة أنّنا مسلمون بالاسم والوراثة والرّقعة الجغرافية فحسب, أمّا الإيمان الحيّ الحقيقي الذي يحي القلوب ويشحنها بالخير والحقّ والفضيلة فنسبة أهله فينا قليلة جدا, لو بلغت الواحد في الألف لتحسّنت أحوال الأمّة .

4

لقد تضعضعت  عقيدتنا بفعل هزائمنا المترسِّبة عبر التّاريخ , وبفعل الغزو الثّقافي المسلّط علينا منذ سقوط الخلافة الإسلامية ووقوع أمّتنا في مخالب الاستدمار المسيحي اليهودي , فأصابنا الانفصام الحضاري والوهن في الدّين . فالكثير منا يدَّعي الإيمان وما هو بمؤمن, أو لا يعلم حتّى  مفهوم الإيمان . قال تعالى : " وَمِنَ النَّاسِ مَن يَّقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِاليومِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَالذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ* فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ* وَ إذا قِيلَ لَهُم ْلا َتُفْسِدُوا فِي الأرْضِ قَالُوا إنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * ألاَ إنَّهُمْ هُمُ المُفْسِدُونَ وَلَكِن لا َيَشْعُرُونَ " (البقرة 9-12  )

وقال سبحانه : " وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ " ( يوسف 106)

مشركون لأنّهم عبدوا أهواءهم ونزواتهم بمعصية الله وتجاوز حدوده  وشريعته في سبيل تحقيقها

قال الشاعر :

ذَهَب َالتَّعَقُّلُ فَالعَقِيدَةُ هَشَّةٌ       وَإِذَا الغَرَائِزُ فِي الأَنَامِ تَحَكَّمُ

إننّا في الغالب َندَّعي الإيمان في الباطن ونتّبع سلوك الكفّار في الظّاهر ,  لقد تخلّينا عن قيمنا الرّوحية ولم نحسن حتّى التّأقلم مع القيم المادّية ,  فصُنَّاعنا وعمّالنا مثلا , لا هم يتقنون صناعتهم وأعمالهم خوفا من الله وطلبا لرضاه , ولا هم يتقنونها بدافع المنافسة والمحافظة على سمعة المصنوع  طلبا للمادّة مثل الصُنَّاع الكفّار, فكان التَّفوُّق للكافر بالقيمة المادية , إنّنا عندما نلتزم بقيمنا الدّينية الرّوحية , من إيمان صادق, وعمل بأحكام الإسلام وأخلاقه , فإنّنا بالضّرورة نحسن القيم المادّية , فنتفوّق على الأمم الكافرة كما فعلت الأجيال السّابقة من المسلمين الصّادقين,  الذين استطاعوا التّفوّق في سنوات قليلة على إمبراطوريتين عريقتين "الفرس والرّوم" بالقليل من العدد والعدة والإمكانيات, لكن مع الإيمان الصّادق, والعمل الصّالح, والخلق الفاضل,  وصدق الإخبات لربِّ العالمين. إنّ المؤمن الحقيقي هو الوقَّاف عند حدود الله ,  المبادر الى طاعة الله ورسوله قال تعالى " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا َمُؤْمِنَةٍ إِذاَ قَضَى اللهُ وَرَسُولَهُ أَمْرًا أَن يَّكُونَ لَهُمْ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ  وَمَن يَّعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِينَا" ( الأحزاب 36)  . وقال سبحانه : " إِنَّمَا كَانَ قَوْلُ المُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إلى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَْينَهُمْ أَن يَّقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِك َهُمُ المُفْلِحُونَ وَمَن يُّطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقِهِ فَأُولَئِك َهُمُ الفَائِزُونَ " ( النور 51-52 )  أولئك الذين يُمَكِّنُ الله لهم ويعزُّهم في

5

الدّنيا والآخرة قال عز وجل : " وَعَدَ اللهُ الذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيئَا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ " ( النور 55 )  .      5

ذلك لانّ طاعة الله ورسوله تتمثّل في الالتزام بالأخلاق في كلّ المجالات : الاقتصادية , الاجتماعية , الأسرية , السّياسية , التّربوية ..... وذلك وحده هو سبيل الرّقي والتّقدم والقوّة في الأمم ..يقول الشّاعر

إنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاَقُ مَا بَقِيَتْ       فَانْ هُمُو ذَهَبَتْ أَخْلاَقُهُمْ ذَهَبُوا

وها هو الواقع يثبت هذه الحقيقة التي أكّدها ديننا ونبّه عليها علماؤنا وأدباؤنا , هاهي الأزمات الأخلاقية تعصف بالنّظام الرّأسمالي الكافر وتنذر بانهياره كما انهار النّظام الشّيوعي الملحد من قبل , فالكفر ملَّة واحدة , ونتيجته واحدة , ولو تعدّدت صوره وتباينت دركاته , إن علماء الاقتصاد في الغرب يعزون الأزمة المالية التي أحاقت بالنّظام المصرفي الرّأسمالي في المدّة الأخيرة الى الرّذائل الاقتصادية المتجذّرة فيه ,  كالجشع والطمع والغرر والاحتيال والاستغلال .... وقد أعلن ذلك بوضوح رئيس الولايات المتّحدة الأمريكة , ومن الخبراء الأوربيين من دعا صراحة الى اعتماد النّظام المالي الإسلامي المبني على الأخلاق للخروج من الأزمة.

فأين تكمن مصلحتنا الحضارية إذن؟ في الالتزام بديننا وقيمنا الرّوحية؟ أم في التّقليد الأعمى المخزي للمادّية الغربية التي يغلب عليها الطّابع اليهودي المادي الجشع واللا أخلاقي؟

أما آن الأوان لنعتبر ونتَّعظ ونعرف لموروثنا الحضاري قيمته في البناء الحضاري فنلزمه ونعمل به لِنَسْعَدَ وَنُسْعِدَ الأممَ الأخرى بتخليصها من مساوئ الأنظمة الكافرة الضَّالَّة والمُضِلَّة للإنسان؟   

(انّه من يطلب الآخرة صادقا توهب له الدّنيا نافلة ).( ولن يصلح آخر هذه الأمّة إلا بما صلح به أوّلها)  والله هو الهادي الى الحق .                     

عمر بلقاضي ( أبو عبد المجيد )

بسم الله الرحمن الرحيم

عمل المرأة بين الحق و الابتذال

ماذا عساك تقول إذا سمعت العمياء تقول للشمس اغربي ياضريرة ....

أو  البعرة تقول للدرة اذهبي يا حقيرة...

أو الذرة تقول للمجرة اخسئي ياصغيرة....

انك لا تجد متنفسا لغيظك   إلا في اللهج بدعاء":ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا"

هذا ما تستطيع الرد به على النساء المتغربات المسترجلات اللواتي جرفهن غرور الجهل, وعقدة النقص , فحسبن أن التي ترطن بالفرنسية أو الانجليزية, وتكشف العورات من سيقان وصدور, وتغشى مواخير العهر والخمور, عالمة بلا تعلم , لها الحق في الطعن في الدين , والانتقاص من شرع رب العالمين, والدوس على قيم مجتمعنا المستمدة من عقيدتنا, وذلك بالعمل على تقنين الدعارة, وتلميع القذارة, وإعلاء الحقارة, والتعالي على الدرر المكنونة في البيوت, بالتهجم على الأحكام المتعلقة بالمرأة والأسرة في الإسلام, والزعم أن الإسلام حبس المرأة وكبلها بالقيود الأخلاقية, كالعفة , الحياء, والحجاب ,  وقصر دورها على رعاية الأبناء والزوج الشرعي , والخضوع لسلطة الولي,

فهن يعملن على تحرير هذه المرأة المغبونة  من تلك السلطة الجائرة الظالمة في نظرهن, بدعوى الحق في العمل ,  حتى يسهل وقوعها في أيدي تجار النخاسة,  يتاجرون بعرضها في بيوت وحدائق الخلاعة, وبجسدها في الإشهار لمبيعات تافهة,  كالصابون والعطور, والنشافات النسوية , والألبسة الداخلية , بوضعيات مخزية مهينة , وبتصويرها لتزيين الصالونات , وجلسات الطرب والمجون, وبصوتها في التغني بالأغاني الماجنة والكليبات الفاتنة,  بوضعيات شائنة, ولتكون فريسة سهلة للخطاب المخادعين , الذين ينصبون شرك الحب والزواج للإيقاع بها والضحك عليها .

كما يعملن على تحريرها من سلطة الزوج الشرعي الوحيد المحصن والمكرم لها , لتصير امة وجارية وخليلة لعدة رجال في آن واحد في عملها: المدير العام, المدير الفرعي, المسئول المباشر , المفتش الزائر , الزميل المفتون المشاكس,  والشاب الطائش المعاكس , فكم تسمع من وشوشة وهمهمة وبسبسة  , وهي ترمى من يد إلى يد كالمكنسة , إذا خضعت كددوها , وإذا امتنعت هددوها , فوالله إن حالها هذا لأسوا من حال الجارية في زمن الرق والعبودية , لان الجارية و الأمة كانت ملكا لسيد واحد  يحميها ويرعاها , ويصونها إذا اشتراها , فلا تهان ولا تشان , أما حرة اليوم بالطريقة الغربية  , فهي ملك يمين لعدد لا يحصى من المسئولين , يتعسفون في استعمال القانون حينما ينتقمون ,  فاذا رفضت رفضت  واذا هانت خانت.

كما يعملن على تخليصها من حصنها المنيع وإسقاطها من عرشها الرفيع , حتى تصير سلعة سائبة , يتمتع بمفاتن جسدها, ووقع مشيها, وسحر صوتها,  المرضى الشاذون, والحمقى المعتوهون , والشبان المفتونون , والمحرومون المكبوتون , والشيوخ الخرفون , لا يمتنع النيل منها عن احد , سواء أخطا أم قصد .

 لو فكرت مليا لوجدت أن حالتها تلك اعظم بلية , فويحها هربوها من الحصن إلى المطب , ومن السلامة إلى العطب , فلا هي رجعت بدنيا ولاهي حافظت على العرض والدين

فماذا تكسب المرأة من وراء ذاك الابتذال والإذلال؟؟؟

د نانير معدودة بعد أن تمسي مفضوحة مكدودة!!!؟

دنانير تذهب بعد ذلك في أدوات الزينة واللباس ,  لإمتاع الرجال الأجانب من الناس!!!؟ أو في المواصلات وأجرة الحاضنات!!!؟

ماذا يساوي مردودها المادي مقابل مساوئ هجران البيت ؟؟؟ أم هو الخروج من اجل الخروج ؟؟؟

هل فكرت المرأة العاقلة اللبيبة المؤمنة في تلك المساوئ والتي منها:

ا- التعرض لاهانة الكرامة والشرف والعرض

ب- التعرض للإرهاق  الفكري والنفسي بسبب  مضايقات وضغوط  العمل والمواصلات.

ج- تضييع الأولاد وإهمالهم فلا إرضاع طبيعي ولا ملازمة لهم فينشأون مفتقرين إلى الحنان , شاعرين بالحرمان,  ويتخلفون عقليا ويمرضون نفسيا ويفسدون خلقيا, لان لا احد من الأبوين يلازمهم,  والحاضنة قل ما تكون أمينة عليهم , وحتى لو كانت أمينة ,  فإنها لا تعوض الأم الحقيقية.

د- إهمال الزوج بسبب إرهاق العمل والغياب عن البيت ,  مما يفسد العلاقة الزوجية ويعرضها للعطب,  ويهدم هناء الأسرة

ه- تعريض الرابطة الزوجية لوباء الشكوك وطاعون الغيرة,  بسبب فساد أوساط العمل.

وصدق الشاعر إذ قال:

أتهجرن  البيوت لخوف iiفقر
ألا أيـن الرضا فالفقر iiضر
ولا  يـزرى لأجله iiبالحريم
فـأين الدين إن زجت iiنساء



وجـبرا  للمعيشة من iiغلاء
يـداوى  بالتعفف iiوالرضاء
فـيسترزقن  من شبه iiالبغاء
لأجل الخبز في سوق الخناء

إلى أن يقول:

أتـدفـعن الكرامة قصد iiجمع
امن اجل الخروج تضعن أهل
بـدون الـدين لا تهنا iiنفوس
فـتـشـقـى للتكاثر iiبالدناي
ألا  ردوا الـمـكائد بالتسامي
وعـودوا  للحقيقة في iiالكتاب





لـمـال  ثم ينسف في الهواء
اتـشـريـن  التعاسة iiبالهناء
تـمـوج  بها الغرائز كالغثاء
سـتـرجع  للتحاسب iiبالهباء
وبـالـصـبر المدخر iiللبلاء
وعـودوا  لـلطهارة iiوالسناء

قال احد علمائنا  العاملين في شأن عمل المرأة:" لئن تلد رجلا يطير خير من أن تطير بنفسها"

وما أصدقها من عبارة حكيمة محكمة تنم عن بصيرة نيرة ونفسية خيرة....لكن الشؤم في الاخلاف .

صاحب المقال:عمر بلقاضي

الجزائر العاصمة

آيات البعث والنشور       الأستاذ :باشي

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

من أصول العقيدة الإسلامية التي لا يصح إيمان المؤمن من دونها الإيمان بالبعث والنشور يوم القيامة للحساب والجزاء

ومن كان يؤمن حق الإيمان بوجود الله ووحدانيته وأسمائه الحسنى وصفاته العليا

وبان محمدا صلى الله عليه وسلم عبد الله ورسوله إلى خلقه بشيرا ونذيرا

وبان القرآن كلام الله تعالى وخطابه إلى خلقه

يجد أن الإيمان بالبعث والحساب والجزاء يوم القيامة بديهة لا تحتاج إلى دليل آخر غير الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسول الله لمعرفة الخبر اليقين.

لكن القرآن الكريم رغم ذلك ناقش قضية البعث والنشور وأقام الأدلة على صحتها حتى تزداد القلوب يقينا واطمئنانا

ومن الأدلة التي أقامها القرآن الكريم على البعث والنشور مايلي:

أولا: نفي العبث عن فعل الله تعالى

فالله عز وجل خلق الإنسان وفضله بنعمة العقل وسخر له كل شيء وكلفه بوظيفة عبادته وخلافته على الأرض, لكن الكثير من الناس يهملون هذه الوظيفة في حياتهم ويموتون دون حساب

فهل يعني ذلك أنهم نجوا من المحاسبة وتملصوا من المسؤولية على سلوكهم في الحياة؟

الجواب :كلا فالله لا يعبث وحسابهم بعد البعث يوم القيامة

قال عز وجل:" افحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون. فتعالى الله الملك الحق لا اله إلا هو رب العرش الكريم" (115- 116) المؤمنون

وقال تعالى في سورة القيامة:"أيحسب الإنسان أن يترك سدى, الم يك نطفة من مني يمنى, ثم كان علقة فخلق فسوى, فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى , أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى"(36-40

ثانيا : من خلق الإنسان أول مرة قادر على إعادة خلقه

إن الله قادر على كل شيء وقد خلق الإنسان من العدم وهو قادر على إعادته وإحيائه بعد الموت وهو أهون عليه أي أسهل

قال عز وجل:" أولم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحي الموتى بلى انه على كل شيء قدير"( 33 الاحقاف)

وقال تعالى في سورة يس:"وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال: من يحي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشاها أول مرة وهو بكل خلق عليم, الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا انتم منه توقدون, اوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادرعلى أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم, إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون, فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء واليه ترجعون"78-83

ثالثا: من علامات البعث إحياء الأرض بعد موتها

الإنسان كائن حي مثل النبات قال تعالى:" والله أنبتكم من الأرض نباتا ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا"( سورة نوح17-18)

فنحن نرى النبات يموت ويحي في دورة حياتية قصيرة فترى الأرض جدباء ميتة ثم إذا نزل المطر دبت فيها الحياة وبعثت عليها أنواع النباتات, أما دورة حياة الإنسان فتمتد إلى الآخرة حيث البعث والنشور بعد الموت في الدنيا, وهذه الحقيقة ينبه إليها القرآن الكريم في عدة آيات نذكرها فيما يلي:

·  يقول عزوجل في سورة الحج" يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فانا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى اجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وانبتت من كل زوج بهيج ذلك بان الله هو الحق وانه يحي الموتى وانه على كل شيء قدير وان الساعة ءاتية لا ريب فيها وان الله يبعث من في القبور"(الحج5-7)

·  وقال تعالى في سورة الأعراف:" وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون"57

·  وفي سورة الروم يقول عز وجل" يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون"19

·  وفي الاية50 من نفس السورة  يقول تعالى:" فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحي الموتى وهو على كل شيء قدير"50

·  وفي سورة فاطر يقول عزوجل:" والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور"09

·  وفي سورة فصلت يقول تعالى:" ومن آياته انك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحي الموتى انه على كل شيء قدير"39

·     ويقول تعالى في سورة الزخرف:" والذي نزل من السماء ماء بقدر فانشرنا به بلدة ميتا كذلك تخرجون"11

 قال ابن كثير:

(كثيرا ما يستدل تعالى على المعاد بإحيائه الأرض بعد موتها, فان الأرض تكون ميتة هامدة لا نبات فيها فإذا أرسل الله إليها السحاب يحمل الماء وانزله عليها"اهتزت وربت وانبتت من كل زوج بهيج"كذلك الأجساد إذا أراد الله بعثها ونشورها.) مختصر ابن كثير

وهذا الربط بين إحياء الأرض بعد موتها وإحياء الموتى موجود في السنة أيضا , روى الإمام احمد عن أبي رزين العقيلي قال: قلت يارسول الله كيف يحي الله الموتى؟  وما آية ذلك في خلقه؟ فقال: أما مررت بوادي اهلك ممحلا ثم مررت به يهتز خضرا؟ قلت : نعم يارسول الله, فقال: فكذلك يحي الله الموتى وتلك آيته في خلقه. رواه احمد وابن ماجة

فقضية البعث والنشور يوم القيامة حقيقة يثبتها العقل والعلم وينبه القرآن إلى تذكرها والتفكير فيها ويؤكدها بكل الأساليب كالقسم, والتكرار, وذكر أخبار الآخرة بإسهاب وحرص, و حسبنا في ذلك قوله تعالى:

:"الله لا اله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن اصدق من الله حديثا"(  87سورة النساء)

قال الشاعر:

اوما شهدتم آية عن بعثكم                 بعث الحياة بميت الابوار؟؟؟

بسم الله الرحمن الرحيم

بين حضارتهم وحضارتنا

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

إن التحضر لا يعني فقط البدن الرشيق والمظهر الأنيق, بل هو في حقيقته سلوك ايجابي وتصرف يليق.

فالمتحضر حقا هو الذي يتميز بالمعاني الإنسانية والخلقية السامية,  التي تجعله يتفاعل بايجابية مع محيطه بما فيه الأحياء والأشياء, فيكون متعاونا مع بني جنسه , وقافا عند الحدود الخلقية الروحية والإنسانية , ولا يعتني بالظاهر على حساب الباطن , بل يعتني بطهارة باطنه من أدران التوحش الغريزي والأناني والعنصري, أكثر من عنايته بأناقة مظهره, لأن دمامة الباطن أقبح وأسوأ من دمامة الظاهر.

فالأخلاق مظهر أساسي للتحضر الإنساني , وبما أن الأخلاق منبعها العقيدة والدين, فلا يتصور تحضر بالمعنى الصحيح من غير التمسك بالقيم الروحية.

فهل يعتبر متحضرا من لا هم له إلا إرضاء غرائزه وأنانيته على حساب الإنسان والكون والقيم ,  ولو كان ذلك بوسائل متطورة ؟؟ كلا , إننا نقول عنه"أنه متطور" او" متمدن" ولا يصح أن نقول عنه "أنه متحضر" كمن يستعمل الإعلام الآلي  لبث الفاحشة والهوس الغريزي بالمواقع الإباحية,أو يستعمل تطور وسائل الاتصال لتضليل الناس وإشاعة الكذب والزور, أو يستعمل التكنولوجيا الحديثة لصناعة السلاح الفتاك وإبادة الأبرياء به, وقس على ذلك...فالأمثلة كثيرة في التحضر بمفهومه المادي الغربي .

 أما التحضر بالمفهوم الإسلامي فهو تطور مادي وسمو روحي وخلقي

يهدف الى خدمة الإنسان, وتعمير الأرض في سلام وأمان, من غير عنصرية, ولا استعلاء, ولا  فساد, ولا عدوان , شعاراته في قول الله عز وجل:

·     "وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة

·     ولا تنس نصيبك من الدنيا

·     وأحسن كما أحسن الله إليك

·     ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين"(القصص77)

وحبذا لو يتعاون علماء المسلمين وكتابهم وشعراؤهم ومربوهم على إظهار الوجه الحقيقي لحضارتنا الإسلامية فيما يكتبون ويخطبون, ويزيحون القناع عن دسائس الغرب الذي يفعل كل ما في وسعه لتشويه هذه الحضارة , وبالتالي تشويه الدين الذي تستند إليه, حتى ينفر العالم منه بعد أن تأكد أن المستقبل له, وقد اهتدى الى حيلة خبيثة بالغة في المكر لكنها مكشوفة لذوي الألباب والبصائر, وهي استعمال السائبين من أبناء المسلمين في التشويه وبث النفور, مستغلا الأزمة التي تمر بها الأمة , لكن هيهات..فقد يعرقل ذلك انبعاث الحضارة الإسلامية حينا ثم ما تلبث ان تنبعث حتما, لان الله وعد هذه الأمة( ووعده الحق) أنها تسود في الأرض, والعاقبة لها مهما كاد الكائدون وقال عز وجل:

"وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا"(النور55)

وقال" يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون "الصف8

وقال أيضا" إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا فمهل الكافرين أمهلهم رويدا "(15-17الطارق

ولا يعني ذلك أن نتواكل و لانعمل فالسعي واجب والحذر مطلوب.

فقد حذرنا القرآن الكريم من غلهم وسخائمهم في عدة آيات منها قوله تعالى:

إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون "(الممتحنة2)

والاتحاد والتلاحم واجب وضرورة لكي لا يتسللوا من خلال انشقاقاتنا لضربنا ببعضنا كما يحدث في العراق وكما حدث في الجزائر من قبل . قال عز وجل :

"وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين"(الانفال46)

 وقال في وصف الرعيل الأول من المسلمين

 "محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم "(الفتح29)

ومن ذلك أن تحسن الأمة الإسلامية رعاية أبنائها وكفايتهم حتى لا يستغلهم الاعداء في تنفيذ مخططاتهم الشيطانية ضدنا , والمسؤولية تقع على الجميع :" الحكومات والمجتمع خاصة أرباب الأموال فيه.

ألا فلنرجع إلي التكافل والتعاون والقناعة والتسامح والصبر وغير ذلك من القيم التي يدعوا إليها ديننا وتمتاز بها حضارتنا, حضارة الروح والمادة  معالا المادة فقط.

ولنعلم أن مايقوم به الغرب الآن ضدنا بل ضد العالم كله من افتعال للإرهاب والفساد والصراعات, هو تخبط من يعاني من سكرات الموت, فنهاية الاستكبار الغربي وشيكة

أما ما يعانيه العالم الإسلامي من آلام وأوجاع فهي ألام وأوجاع مخاض ولادة جديدة.

والسلام عليكم أولا وأخيرا.