جذور تاريخية للخط العربي
جذور تاريخية للخط العربي
د. عمر عبد الهادي عتيق
مشرف أكاديمي في جامعة القدس المفتوحة
فلسطين جنين
اختلفت الرواياتُ في أصْل الخطِّ العربيّ، فقد نُسِب إِلى سيدنا آدم عليه السلام، وقيل إنَّ إدريس عليه السلام أول من خط بالقلم بعد آدم، وقيل إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام. وقيلَ أَنَّ أَول من وضعه أشخاص من قبيلَتَيْ طسم وجديس وهم أبجد وهوز وحطي وكلمن وسعفص وقرشت. ويرى آخرون أن مرار بن مرة وأسلم بن سدرة وعامر بن جدرة من قبيلة طي وضعوا الخط العربي وقاسوا هجاء العربية على هجاء السريانية فتعلمه قوم من الأنبار ( 1 )
ومن الباحثين من ربط الخط العربي بالسريانية اعتماداً على تقارب أشكال الحروف بين الخط العربي والسرياني، إذ تكتب حروفهما متصلة، وللحرف الواحد ثلاثة أشكال، وكلاهما يشتمل على الحروف التي تكتب منفصلة ولا تتصل بغيرها، كما يشتركان في حذف الألف من وسط الكلمة ( 2 )
ويرى غانم قدوري أن الكتابة العربية قد اكتسبت خصائصها من الكتابة النبطية التي تطورت بدورها من الآرمية، وربط كثيرا من ظواهر الرسم القرآني بآثار الكتابة النبطية معتمدا في تحليلاته التاريخية على مجموعة من النقوش وبخاصة نقش النمارة وزبد وحوران ( 3 ) "وحين نسلِّم جدلا أن لغة هذه النقوش تمثل مرحلة من مراحل اللغة العربية يجب أن نعترف أن نصوصها ضحلة لا تقنع الباحث لتلقي ضوءا كاشفا على حال اللغة العربية في تلك العهود( 4 )
وقد قارن إبراهيم أنيس بين لغة النقوش المشار إليها واللغة العربية، فحدد مواطن التقاطع بينهما بوجود حروف لا توجد في الساميات الأخرى نحو: (ذ، ث، ظ، غ، ض)، وكلمات مشتركة، نحو: (الإله)، ومعظم الأعلام فيهما، وآثار ظاهرة الإعراب وأسماء التفضيل. وحدد مواطن الاختلاف باستعمال كلمة "بر" الآرمية بدلا من كلمة "ابن"، ووجود كلمات لا تعرفها العربية نحو: (المرطول)، بمعنى الكنيسة، وقد توصل إلى نتيجتين، الأولى: أن لغة النقوش مزيج من اللغتين الآرمية والعربية. والثانية: عدم الاعتماد على لغة النقوش في دراسة طفولة اللغة ( 5 ).
الهوامش span>
(1) انظر: ابن عبد ربه، أحمد بن محمد: العقد الفريد. تحقيق: محمد عبد القادر شاهين، الطبعة الثانية، المكتبة العصرية، بيروت، 1999م، ج4، ص28- 29
واوانظر: السيوطي، أبو الفضل جلال الدين: الإتقان في علوم القرآن. تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، المكتبة التوفيقية، القاهرة، ج4، ص135.
وانظر: الصولي، أبو بكر محمد بن يحيى: أدب الكتاب، تحقيق: محمد بهجة الأثري. نظر فيه: محمود شكري الآلوسي، دار الكتب العلمية، بيروت، ص28.
(2) انظر: حسام الدين ، كريم زكي: العربية تطور وتاريخ ـ دراسة تاريخية في نشأة اللغة العربية والخط وانتشارهما. الطبعة الأولى، 2002، ص69.
(3) انظر: الحمد ،غانم قدوري: رسم المصحف ـ دراسة لغوية تاريخية ـ ط1، دار عمار، عمان، 2004، ص51 وما بعدها.
(4) أنيس ، إبراهيم: في اللهجات العربية، مكتبة الانجلو المصرية، ط8، 1992، ص35.
(5) انظر أنيس ، إبراهيم: في اللهجات العربية. ص35،36. وانظر: حسام الدين، كريم زكي: العربية تطور وتاريخ. ص76.