انهيار النظام الرأسمالي الربوي ..
في ظل انهيار الاقتصاد الأمريكي
أسباب وتداعيات ..
ومحاذير ودلالات
عبد الله خليل شبيب
بعد انهيار الشيوعية بسنوات .. بدأ النظام الرأسمالي الفاسد ينهار على رؤوس أربابه !
فقد ملأت الولايات المتحدة الأمريكية الأرض عدوانا وافتراء وخرابا ودماء .. وتعدت على حرمات شعوب ضعيفة وزرعت أدوات عدوانها وحراس الظلم والظلام والقمع والنهب .. في أنحاء المعمورة .. فلا تكاد بقعة من الأرض والبحار لم تتدنس بأساطيلها وقواعدها وأسلحتها وجواسيسها وسجونها ودسائسها وعبيدها ! وناصبت العالم الإسلامي بالذات العداوة اللدودة .. وأعلنت عليه الحرب الصليبية الجديدة .. وحاولت سترها بمسميات وحجج واهية ومزيفة !
ومن الطبيعي أن تواجه [ عدوانات الويلات الملحدة ] ..ردود فعل مختلفة .. وألا يقف ضحايا العدوان متفرجين ..وأن يحاولوا التصدي للمعتدي مهما ضعفت إمكاناتهم .. فليس هنالك أغلى من الكرامة والعقيدة والوطن ..
وكانت حركات المقاومة في البلاد المغزُوَّة بشكل أكثر شراسة وصلابة مما توقع المعتدون أو لم يتوقعوا ! وتصاعدت المقاومة ونزفت الولايات وخسرت آلاف الجند .. والمليارات ..وهي تظن أنها[ جثمت] على صدور تلك الشعوب وبترولها وأوطانها الاستراتيجية المواقع إلى الأبد!
.. وحاول نظام العدوان الأمريكي الأصولي المتطرف القضاء على المقاومة .. واستطاع أن يقتل الكثير .. ولكن القتلى من المقاومين لا يمثلون أكثر من (1%) من ضحايا العدوانات شبه اليومية على الآمنين ..والعشوائية في أكثر الأحيان !!
واستعانت دولة العدوان الصليبي بمن صدق أكاذيبها أو خاف سطوتها ..أو توهم المشاركة في غنائمها – وخصوصا النفطية – و/أو من يشاركها في عواطف التعصب والحقد الصليبي الموروث والمتأصل ضد المسلمين ..والعمل على تعويق نهضتهم وقيام خلافتهم الموحدة !
.. وحاولت الولايات أن تبث بذور الفرقة .. بين الضحايا ..وتوجد من ينوب عنها في القتل ..ونجحت في بعض المحاولات وعبأت [ ميليشيات ] وجيوشا لقتل مواطنيهم وقمعهم ومنع مقاومتهم للعدو ..وساعدها على ذلك أخطاء البعض و[ عماهم ] الذي قد يكون مقصودا ! وسالت دماء المسلمين أنهارا ..ولا تزال ..وكذلك استمر نزف الدم الأمريكي ..وإن قلت وتيرته عن ذي قبل .. ولكن [نزف مليارات الدولارات ] لم يَقِلّ .. وكان واضحا أن الولايات المتحدة ..وإن كانت قادرةعلى أن تفتح أكثر من جبهة ..ولكن ذلك سيكون [ نزفا ] طبيعيا يكون بالتأكيد من عوامل انهيارها المدوي .. والذي بدأت بوادره مع بداية انهيار السوق والاقتصاد الأمريكي .. والذي تداعت له كثير من نظم العالم – وخصوصا الرأسمالية – بالاهتزاز والتزلزل .. لطبيعة العلاقات والعولمة ..وغير ذلك من العوامل .. واقترحت أو وضعت الحلول وضخت أكداس الأموال في الأسواق والبنوك .. بدون كبير جدوى !
إن عاقبة المعتدي الخُسران ولا شك .. و( إن الله يدافع عن الذين آمنوا ..إن الله لا يحب كل خوان كفور )
هل هي ( الضربة القاضية ) للرأسمالية الطاغية ..؟!:
إن النظام الرأسمالي [ وأيديولوجيته الاستغلالية ] يعتوره الكثير من العلل والثغرات .. وإن كان أصحابه يحاولون أحيانا الترقيع ..وستر المثالب ومحاولة إطالة أمده .. ولكن جاءت التصرفات [ البوشية بالذات ] الطائشة .. لتسوق أكبر وأقوى دولة رأسمالية طاغية .. في سبيل الهلاك والانهيار ..بمغامرات عدوانية [ غير محسوبة أو محسوبة خطا ] أومبنية غالبا على أكاذيب وأضاليل وأوهام وتوجسات ! فكان يجب أن تكون النتيجة بعضا مما كان .. والقادم أبلغ !
إذا كان الشعب الأمريكي واعيا وحريصا على وطنه وسمعته وتاريخه .. فلا بد أن يحاكم [ جورج دبليو بوش ] ووالده من قبله بتهمة الخيانة العظمى !! لفرط ما ورطهم فيه من مخاز شوهت وجه أمريكا وأظهرت حضارتها وقيمها [ في أبو غريب وسائر العراق وفلسطين وغوانتانامو وجانجي وكل أفغانستان وغيرها ] بشكل مقزز مقرف تشمئز منه النفوس وتقشعر له الأبدان !!
.. وإنه إذا لم تستطع الأجيال الأمريكية الحالية محو عارها ذاك ومحاسبة مرتكبيه ومحاولة إزالة اللطخات والتشوهات عن وجه القيم والأخلاق والإنسانية الأمريكية .. التي لن يجدي في تبريرها أية حجج مهما كانت – فإن التاريخ سوف يتوكل بذلك بالتأكيد .. ولكنه سيدين كل هذاالعصر الأمريكي والأجيال الأمريكية ..إلا في استثناءات نادرة شجاعة استنكرت ذلك العبث ولم تخش من [سيف الصهيونية ]وسطوتها .
.. قد يتأخر السقوط المدوي للرأسمالية بينما تترنح وتحاول البقاء قائمة بفعل بعض [ الحقن والمسكنات المؤقتة ] ..ولكنها ساقطة حتما ينبئ بذلك الوقائعالماثلة وكثير منالخبراء والمراقبين... حتى بقاء الشجرة اليابسة واقفة لا يدل على أنها لم تمت !
فتش عن اليهود !:
يجب أن يدرك العالم خطورة النظام الربوي الذي يعتمد عليه – كليا تقريبا – النظام الاقتصادي الرأسمالي ..وسرت عدواه إلى كل العالم .. !
.. وأساطين النظام الربوي – تنظيرا وتقنينا وترويجا وممارسة ًهم [ اليهود ] بلا شك ولا ريب !..ومعظم أدواته وقنواته .. خيوطها في أيديهم ..أو تؤول إليهم ..سرا أو علنا .. طوعا أو كرها .. عاجلا أم آجلا ..!!
ولسنا في مقام إيراد إحصائيات أو أمثلة .. فتلك أمور مشهودة للعيان لا يعمى عنها إلا من قصد التعامي أوالتضليل !
.. وليست [ بؤرة الشر والتآمر العالمية ] المتمركزة في فلسطين باسم [ دولة إسرائيل ] وظهيرتها أوكار الربا العالمي .. وخصوصا في نيويورك –التي يقارب يهودها يهود فلسطين أو يزيدون .. ليس هؤلاء ولا هؤلاء ولا أمثالهم ووكلاؤهم ..ببعيدين عن أمثال تلك الأزمات ..وليس من المستبعد أن تقع ثمارها في أيديهم ولصالحهم .كما اعتادوا أن يثيروا المشاكل والأزمات والحروب ..ثم يقطفون نتائجها ..من الجانبين – على حساب دماء وآلام وجوع وبؤس الآخرين !
هل يحلون مشاكلهم على حساب شقائنا وخرابنا ؟!:
... ربما لم يكن من محض الصدفة أن يخرج علينا بعض كبار المنظرين الاستراتيجيين – السياسيين والاقتصاديين – من المسموعي الكلمة .. واليهود أيضا مما يزيد آراءهم إلزاما في معابد الرأسمالية الغربية والقرارالسياسي العدواني -! ومنهم [ هنري كيسنجر ومارتن فلشتاين أستاذ الاقتصاد في جامعة هرفارد وكبير مستشاري ريغن رئيس أمريكا الأسبق ] .. أن يخرج علينا هذان – قبل الأزمة بوقت قصير – بمقال مشترك .. يحسدان فيه أصحاب [ الفوائض البترودولارية الهائلة ] .. ويحذران من عواقب تراكمها بأيدي [ المتخلفين ] أو غير المنصاعين للإرادات الصهيونية ] وخشية استخدامها [ للتنكيد ] على المخططات اليهودية والانحياز الأمريكي والغربي الكامل لها.. ويحرضان – بشكل غير مباشر - على التصرف حيالها ( بالغزو أوالنهب بأية وسيلة طبعا)!
.. إن ما حصل من أزمات وانهيارات في الاقتصاد الرأسمالي الغربي والأمريكي بالذات قد يسهم في [ تسريع تلك الخطط المبيتة ] والانقضاض على تلك الفوائض والثروات ..ومصادرها ومنابعها النفطية.. والذهاب في الطريق الخاطئ باستعمال ما تبقى من قوى وسياسات لزيادة تدمير العالم واستغلاله وشقاء شعوبه !
إلى نور الحق : الحل الأمثل :
لقد آن للعالم أن يكف عن التخبط والدوران في حلقات مفرغة لا تزيده إلا عناء وشقاء .. وأن يعود إلى فطرته الطبيعية التي فطر الله الناس عليها .. ورسم لهم مناهج صلاحهم في كافة الأمور وسائر شؤون الحياة .. بما أنزل لهم من وحي راشد معصوم موثوق فيه الخطوط الرئيسة للتصرف السليم في كل مجال وتترابط خيوطه وتتواصل قنواته معا وتتكامل ... وليس ذلك إلا في الإسلام والقرآن المحفوظ بحفظ الله له " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " فهو وحي الله الصادق الحق الذي لم يتغير والذي " لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد " ... وهو شرع الله ودينه وقانونه لعباده الذين خلقهم ..وهو أعلم بهم من أنفسهم " ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير "؟!
... إن الله تعالى حين حرم الربا وأعلن الحرب على متعاطيه ..وشدد النكير عليهم لم يكن يريد تحقيق مصلحة خاصة أو ذاتية له – سبحانه ..وتعالى عن أن يناله من أحد ضر أو نفع .. إنما أراد بذلك – وكسائر التشريع – مصالح العباد وخيرهم ..واستقامة عمرانهم للأرض وصلاح الخلافة فيها .
.. فمقاصد التشريع الرباني الأساسية =( حفظ الدين ، وحفظ النفس ، وحفظ النسل ، وحفظ العقل ، وحفظ المال ) ..ماهي إلا مصالح بشرية .. يتحقق بحفظها سعادة الإنسان الدنيوية والأخروية ..وليس لله تعالى منها مصلحة تعود عليه بنفع أو ضر ..تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا !
والنظام الاقتصادي الإسلامي ..هو النظام الصحيح والسليم للبشرية ..وله أصوله وقواعده ..وقد أُلِّفَتْ فيه مؤلفات كثيرة ..ولا زال باب البحث مفتوحا فالإسلام يشجع البحث والعلم والإنجازوالإنتاج .. ويحدد لكل أمر خطوطه العريضة ..وما على البشر إلا أن يجتهدوا ويطوروا – حسب ظروفهم المختلفة – في حدود تلك الخطوط الرئيسة ..ودون تجاوز حدود الله .. كالربا والرشوة الغصب والسرقة والنصب والغش والنهب والاستغلال والظلم ..إلخ
.. ولا شك – لضمان النجاح وتحقيق النتائج المرجوة - في الاعتبار الأول أن يقوم على تطبيق نُظم الله من يؤمن بها ويوقن أنها وحي من الله يعاقب على تجاوزه ومخالفته ..أما إن كان غير مؤمن بذلك .. فهو لا يؤتمن من الانحراف ..أو تجيير الأمور لصالحه وصالح فئته وقبيله.. ومن ينتمي إليهم ويمت لهم بصلة ما .. فيفسد الأمر ولا يتحقق الهدف الحقيقي ..
.. وأمثلة ذلك معروفة معهودة من العهد النبوي والراشدي .. حيث كان كل صاحب حق يحصل على حقه .. قريبا كان أم بعيدا .. مواليا كان أم معارضا !
..ومع كل ذلك لو طبق غير المسلمين ( كالغربيين الرأسماليين ) نظم الإسلام الاقتصادية الأساسية ونبذوا الربا وملحقاته لتحسنت أوضاعهم – ولو كانوا غير مؤمنين .فاحتمالات النجاح عندهم ربما تكون أفضل من بعض الأقطار الإسلامية في أوضاعها الحالية ..حيث تفشى الفساد وخراب الذمم و[قلة الدين]!