الحب بين الزوجين

(1 من 2)

خالص جلبي

[email protected]

 الحب كيمياء كما يقولون؟ واكتشف علم النفس أن لكل منا هالة خاصة به من الكهرطيسية. وأحيانا يحب الرجل امرأة ولو من رائحة عرقها بدون عطر، وهو أمر أتذكره من معلمة مسيحية لي وأنا طفل صغير. والحب من النظرة الأولى صحيح، فقد يحصل انجذاب من أول لقاء ولو كان صوت المرأة نعيب غراب وأسنانها مفشكلة؟ ولكن التحدي في استمرار الحب ونموه، وأعرف شابين عشقا بعض سبع سنوات في كلية الطب حتى ذابا عشقا، ثم تزوجا فرأيتهما يتقاتلان فحزنت، وأعرف من أهلي من عشق، وبقي ينسج أبيات الشعر مثل قصص التربادور الإسبان عند شبابيك الحسان، وبعد زواج عارم وحب يقترب من الإعصار انتهى بهما الأمر إلى حافة الطلاق إلا قليلا..

وأنا تزوجت بطريقة تقليدية بدون شعر وغرام وفي عشرين يوما بين اللقاء والزواج، عشقت زوجتي أكثر من روميو وجولييت وقيس وليلى، وكان اسمها ليلى فصدقت القصة، وعشنا 36 سنة كل عام فيها غرام وحب بما يعجز عنه كتاب الحب زمن الكوليرا، حتى آثرت الرحيل واشتاق لها الرب؛ فأخذها إلى جنبه، فكان رحيلها زلزالا هدم عمود الخيمة على رؤوسنا أنا وبناتها الخمس، وضاعت علينا الاتجاهات فهي كانت نور بصرنا فعمينا، وبوصلة اتجاهاتنا فأصبحنا في صحراء بدون خريطة وبوصلة وزاد في ظلام دامس بدون نجوم بها يهتدون.. فهي تنظر لنا بأمل من بعيد ألا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون، يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم..

وفي قناعتي أن هناك ثلاثة أمور في الزواج حتى ينمو الحب مثل شجرة هائلة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، فأما الأول فهو بيد الرحمن لا نملكه وهو المنان، فقد يكون كلا الزوجين لا غبار عليهما، ولكن ليس من تجانس؛ فهنا قال لنا الرب: "وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا، أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا، وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا". ومن هذه الآية وقفت امرأة في وجه عمر تردعه عن تحديد المهر، ومن هذه الآية قام الشحرور الشامي بتقليد عجيب حين زوج ابنته بأخذ الميثاق الغليظ، من الصهر الذي يريد البنت أكثر من خرافات الأب، واجتهادات البشر وخرافاتهم وتأويلاتهم لانهاية لها، وهذه لها قصة مستقلة..

والأمر الثاني بيد كل طرف فوجب على المرأة ألا تراهن على الولد بعد بناء العائلة فتسمن مثل بقرة حلوب ويذهب شكلها أدراج الرياح بما يذكر بقصة ذهب مع الريح لمارغريت ميتشل، فالرجل يحب أن تبقى امرأته فاتنة رشيقة جميلة فواحة مطيعة مخلصة أنيقة..

وما يريده الرجل من الزوجة وجب أن يطبقه على نفسه فلا يصبح شكله قبيحا بكرش مدلاة ورائحة قبيحة، ويروى عن ابن عباس أنه كان يتزين لزوجته كما كانت له تتزين.

والثالث وهو الأهم أن الحب بناء وليس عطية من الغيب فوجب تعهد شجرة الحب مثل أي نبات بماء ونور وسماد، وهو في الزواج الاحترام والثقة والجدة دوما.. فتبقى الحياة الزوجية شجرة خضراء بهجة للناظرين..

وأرسلت لي زوجة محبة مقبلة على الزواج من رجل عشقته حتى النخاع فلما قرأت كلماتي خافت على نفسها فأرشدتها أن تتأمل كلماتي في آخر المقالة أن الحب أمر ينشأ إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أتربا لأصحاب اليمين على سرر متقابلين