هل ستعود مجزرة "بَرْبَشْتْرُ" من جديد

هل ستعود مجزرة "بَرْبَشْتْرُ" من جديد ؟!

موسى بن سليمان السويداء / السعودية

[email protected]

" بَرْبَشْتْرُ " (barbastro ) مدينة تقع في الشمال الشرقي من الأندلس وتُعد من الثغر الأعلى ومن أعمال كورة " بَرْبَطَانِيَة " وعند البحث عنها في الخرائط الجغرافية الحالية نجدها قريبة من خط طول (0ْ) وخط عرض (42ْ) كما أنها قريبة من سلسلة جبال " بيرينه " الفاصلة بين أسبانيا وفرنسا والمعروفة قديماً بجبال " البُرْت " .

هذه المدينة الجميلة - كما رأيتها في الصور - حل بها نكبة عظيمة للمسلمين وإبادة جماعية كبيرة قد تكون ليس لها مثيل في التاريخ فقد قُتل فيها - بعد الأمان الكاذب من النورمانديين النصارى الكفار - ( 6000 ) رجل مسلم بالسيف !! كما تم سبي ( 5000 ) فتاة جميلة أرسلت كهدية إلى نصارى القسطنطينية ! إلى غير ذلك من الأمور التي تحرق قلب كل مسلم غيور يهمه أمر المسلمين .

القصة تقول كما يرويها الدكتور عبد الرحمن الحجي في كتابه " التاريخ الأندلسي " نقلاً عن بعض كُتب المؤرخين : (( سارت الحملة إلى جنوب فرنسا متجهة نحو الأندلس . حاصروا أولاً مدينة " وشَقْةَ " إحدى مدن مملكة " سَرَقُسْطَة " والثغر الأعلى ولما فشلوا في اقتحامها تركوها متوجهين إلى مدينة " بَرْبَشْتْرُ " من القواعد الأندلسية المنيعة فحاصروها سنة 456 ه لعله في شهر جماد الآخرة منها . ويقدر عدد أفراد هذه الحملة بأربعين ألفاً أو يزيدون واستمر الحصار أربعين يوماً وجرت معارك عديدة خارج المدينة . ولما قلَّت الأقوات واشتد الضيق بالمدينة استطاع النورمانديون – بعد قتال عنيف – اقتحام المدينة الخارجية . وجرت معارك أخرى وتحصن المسلمون بالقصبة والمدينة الداخلية مصممين على الثبات حتى آخر رمق . لكن حدث أن تعرض المهاجمون إلى مكان مجرى الماء الأرضي – أو دلَّهم عليه خائن – فقطعوه واشتد بالمدافعين العطش فعرضوا على النورمانديين التسليم بشروط فرفضوا . ثم دخلوا المدينة ربما في شهر شعبان من العام عنوة واستباحوا المدينة الباسلة بكل ما فيها ومن فيها وقدر عدد القتلى والأسرى بين أربعين ومئة ألف ! ثم قائد الحملة الأمان لكنه – حين رأى كثرة أهل المدينة – أمر جنده ان تقلل أعدادهم حصاداً بالسيف . فأطيح أرضاً بستة آلاف من الرؤوس ! ثم إنهم انتهبوا المدينة واحتلوا دورها لأنفسهم وارتكبوا أبشع الجرائم قتلاً وهتكاً للأعراض . " وكان الحطب أعظم من أن يوصف أو يُتقصى " كما يقول ابن حيَّان )) .

وزاد أبوعبد الله محمد بن أبي محمد عبد الله الحميري في كتاب " صفة جزيرة الأندلس " بعض الزيادات المهمة فقال : (( بَرْبَشْتْرُ : هي مدينة من بلاد بريطانية بالأندلس وهي حصن على نهر مخرجه من عين قريبة منها و" بَرْبَشْتْرُ " من أمهات مدن الثغر الفائقة في الحصانة والامتناع وقد غزاها على غرة وقلة عدد من أهلها وعدة أهل غاليش والروذمانون وكان عليهم رئيس يسمى " ألبيطش " وكان في عسكره نحو أربعين ألف فارس فحصرها أربعين يوما حتى افتتحها وذلك في سنة 456 ه فقتلوا عامة رجالها وسبوا فيها من ذرارى المسلمين ونسائهم مالا يحصى كثرة ويذكر أنهم اختاروا من أبكار جوارى المسلمين وأهل الحسن منهن خمسة آلاف جارية فأهدوهن إلى صاحب القسطنطينية ! وأصابوا فيها من الأموال والأمتعة ما يعجز عن وصفه وتخلفوا فيها من جلة رجالهم وأهل البأس منهم من وثقوا بضبطه لها ومنعه إياها واستوطنوها بالأهل والولد وجعلوها ثغراً من ثغورهم ثم انصرفوا عنها . وفي ذلك يقول الفقيه الزاهد ابن العسال من قصيدة كامل :

ولـقد  رمانا المشركون بأسهم
هتكوا  بخيلهم قصور iiحريمها
جاسوا  خلال ديارهم فلهم iiبها
باتت  قلوب المسلمين iiبرعبهم
كم  موضع غنموه لم يرحم iiبه
ولـكـم رضيع فرّقوا من iiأمه
ولـرب مـولـود أبوه iiمجدل
ومصونة  في خدرها iiمحجوبة
وعـزيز قوم صار في iiأيديهم
لـولا ذنـوب المسلمين iiوأنهم
ما كان ينصر للنصارى فارس
فـشرارهم لا يختفون iiبشرهم











لـم تـخط لكن شأنها iiالصماء
لـم يـبق لا جبل ولا iiبطحاء
فـي كـل يـوم غارة iiشعراء
فـحـمـاتنا في حربهم جبناء
طـفـل  ولا شيخ ولا iiعذراء
فـلـه  إلـيـها ضجة iiوبغاء
فـوق  التراب وفرشه iiالبيداء
قـد أبـرزوها ما لها استخفاء
فـعـلـيه بعد العزة iiاستخذاء
ركـبـوا الكبائر ما لهن iiخفاء
أبـداً عـلـيهم فالذنوب iiالداء
وصلاح منتحلى الصلاح iiرياء

هذا للأسف الشديد عبارة عن وهن كبير أصاب الناس في الأندلس وتخاذل واضح من أمرائها بحيث وقعت مثل هذه المذابح الكبيرة والشنيعة وهم غارقون في ملذاتهم وشهواتهم الشخصية كما يحدث اليوم من الرؤساء والملوك والسلاطين المسلمين أمام قضايا الأمة الإسلامية كفلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها من الدول الإسلامية التي تستباح صباح مساء ولا تجد من هؤلاء إلاَّ الشجب والاستنكار في بعض الأحيان بل قد يكون بعضهم متواطأ مع العدو ضد إخوانهم في الدين من المسلمين - فلا حول ولا قوة إلا بالله - من هذا الضعف والخور والهوان .

 [ فإلى متى يا حكام المسلمين ؟! .. إلى متى ؟! ]

نحن نتساءل : إلى متى هذا الذل الذي هرم فيه الشيخ وولد فيه الصبي ؟

إلى متى ونحن في سخرية واستضعاف من الأمم الأخرى بحيث تقتل منا ما تريد وتسبي وتستعبد وتنهب ما تشاء ؟

إلى متى تُهدم مساجدنا وجوامعنا وتحرق وتداس مصاحفنا وكُتبنا ؟

إلى متى ونحن نساق ونقتل ثم يأتي حاخام كافر أو قس مشرك من أجل أن يبارك جهود جنوده الكفرة اللئام ؟ 

إلى متى ونحن نركض إلى تنصيب رئيس نصراني عربي ونترك الصومال للأحباش الكفرة يعيثون فيها فساداً ؟

إلى متى ونحن نصدق أن مجلس الأمن فيه ما هو في صالحنا بينما من أنشأه اليهود والنصارى لصالحهم وكل قراراته تخدمهم ؟

إلى متى ونحن نصدق أن الدول الغربية سوف تحل قضية فلسطين بينما في الحقيقة هم من أتى باليهود من أوروبا وأنحاء العالم إلى فلسطين ؟

إلى متى ونحن في هذه المؤتمرات الفارغة التي ينام فيه البعض والبعض يفكر متى يذهب إلى أهله ؟!

إلى متى وأموال المسلمين تُنفق على الفساد والمجون والعري والتفاهات والألعاب السخيفة والقنوات الفضائية القذرة والمنحطة ولا تنفق على السلاح والعتاد الحربي وتجهيز الأمة من المخاطر التي تحيط بها ؟

إلى متى وسفلة الناس ( الرويبضة ) هم في المقدمة يتكلمون ويقولون ويتحدثون بما يشاءون ويعطون أرفع المناصب والوظائف وغيرهم من أهل العلم والفضل يزج بهم في السجون وتضرب على أيديهم وينكل بهم بمجر أن يتكلموا بأدنى كلمة حق ؟

إلى متى نسكت حتى يحل بنا ما حل بمن سبق في الأندلس وصقلية وأخيراً في العراق وفلسطين وأفغانستان والصومال وغيرها ؟

هل سوف نبقى إلى أن يأتي الدور على كل دولة إسلامية واحدة بعد الأخرى وكل أهل دولة تستغيث بغيرها من المسلمين فلا تجد مجيب ؟!

هذه الأسئلة وغيرها كثير موجهه إلى قادة ورؤساء وملوك المسلمين فنحن أمانة بين أيديكم وسوف يسألكم الله عنا يوم القيامة فكلم راعي وكل مسئول عن رعيته .