أبوس الأرض تحت أقدامكم .. وأفديكم

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

مدين لكم يا أهل غزة بالاعتذار ، فقد فعل السفهاء منا ما لا يفعله  أصحاب الضمير الحي والفطرة السليمة . وقفوا مع الأعداء في أثناء المذبحة ،وسلّوا عليكم سيوف الخسة والغدر والعار، حمّلوا مقاومتكم الباسلة مسئولية المجزرة النازية اليهودية ، ويعلم الله أن المقاومة بريئة من هذه الفرية الكاذبة ، فقد صبرت المقاومة طوال التهدئة على خرقها من جانب الصهاينة القتلة ، وتحملت قتل عشرات الرجال والنساء والأطفال ،وقبل ذلك اصطلت بنار الحصار والحرمان والجوع ، ولكن خدام الشيطان الصهيوني أبوا إلا أن يضعوا المسئولية على عاتق المقاومة وألا يتوقفوا عن هجائها ، وتسليط النائحات المستأجرات ، والرداحات الفاجرات لإطلاق بالوعات البذاءة و القبح ضد أشرف المقاومين وأنبل المدافعين الذين حملوا الدفاع عن أمن مصر القومي قبل الأمن الفلسطيني ،ونسي السفهاء أن قطاع غزة هو المدخل إلى مصر ، وأن الغزاة النازيين اليهود يستهدفون في إستراتيجيتهم الشريرة مصر الكبيرة أم الدنيا ..

مجرمة الحرب " تسيبي ليفني " أمرت قبل أيام بنشر ما كتبه النائحات المستأجرات . أكثر من عشرين كاتبا عربي اللسان كتبوا يشايعون العدوان ، ويخذلونكم ، ويستمتعون بقائمة الشرف النازية اليهودية ، وبعضهم حصل من قبل على جائزة الشجاعة الأدبية من السفارة الأميركية في لندن ، وبعضهم حصل على شهادة الصداقة مع الغزاة النازيين اليهود في تل أبيب .. يا للعار !

ولما كانت حماس طليعة المقاومة الوطنية الإسلامية ، فإن القوم لم يغفروا لأهل غزة أن يكون للإسلام وجود في المقاومة أو في غزة ، لأنهم يكرهون الإسلام ، ومن ينتمي إلى الإسلام ، ومن يتكلم بمعجم الإسلام ، الإسلام مصدر الرعب والإثارة والغضب عند القوم ، يحركهم ويوقظهم ويستنفر قواهم الإستراتيجية والاحتياطية ، وليس الغزو النازي اليهودي الإرهابي الدموي . الإسلام وحده هو الشر الذي يجعل الطبول المأجورة والأبواق العميلة والأقلام التي لا تعرف الوضوء يزداد صراخها وعويلها ، لأن الإسلام هو الخطر الأكبر على الكراسي المزمنة ، والحكومات المؤبدة والمرتزقة الراسخين ، وقبل هؤلاء وبعدهم " الفاسدين الوطنيين ! " .. هل تذكرون النشم الأشوس الذي صرخ من قلب الكرسي المسروق : لا نريد إمارة إسلامية في غزة ؟ ونسي أن أحبابه اليهود الغزاة يسمون أنفسهم إمارة يهودية نقية !!!!!

السادة الأشاوس والنشامي يريدونكم يا أهل غزة ، وفي مقدمتكم حماس ؛ بلا إسلام ، ولا دين ، كي تكونوا مستنيرين وتتناغموا مع سياق العولمة الذي ينفي من بين صفوفه المسلمين الذين يؤمنون بالإسلام منهجا وتطبيقا ، ويصرون على استعادة القدس والأرض والعودة إلى الوطن السليب ، وسياق العولمة لا مانع لديه من إسلام مشايخ السلطة وفقهاء الشرطة الذين يرفضون الجهاد ، ويحرمون المظاهرات تضامنا مع الشعب المظلوم ، ويفتون بعدم جواز مقاطعة بضائع العدو والأمريكان !!!

الإسلام الفعال المقاوم هو عدو الأشاوس والنشا مي مثلما هو عدو الغزاة النازيين اليهود وسادتهم الاستعماريين الصليبيين الأمير كان ، لذا يجب القضاء عليه ؛ قبل أي خطر أخر ، لأنه يفضح العملاء والمأجورين ومناضلي مكبرات الصوت .

أعتذر إليكم يا أحبائي الذين دمرت بيوتهم ومساجدهم ومدارسهم وجامعتهم الإسلامية ( التي فازت بالجائزة الأولى على بقية جامعات الأشاوس والنشامي ) ومؤسسات أمنهم وخدماتهم ومجتمعهم المدني ، ويبيتون الآن في العراء والبرد وتحت الثلج والمطر ، لأن سفهاء قومي لا يعرفون غير النفاق والكذب والبهتان ، ويجدون في أنفسهم الجرأة التي تصل إلى حد الوقاحة ليقولوا للمقاومة الباسلة : ألم ننصحكم بعدم استفزاز الغزاة النازيين ؟ لماذا لم تسمعوا الكلام ؟ ثم يسبون أشرف المقاومين وأنبل المدافعين ؛ وهم الذين لا يملكون غير سجلات الخزي ودفاتر العار !

أحبائي - لقد كان صمودكم أسطورة بكل المقاييس ، وكان صبركم أكثر من ثلاثة أسابيع في مواجهة آلة القتل النازية اليهودية ؛ يمثل شجاعة نادرة يفخر بها المسلمون والأحرار في كل أنحاء العالم عدا الأشاوس والنشامى الذين سلطوا عليكم السفهاء الأنذال ، ويكفي أنكم أخرجتم الأمة عن بكرة أبيها لتؤيدكم وتبارك جهادكم ، وتدعو لكم في مواجهة قوات الأشاوس والنشامي التي قاتلت المتظاهرين من أجل عيون الغزاة القتلة .

وحدتم الأمة – يا أحبائي - على كراهية المتواطئين المتخاذلين المنافقين من أهل الممانعة والاعتدال جميعا ، وهم الذين اكتفوا بالكلام دون أن يبذلوا شيئا ملموسا على أرض الواقع اللهم إلا إرضاء الشيطان الأكبر وتابعه الشيطان الأصغر .

ثم إنكم – يا أحبائي – عرّيتم مليونيرات " رام الله " الذين لم يخجلوا من أنفسهم ، ودماؤكم لما تزل ساخنة على الأرض ، وطالبوا أن يكون الإعمار بمعرفتهم وأيديهم ، وإلا فإنكم تفصلون دولة غزة عن دولة الضفة المحتلة ! يا للعار يا أشاوس رام الله ! تتواطئون مع العدو وتنتظرون معونات الدول العربية لتكون بأيديكم ، وأنتم من منع مرتبات موظفي غزة ، وأموال غزة ، وحقوق غزة ، كي تحكموها بموجب تعليمات العدو دون أن تضعوا في حسبانكم قضية الوطن أو قضية المقاومة ؟

الأمر عادي ، وليس بمستغرب على مليونيرات " رام الله " ‘ فقد استقالوا من زمان بعيد من القضية الوطنية ، فضلا عن المقاومة ، وبجاحتهم أقوى من كل اعتبار حتى لو كان مصير الوطن والمقدسات !

ولن أتوقف - يا أحبائي – عند الخونة الذين أظهروا الشماتة في المجزرة النازية اليهودية ، وظنوا أن هزيمة الإسلام باتت قريبة ، وأن موعد الانقضاض على غزة بات وشيكا ، ونسوا أن فلسطين كلها محتلة وأن مقدسات المسلمين كلها بيد الغزاة النازيين اللصوص ، وأن السلطة في وطن محتل لا تمثل قيمة ولا شرفا ولا مجدا ..

لقد انتصرت غزة في مواجهة المجزرة بفضل الله ، ولم تتحقق آمال المتواطئين والخونة ، وبقيت المقاومة تثبت وجودها وتستجمع كيانها ، وتستعيد مزيدا من قوتها ، وتستعد لجولة جديدة من الجهاد والعمل والبناء .

واسمحوا لي - يا أحبائي - أن تتوحدوا على أساس المقاومة ، وليس على أساس السلطة ، فالسلطة كما قلت من قبل لا تمثل قيمة ولا شرفا ولا مجدا    ، لأنها وكالة عن المحتل في قمع الشعب الفلسطيني والتنكيل به والإرشاد عن مقاوميه ، والتجربة أمامكم في رام الله ؛ حيث يعيث العدو في الضفة فسادا ، ويطارد ويلاحق ويعتقل ويغتال ، والسلطة تغمض عينيها ولا تنطق بكلمة ، لأنها لا تستطيع !

لقد واجهتم الأحزاب بإيمان المسلم وعزة المؤمن وشموخ المجاهد ، ولم يؤثر فيكم ما قاله المعوقون ، والقائلون لا تحاربوا .. ثم نصركم الله نصر عزيز مقتدر ،ويكفي أن من راهنوا على ذبحكم من قادة العدو سيخرجون من الانتخابات صفر اليدين ..

[ قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون لبأس إلا قليلا . أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت ، فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد ، أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم . وكان ذلك على الله يسيرا ]  ( الأحزاب : 18 – 19 ).

وصدق الله إذ يقول : [ ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله ، وصدق الله ورسوله ، وما زادهم إلا إيمانا وتسليما . من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه منهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا . ليجزي الله الصادقين بصدقهم ، ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم ،وكان الله غفورا رحيما ] ( الأحزاب : 22 – 24 ) .

ثم أقول لكم ما قاله الشاعر  الذي فرح بالمقاومة ذات يوم :

[ أناديكم .. أشد على أيديكم / أبوس الأرض تحت نعالكم  ..وأفديكم / وأهديكم ضيا عيني ، ودفء القلب أعطيكم ...] . تحية للشاعر الفلسطيني الراحل توفيق زياد .