دائرة الأخطاء القاتلة
بين حكومات "القمع والبطش"
ومعارضات "سفك الدماء"
"1"
نوال السباعي
كاتبة عربية مقيمة بإسبانيا
*مؤلمة وبشدة هذه "الفقاعات" الاعلامية التي تخرج علينا بين الحين والحين في إعلامنا الرسمي الحكومي المستخف بعقول الناس ، المتسلط على صناعة رأيهم وأفكارهم ، أو في إعلامنا الانترنيتي المعارض الدموي ، في سياق الموجة التي ركبها الجميع حكومات ومعارضات والتي تراوح بين ادعاء الجهاد وارتكاب الارهاب !!، والتي أصبحت وعاء تُسكب فيه كل التصرفات والسياسات والقناعات المرضية المشوهة الاجرامية في المنطقة العربية ، تصدمنا هذه الطبخات الإعلامية ، بتراكيبها غير الانسانية ، فإن كانت حكومية رأيت آثار التعذيب الوحشي بادية جلية على وجوه المتهمين الذين يُستَعرض بؤسهم الإنساني أمام العالم ، وسمعت نصوصا عجيبة في علم النفس والعلاقات الدولية توضع في أفواه قوم معظمهم من السوقة محدودي الذكاء ، فإذا بهم أمام مانزل بهم يصبحون مُنَظرين في علوم السياسة والمجتمع ! ، وإن كانت انترنيتية كانت الوحشية عينها التي تهبط بالانسان إلى آخر درجات البهيمية وهو ينتزع سيفا أو سكينا ليذبح أسيرا مقيدا بين يديه ، بالغة مابلغت درجة إجرام هذا "الأسير-المختطف- أو التهمة التي يوجهها إليه أفرادٌ منحوا أنفسهم باسم "الدين" سلطة توازي سلطة الخلفاء أو الأنبياء !.
*لايختلف اثنان في عالمنا اليوم على مشروعية جهاد الأنظمة الحاكمة والجماعات المسلحة والأحزاب والشعوب ضد المحتل الغازي ، كما لايختلف الناس على الكفاح بكل وسائله ضد المستبد المتسرطن أو الظالم المغتصب حقوق العباد ، ولكن شتان شتان مابين الجهاد والارهاب ، فالجهاد طريق شريف مقدس مستقيم سوي منضبط الأهداف نبيل السلوكيات راقي الشيم يمشي فيه الأبطال والشجعان والرجال الذين باعوا أنفسهم وأموالهم لقضاياهم التي لايشك أحد في طول العالم وعرضه بعدالتها، وأما الإرهاب فهو تلك الطريق الملتوية التي تسير فيها اليوم حكومات قوية وأخرى ضعيفة ، وأحزاب من كل الاتجاهات تدعمها قوى المخابرات السرية الرهيبة ، وفرق ومجموعات هنا وهناك تدّعي الجهاد وهي أبعد ماتكون عنه ، فلا الغاية واضحة ، وإن وضحت كانت الوسيلة إليها في غاية من التشوه والانحراف والسقوط الفطري والخلقي ، الفرق بين الجهاد والارهاب ، هو الفرق بين من يدخل التاريخ من أوسع أبوابه ولو قتل في الطريق ، وبين من يبحث لنفسه عن مكان في القمامة ولو شغل منصب ديك يصيح فوق تلتها.
*في أغلب الأحيان لاأحد يمتلك وسيلة تدله على الحقيقة التي تنطوي عليها هذه "الأفلام" الإعلامية المخزية التي صارت "موضة" في الآونة الأخيرة بين المؤسسات الاعلامية الحكومية الرسمية في معظم بلادنا وبين مدّعي "الجهاد" في طول العالم وعرضه ، باعتبارها أسلحة إعلامية يستعملها كلا الطرفين في حربهما المفتوحة على الإنسان والمستقبل والأمة ، والتي تتوزع البطولة فيها ودائما خمسة جهات : جلاوزة السلاطين من "فنيي" التعذيب الجسدي والنفسي الوحشيين الذين لاتبدو منهم إلا أفعالهم الشنيعة على وجوه المتهمين في أفلامهم ، و"أبطال" الارهاب "الميامين" الذين ينشطون في الخفاء ثم يعرضون في أفلامهم كما في عملياتهم "العسكرية" عضلاتهم التي تتغلب على عقولهم !!، والضحايا الذين قضت أقدارهم أن يقعوا في أيدي هؤلاء أو هؤلاء ، سواء كانوا من الأبرياء أو من المتورطين في "مصيبة" ما ، أو من الذين سقطوا قتلى وجرحى في معارك التدمير والاستئصال الدائرة بين الجهتين في المنطقة العربية وفي أنحاء متفرقة من العالم ، ورابعا أفراد الشعب إما من الخائفين المذعورين الذين تدور أعينهم كالمغشي عليه من الرعب ، أو من المجعجعين الثرثارين الفارغين المتفرغين من زبائن الانترنيت ممن ينفخون في قُرب الموت عن بعد وهم لايدرون في أية قُرب ينفخون! ، وأما الجهة الخامسة فهي ضمير مستتر يتوزع بطولته مُنظري التوجيه السياسي والعسكري في الإعلام الرسمي الحكومي المغرق في التخلف والتسلط ، ومن الجهة الثانية فقهاء التكفير المختفين في مغارات متصلة بأجهزة التحكم عن بعد ومن وراء شاشات أجهزة الكومبيوتر!.
*الحكومات المستبدة الظالمة التي مافتئت تلعب بأقدار شعوبها ، لم تدرك بعد أن صبر الشعوب غير أبدي ، فعلى الرغم مما يظهر من أن شعوب المنطقة تمتلك حجما غير طبيعي من القدرة على احتمال الهوان والوهن والمهانة ، إلى درجة زينت لهؤلاء الحكام أنها شعوب ميتة لامحالة فرحوا بمقاعدهم فيها وكأنها مقابر ممتدة من المحيط إلى الخليج ، فلقد تمخضت هذه المقابر منتفضة مرة إثر مرة عما فيها ...وهو ثقافة الموت! ، ثقافة القاتل والمقتول من غير الفرسان ، وفي معارك غير شريفة! ، ثقافة سفك الدماء في بُركة حياتنا المستنقعية الراكدة ، ثقافة يرى فيها الشباب الأفق مسدوداً في وجوههم بديكورات مصطنعة من خيوط الكذب والغش والخديعة ، ومحروسة بالعنف والغدر والقهر والتعذيب والاستلاب ، شباب محاصرون بالبطش القريب ومحصورون بالبحث عن اللقمة الفارّة منهم أبداً، فلا تصل أحلامهم إلى غير التفكير بالانتحار على الطريقة العربية الأصيلة ، المتمثلة بزجّ أنفسهم في كل المعارك الخاسرة.
* اللافت للنظر في هذه الفقاعات الاعلامية المتكررة بين الجهتين هو قدرتنا العجيبة الخارقة حكومات وشعوبا على تكرار الأخطاء عينها ، وعدم الاستفادة من الحُفَر التاريخية الانسانية الرهيبة التي عثرنا فيها مرة إثر مرة ، أو بصيغة أخرى: عَجْزُنا المدقع المحزن الأليم عن أن نتعلم من دروس الحياة ومن التاريخ ، وأن نسمو فوق أنفسنا وصغارنا وأخطاءنا .
هذه المجموعات الخمسة من "أبطال" هذه المعارك الإعلامية يفترقون في نهاية المطاف إلى فريقين ، وكلهم يعيشون في السعير ، سعير افتقاد الأمن والسلام في حياتهم وحياة الآخرين ، لأنهم قوم لايدركون أبعاد التاريخ ولاملابساته ، ولايقرؤون ، ولهم آذان لايسمعون بها ، فلايتعلمون ولايفهون قط ، ويسقطون في نفس الأخطاء والزلات ويتسببون في نفس الآلام والأذى ، والمأساة تصبح مسلسلات وأفلاما! .
الحكومة والشعب ، وفي الحكومة من هو مخدوع ، ومن هو خادع ، وفيها بطائن تزين للحاكم سوء العمل والقول ، وفيها جند "شداد غلاظ نزعت الرحمة من قلوبهم" ينزلون بالناس هول العذاب ، وفيها من يندس بين الناس فيوحي لهم بالقيام بما يصب في مصلحة الحكومة ، فيوجههم أنى شاء وهم لايأتون بخير أينما وجههم لأنهم ألغوا عقولهم ورضوا أن يكونوا قطعانا تسام وتباع وتشترى! ، وفي الشعب من هو ساكت مسكين يعيش على هامش الحياة ، وفيه رجال "غلاظ شداد نزعت الرحمة من قلوبهم" ينتسبون إلى الدين ويَدْعون إلى ثورات مسلحة وهم يعيشون في الخفاء يأكلون ويتناسلون ويجتذبون المريدين من الشباب الضائع المُضَيع بعضهم صدق النية لكنه لم يحسن بناء جدلية العمل الصواب في نفسه ، وبعضهم من الرعونة بمكان أن يظن في نفسه "روبن هود" الذي يستحل سرقة من سرقوا الشعب !، وفيهم من هو مظلوم أحمق وجد الناس ترقص فدخل في "الدبكة" وهو لايعرف منها إلا القفز على طريقة القرود !.
بعد خمسين عاما على "الاستقلال" وويلات الحياة تحت نير الاستبداد ، لم نفهم أننا وحكامنا سواء بسواء لانختلف عن بعضنا البعض في شيء ألبتة ، كلانا يشكل نصف هذه الحلقة التي تطبق على عنق الأمة فتكاد تصيبها بموت محقق . – وللحديث صلة-
"2"
*بعد خمسين عاما على "الاستقلال" وويلات الحياة تحت ظل "حكوماتنا" من شتى الاتجاهات السياسية ، لم يفهم حكامنا – بالإكراه بنسبة 99،99% - بأن الشعوب بحاجة إلى الحرية والعدل والثقة حتى تستطيع أن تنتج نموا وسلاما وعرفانا بالجميل ، وأن القمع والقهر لايأتيان إلا بالتفكير في التكفير والتفجير ، وأن الجماهير التي تُدفع محشورة نحو جدران صماء لايُستغرب منها أن تحاول ضرب الحجارة برؤوسها في محاولات يائسة لفتح كوة في السور المصمت ، فلاتترك في الجدران إلا آثار الدماء النازفة من الرؤوس المهشمة ! ، وأنه مامن وسيلة للتفاهم مع الشعوب إلا بإرساء قواعد العدل والنزاهة والعصامية ، ووقف سرقة الثروات والمستقبل.
وعلى نفس الخط باتجاه إتمام رسم الدائرة ، فإن شعوبنا لم تتعلم شيئا من الدروس الخطيرة والكثيرة والمتكررة التي مرت بها خلال نصف قرن ، فلم نفهم حتى اليوم أن التغيير لايأتي من فوق ، ولا بالوصول إلى سدة الحكم ، وأن كل الذين تهافتوا على الحكم فقتلوا وقتلوا في سبيل الوصول إليه فشلوا في تغيير المجتمعات إلا نحو الدمار والفوضى الشاملين ، وأن استخدام السلاح والعنف للتغيير لايؤدي إلا إلى استشراء ضراوة المستبد واستنفار طاقاته الإجرامية ، وأن زعزعة الأمن لاتربك الحاكم ولكن تصيبه بنوع من التوحش المتغول ، وأن مراجعة الأولويات ونقد الذات وفهم آليات تغيير المجتمعات بالتربية والتعليم وزرع أسس الحرية والعدل في ضمائر الناس هو الطريق الصحيح والأقرب للتغيير ولو بدا طويلا شاقاً بعيد المنال.
يعجز الشعب عن التغيير والتحرر من سطوة حكم استبدادي باطش على الطريقة العربية المشتركة ، فتلجأ مجموعات من الشباب الذين تستهويهم الحرية السهلة وتقنعهم النظرات التكفيرية وتجذبهم العمليات المسلحة المغلفة بشيء من "الفكر الجهادي" ، ودون تبصر أو تفكير ، أو إحاطة بعواقب الأمور وأخطاء الماضي وملابسات الحاضر ، يلجأون إلى استخدام العنف ، بل أقصى درجات العنف المتمثلة في إستباحة أموال الناس ودمائهم ، غير مبالين بكل الأصوات التي مافتئت تتعالى من كل أنحاء العالم الاسلامي وبكل لغاته ومفكريه بوقف هذا النزيف ، ليس نزيف الدم فحسب ، بل نزيف الشباب ..دعامة الحاضر وأمل المستقبل.
*لقد أصبح من فضول القول أن نؤكد أننا وحكامنا سواء بسواء لانختلف عن بعضنا البعض في شيء ألبتة ، كلانا يشكل نصف هذه الحلقة التي تطبق على عنق الأمة فتكاد تصيبها بموت محقق ، كلانا يرتكب نفس الأخطاء ولايتعلم من تجاربه ولامن تجارب الآخرين، كلانا لايفهم إلا لغة العنف والقهر و تكميم الأفواه ، وكلانا يبتغي أقصر الطرق إلى أعظم الأهداف ، كلانا مستبد متفرعن ، الحاكم على شعبه وكل في بيته أو وظيفته أو أي موقع مسؤوليةٍ تَحَمَلَه كبيراً كان أم صغيراً !، نحن خاضعون لهم وهم يخضعون لمن استكبر في الأرض اليوم ، نحن هينون في أعينهم وهم ذرٌ في أعين الأقوياء ، هم يذيقوننا سوء العذاب ونحن نذيق بعضنا بعضا مرّ القهر ، هم يسلبوننا أقواتنا ومستقبل أولادنا ، ونحن نسلب من بعضنا بعضا الحب والمودة ، فلاضمير ولا مروءة ، هم لايرحموننا ونحن لانعرف أن نرحم أطفالنا ونساءنا والضعفاء فينا ولا حتى الحيوانات الأليفة التي تعيش بيننا!! ، هم يطالبوننا أن نكون شعوبا مسالمة تقرأ روايات الحب لشكسبير وهي تقف في أرتال انتظار الحافلات ، ونحن نطالبهم بأن يشتروا لنا حافلات مكيفة مجانية تقدم فيها القهوة و"البيتفور" وتكون ذات لونين :الأحمر للرجال والفسفوري للنساء ، دفعا للاختلاط الذميم!! ، هم يريدون لنا أن نكون خُرّساً ، ونحن نتمنى أن لايقطعوا لنا ألسنتنا بعد أن نتعلم الكلام ، هم يطالبوننا بالنظافة العامة ونحن نطالبهم بنظافة القلوب والجيوب ، هم يريدون لنا أن نكف عن الشكوى من افتقاد الخبز ونحن نرجو أن يكفوا عن سرقة الكعك! ، لاأدري أبلاؤنا بحكامنا أعظم أم بلاء حكامنا بنا هو الأشد تنكيلا ؟؟!.
* تتجلى هذه العلاقة "الرياضية الجدلية" أكثر ماتتجلى في هذه الحرب الاعلامية الدائرة بين الأنظمة الحاكمة في المنطقة وبين المعارضات المسلحة ، الأنظمة تريد استئصال قدرة الجماهير حتى على التنفس لتبقى في الكراسي إلى أبد الآبدين ، والمعارضات المسلحة تريد أن تفجر المنطقة بالفوضى ، بالتطابق مع نظرية "كونداليسا رايس" بهدف إعادة تنظيمها ، -وإشارات الاستفهام مطروحة بإلحاح حول هذا التطابق في الوسيلة وماقد يترتب عليه من اتفاق على الأهداف !!- ، إنها حرب إعلامية تفتح جروحا عميقة في وعي الأمة وهي تثير مرة إثر مرة موضوع تورط أعداد من شبابنا فيم يدعى "الارهاب" ، بما في ذلك من خلط بين الحقائق والتهويمات ، وبين الحق والباطل ، وبين الاتهام والبراءة ، وبين التوريط والاحتواء والاختراق والايعاز ، وكلها أمور باتت على غاية من الجلاء في مسيرة هذا التيار الذي يستعجل التغيير فلا يجد أمامه إلا الهاوية بعد الهاوية ، ولايتعلم الدرس أبدا!.
مؤلمة هذه "الأفلام" التي يخرج بها علينا الطرفان ، وتروج لها بعض القنوات الفضائية كمسلسل رخيص رديء ، ف"الأفلام" الحكومية التي تعرض علينا ومنذ ثلاثين عاما دون تغيير لافي السيناريو ولا في الاخراج، مافتئت تقدم مجموعات من "المتّهمين النادمين المعترفين" من شبابنا الضائعين المضيعين ، وأما الأفلام " الإرهابية" -كما يحب أصحابها أن يسمونها- فما تفتأ تعرض علينا جرائم القتل والذبح – والقتل غير الذبح!- والخطف وتفجير الأبرياء ورسائل التهديد والوعيد ، وكلاهما لايفعل غير أن يبدي لنا البؤس الحقيقي الذي يعتريهما ، والفقر المدقع الذي تعانيه الأمة في اإنتاجها التربوي والفكري ، والضحالة الإنسانية التي نعانيها في السلوك والأقوال وفي إدراكنا أنفسنا وديننا وواقعنا.
إننا أمام ثلاثة أنواع من الإجرام لايكاد ينفك أحدها عن الآخر: إجرام أجهزة المخابرات المتوحشة التي تزرع البلاد بالدم والنار فلايخرج من تربة هذه البلاد إلا الدم والنار!، وإجرام الفكر الديني المتنطع المُغالي الذي ينساق وراءه شباب الأمة اليوم خالطين بصورة مأسوية بين "جهاد العدو" الغازي و"إشعال الفتن الطائفية والحروب الأهلية" ، بين الكفاح المشروع وسفك دماء الأبرياء !، وإجرام المربين في البيوت والمدارس والمساجد من الذين لايحسنون التعامل مع الجيل إلا بلغة الضرب والرفس والصفع والقهر والإهانة التي ينشأ الأولاد ولايحسنون التعامل مع مجتمعاتهم إلا بها عينها.
المصيبة كبيرة وكارثية ، بعد خمسين عاما مرت على المحن المزلزلة التي دخلت أنفاقها شعوب عربية كالشعب السوري والجزائري والمصري والتونسي والمغربي وغيرها ، ممن أراد التحرر بأقصر الطرق وأقلها كلفة وعناء ، بعد خمسين عاما من استفحال ظلم الحكومات شعوبها ، وملاحقة المعارضين ، وتعذيبهم تعذيبا وحشيا رهيبا ، ونفي العلماء والقيادات والمفكرين والمربين من البلاد ، وتدمير البلاد فوق رؤوس العباد ، مازالت الأنظمة الحاكمة على حالها من عدم الفهم ، فهم الإنسان وفهم هذه الأمة وفهم التاريخ! ، ومافتئت تراهن على صبر المواطن في المنطقة العربية ، وعلى تركيعه بالجوع والإهمال ، وعلى الطرف الآخر وبعد خمسين عاما من الهزيمة تلو الهزيمة ، ومن المحنة بعد المحنة مازال البعض يراهن على حمل السلاح في مجتمعات لايجد رجالها قوة ولاصبرا ولاعزما على حمل أمانة تربية ولد واحد من أبنائهم !.
بينما كان "صاحبنا" يتنزه في "تورا بورا" ، وترسل أمريكا بطائراتها لتلقي فوق رؤوس الأبرياء من جيرانه قنابلها الذكية ذات الأطنان السبعة ، كان أحد أبنائه التسعة عشرة يتزوج للمرة الثالثة من "امرأة" انكليزية تكبره بثلاثين عاما ، وكان "المسكين" مشغولا بفتل جدائله على الطريقة الإفريقية الأمريكية ، وقد اصطحب "انكليزيته" هذه إلى اسبانيا ليهبط من الطائرة وليطلب اللجوء السياسي وهو في غاية الذل والهوان في مدريد ، مدريد ..التي لم يمض على المقتلة التي حدثت فيها باسم تنظيم أبيه خمسة أعوام !!، متى نفهم ؟! ومتى نتعلم أن إصلاح البناء يبدأ بترميم قرميد أسقفنا المنهارة فوق رؤوسنا ؟، وأن الطوفان لم يبدأ إلا من هذه البيوت النخرة التي يريد القوامون عليها أن يصلحوا أمر العالم بنسف بنايتين وتفجير ثلاثة قطارات؟! .