وقفة مع مذكرة المحكمة الدولية

د. خالد أحمد الشنتوت

يبدو أن الغرب الأبيض قد يتنازل ويعترف بالإنسان الأسود؛ كما حصل مع نجاح أوباما ، لكنه لن يعترف بالمسلم ، وسيبقى المسلم في نظره مخلوق من الدرجة الأخيرة عنده .

وبإلقاء نظره سريعة على جرائم الإنسان الأبيض ضد المسلمين خلال السنوات العشر الأخيرة يتضح صدق ما أقول :

1-   قصف الطيارون الأمريكان حفلات عرس في أفغانستان أكثر من مرة ، قتل مئات الضحايا من النساء والأطفال والمدنيين ، وحولوا الفرح في القرية إلى مأتم وعزاء  ...

2-   قتل الأمريكان مئات الألوف في العراق ، وعذبوهم بل تفرجوا على تعذيبهم ، ليملأوا وقت الفراغ عندهم ، وليشبعوا دافع ( السادية ) عندهم ، كما فعلوا في سجن أبو غريب في بغداد ... وادّعوا على النظام العراقي بأنه يمتلك أسلحة تدمير شامل ، ثم اعترف بوش الابن أخيراً أن المخابرات ضللتهم، ولم يعثروا على أي من أسلحة التدمير الشامل ....

3-   عذب الجيش الأمريكي الأسرى المسلمين في ( غوانتانامو ) ، دون أن يطبقوا عليهم أي قانون كان ، حتى اتفاقية جنيف لأسرى الحرب ، لأنهم لم يعترفوا بهم كأسرى حرب ....

4-   وكان آخرها الهمجية والوحشية التي صبها الصهاينة على الشعب المسلم في غزة ، حيث استخدموا قنابل فوسفورية محرمة دولياً ، وقصفوا المدارس والمشافي والمساجد ، وذبحوا مئات الأطفال ، وألحقوا العاهات المزمنة بمئات أخرى منهم ، والغرب يتفرج ، ويتمهل مجلس الأمن في إصدار قرار لوقف إطلاق النار ... 

 وقد خص الغرب الأبيض المتعصب ضد المسلمين السودان الشقيق بعدد من المحن التي هدت اقتصاده وألحقت به كثيراً من الخراب والدمار منها :

 أ‌-        يدعي الغرب أن عدد ضحايا دارفور وصل إلى ( 300000) مواطن ، بينما تعلن الحكومة السودانية أنهم ( 10000) مواطن فقط ، والمتسبب في قتلهم حركات التمرد التي وصلت ذات مرة إلى أم درمان ، بدعم من الغرب وعملائه  ...

ب‌-      قصفت الطائرات الأمريكية مصنع الشفاء للأدوية ، وادّعوا أنه مصنع لأسلحة التدمير الشامل ...

ت‌-      أثار الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية أهالي الجنوب ، وحرضوهم على الانفصال ، مما كلف السودان حرباً دامت قرابة عشرين سنة ، فقد فيها السودان كثيراً من أبنائه وثرواته .

ث‌-       وما أن تفاهم شمال السودان مع جنوبه ، وحلت مشكلة الجنوب ، حتى أثار الغرب مشكلة ( دارفور ) ...

ج‌-       وأخيراً تصدر محكمة الجنايات الدولية حكماً يطلب اعتقال السيد عمر البشير رئيس جمهورية السودان ، متهمة إياه بجرائم قتل في دارفور .

 وفورصدور القرار الظالم يوم (4/3/2009) حتى توالت الردود مستنكرة هذه المذكرة وتطالب بإلغائها وهذه بعضها :

1- استنكرت جماعة الإخوان المسلمون في سوريا مذكرة المحكمة الدولية ، وذلك فور صدورها يوم (4/3/2009) وجاء في البيان : (أيها القادة والزعماء ورجال الرأي والفكر..  يبدو أن الدورَ قد دار على السودان الشقيق، في شعبه وأرضه وشخص رئيسه. وإنّ اتهامَ الرئيس البشير أكبرُ من تهديد، وأكثرُ من مؤامرة. إنه خطوةٌ مريبةٌ سيكون لها ما بعدها، خطوةٌ تندرجُ في إطار سلخ العروبة عن العراق، وتذويب أبناء فلسطين، إنها لدعوةٌ للحكومات والقيادات والنخب العربية في جميع الأقطار، لتضعَ الهجمةَ على السودان في إطارها، حلقةً في سلسلة تفتيت الأمة، وتمزيق وحدتها وتجريدها من هويتها.

إنّ التنديدَ وحدَه لن يكونَ كافياً، إذا لم تبادر الحكوماتُ والقياداتُ والشعوب، إلى رصّ الصفوف، والجهر بالرفض المنظم الفاعل للمؤامرة الكبرى، التي تُحاكُ ضدّ الأمة ورجالاتها في جميع الأقطار ) .

2-       أجمعت القوى الشعبية والرسمية داخل السودان وفي العالم العربي والإسلامي على رفض مذكرة التوقيف ، ونددت بإزدواجية المحكمة التي بقيت ساكتة إبان العدوان الغاشم الوحشي على أهلنا في غزة ، مع أن الفضائيات كانت تنقل أولاً بأول الجرائم الوحشية التي ارتكبها الصهاينة بحق الأطفال والمدنيين العزل ....رأى كل البشر القنابل الفوسفورية عندما تقذفها الطائرات على أطفال غزة ، كما رأى االبشر كلهم آثار هذه القنابل على أجساد الأطفال، ونددت هذه القوى بازدواجية المعايير لدى المحكمة التي لم تتكلم خلال العدوان الصهيوني على غزة ... وأما دارفور فلم ينقل عنها عشر مانقل عن غزة ، ولا يستطيع باحث أن يؤكد أو ينفي ما يقوله الغرب ...ومع ذلك تصدر مذكرة بحق الرئيس السوداني ، ولايصدر شيء بحق الجلادين الصهاينة الذين قصفوا المدارس والمشافي والأطفال والنساء ....

3- دعا المرشد العام للإخوان المسلمين جميع الدول العربية والإسلامية إلى الانسحاب من المحكمة الدولية التي لاتحكم إلا على المسلمين ..... كما تساءل نائب المرشد قائلاً : أين المحكمة الدولية خلال الحرب على غزة !!!؟

4-عمت المظاهرات جميع مدن السودان الشقيق ، كما عمت مدن الأردن ، ووصف نقيب المحامين الأردني القرار بأنه صهيوني أميركي بامتياز . واستنكر أمين عام جبهة العمل الإسلامي هذا القرار الذي يكيل بمكيالين ..

5-       استنكرت الأحزاب اللبنانية هذه المذكرة .

6-       استنكرت حماس هذه المذكرة وأدانتها .

7-       أعلن الاتحاد الإفريقي الذي يضم (53) دولة أنه سيرسل وفداً رفيع المستوى

إلى مجلس الأمن يطلب تجميد القرار لمدة عام واحد .

8- ويجري وفد رفيع المستوى  من الجامعة العربية مباحثات مع مجلس الأمن لإيقاف هذه المذكرة ...

9- حثت جمهورية الصين الشعبية المحكمة الدولية إلى إلغاء مذكرة الاعتقال ؛ لأنها تعرقل جهود السلام في ( دار فور )؛ بعد أن قطعت شوطاً بعيداً في الدوحة الأسبوع الماضي ...

10-              طالبت مصر مجلس الأمن الدولي بتعليق العمل بهذه المذكرة .

10- وقالت روسيا إن هذه المذكرة بادرة خطيرة إذا طبق العمل فيها ، وطبقت بحذافيرها .......

أما الدول المؤيدة للمذكرة فتنحصر في : الولايات المتحدة الأمريكية ، وبريطانيا ، وفرنسا ، ثم الأمم المتحدة ، وبعدها منظمة العفو الدولية .

والخلاصة :

يحنق الغرب على السودان الشقيق لعدة أسباب منها :

1- أسندت حكومة السودان التنقيب عن النفط واستخراجه وبيعه إلى شركات صينية بدلاً من الأمريكية ، وقد يكون هذا هو بيت القصيد ، لأن الإمبريالية الأمريكية لاتريد أن تسمح لغيرها بالاستفادة من خيرات الشعوب ...

2- والسبب الآخر أن السودان الشقيق يأبى أن يخضع للامبريالية الأمريكية التي تنهب خيرات الشعوب ، والتي تقف نهاراً جهاراً مع الصهاينة ضد العرب والمسلمين ....