مؤتمر مشروع الحرف القرآني

مؤتمر

مشروع الحرف القرآني

د.محمد سالم سعد الله

[email protected]

عميد كلية اللغات / جامعة المدينة العالمية

ماليزيا

شغل النص القرآني بأبعاده المتنوعة اهتمام الباحثين والمفكرين وأولي العلم، وتناولت الدراسات العلمية جوانبه المتعددة بدءاً من الحرف والكلمة والجملة والتركيب والنظام البنائي وأثر ذلك في الميدان العقدي والفقهي واللغوي، مرورا بمستوياته الدلالية والأسلوبية والموضوعية في جانبي العبادات والمعاملات، وليس انتهاء بنظمه وإعجازه على صعيد الدرس البلاغي.

وحوى هذا النص مسيرة متكاملة لبيان العلاقة التواصلية بين الوحي والرسالة والمتلقي، كما ضمّ خزيناً معرفياً للاشتغال العقلي، ونبعاً متدفقاً للسمو الروحي والأخلاقي، ومعيناً ثرّاً من الدروس والعبر ومنظومة القيم.

وانطلاقا من ذلك حمل بعض الباحثين رؤاهم قاصدين التوجه نحو هذا النص بالدرس والتحليل والتفسير والتأويل، مستندين في ذلك إلى أرضية عقدية صحيحة وصلبة، ونهضت مؤتمرات علمية عدة بذلك الدور كان منها (مؤتمر إدراج لغات الشعوب الإسلامية في آسيا في مشروع الحرف القرآني) الذي عقدته الجامعة الإسلامية في ماليزيا في شهر أكتوبر/ تشرين الأول / 2008، وحضره جمع مبارك من الأساتذة والمفكرين والباحثين في ميدان الدراسات القرآنية، وحوى المؤتمر دراسات مهمة جداً تتعلق بآليات التعامل مع الحرف القرآني نظماً ورسماً واشتغالاً معجمياً ودلالياً من خلال إعادة كتابة اللغات الآسيوية والأفريقية ذوات الحروف اللاتينية بالحرف القرآني.

افتُتِح المؤتمر بتلاوة آي من الذكر الحكيم، وبعدها ألقى بعض المسؤولين كلمات ترحيبية وهم كل من أ.د. حسن أحمد إبراهيم مدير وحدة الأمة الإسلامية، و أ.د. عبد الله سالم المعطاني ممثل البنك الإسلامي في جدة، و د. مصطفى أحمد علي ممثل المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، و أ.د. سيد عربي عيديد مدير الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا.

وبعدها عرض الأساتذة المشاركون والحاضرون رؤاهم حول مشروع الحرف القرآني، فقدّم أ.د. يوسف الخليفة (جامعة أفريقيا العالمية ـ السودان) عرضاً تحليلياً لمشروع الحرف القرآني في أفريقيا، وقدّم د. عبد الرحمن شيك (الجامعة الإسلامية العالمية ـ ماليزيا) كتابة اللغة الملاوية بالحرف القرآني وتحديات التقنية المعلوماتية الاتصالية، وقدّم الأستاذ إبراهيم الأمين فضيل (جامعة أفريقيا العالمية) حوسبة الحرف القرآني، في حين عرض أ.د. منجد مصطفى بهجت (الجامعة الإسلامية العالمية ـ ماليزيا) رؤاه حول هذه القضية مؤكداً مسألة التوجه السياسي في دعم هذا المشروع، وعرض د.محمد سالم سعد الله (جامعة المدينة العالمية ـ ماليزيا) تساؤلاته حول مشروعيّ حوسبة اللغات والاشتغال بعلم اللغة الحاسوبي في هذا المجال ودورهما في التحليل والبيان والإسهام الفاعل في مشروع الحرف القرآني.

ثم قدّم د. روسني بن أسامة (الجامعة الإسلامية العالمية ـ ماليزيا) بحثه حول تطور استخدام الحرف القرآني للكتابة الملاوية، وتناول د. نجم الدين الحاج (جامعة حسن الدين ـ إندونيسيا) ببحث علمي الحرف القرآني ودوره في تطوير المخطوطات التراثية في إندونيسيا، بينما أثار د. محمد علي غلام (الجامعة الإسلامية العالمية ـ باكستان) معالجات الحرف القرآني في باكستان، وعالج د. رمزي عارفين (الجامعة الوطنية الماليزية ـ ماليزيا) المخطوطات التراثية الملاوية المكتوبة بالحرف القرآني.

وفي الإطار نفسه تناول د. محمد زكي بن عبد الرحمن (جامعة الملايا ـ ماليزيا) إشكاليات استخدام الحروف العربية في ماليزيا، وقدّم د. بدري نجيب زبير (الجامعة الإسلامية العالمية ـ ماليزيا) جهود الملاويين في تهذيب كتابة اللغة الملاوية بالحروف العربية في القرن العشرين، وعرض الأستاذ نور حياتي (معهد تدريب المعلمين ـ ماليزيا) تحليلاً لعوامل الاضطراب في القراءة باللغة الجاوية.

وفي جلسة أخرى قدّمت د. رحمة حاج أحمد (الجامعة الإسلامية العالمية ـ ماليزيا) عرضاً تاريخياً لاستعمال الكتابة الجاوية لدى الجالية الملاوية في جنوب أفريقيا، وتناول أ.د. بخاري لويس  (جامعة السلطان إدريس ـ ماليزيا) مبادىء عامة في أصوات اللغة الجاوية للكلمات العربية، وفي عرض آخر قدّم الأستاذ أبالغ حزمين (الجامعة الإسلامية ـ بروناي) موضوعاً حول الحرف العربي في سلطنة بروناي، وعالج د. أكمل خزيري عبد الرحمن (الجامعة الإسلامية العالمية ـ ماليزيا) التطورات الأخيرة في مجال تعليم كتابة اللغة الملاوية بالحروف العربية، في حين تناول د. عدنان محمد زين (الجامعة الإسلامية ـ تايلندا) دور علماء (فطاني دار السلام) في الحفاظ على الهوية الإسلامية من خلال الحرف القرآني، واختتم د. عاصم شحاتة (الجامعة الإسلامية العالمية ـ ماليزيا) هذا المحفل العلمي بموضوع إشكالية القراءة الصوتية للكتابة بالحرف الجاوي لدى القارىء العربي.

وبعد أيام من النقاش والحوار العلمي تُليت توصيات المؤتمر التي أكدت أهمية الحرف القرآني ومنزلته، وضرورة السعي في سبيل نجاح هذا المشروع وتفعيله، وتسخير الجهود كآفة لجعله واقعاً عيانياً.