رسالة الشعب الفلسطيني إلى حوار القاهرة

رسالة الشعب الفلسطيني إلى حوار القاهرة

عظم الله أجركم في موتاكم

من فانتازيا الأدب الساخر

تحسين أبو عاصي

– غزة فلسطين –

[email protected]

إلى القادة على الآخر من فصائل الشعب الفلسطيني ، حيَّى الله النشامة المغاوير الأبطال المناضلين الأشاوس ، والله يحييكم يا رجال ، يا أصحاب النخوة والكرامة والشهامة والعراقة والبطولة والتضحية والفداء ، حياكم الله جميعا فردا فردا وواحدا واحدا ولا أستثني منكم أحدا ، ولا أراكم الله مكروها بعزيز.

لا تخطئوا هذه المرة ، فكل خطأ منكم يتحول إلى خطيئة يدفع ثمنها شعبكم ولا يزال ، فنحن على ثقة بأن الماء سيبقى في وجوهكم إلى الأبد كما كان من قبل .

وفي صورة فنية أدبية سياسية ساخرة ، يبعث شعبنا الفلسطيني رسالته إليكم معشر القادة المتحاورين في مصر ، ( ومَن لم يفقه ولم يتذوق رسالة ومعاني الأدب الساخر فلا يلمنا) :

يقول عالم الاجتماع العربي ابن خلدون :  إن الشعوب تتعلم من أعدائها أكثر من أن تتعلم من أصدقائها  ، ففي سنة 1946  حصل خلاف كبير بين بن غريون زعيم عصابة الهغناه وأول رئيس لدولة الكيان الغاصب ، وبين  مناحيم بيغن زعيم عصابة  شتيرن وزعيم حزب الليكود ورئيس وزراء سابق للكيان ، وكان الخلاف يتمحور حول رؤيتهما لدولة إسرائيل قبل قيامها ،  فمناحيم بيغن ومنظمته يرى أن حق اليهود يمتد على كل أراضي فلسطين التوراتيه ، ويعني  هذا في مفاهيمهم التوراتية ، أن تشمل دولة إسرائيل عند قيامها الضفة الشرقية والضفة الغربية لنهر الأردن إلى جانب كل فلسطين بما فيها قطاع غزة ، وكان شعار الشترن : أن لليهود ما شرق النهر وما غرب النهر, أما بن غريون وعصابته ، فقد أرادوا قبول أي دوله على أي مساحه ممكنه من ارض فلسطين ، تعترف بها منظمة الأمم المتحدة , واحتد الخلاف بين العصابتين حتى أخذ طابعا مسلحا ، فقام مناحيم بيغن وعصابته  بمحاولة إدخال سفينة محمله بالسلاح لتنفيذ مشروعه ، وهذا أدى إلى صدام مسلح بين العصابتين وإغراق السفينة وما عليها من سلاح وأفراد ، وفي النهاية نجح بن غريون ، وأعلن قبوله بمشروع التقسيم ، وانتزع اعتراف الأمم المتحدة لكيانه المجرم ، ولم يؤثر ذلك على القرار السياسي في دولة الكيان المسخ ، كما لم ينشأ عنه انقساما حادا في دولة الكيان ،  فهل نتعلم نحن الفلسطينيون من أعدائنا ؟ هل نتعظ ؟ هل نأخذ العبر مما جرى ويجري ؟ .

وشدّي حيلك يا بلد :

وهكذا كالعادة يا سعادة ، فقد ذهبت إلى صلاة الجمعة ، شأني شأن الكثير من الناس ، وبدأ خطيب الجمعة بالدعاء المأثور : يدعو لأصحاب القرار الفلسطيني الذين يتحاورون في القاهرة فقال : عن الغلبان أبي الأغبر الأشعثي الجاهل المجهول الإقامة من قبيلة أل متعوس ابن أبي نحاسة خايب الرجاء ، لامع النجم في بلاد العروبة ، ذائع الصيت نسبا وحسبا ، رضي الله عنهم جميعا وأرضاهم ، وأسكنهم فسيح جناته ، أنه كان يدعو بهذا الدعاء العاصم القاصم ، المانع الكافي ، الشامل الوافي ، هو وأبيه وجده وتلامذتهم أجمعين فاستجاب الله لهم ، وفرّج ما هم فيه من كرب ، وكشف ما أصابهم من غم وهم :

الدعاء :

* اللهم لا تجعلهم يتفقون على حبس ماء المطر من السماء ، ولا على قطع أرزاق العباد ، ولا على احتكار الوظائف والمواد ، كما احتُكرت كابونات المساعدات القادمة من الخارج ، واجعلنا من الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه .... اللهم آمين .

* ونعوذ بك من الوقوف في طوابير الغاز والخبز والبنك ، وطوابير كيس الدقيق ، والتي هي الآن من ثوابت الشعب الفلسطيني التي لا يمكن التنازل عنها ، ونعوذ بك من تسول لقمة العيش لأطفالنا ، كما نعوذ بك من إغلاق المعابر خاصة معبر رفح الرئوي ، اللهم يكفينا قطع كهرباء ومياه ، ويكفي غزة الغرق في الظلام ، ويكفينا الحرمان من أبسط الحقوق الآدمية ....  اللهم آمين .

* اللهم لا تمسخ قضيتنا إلى قضية متسولين ، ولا إلى قضية كابونات ، وغاز طعام ومرتب آخر الشهر ، وأن تجعلها قضية كرامة وعزة ورفعة العرب والمسلمين في كل مكان وزمان ، لا قضية العرب المستعربة البائدة من بني كليب وبني مرة ، ولا قضية المستسلمين المُسِمِّين من اندونيسيا شرقا إلى المغرب غربا ، إنك يا مولانا على ما تشاء قدير وبالإجابة جدير..... اللهم آمين .    

وبعد انتهاء الصلاة قدم المصلون عريضة بتوقيعاتهم يطالبون فيها القادة المتحاورين بما يأتي :

1-       منع بسطات الشوارع بقوة القانون ورجال الشرطة ، وهات إيدك هات وعاش القانون عاش ، فشعبنا الفلسطيني يهنأ اليوم بدولة فلسطين المستقلة في أرضها وجوها ومياهها تحت سيادة القانون .

2-       جباية فواتير الكهرباء والمياه بالقوة المدججة بالسلاح ، وما بيجيبها إلا رجالها فكل شعوب الأرض نالت استقلالها بما فيهم أنتم ، وكل حركات التحرر في العالم انتزعت حريتها بما فيهم أنتم ، والناس مش أحسن منكم ، ولازم نبني اقتصاد دولتنا .

3-       تحرير مخالفات للسائقين وتنظيم دقيق لسير المركبات ، وهيك الرجال ولاّ بلاش فقد قضينا على مشاكل الفقر والبطالة ، والصحيح أنكم ما قصّرتم في شيء ، وقمتم في كل شيء على أكمل واجب .

4-       تحرير مخالفات للأبنية الغير مرخصة ، باستثناء من له واسطة ، أو تقدم له وجبة عشاء من السمك الطازج ، أو يُوضع في جيبه شيئا ما .

5-       عدم احتكار أنواع هامة من السلع لجباية الأرباح الخاصة إلى الكروش المنتفخة ، فالقانون سيصبح قريبا فوق الجميع ، وطز في اللي مش عاجبه .

6-  الملاحقة الضريبية إلا مَن ملك الواسطة وحرف الواو الله يحييها .

7-       إرغام المواطنين على دفع رسوم الصرف الصحي ، وجمع القمامة ومكافحة الفئران واللي مش عاجبه ما يدخل الحمّام أو يرحل من هالبلد ، والله لا يرده ولو يموت هو وأولاده من الجوع ، ففرص العمل متوفرة جدا وعلى قفى مين يشيل .

8-       العمل بكل إصرار وإرادة قتالية عالية جدا جدا ، على عدم رهن القرار الفلسطيني مقابل ما تدفعه الدول من مرتبات للموظفين ، وإنشاء البنية التحتية والفوقية ، والخلفية والعرضية ، والعقلية والجسمية ، وحسب المقاس المطلوب ، ونفقات بناء وإعمار أخرى من هنا وهناك ، وبالروح بالدم نفديك يا اقصى .

9-        تفقهوا جيدا معاني فقه الطلاق وبيت الطاعة لا أحوجكم الله إليه ، وابتعدوا كثيرا عن حفلات الزفاف والرقص ، وإن تعثرتم لا سمح الله وهذا مستبعد جدا في حق الرجال القادة الأشاوس أمثالكم ، فإن فمصر مشهورة بأطباء الإمساك والمغص والمسالك فتوجهوا إليهم ، كما هي مشهورة بفنون الرقص والتمثيل ، إلى جانب الاختراعات والاكتشافات العلمية و سباق التطوير التكنولوجي ، وستقف معكم بنزاهة وقوة شهدت عليها الأحداث السابقة .

10-     عدم اعتبار الشعب الفلسطيني بقرة حلوب ، أو ورشة أو شركة للأرباح والاستثمار الخاص ، وحلِّق يابا وحوش .

11-     إياكم أن تجعلوا الشعب الفلسطيني رهينة أجندتكم الخاصة ، ولا تنجروا وراء الكلام المطلي بالزبد ، فإذا جاء الصباح وطلعت عليه الشمس تلون وتغيّر ثم ساح .

12-     احذروا من الفلتان الأمني ومن عصابات الموت لا أدام الله ظلها ، وضعوا أمام أعينكم فتوحات الاسكندر المقدوني ، والأندلس وإفريقيا ومصر وبلاد الشام ، وكيف لا وأنتم القادة المغاوير؟ ، ولا يغيب عن بالكم أن شعبكم ضُرب بالنعال حتى الثمالة ، على أيدي الذي يساوي والذي لا يساوي ، وأن آخر تلك النعال هي استقبال كندا والدنمرك والسويد واليونان للاجئين الفلسطينيين من العراق ، وأن شعبكم يشتهي الكرامة التي تحظى بها الكلاب في أمريكا وأوروبا ، وأن أعداءنا لن يملوا في جعل دمائنا وأرواحنا مادة خصبة غنية لمزايداتهم الانتحابية وأطروحاتهم السياسية . فهل تتعلمون ؟

13-     العمل بكل جد وشفافية وروحانية عالية لا نظير لها على تشييع جنازة المقاومة الفلسطينية بكل أشكالها ؛ لما جلبته على الشعب الفلسطيني من مآسي وكوارث ، والّلي مات الله يرحمه ، مش أحسن من غيره ، ( ضريبة الوطن – عاش الوطن ) ولا تنسوا قراءة الفاتحة على الموتى ، أو تقفوا معا وقفة حداد على أرواحهم في كل افتتاح جلسة من جلساتكم ، لعل الله يصلح بينكم بحسنات الأموات أو الأحياء المعذبين والمشردين والجياع والجرحى .

14-     نحذركم من أن تزنوا الأمور بأجندة حزبية فحبل الكذب قصير ، أو أن تخشوا على مراتبكم القيادية ، كما نحذركم أن تزنوها من خلال جيوبكم وكراسيكم ، أو كبر خلفياتكم ، أو انتفاخ كروشكم ، أو عرض شواربكم ، أو ربطات أعناقكم ، ولا يصح إلا الصحيح فشعبكم في انتظاركم يترقب من خلال الإعلام ابتساماتكم وتعانقكم  وتصافحكم ، وأن تسيروا بقوة تفوق قوة ما ألقت الطائرات من قنابل على غزة ، وليكن كل واحد منكم مثل سبع البورومبو ، وأن ينطبق عليه المثل : ضربها أبو الحصين فعشَّرت .

15-     وأخيرا ننصحكم أن تعرضوا أنفسكم كل يوم لتبخيرة الباخور الجاوي أو الهندي خشية الحسد ، وان يعلق كل واحد منكم على رقبته حجاب العين ، وألا تستحموا كثيرا خشية لفحات البرد ، واحذروا التخمة الناتجة عن الطعام ؛ لكي لا يصيبكم أذى ، فشعبكم في حاجة إليكم ، وصوركم موضوعة على صدر كل فلسطيني ينتظر عودتكم بثقة لا نظير لها عبر التاريخ القادم ، كما انتظركم لأكثر من ستين سنة من قبل بنجاح لا نظير له عبر الزمن ، وسيستقبلكم بالدفوف والطبول ولكنها ليست دفوف وطبول أزلامكم ....

أخذ الغراب الزاجل الرسالة موقعة بوصية نارية تقول (( يا معشر القادة إياكم ووقوع شعبكم تحت الوصاية )) وطار بها ، لعله يحلق بها عاليا ! ، فلا يهبط بها على أرتال أكوام مكدسة من الجثث الممثل بها من قبل ، أليس الذبح في الميت حرام ، فهل تتعلمون ؟! .

مرة أخرى : مَن لم يفقه ولم يتذوق رسالة ومعاني الأدب الساخر فلا يلمنا.