زوال إسرائيل فلسطين باقية

د. عبد اللطيف الرعود

زوال إسرائيل فلسطين باقية...

وإسرائيل إلى زوال!!!

(الجزء الأول)

د. عبد اللطيف الرعود

[email protected]

يتطلع البشر بقوة إلى الخوض في الغيب وأموره ومعرفة المستقبل عن طريق معجزات الأنبياء والرسل التي يرسلها الله على أيديهم ومنها الرؤيا الصادقة والتي هي إطلاع على أمور غيبية قبل وقوعها وتكون بمشيئة الله أن يطلع عباده على حكمه يريدها سبحانه والنبوءات تأتي أحياناً على صورة رمز يحتاج إلى تأويل كما حصل للرؤية الصادقة التي حصلت مع سيدنا يوسف عليه السلام أو ما ورد على شكل نص إلهي ..

ومن أمثلة ذلك قوله سبحانه وتعالى ( غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون ) وقوله تعالى ( لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إنشاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا ً قريبا ً ) صدق الله العظيم .

والعلو الثاني بدأ مع نشأة الكيان الصهيوني حديثا في فلسطين ً ولمتابعة هذه الأمور لابد لنا أن نعرف التطور التاريخي لبني إسرائيل وتكون المعادلة فيها معكوسة إذ أن العلو الأول اتصف بأمر التوحيد وقيادة أنبياء الله لبني إسرائيل من أجل نشر الدين والذي نتج عنه معصية بنو إسرائيل وقتلهم لأنبياء الله بعدما استطاع داوود وسليمان قيام مملكة قوية دامت حوالي 80 عاما ً انتهت بتناحر وخلاف بنو إسرائيل من بعدهم أما العلو الثاني انعكست فيه المعادلة إذ أن بني إسرائيل يمثلون أعداء الله ورسله يقاتلون أمة مؤمنة موحدة مسلمة فشكل احتلالهم لفلسطين قتالا ًبين الحق الذي يمثله  العرب المسلمون والباطل الذي يمثله اليهود الصهاينة المعتدون الذين علو علوا ً كبيرا ً بتسخير القوى العالمية من أج قيام كيانهم الذي سيزول كما هو الوعد الإلهي في القرآن وعلى ما جاء به كهنة اليهود وحاخاماتهم.

استوطن العرب ارض فلسطين منذ 3000 ق.م قد شكلت القبائل التي سكنت فلسطين مسميات مختلفة إلا أنها عربية المنشأ وان اختلفت مسمياتها فقبائل الأكاديين لكلدانيين والبابليين في بلاد ما بين النهرين وقبائل العمونيون و المؤابيين والأنباط في الأردن و من قبلهم العموريين والفينيقيين والكنعانيين والآراميين في بلاد الشام والهكسوس ( الشاسو ) في فلسطين ومصر ، ولقد تعاقب على  حكم ارض فلسطين حكاما كثر من الإمبراطوريات القديمة وذلك بعدما تعرضت إلى كثير من الغزوات و لم يسجل التاريخ أن أهلها العرب تركوها أو هاجروا ولو لفترة وجيزة من الزمن .

الكنعانيين 2500 ق.م 

هاجر الكنعانييون من شبه الجزيرة العربية واستقروا في فلسطين وذلك بعد أن استقر بها الفينيقيين على شاطئ البحر المتوسط وقد سميت ارض كنعان ، ويعد اليبوسيون فرعا من الكنعانيين وقد شيد اليبوسيون مدينة القدس في عام 2200 ق.م وقد أطلقوا عليها اسم " يبوس" وقد وردت في البرديات المصرية القديمة باسم " يابيشي " او "يابيثي " وتقع أطلال هذه المدينة على الهضبة التي تدعى اليوم "بجبل صهيون" .

وفي عهد الملك اليبوسي ( ملكي صادق ) الذي حكم حوالي 2200 ق.م تغير اسم ( يبوس ) إلى " اور شاليم " والتي تعني مدينة السلام وهذه الكلمة كنعانية وليست عبرية كما يضن البعض.

 هجرة سيدنا إبراهيم عليه السلام إلى مصر ( 1850 ق.م )

هاجر سيدنا إبراهيم عليه السلام من بلدته ( اور ) بجنوب العراق متجها إلى مصر ماراً بأرض كنعان قال تعالى :  " وقلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم " ، " ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين".

وقد نجى الله سبحانه وتعالى زوجته سارة زوجة إبراهيم  من غدر  فرعون وقد أهدى فرعون إلى بني إسرائيل  إبراهيم  هاجر و نزل سيدنا إبراهيم ضيفا على ملك الكنعانيين ؛ ورزق بإسماعيل ثم بإسحاق .

أنجب اسحق ولده يعقوب الذي لقب بإسرائيل  و الذي ينسب إليه بني إسرائيل وقد رزق باثني عشر ولدا شكلوا أسباط بني إسرائيل ومنهم يوسف عليه السلام الذي تولى خزائن مصر بعدما دخلها في عام 1729 ق.م ودعا والده وإخوانه ليقيموا في مصر واستقر المقام لبني إسرائيل في مصر مدة "435 " عام ازداد نفوذ بني إسرائيل في مصر بعد وفاة يعقوب و يوسف وعندما استولى الفراعنة على الحكم من الهكسوس، ثار اليهود و تمردوا على فرعون والذي عمل على إذلالهم والتنكيل بهم وساءهم سوء العذاب حيث قام بذح أبنائهم " لأنه رأى في منامه أن مهلكه سيكون على يد مولود منهم " واستحياء نسائهم حتى ولد موسى عليه السلام في بيت فرعون وقد أرسل الله سبحانه موسى وهارون إلى فرعون لم يؤمن ولم يسمح لبني إسرائيل بالخروج من مصر.

قاد موسى بني إسرائيل إلى فلسطين قاصدا ً بيت المقدس وفي معظم الروايات أن عددهم كان 600 ألف يهودي ومتهود وفي الطريق تبعهم فرعون وحدثت معجزة انفلاق البحر وغرق فرعون في سنة 1213 ق.م وقد مر بنو إسرائيل  على قوم يعبدون أصناماً لهم فطلبوا من موسى أن يجعل لهم إلهاً كما لهم اله فكانت هذه أول ردة و قد طلب منهم موسى دخول فلسطين ، قالوا " لن ندخلها لان فيها قوما جبارين " "اذهب أنت وربك إنا ههنا قاعدون " فحكم عليهم الله أن يتيهوا في سيناء وفلسطين  أربعين سنة إذ لم تنفع معهم المعجزات التي ساقها الله سبحانه وتعالى على يد موسى ومنها الحجر الذي كان يحمله موسى عندما يضربه يتفجر منه 12 نبع وهو عدد قبائل بنو إسرائيل والسلوى التي تنزل من السماء والمن " شجرة يخرج منها العسل ، والغمام الذي يظلهم وغيرها من المعجزات ، وأكثر من أرسل لهم أنبياء هم بنو إسرائيل وبمعدل 3 أنبياء أرسلوا في آن واحد ، ومع ذلك لم يؤمنوا ،  و بعد وفاة موسى وهارون ؛تولى قيادة بنو إسرائيل  يوشع بن نون واتجه إلى شرق الأردن في سنة 1190 ق.م وعبر نهر الأردن وحاصر مدينة أريحا من مدن الكنعانيين مدة ستة شهور و استطاع افتتاحها و بعد سنة احتل معظم المدن الكنعانية وهنا ملاحظ انه قبل هذا التاريخ لم يكن لليهود أي سلطة على أراضي كنعان وكما أن هذا الاحتلال هو الأول من نوعه إذ يعيد هذا التاريخ أول صدام مسلح بين العرب الكنعانيين الذين يعبدون الأوثان  و اليهود بقيادة أنبياء الله  وقد حدث هذا الاحتلال في عهد الملك الكنعاني " عبده هبا " الذي بعث بطلب النجدة من  الفرعون حتسبوت " أمن حوتب "  الذي لم يعر أي اهتمام لطلب الملك الكنعاني وسقطت الأراضي الداخلية لأرض كنعان تحت حكم العبرانيين .

 كما دعا ملك أورشليم الكنعاني " اروفي صادق " إلى تحالف ضم  أربعة ملوك كنعانيين آخرين في أواخر القرن الرابع عشر ق.م   لصد الغزاة وقد انكسروا جميعا ً وتمكن العبرانيون من احتلال القدس لأول مرة عام 1290 ق.م وبفي أغلبية سكان المدينة من العرب اليبوسيين الكنعانيين في هذه الفترة تقريباً جاء " الفلست" " الفيلستان " الذين سكنوا السواحل وعمروا مدن عكا وعسقلان وغزه وسميت بلاد كنعان باسمهم " بلستاين " أو فلسطين  ..

وبعد وفاة يوشع بن نون طلب اليهود من النبي صموئيل أن يجعل لهم مكانا ً فاختار صموئيل شاؤول ملكا ً قال تعالى " ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله ، قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا ...... البقرة

وقد قام اليهود غير المؤمنين بالفعل بقتال العرب من بلستينيين وكنعانيين وقاموا بكثير من المذابح في كل قرية يدخلونها ويذبحون النساء والأطفال بغية نشر الرعب في القرى المجاورة " تماما ً كما يفعل الإسرائيليون اليوم من جرائم ضد الفلسطينيين والتاريخ يعيد نفسه "

ولكن العرب البلستانيين ( الفلسطينيين ) والكنعانيين جهزوا جيشا ً قوامه 120 ألف مقاتل ووقعت معركة "مخماس " رام الله اليوم وهزم العرب جيش شاؤول وأقدم شاؤول وأولاده على الانتحار .

وعندما ارتد بنو إسرائيل عن دينهم وعبدوا الأصنام وقتلوا الأنبياء والمصلحين وانتشرت الفواحش ، سلط الله عليهم الشعوب المجاورة فتعرضوا لغزوات وغارات ومن بينها غزو شعنائيم ملك النهرين وهجلون ملك المؤابيين ويابين ملك الكنعانيين وغيرهم .

وبعد مقتل اؤوول انقسمت مملكة اليهود إلى مملكتين ؛ اتخذ جالوت مملكة إسرائيل ، وطالوت مملكة يهودا ، وأخذوا بالتناحر فيما بينهم وهزم طالوت جالوت بعدما أعلن طالوت أنه من يقتل جالوت أزوجه ابنتي وله الحكم من بعدي فقام داوود بقتل جالوت بمقلاع من حجر ضرب به رأسه فخر صعقا ً وانهزم جيشه وتزوج داوود بابنة طالوت وورث ملكه وأصبح الملك والنبوة بيد بني إسرائيل وأعطاه الله المعجزات منها الزبور وجدد لهم به الشريعة وأعطي أجمل صوت وأصبح معدن الحديد طيع ولين بين يديه يشكله كيفما شاء ، فكان طالوت قد أسس مملكة يهوذا دام حكمها 40 سنة وبعد وفاته خلفه داوود في 1004 ق.م  ـــــ 963 ق.م نبيا ً وملكا ً  الذي حاول تغيير اسم عاصمة الكنعانيين أورشليم إلى " اور دافيد " أي مدينة داوود لتكون عاصمة لمملكته المقترحة وتوحيد المملكتين في مملكة واحدة وقد احتلها من العرب اليبوسيين واتخذها عاصمة له ، وقد خاض داوود معارك مع أهل البلاد والمجاورين وقد عم الرخاء مملكته ، وورث ابنه سليمان أباه داوود في العلم والحكم والنبوة 963 ق.م ــــــ 923 ق.م  قال تعالى ( وورث سليمان داوود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فيهم يوزعون ".      صدق الله العظيم .

ورث سليمان ملكا ً عظيما ً وتوسعت مملكته وازدهرت وقام ببناء الهيكل واستمر حكمه مدة 40 عاما ً وهو العصر الذهبي الذي حكمت فيه فلسطين تحت راية التوحيد قبل الفتح الإسلامي سخر الله له الرياح رخاء ًتنزل المطر والريح العاصفة تدمر أعدائه وتحمل جنوده إلى أماكن المعركة وسخر لهم الجن والشياطين وسخر لهم عين القطر وهو " النحاس المذاب " كم أشرنا سابقا ً فإن أباه داوود قد سخر الله له الحديد فإن سليمان قد سخر له النحاس  ..

وبعد وفاة سليمان عليه السلام دب الخلاف بين قبائل بني إسرائيل ( الأسباط الإثني عشر ) على اختيار خليفة وقد بايع عشرة أسباط (يربعام بن سليمان ) بينما بايع سبطان اثنان أخوه ( رحبعام) فأقام كل منهما مملكة .

مملكة إسرائيل 923 ق.م ـــ 721 ق.م عاصمتها السامرة قرب نابلس وتأسست هذه الدولة على النظام الوثني فقد شارك يربعام في بناء الأوثان والهياكل دعا بنو إسرائيل إلى عبادتها بدلا ً من الذهاب إلى أورشليم ودامت دولتهم مدة 200 عام اشتهرت بالفساد ، وانتهت هذه المملكة على يد الملك "سرجون الثاني" ملك الأشوريون وأسقطها ونقل أسباط بني إسرائيل العشر إلى حران وكردستان وفارس حيث اندمجوا مع سكان البلاد وقد انتهت هذه الدولة ولم يقم لها قائمة بعد هذا التاريخ ........

مملكة يهوذا (923 ـ586 ق.م استمرت حوالي (337) سنة  أسسها رحبعام بن سليمان ، تعرضت هذه المملكة لغزوات من الشمال والجنوب وقد اعتراها الضعف ووقعت لفترات طويلة تحت حكم الفراعنة  والعرب والأشوريون .

ففي عام (598) ق.م اجتاح الملك البابلي نبوخذ نصر ( بختنصر ) ملك بابل وحاصر القدس وتغلب عليها ودفعت له الجزية بعد أن أخذ ملك اليهود ورؤساءهم وعشرة آلاف منهم إلى بابل فيما عرف بالسبي البابلي ، وقد ثار اليهود على البابليين عام 593 ق.م فعاود الهجوم عليهم 586 ق.م ودخل القدس وأحرق الهيكل ونهب خزائنها وأسر 40 ألف من اليهود وسباهم إلى بابل فيما يعرف بالسبي البابلي الثاني وهنا نستطيع أن نلاحظ أن العلو الأول لبني إسرائيل قد انتهى على يد قاده عرب في بلاد مابين النهرين هما سرجون الثاني ملك الأشوريين ونبوخذ نصر ملك البابليين بقضائهم المبرم على مملكتي إسرائيل في الشمال ويهودا في الجنوب .

فترة ما بعد خراب أورشليم الأول

عاش اليهود في الأسر في بابل مدة خمسين سنة أخذوا الكثير من عاداتهم وشعائرهم وقد عاد عدد منهم إلى فلسطين على يد" قورش الثاني " .

الحكم الفارسي :

استطاع الإمبراطور الفارسي " قورش الاخميني الثاني " عام 539 ق م اجتاح ممالك ما بين النهرين بابلية وكلدانية وسمح لليهود بالعودة إلى فلسطين وقام اليهود بالسلب والنهب وقتل الأبرياء من الفلسطينيين فما كان من ملك الفرس إلا أن طردهم وأعادهم إلى بابل مرة أخرى .

الحكم الإغريقي :

استطاع الإسكندر المقدوني في عام 332 ق.م من هزيمة الفرس واحتل سورية وفلسطين وبعد وفاته في عام 536 ق.م تقاسم قواده الملك ؛ فحكم القائد سلوقس سوريه وأسس فيها دولة السلوقيين، وحكم القائد بطليموس مصر، وأسس فيها دولة البطالمة ، وعاد اليهود إلى فلسطين وأخذوا بعض المناصب في الدولة السلوقية لوقوفهم إلى جانب السلوقيين  وقاموا بالفعل بقمع عدد كبير من الفلسطينيين وعند محاولة أحد حكام الإغريق من السلوقيين استبدال الطقوس اليهودية بالطقوس الوثنية ، قامت ثورة اليهود بقيادة ( المكابي ) الذي انتصر على السلوقيين وإقامة دولة الميكابيين تحت هيمنة الإغريق من 166ق.م إلى 63 ق.م ، وقام بطليموس الأول على هدم القدس وإرسال مائة ألف أسير من اليهود إلى مصر عام 320ق.م .

وفي سنة 168ق.م احتل انطوخيوس السلوقي القدس وهدم أسوارها ونهب هيكلها وقتل من اليهود ثمانين ألفا ً في ثلاثة أيام .

الحكم الروماني :

احتل الرومان فلسطين في سنة 63 ق.م بقيادة بومبي العظيم ، في سنة37 ق.م تهود الحاكم الروماني " هيردوس " الظالم والطاغي إذ قام بقتل زكريا ويحيى عليهما السلام بمعاونة اليهود  واستمر حكمه حتى 40 ق.م وقام ببناء الهيكل إرضاءً لليهود وجعل من فلسطين  مقاطعة رومانية تحت حكم ملوك اليهود وبعث الله عيسى عليه السلام نبيا ً لبني إسرائيل  فقد ولد المسيح عليه السلام   في بيت لحم وعندما خافت عليه السيدة مريم من مكر اليهود ذهبت به إلى مصر ثم عاد إلى مدينة الناصرة بفلسطين حيث عاش وترعرع هناك وسمي أتباعه بالنصارى ، كلف السيد المسيح  بدعوة اليهود إلى عبادة التوحيد ونهاهم عن فسادهم وغيهم  فلم يستجيبوا له على الرغم من المعجزات التي أجراها الله على يديه ، وبشرهم بقدوم خاتم الأنبياء محمد عليه الصلاة والسلام قال تعالى ( ومبشرا ً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد) صدق الله العظيم .

وعلى الرغم مما تضمنته رسالته من حق ونور وهدى إلا أن بنو إسرائيل جحدوا وأنكروا وقاموا بإظهار العداء له ولم يؤمن إلا عدد قليل هم" الحواريون " وفي سنة 30 للميلاد في عيد الفصح زار السيد المسيح أورشليم القدس واستنكر وجود الصيارفة والباعة هناك وسارع مجلس اليهود الديني وقرر القبض على المسيح وأصدر في الحال حكما ًعليه بالإعدام بتهمة التجديف والخروج عن الدين وصفدوه  عليه السلام وأخذوه إلى الحاكم الروماني الذي يحق له وحده تنفيذ الإعدام وأخذوا يصرخون بصوت واحد" اصلبه اصلبه " دمه علينا وعلى أولادنا " ولقد أضطر كارها ً على الموافقة على إعدامه قال تعالى ( وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ) بل رفعه الله إليه ..

وفي سنة 60 للميلاد قام اليهود بمذبحة في أورشليم القدس شملت بعض الجنود الرومان من أجل عودة ممالك اليهود من جديد وقام يهود السامرة ببناء هيكل جررزيم أو السارة (نابلس الآن ) وسمي هيكل سليمان ليضيفوا عليه الطابع الديني،وأرسل إليهم الإمبراطور حملة سنة 65 للميلاد بقيادة " فينوس " فوصل سنة 70للميلاد فوصل جنوده إلى أورشليم وقام بهدم هيكلهم فقتل من قتل وفر من فر فلجأ اليهود إلى الفلسطينيين وطلبوا منهم المساعدة والحماية ومكثوا بين الفلسطينيين على أنهم فلسطينيون وليسوا من اليهود وبعدها فمنهم من اعتنق المسيحية ومنهم من اعتنق الوثنية .

وفي عام 299 قام اليهود بالتودد إلى الإمبراطور الروماني لكي يسمح لهم بالعودة إلى فلسطين وبناء هيكل جديد وسمح لهم  بذلك بشرط عدم إثارة الفتن والحروب ولكنه نقضوا عهدهم ففي سنة 122 للميلاد قام اليهود بزعامة "بركوبيا" بمقاتلة الرومان وقتلوا وأسروا من استطاعوا منهم قال تعالى في هذا الشأن ( أو كلما عاهدوا عهدا ً نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون ) سورة البقرة .

وقد أغضب هذا العمل الإمبراطور الروماني وأقسم بأن يقود حملة بنفسه لتأديبهم ومحاربتهم وطردهم من فلسطين نهائيا ً، وقاد الإمبراطور هارديان بنفسه جيشا ً كبيرا ً وقام بهدم هيكلهم مرة أخرى وتم طردهم من فلسطين نهائيا ً وتم تغيير اسم أورشليم القدس إلى" إيليا كابيتولنا" ، أما عن الفلسطينيون  بفلسطين لم يغادرها سكانها العرب ولو لمرة واحدة ، أما بالنسبة لليهود فقد بدأت رحلة الشتات لهم ولم يدخلوا فلسطين لمدة زادت عن ثمانية عشر قرنا ً وقد اتسم دخولهم فلسطين عن طريق أنبياء داعين لعبادة الله وتوحيده لكن إصرارهم على الكفر وقتلهم الأنبياء والمرسلين أدى ذلك إلى خروجهم منها وقد لحق بهم القتل والذل والتهجير على يد حكام أولي بأس شديد أساموهم ألوان العذاب ونفوا من الأرض وقتلوا تقتيلا بعد أن علو العلو الأول زمن داوود وسليمان عليهما السلام وبعد وفاتهما تفرق بنو إسرائيل إلى أسباط وقبائل وانتهى حكمهم على يد حكام بلاد ما بين النهرين ونفي من تيقى منهم من فلسطين على يد الرومان  .