الإمارة اليهودية تدمّر الإمارة الإسلامية !

الإمارة اليهودية تدمّر الإمارة الإسلامية !

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

يبدو أن السادة الأشاوس والنشامى من مسئولين وأبواق ، من عرب الاعتدال وعرب الممانعة ، قد صاروا أهدأ بالاً وأسعد حالاً ، بعد تدمير الإمارة الإسلامية أو قطاع غزة الذي مثّل لهم أرقاً وقلقاً على مدى السنتين الماضيتين ، وعقب أن قامت الإمارة اليهودية؛ الحبيبة الغالية (!) بإلقاء آلاف الأطنان من الصواريخ والقذائف على الشعب الأعزل الذي لا يجد حيلة ولا يهتدي سبيلا .. نيابة عنهم وبالوكالة المعلنة الصريحة !

مئات الشهداء ، وآلاف الجرحى لحظة كتابة هذه السطور ، غير ما يستجد في قادم الأيام بعد دخول المدرعات والدبابات من خمسة محاور؛ إلى أرض القطاع وشوارع مدنه وقراه بحثاً عن أماكن يحتلونها ويرابطون فيها ويستطيعون تدبير ضربات أقوى وأكثر نجاعة لاستئصال المقاومة وتحقيق سلام القبور الذي يعملون من أجله ..

لم يخافت الزعماء والقادة والأبواق في بلاد العرب بضرورة إبعاد المقاومة أو منظمة حماس تحديداً ، ليعمّ السلام اليهودي الموعود ، وتنتهي مأساة الشعب المعذّب الشريد .

وقال قادة عرب إن حماس وحزب الله سبب البلاء والنكبات التي حلّت بالعرب ، ولم تقصر الأبواق والطبول في هجاء حماس ومن يؤيدونها ، بأقذع أنواع الهجاء ، تركوا العدوّ النازي اليهودي يلقى حممه وصورايخه على ضحاياه الأبرياء في قطاع غزة ، وأخذوا بتلابيب حماس ومن يؤيدونها ، وعدّوهم العدوّ الأصلي ، بل إن أحد المسئولين لم يخف شماتته في ضرب القطاع بالطائرات النازية اليهودية ، وقال متهكماً : لقد طبخوا العصيدة وعليهم أن يأكلوها !

وبدلا من لجم الإمارة اليهودية وتأديبها سياسياً ودبلوماسياً على الأقل ، فإن الأشاوس والنشامى ، التمسوا لها العذر فيما تفعله بسبب " غباء حماس !" ، ورأوا أن حماس هي التي اعتدت بصواريخها " العبثية " واستفزت الآلة العسكرية النازية لتضرب وتدمر وتذبح !

وتناسوا أن الإمارة اليهودية الغاصبة ، قد فرضت حرب الإبادة على " الإمارة الإسلامية " منذ عام ونصف عام ، حين أغلقت المعابر ، وحاصرت القطاع براً وبحراً وجوّاً ، وأعادت أهله إلى العصور البدائية القديمة في الخبيز والطبيخ والعلاج !

وحين خرجت المظاهرات في أرجاء العالم العربي والإسلامي لتندّد بالموقف المخزي والمخجل للأشاوس والنشامى ، فإن الهجاء امتدّ إلى المتظاهرين بدعوى أنهم يتطاولون على مصر ويهاجمون مصر ، ويقللون من شأن مصر ..

والمشكل في هذا الأمر ، هو الربط بين مصر الشعب والوطن والتاريخ ، وبين مصر النظام والمؤسسة والحكومة .. وهو ربط غير صحيح وغير سليم ، لأن مصر الأولى لها محبتها وقدرها وقيمتها لدى الشعوب العربية والإسلامية كافة ، ولا يستطيع أحدٌ أيا كان أن ينتقص منها قلامة ظفر ، أما مصر الثانية ، فهي محل الاحتجاج والغضب والرفض ، ليس من الشعوب العربية والإسلامية ، ولكن من الشعب المصري نفسه ، فما كان لمصر الكبيرة أن تتصاغر لدرجة أن الإمارة الصهيونية الغاصبة ، تكتفها وتغل يديها وقدميها عن الحركة والعمل ، وتضعها وهى الكبيرة مكاناً ومكانة في موضع المهانة أمام عصابات نازية من شذاذ الآفاق ، أغاروا على فلسطين واستباحوها ، واستباحوا مناطق أخرى من بينها سيناء ، وسيطروا عليها مرتين ، ولم يخرجوا منها في المرة الثانية إلا بعد تكبيلها بقيود عسكرية وسياسية تجعلها شبه خالية ومفتوحة أمامهم لو أرادوا العودة الغادرة مرة ثالثة !

مصر الكبيرة تستطيع سياسياً ودبلوماسياً أن تعاقب هذه العصابات النازية المغيرة وتضع حداً لعربدتها واستهتارها بالقانون الدولي والأخلاق والقيم الإنسانية ، من خلال إجراءات عديدة في مقدمتها إغلاق الحدود ووقف ضخ النفط والغاز المدعّمين وقطع العلاقات الدبلوماسية وطرد السفير النازي اليهودي واستدعاء السفير المصري من تل أبيب المحتلة ، وتجميد العلاقات الاقتصادية ، ومنع التصدير والاستيراد ، وتعطيل السفر من فلسطين المحتلة وإليها ، وتقديم مجرمي الحرب اليهود إلى المحاكم الدولية والأوروبية ، وتدريس الجرائم النازية اليهودية منذ بدءوا الإغارة على الأراضي الفلسطينية حتى اليوم في المدارس والجامعات ،وعرضها عبر أجهزة الدعاية الكثيرة ، وخاصة المرئية والمسموعة .

مصر الكبيرة تستطيع أن تفعل ذلك وغيره ، لتضع العصابات النازية اليهودية المجرمة في حجمها الحقيقي ،وسيفعل الآخرون مثلها على الفور ؛ لأن أحداً غير مصر الكبيرة لا يمكنه أن يفعل ذلك إلا إذا تقدمت مصر وفعلت ، وليس معقولاً أن نطلب من حزب الله – كما تطالب بعض الأبواق والطبول – أن يتقدم لتحرير فلسطين ، ومصر عاجزة أن توقف الآلة العسكرية النازية اليهودية عن القتل والذبح في قطاع غزة ! وليس معقولاً أن نطالب إيران أو سوريا النصيرية بالدفاع عن فلسطين ومصر الكبيرة مكتوفة اليدين والقدمين ، ووزير خارجيتها يطالب اليهود أن يعودوا لاحتلال المعبر في رفح حتى لا تنقسم الضفة والقطاع !

الصحفي النازي اليهودي " يوئيل ماركوس " كتب في ها آرتس 1/1/2009م أنه يجد لذة في صوت الطائرات اليهودية ودخانها ؛ وهى تدك بيوت الشعب الفلسطيني في غزة . وأفاد أكثر من 80% من العصابات اليهودية المغيرة بأنهم يؤيدون تدمير قطاع غزة ، ويباركون عمليات جيش الدفاع النازي اليهودي في القتل والذبح والتدمير . وهذه النزعة الإجرامية تؤكد على وحشية اليهود الغزاة وأن السلام بالمفهوم الإنساني أبعد ما يكون عن أذهانهم وأفئدتهم .

ولكن المؤسف ، أن يكون هناك من العرب من يؤيد تلك النزعة الإجرامية ويباركها وهاك بعض الإشارات  مما كتبته صحف العدوّ في اليومين الثاني والثالث للعدوان النازي الإجرامي على قطاع غزة :

" حرب مختلفة لأن مصر قامت بتحول استراتيجي مضاد لحماس " – عاموس جلباع  ، " حلف غير مكتوب مع مصر ضد حماس " – عكيفا إلدار ، " الحرب في غزة لا تقض مضاجع أكثر القادة العرب " – يوسى بيلين .

ومع ذلك فإن بعض الصحف اليهودية حذرت من النهاية المأساوية المتوقعة في غزة ، حيث كتب بعضهم : " جربنا في لبنان فاحترقنا " – أورى هايتنر ، " مسيرة الغباء التي يقودها باراك " يجيئال سيرينا ، " أنت تعلم كيف تدخل ولكنك لا تعلم متى وكيف تخرج " بن كاسبيت ، " نقض اليهود للتهدئة سبب الحرب " أسرة تحرير ها آرتس ، " الكيان يجتاز كل خط أحمر إنساني وأخلاقي وقانوني " – جدعون ليفى ، " رسائل مختلفة بلغة الرصاص " تسفى بارئيل ، " الهدنة هي الحل " – يهوشع سوبول ، " كلما عذبوه سيزداد ويكبر " - سيمدار بيرى .

ومهما يكن من أمر ، فإن الإمارة اليهودية النازية الغاصبة ، تجد تشجيعاً ضمنياً من بعض الجهات العربية بالصمت أو التواطؤ ، وقد استطاعت أن تدمر الإمارة الإسلامية التي أعلن مسئولون عرب أنهم لن يسمحوا بقيامها ، وها هي الإمارة اليهودية ترقص على أشلاء غزة ، فهل ستنتهي المقاومة ؟ اسألوا طالبان في أفغانستان ، وخذوا الحكمة من الأمريكان هناك .