الهروب من الشعر الجاهلي

سليم ساعد المقعي السلمي

[email protected]

الكثيرون من القراء والدارسين يزعمون بأن الشعر الجاهلي صعب جداً، وأن عباراته غامضة لا تفهم، وربما يتلعثم القارئ عند قراءته، ولا نبالغ إذا قلنا ربما يخطئ البعض في كتابته، حتى قص عليَّ أحد الطلبة،  فقال :بأنني أقرأ بعض الدواوين لشعراء من العصر الجاهلي، ولا أعرف ماذا يقولون، ولا أعرف ماذا أقرأ، الكتابة عربية، ولكن النتيجة أو الفائدة غير عربية، حتى اضطرني الأمر إلى ترك الديوان واقعاً على الأرض، كيف أحمل هذا الكتاب وأنا لا أعرف ما بداخله، وليس هذا فحسب بل أنا عربي، ومن أصول قالت هذا الشعر،ضحكت من هذا القول وتعجبت، وأجبت بقولي هذا:نعم معك حق يا عزيزي: أنت على صوابٍ، هذه فلسفة جاهلية بل بعبارة أخرى (فلسفة فصيحة عذراء) لم يتفلسف بها أحد من قبل، لماذا لم تكن صعبة إذا لم نعرف المعاني أولاً، ونتتبعها كلمةً كلمة، حتى نتعود على قراءة هذا الشعر الجميل الذي هو منبع العلوم العربية، لكنك يا عزيزي: إذا تمكنت من قراءة هذا الشعر، وعرفت معانيه أصبحت فصيحاً بارعاً في قراءة الشعر الجاهلي، ومن محبيَّ هذه الفلسفة، ثم عاد الطالب إلى هذه الدواوين وبدأ بديوان امرئ القيس اقتداءً بقول الجاحظ :" أما الشعر(العربي) فحديث الميلاد صغير السن، أول من نهج سبيله، وسهل الطريق إليه امرؤ القيس بن حُجر ومهلهل بن ربيعة". وأخذ الطالب ينظر في الديوان، ويتتبع معانيه، ويحلل الأبيات تحليلاً أدبياً، ثم أخذ من بعده يجول ويصول في كامل معاني الشعر الجاهلي، حتي أصبح متمكناً ـ بمشيئة الله ـ في هذا الشعر الجاهلي الذي كان يُشكل عقبة لدى هذا الطالب.