نعم الإسلام هو الحل
رضوان سلمان حمدان
l{وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى }
طه124
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ }
السجدة22
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً }
الكهف57
{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }
البقرة275
{يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ }
البقرة276
{وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ}
إبراهيم42
{أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ }
الأعراف 98- 99}
كُتّاب غربيون: الشريعة الإسلامية تنقِذ اقتصاد العالم
2008-10-04
وكالات- دعت كبرى الصحف الاقتصادية في أوروبا التي تنادي دولها بالعلمانية (فصل الدين عن الدولة) لتطبيق الشريعة الإسلامية في المجال الاقتصادي كحل أوحد للتخلص من براثن النظام الرأسمالي الذي يقف وراء الكارثة الاقتصادية التي تخيم على العالم.
ففي افتتاحية مجلة "تشالينجز"، كتب "بوفيس فانسون" رئيس تحريرها موضوعا بعنوان (البابا أو القرآن) أثار موجة عارمة من الجدل وردود الأفعال في الأوساط الاقتصادية.
فقد تساءل الكاتب فيه عن أخلاقية الرأسمالية؟ ودور المسيحية كديانة والكنيسة الكاثوليكية بالذات في تكريس هذا المنزع والتساهل في تبرير الفائدة، مشيرا إلى أن هذا النسل الاقتصادي السيئ أودى بالبشرية إلى الهاوية.
وتساءل الكاتب بأسلوب يقترب من التهكم من موقف الكنيسة ومستسمحا البابا بنديكيت السادس عشر قائلا: "أظن أننا بحاجة أكثر في هذه الأزمة إلى قراءة القرآن بدلا من الإنجيل لفهم ما يحدث بنا وبمصارفنا لأنه لو حاول القائمون على مصارفنا احترام ما ورد في القرآن من تعاليم وأحكام وطبقوها ما حل بنا ما حل من كوارث وأزمات وما وصل بنا الحال إلى هذا الوضع المزري؛ لأن النقود لا تلد النقود".
وفي الإطار ذاته لكن بوضوح وجرأة أكثر طالب رولان لاسكين رئيس تحرير صحيفة "لوجورنال د فينانس" في افتتاحية هذا الأسبوع بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية في المجال المالي والاقتصادي لوضع حد لهذه الأزمة التي تهز أسواق العالم من جراء التلاعب بقواعد التعامل والإفراط في المضاربات الوهمية غير المشروعة.
وعرض لاسكين في مقاله الذي جاء بعنوان: "هل تأهلت وول ستريت لاعتناق مبادئ الشريعة الإسلامية؟"، المخاطر التي تحدق بالرأسمالية وضرورة الإسراع بالبحث عن خيارات بديلة لإنقاذ الوضع، وقدم سلسلة من المقترحات المثيرة في مقدمتها تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية برغم تعارضها مع التقاليد الغربية ومعتقداتها الدينية.
lاستجابة فرنسية
lوفي استجابة -على ما يبدو لهذه النداءات، أصدرت الهيئة الفرنسية العليا للرقابة المالية - وهي أعلى هيئة رسمية تعنى بمراقبة نشاطات البنوك- في وقت سابق قرارا يقضي بمنع تداول الصفقات الوهمية والبيوع الرمزية التي يتميز بها النظام الرأسمالي واشتراط التقابض في أجل محدد بثلاثة أيام لا أكثر من إيرام العقد، وهو ما يتطابق مع أحكام الفقه الإسلامي.
lكما أصدرت نفس الهيئة قرارا يسمح للمؤسسات والمتعاملين في الأسواق المالية بالتعامل مع نظام الصكوك الإسلامي في السوق المنظمة الفرنسية.
lوالصكوك الإسلامية هي عبارة عن سندات إسلامية مرتبطة بأصول ضامنة بطرق متنوعة تتلاءم مع مقتضيات الشريعة الإسلامية.
lالبديل الإسلامي
lومنذ سنوات والشهادات تتوالى من عقلاء الغرب ورجالات الاقتصاد تنبه إلى خطورة الأوضاع التي يقود إليها النظام الرأسمالي الليبرالي على صعيد واسع، وضرورة البحث عن خيارات بديلة تصب في مجملها في خانة البديل الإسلامي.
lففي كتاب صدر مؤخرا للباحثة الإيطالية لووريتا نابليوني بعنوان "اقتصاد ابن آوى" أشارت فيه إلى أهمية التمويل الإسلامي ودوره في إنقاذ الاقتصاد الغربي.
lواعتبرت نابليوني أن "مسئولية الوضع الطارئ في الاقتصاد العالمي والذي نعيشه اليوم ناتج عن الفساد المستشري والمضاربات التي تتحكم بالسوق والتي أدت إلى مضاعفة الآثار الاقتصادية".
lوأضافت أن "التوازن في الأسواق المالية يمكن التوصل إليه بفضل التمويل الإسلامي بعد تحطيم التصنيف الغربي الذي يشبه الاقتصاد الإسلامي بالإرهاب، ورأت نابليوني أن التمويل الإسلامي هو القطاع الأكثر ديناميكية في عالم المال الكوني".
lوأوضحت أن "المصارف الإسلامية يمكن أن تصبح البديل المناسب للبنوك الغربية، فمع انهيار البورصات في هذه الأيام وأزمة القروض في الولايات المتحدة فإن النظام المصرفي التقليدي بدأ يظهر تصدعا ويحتاج إلى حلول جذرية عميقة".
lومنذ عقدين من الزمن تطرق الاقتصادي الفرنسي الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد "موريس آلي" إلى الأزمة الهيكلية التي يشهدها الاقتصاد العالمي بقيادة "الليبرالية المتوحشة" معتبرا أن الوضع على حافة بركان، ومهدد بالانهيار تحت وطأة الأزمة المضاعفة (المديونية والبطالة).
lواقترح للخروج من الأزمة وإعادة التوازن شرطين هما تعديل معدل الفائدة إلى حدود الصفر ومراجعة معدل الضريبة إلى ما يقارب 2%. وهو ما يتطابق تماما مع إلغاء الربا ونسبة الزكاة في النظام الإسلامي.
lوأدت الأزمة المالية التي تعصف بالاقتصاد الأمريكي إلى إفلاس عدد من البنوك كان آخرها بنك "واشنطن ميوتشوال" الذي يعد أحد أكبر مصارف التوفير والقروض في الولايات المتحدة.
lوتأثر ميوتشوال - الذي يعتبر سادس مصرف في الولايات المتحدة من حيث الأصول- بالأزمة العقارية وتدهورت أسهمه في البورصة إلى الحد الأقصى.
lويعتبر هذا المصرف أحدث مؤسسة عملاقة في عالم المال الأمريكي تنهار بسبب الأزمة في أقل من أسبوعين بعد مصرفي الأعمال ليمان براذرز، وميريل لينش، إضافة إلى مجموعة التأمين إيه آي جي.
http://paltimes.net/arabic/?action=detile&detileid=20941
lانهيار خطة إنقاذ بنك هيبو ريال ستيت الألماني
lهيبو خامس بنك ألماني يحتاج لمساعدة إنقاذ عقب الأزمة المالية (رويترز-أرشيف)
lأعلن بنك هيبو ريال ستيت العقاري الألماني، الذي أصابته عاصفة الأزمة المالية وطالت عددا من المصارف الغربية، أن محاولة إنقاذه المدعومة من الحكومة قد انهارت.
l
وقال البنك الذي يعمل في مجال التمويل العقاري إن الضمانات الخاصة بالقروض التي حصل عليها من العديد من المؤسسات المالية قد انتهت صلاحيتها.
lوأوضح المتحدث باسم البنك هانز أوبرماير أن الإدارة "تحارب من أجل مستقبل بقاء الشركة"، ومضى بالقول إن الموقف صعب، وأمل من الأطراف المشاركة في المناقشات إدراك خطورة الوضع.
lمن جهتها أعربت وزارة المالية عن صدمتها موضحة أنها فوجئت بالنبأ وستسعى لجمع مزيد من المعلومات وتأمل أن يدرك الجميع مسؤولياتهم.
lوفي محاولة لتوضيح موقفها قالت البنوك التجارية المشاركة في نقاش خطة إنقاذ البنك -حسبما أوردت تقارير صحفية- إنها اكتشفت أن المتاعب التي يعاني منها هيبو ريال ستيت كانت أكثر خطورة مما كان يعتقد في بادئ الأمر.
lوكانت الحكومة الألمانية وبنوك تجارية كبرى كشفت الاثنين الماضي عن خطة بقيمة 35 مليار يورو (50 مليار دولار) لضمان تمكين بنك هيبو ريال ستيت العقاري من استئناف عمليات الإقراض القصيرة الآجل.
lويعد هيبو ريال ستيت خامس بنك ألماني يحتاج إلى مساعدة إنقاذ بعد الاضطرابات في أسواق الائتمان الناتجة عن الأزمة المالية في الولايات المتحدة.
المصدر: وكالات
lأزمة أسواق المال العالمية
أزمة رهن عقاري أم أزمة أسواق مالية؟ أم أزمة أسواق أسهم أم أزمة بنوك استثمار؟ أم أزمة ثقة نخرت نظام الائتمان فهزت ارتداداتها أسواق العالم؟
lلقد جمعت الأزمة المالية الحالية كل هذه العناصر لتصبح شبحا يهدد الاقتصاد الأميركي الذي يمثل نحو 40% من اقتصادات العالم ويقذف إلى الذاكرة الكساد الكبير الذي عصف بالولايات المتحدة نهاية عشرينيات القرن الماضي.
lنواقيس الخطر دقت منذ بدأت أزمة قروض الرهن العقاري منذ عام ونصف العام وظلت تعتمل لتقوض سوق المساكن، أحد الركائز الهامة للاقتصاد الأكبر في العالم، في وقت اختلفت الآراء حول الأسباب الحقيقية للأزمة الناتجة عن التخلف عن تسديد القروض العالية المخاطر.
lويبدو أن نواقيس الخطر تلك لم تستطع إيقاظ الغافلين حتى أفاقت الأسواق على خطر داهم كان أوله أزمة الرهن العقاري وآخره خطة إنقاذ حكومية بتكلفة 700 مليار دولار تحمل الحكومة الأميركية -أكبر حكومة مدينة في العالم- أعباء ديون إضافية قد تعاظم التضخم وتزيد الضغوط على العملة الأميركية.
lوبين المرحلتين ضعف مستمر في حالة الاقتصاد، بين تأكيدات حكومية بالانتعاش وأرقام رسمية بين صاعد وهابط, ومخاوف من انجراف إلى كساد, وبين إعلانات إفلاس لمؤسسات استثمارية أميركية كبيرة تلقفتها يد الحكومة الحانية، التي طالما دافعت عن حرية السوق الرأسمالية، خشية أن تخسف الصاعقة بالأسواق الأميركية وأن يتطاير الشرر إلى أسواق العالم الأخرى التي ربطتها العولمة بالسوق الأميركية برباط وثيق.
lويبقى في عمق المجهول مدى فاعلية طوق النجاة الذي ألقت به الحكومة إلى أسواق المال الأميركية بينما تكتم أسواق العالم أنفاسها عسى أن ترى من آثار الخطة ما تقر به أعينها بعد جرعات ضخمة على فترات متقطعة من ضخ الأموال من قبل البنوك المركزية على أمل حمايتها من الانهيار.
l
الرأسمالية تترنح
د. يوسف بن أحمد القاسم - 02/10/1429هـ
lليست مفاجئة لنا نحن المسلمين أن يترنح اقتصاد يقوم على مبدأ الحرية المطلقة، ويتغذى على الربا، ويستند إلى السندات والديون، ويبيع ويشتري بالهامش والبيع على المكشوف، ويقامر حتى الثمالة! ولكنها مفاجئة للعالم المتحضر الذي لا يؤمن إلا بالقيم الرأسمالية، ولا يمتثل إلا لأفكارها, ولا يحترم إلا أبجدياتها وأدبياتها! كما أنها مفاجئة وإحراج لكل من نحا نحوهم، أو دار في فلكهم، أو سبح بحمدهم!، ولهذا أخذ هؤلاء المسبحون بحمدهم يعتذرون عن الهزة التي تعرض لها النظام الرأسمالي الذي تتزعمه أمريكا بأنها ليست بسبب النظام الرأسمالي الذي يؤمن بالحرية المطلقة, وإنما بسبب بعض الممارسات الخاطئة في السوق. في الوقت الذي تنشر فيه جريدة "فاينانشيال تايمز" لأحد كتابها عنواناً عريضاً في إحدى صفحاتها قبل أيام: "باريس تزدري الرأسمالية بهدوء..!!" ثم جاء في مقدمة المقال: "السياسيون الفرنسيون كانوا طوال سنوات كثيرة يهيلون الازدراء للرأسمالية...!".
أما المسلمون, فقد تعلموا منذ أكثر من 14 قرنا أنه لا توجد في السوق حرية مطلقة، وأن الربا كبيرة من الكبائر، وأنه لا يجر إلا الدمار وخراب الديار والويلات، ومحق المال والبركات (يمحق الله الربا ويربي الصدقات) بل تعلم ذلك قبلهم اليهود والنصارى في كتبهم المنزلة من السماء، كما أشار إليه الخالق سبحانه في قوله: (.. وأخذِهم الربا وقد نهوا عنه وأكلِهم أموال الناس بالباطل...!) كما صرخ علماؤنا المعاصرون بتحريم كثير من صور بيع الديون المستجدة، وبيع الهامش، والبيع على المكشوف، وصدرت بذلك القرارات المجمعية والفتاوى الفقهية منذ سنوات.
وحيث إن أسواقهم لا تدين إلا بالرأسمالية, ولا تؤمن إلا بالنظم التي تقنن تحصيل المال، فقد تنكب هذا الخلق الضعيف طريق الحق، وخالفوا تعاليم الخالق (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) وتفننوا في تشريع قوانين أرضية تناهض قوانين السماء, فأصدروا قانوناً يبيح الربا، ويقنن الحصول عليه، وأسسوا مبادئ "رأسمالية" تحترم رأس المال، ولا تحترم الآدمي ذاته، ولهذا جوزوا- مثلا- للشركات الزراعية أن يتلفوا محاصيلهم, وأن يلقوها في المزابل, ويدفنوها تحت التراب، ليحافظوا على حركة العرض والطلب ولو تضور الفقراء جوعا..! بل وضعوا تشريعات تنحني للغني على حساب المسكين وذي العيلة، وتسبح بحمد رجل الأعمال ولو وضع الفقير بسببها تحت الأشغال الشاقة. ولأن هذه المبادئ والمثل الرأسمالية من وضع البشر، وليست من وضع خالق البشر، فقد تراجع دعاتها وحماتها اليوم عما كان له صفة القداسة أمس، حيث رفعوا منذ سنوات عدة شعار حرية السوق، وهاهم اليوم يمرغون هذه الحرية بالطين لإنقاذ أسواقهم المالية وشركاتهم الرأسمالية التي تترنح تحت وقع الإفلاس. وها هو الكونجرس الأمريكي يصوت على اقتراح الرئيس الأمريكي بضخ 700 مليار دولار لإنقاذ بعض شركاتهم من الإفلاس...! وبهذا يصبح التدخل الحكومي للإنقاذ مسمارا آخر في نعش الرأسمالية, ناهيك عما قننوه بالأمس من أنظمة تسمح بالبيع على المكشوف, ثم أوقفوه اليوم حتى إشعار آخر, وذلك حين اكتشفوا أثره السلبي والخطير في أسواقهم وشركاتهم...! وهلم جرا....
ولو رجعنا إلى الوراء 14 قرنا، لوجدنا أن الإسلام قد قيد الحرية التي لا ترعي بالاً للفقير والمسكين، أو تلك التي تحترم الفرد على حساب الكل، فحرم الربا، ومنع من الإقراض بالفائدة- لما يؤديان إليه من أثر سلبي وخطير في الفقراء، وفي الاقتصاد العام ككل- وسمح بالدَين ولكن في حدود الحاجة، وبضوابط شرعية تمنع من وقوع أزمات، أو حدوث انهيارات، تضر بأصحاب الأموال, أو تلحق الضرر بالاقتصاد العام، وها نحن نرى اليوم أزمة الائتمان المفتوح في أمريكا, وما خلفته من ضحايا في طول العالم وعرضه، ثم توزيع هذه الأزمة بالمجان على البنوك والشركات والأفراد عبر السندات سيئة الصيت. ولهذا نجد الشارع الحكيم قد وضع للدين ضوابط كثيرة، تكبح جماحه، وتسمح بالاستفادة منه بالقدر الذي لا يضر بالفرد والمجتمع، ولهذا نجد نصوصا شرعية كثيرة تلمح إلى خطر الدين, كما في استعاذته ـ صلى الله عليه وسلم ـ من المغرم (وهو الدين)، ومن ضلع الدين (أي ثقله) كما في حديث البخاري: "كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال"، وفي صحيح البخاري أيضا، عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه كان يدعو في الصلاة، ويقول:"اللهم إني أعوذ بك من المأثم، والمغرم، فقال قائل: ما أكثر ما تستعيذ يا رسول الله من المغرم، فقال: إن الرجل إذا غرم حدث فكذب، ووعد فأخلف" وفي سنن النسائي، أنه كان يدعو بهذه الكلمات: "اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدين، وغلبة العدو، وشماتة الأعداء" واليوم نرى كيف غلبت الديون شركات وبنوكا كبرى، وأرغمتها على الإفلاس. ولفظ الغلبة يلمح إلى إعجاز نبوي في دقة العبارة، وما تحمله من بُعد، ممن أوتي جوامع الكلم ـ صلى الله عليه وسلم.
كما ألمح هذا إلى خطر الدين، فقد ألمح إليه أيضاً عدم صلاة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على من توفي وعليه دين، كما جاء في صحيح البخاري: "أتي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بجنازة، فقال: هل عليه دين؟ قالوا: نعم، قال: هل ترك شيئا ؟ قالوا لا، قال: صلوا على صاحبكم! قال أبو قتادة ـ رضي الله تعالى عنه: هو علي يا رسول الله, فصلى عليه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم" بل ألمح إلى خطره، أنه من الأشياء التي لا تغفر للعبد مهما بلغ صلاحه، ولهذا جاء في صحيح مسلم: "يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين" ولحرص الشارع على إطفاء أثر الدين، وحسم نتائجه المرة على الفرد والمجتمع، فقد تكفل بتسديد دين المعسرين بيتُ مال المسلمين، وهو ما يسمى اليوم "وزارة المالية"؛ حفظاً لأموال المسلمين من الضياع، ولتجنيب أفراد المجتمع ومؤسساته وشركاته خطر الإفلاس, كما جاء في الحديث المتفق عليه: "أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين، فيسأل: هل ترك لدينه من قضاء؟ فإن حدث أنه ترك وفاء صلى عليه، وإلا قال: صلوا على صاحبكم, فلما فتح الله عليه الفتوح قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم, فمن توفي عليه دين، فعلي قضاؤه". وفي رواية للبخاري: "فمن مات ولم يترك وفاء".
ولتثقيف المسلم بضرورة إعادة الدين إلى صاحبه، فقد أمر الشارع بتحسين النية عند
اقتراض المال للحاجة، كما جاء في صحيح البخاري:"من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى
الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله" وهذا فيه تحذير من تبييت المقترض
للنية السيئة، وإضمار عدم السداد؛ وذلك محافظة على الأموال، وصيانة لها من الأيدي
العابثة, وحرصاً على عدم تعريض المجتمع إلى هزات عنيفة بسبب الديون المتراكمة...!
ولهذا حرمت الشريعة الإسلامية على الموسر المماطلة في السداد, فقال عليه الصلاة
والسلام: "مطل الغني ظلم"، ولم يقف الإسلام عند دعوة أفراده إلى السداد، بل حثهم-
أولاً- على تخصيص بند لقضاء الدين كما جاء في صحيح البخاري ومسلم، عنه ـ صلى الله
عليه وسلم: "لو كان لي مثل أحد ذهبا ما يسرني ألا يمر علي ثلاث وعندي منه شيء إلا
شيء أرصده لدين" ثم حثهم- ثانياً- على حسن القضاء, كما في صحيح مسلم: "إن خيار
الناس أحسنهم قضاء" وذلك ليغرس في نفوس أبنائه أهمية قضاء الدين، وضرورة مكافأة
المحسن بأحسن منه؛ جزاء وفاقا.
كما أجاز الإسلام الدين بضوابط شرعية - ومنها ألا يكون الثمن والمثمن مؤجلا - فقد أجاز القرض الحسن؛ ليشيع في أبنائه روح المحبة والتكافل، ولذا حرَّم القرض بالفائدة؛ لأنه ابتزاز للمحتاج الذي ألجأته الضرورة أو الحاجة إلى اقتراض المال، وبما أن النظام الرأسمالي يسمح بنظام القرض بالفائدة، لذا فقد أضر به ضرراً بالغا في أسواقه المالية؛ حيث تسببت هذه القروض الربوية - إلى جانب الديون منخفضة الكفاءة - في أعنف زلزال عرفته باحة الشركات، والبنوك الأمريكية.
لقد نظم الإسلام الحياة الاقتصادية بقانون من الخالق جل وعلا, وذلك لينعم الخلق بحياة اقتصادية آمنة، تحترم الغني والفقير، وتراعي المصلحة العامة والخاصة، وتحفظ للناس حقوقهم, ولهذا:
أجازت البيع وحرمت الربا والغرر والتغرير والقمار. وأذنت في التجارة، ومنعت الاحتكار، ومن بيع البائع ما لا يملك، أو ما ليس في حوزته، ومن ربح مالا يضمن؛ ليقتسم الجميع الربح والخسارة.
ولو أخذت النظم الحديثة بهذا القانون الإلهي العادل لم تحتج إلى تجربة شيوعية، ولا رأسمالية، يثبت فشلها مع مرور الأيام، وتتعرض الأسواق بسببها للانهيار، والشركات للإفلاس والتقبيل، ولكن كما قيل: "ليس بعد الكفر ذنب".
ولكن الذنب علينا نحن المسلمين إن سرنا في ركابهم، والذنب أكبر إن قام بعض فقهاء المصارف والبنوك بإجراء عمليات ترقيع على المنتجات البنكية؛ لتبدو بصورة إسلامية، وهي بروح أجنبية...!!
الآثار السيئة للنظام الربوي العنوان
lما هي الحكمة من تحريم الربا، وبخاصة أنه قد يتم الأمر بالتراضي بين الطرفين وكلاهما مستفيد، فلماذا لا يترك الأمر لرغبة كل إنسان واختياره وبخاصة إذا كان ذلك سيعود عليه بالنفع؟
جزاكم الله خيرا السؤال
l22/05/2007 التاريخ
lالأستاذ الدكتور حسين شحاته المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
إن من مقتضى العبودية لله عز وجل كمال الخضوع والامتثال لأوامره سبحانه سواء أدركنا الحكمة أو لم ندركها، والربا كبيرة من أكبر الكبائر التي توعد الله عليها بالوعيد الشديد في الدنيا والآخرة، وما حرم الله شيئا إلا وكان في ذلك مصلحة للعباد، والربا له أضرار كثيرة، وعلى مستويات مختلفة، على المستوى العقدي والأخلاقي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي.
lيقول فضيلة الدكتور حسين شحاتة - أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر-:
lلقد أجمع فقهاء الإسلام المخلصين المحققين سواء من السلف أو من الخلف المعاصرين على أن للنظام الربوى القائم على الفائدة آثاراً سيئة متعددة الجوانب .. والتى من أجلها حَرَّم الله الربا تحريماً قطعياً يضيق بنا المقام لذكرها تفصيلاً .. لذلك نوجز أهمها فى الآتى :
lأولا: مضار الربا العقدية (أثر الربا على العقيدة).
من يتعامل بالربا يعلن معصية الله عز وجل ، إنه يحارب الله ورسوله لذلك فهو عاص خرج من رحمة الله ، وجزاؤه إذا لم يتب جنهم وساءت مصيرا ... كما أنه يعبد المال ويعشقه من دون الله وبذلك أصبح مادياً تجرد من الروحانية ومن حب الله عز وجل الذى خلقه ورزقه ، ولقد وصفه القرآن بأنه كفاّر أثيم وظالم .. ويصدق فيه قول الله : " وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِيناً " ، ومن ناحية أخرى نجد المرابى يبنى فى الدنيا ويخرب آخرته ولذلك دائماً يخاف الموت ، ولقد أعلن الله عليه الحرب فى قوله : " فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ " (سورة البقرة: 279) .
lثانيا: مضار الربا الأخلاقية .
يتجرد من يتعامل بالربا من القيم الإنسانية والأخلاق الفاضلة ، فهو جشع وشرير وبخيل ، وقلبه أشد قسوة من الحجارة ، لا يتورع من أن يضحي بكل المثل والأخلاق السامية من أجل درهم ربا ، ولذلك وصفه القرآن بأنه مجنون ومسعور وقلق ، كما ورد في قوله تبارك وتعالى : " الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا البَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَِ " ( سورة البقرة : 275 ) ، كما أن المرابى يتسم بالإثْرة والفردية والمقامرة والكذب والخداع .
يقول علماء النفس أنه إذا حللنا نفسية المرابى تحليلاً سيكولوجياً لوجدنا أن لديه شراهة فى جمع المال والاستحواذ عليه بكل الطرق الخسيسة وذلك بتأثير الإثرة والبخل والتكالب على المال والحرص عليه تجعله دائماً وأبداً يعيش فى ظلام المادة لا ينفك عنها حتى يدركه الموت .
lوإذا نظرنا في الواقع العملي لنجد أن المرابي يتكلم دائماً عن المال ويصبح ذلك أكبر همه ويتابع أخبار المقترضين ويفكر دائماً في كيفية وضع الضمانات للمحافظة على أصل ماله مضافاً إليه الفوائد الربوية دونما أن يعبأ بتحريم الشرع له وإنذاره للمرابين بحرب من الله ورسوله إن لم ينتهوا عنه .
lثالثا: مضار الربا الاقتصادية .
لقد أجمع علماء الاقتصاد الوضعي أن النظام الربوي القائم على الفائدة يعوق التنمية ويسبب التخلف ويزيد الفقير فقراً ، ولقد أوصى صندوق النقد الدولي الدول النامية بأن تتجنب تمويل التنمية بالقروض بفائدة لأن ذلك يسبب لها مزيداً من التأخر، كما أوصى الصندوق بأن تعتمد هذه الدول على التمويل بصيغة المشاركة بينها وبين الدول الغنية وفقاً لقاعدة الغنم بالغرام ( المشاركة في الربح والخسارة ) .
وقال كبير الاقتصاديين كينز بأنه لن يتحقق العلاج الصحيح للبطالة والكساد إلاّ إذا كان سعر الفائدة صفراً ، وتتسابق دول العالم الآن لتخفيض سعر الفائدة حتى أنه وصل في بعض الدول العالم إلى ½و1 % سنوياً ، ونتساءل ماذا يحدث لو كان سعر الفائدة صفراً ؟ ، الإجابة هي أن يتحول الناس إلى نظام المشاركة وهذا هو منهج الاستثمار الإسلامي.
lويرجع السبب في طلب الاقتصاديين الوضعيين التخلي عن سعر الفائدة إلى الآتي:
[1] ـ أن إضافة الفوائد على تكلفة الأصول أو تكلفة البضاعة يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وهذا يقود إلى التضخم، ولقد قيل: إن الفائدة هي وقود التضخم ، فكلما ارتفع سعر الفائدة كلما زاد معدل التضخم .
[2] ـ يؤدى نظام الفائدة إلى تعسر الشركات أو توقفها أو تصفيتها وذلك في حالة تعذر رجال الأعمال المقترضين عن سداد الفوائد والأقساط وهذا هو الواقع الذي نعيشه الآن ... وهذا يقود لسلسلة من المضاعفات قد تنتهي إلى انهيار البنوك وإفلاس الشركات وخلل في النظام النقدي .
[3] ـ يؤدى نظام الفائدة إلى حدوث الخلل في الأسواق المالية (البورصات) ، وما حدث في دول شرق أسيا ليس منا ببعيد حيث تبين أن السبب الرئيسي في ذلك هو الاقتراض من البنوك بفائدة لتمويل المضاربات في البورصة بنظام الاختيارات والمستقبليات والمعاملات الوهمية .
[4] ـ يؤدى نظام الفائدة إلى خلل فى انسياب الأموال إذا كان سعر الفائدة أعلى من العائد المتوقع من استثمار المال ، وهذا يحجب التمويل عن المشروعات الضرورية التى يقل عائدها المتوقع عن سعر الفائدة .
[5] ـ يؤدى نظام الفائدة إلى الكساد والأزمات الاقتصادية حيث يتوقف رجال الأعمال عن السداد ، وتتوقف البنوك عن التمويل وهذا هو الواقع ، لذلك يؤكد رجال الاقتصاد الإسلامي بأنه لا يوجد نظام أشر على العالم من نظام الفائدة فهو شر ويقود إلى شر وأن البديل له هو نظام الاستثمار القائم على المشاركة والإجارة والتصنيع والسلم
lرابعا: مضار الربا السياسية .
ولا تقتصر مضار النظام الربوي على المستوى الإقليمي بل يمتد إلى المستوى الدولي ويكون له آثاراً سيئة ملموسة على السياسات الدولية ، وفيما يلي نظرات في مضار الربا السياسة .
[1] ـ يؤدي النظام الربوي إلى وقوع الدول الضعيفة تحت رحمة الدول الغنية بسبب الاقتراض وهذا ما نشاهده في الواقع الآن حيث تقع الدول المقترضة الفقيرة تحت ذل وسيطرة الدول المقرضة الغنية والتي تملى شروطها التعسفية عليها ، ويترتب على ذلك استنزاف موارد تلك البلاد الفقيرة واستعمارها .. وما حدق بدولة مصر ليس مِنّا ببعيد ، ففي عهد الخديوي إسماعيل وقعت مصر تحت رحمة إنجلترا بسبب القروض وانتهى الأمر إلى استعمار مصر ، وفي عهد عبد الناصر اقترضت مصر من روسيا القروض بفائدة وانتهى الأمر إلى دخول الروس مصر وسيطروا على أمورها ، ويضيق بنا المقام لسرد الأخطار الأخرى الناجمة عن ذلك .
[2] ـ يلعب المرابون دوراً خطيراً في سياسة الدول داخلياً وخارجياً ، فعلى سبيل المثال يسيطر اليهود المرابون والذين يهيمنون على المؤسسات المالية في أمريكا على أمور تلك المؤسسات ، حيث لديهم الإمكانيات المالية لتسخر بعض العناصر لخدمتهم ،ويظهر ذلك جلياً في حالة الانتخابات وفي التعامل مع قضية فلسطين والصهاينة اليهود وفى دعم الدول الفقيرة .
[3] ـ يحاول المرابون أصحاب المليارات السيطرة على مصادر المواد الخام المختلفة فى البلاد الصغيرة بأساليبهم الخبيثة ... وهذا يقود في النهاية إلى استعمار تلك البلاد تلك التي تنتج مثل هذه المواد ، ما يحدث في دول النفط ليس مناّ ببعيد .
[4] ـ بالإضافة إلى ما سبق يحاول المرابون التخطيط للغزو الفكرى للبلاد الإسلامية وتشكيكهم فى أحكام العبادات والمعاملات حتى يسهل لهم تحقيق مآربهم الخبيثة .
lخلاصة القول : يتضح من التحليل الموضوعي العلمي والواقعي السابق أن للنظام الربوي مضاراً وآثاراً سيئة من الناحية العقدية والأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية ...وما ذكر كان على سيل المثال ، ولذلك حَرَّمَ الله عز وجل ذلك النظام رحمة بالبشرية وما نعانيه اليوم ليس إلاّ من نتاج النظام الربوي وصدق الله العظيم حين يقول : " إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ " ، وصدق رسوله صلى الله عليه وسلم حيثما قال : " إذا ظهر الزنا والربا في قرية أذن الله بهلاكها " ، ألم يأن للمسلمين بعد هذا البيان أن يتوبوا !! ألم يأن للذين يتعاملون بالربا أن يتقوا يوماً يرجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت .
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
ويمكنك للإفادة مطالعة هذه الفتاوى:
فوائد البنوك هي صريح الربا
الاستدانة بالربا.. ومفهوم الضرورة
فوائد البنوك هي الربا المحرم
القرضاوي والغزالي والشعراوي: فوائد البنوك حرام
lوالله أعلم
القره داغي* : تحريم فوائد البنوك أحيا الاقتصاد الإسلامي
عبد الرحمن يحيى زكريا
عمان- أكد أ.د. علي محي الدين القره داغي أستاذ الشريعة بجامعة قطر أن النهضة الحديثة للاقتصاد الإسلامي وفقه المعاملات قد بدأت فعلا بعد القرار الحاسم لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر 1964م بحرمة فوائد البنوك..
lوأوضح أن هذا القرار الذي اعتبر تلك الفوائد هي الربا المحرم الذي نزلت فيه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، قد فتح الباب لنهضة الاقتصاد الإسلامي، حيث تم فعلا إنشاء أول بنك إسلامي بدبي عام 1975م، ثم بنك التنمية، وتوالت البنوك الإسلامية تترى إلى أن وصلت إلى مئات وعشرات الآلاف من الفروع والصناديق ونحوها من المؤسسات المالية الإسلامية.
lجاء ذلك أثناء عرض القره داغي لبحث له بعنوان "التجديد الفقهي في الاقتصاد والمعاملات المالية المعاصرة" في اليوم الثالث لفعاليات الندوة السابعة المنعقدة في العاصمة العمانية مسقط تحت عنوان "التقنين والتجديد في الفقه الإسلامي المعاصر" في الفترة من 8:5/4/2008م، والذي خصص لمناقشة "الاجتهاد الفقهي المعاصر.. تياراته ومآلاته".
lولفت القره داغي إلى أن المقصود بالتجديد هو إصلاح ما أفسدته الدهور وإعادة الشيء إلى ما كان عليه في عصر شبابه وجماله بعرض جديد، وإضافة المؤثرات العصرية إليه حتى يظهر في ثوب قشيب، لذلك فالتجديد بهذا المعنى مشروع في الأديان، وأشد طلبا في الإسلام الذي هو دين الكمال والجمال والدين الخاتم لجميع الرسالات.
lوأوضح أن المقصود بالتجديد في فقه الاقتصاد الإسلامي هو تجديد الفكر الاقتصادي والنظام الاقتصادي والنظريات الاقتصادية، وربط محكم بين الأصول والحلول وبين الجزئيات والكليات، مع تجديد أصول الاستنباط للقضايا الاقتصادية ومناهجها، حتى تكون قادرة على تجديد الفقه واستحداث بعض الأصول التي تساعد على الفهم والاستنباط.
lوفي نفس السياق أكد القره داغي على ضرورة السعي لاستخراج كليات وقواعد ومبادئ ونظريات عامة لتنتظم من خلالها فروع كثيرة ومسائل مختلفة، مع ضرورة ربط الاجتهاد الفقهي بالعلوم الإنسانية وبخاصة العلوم الاجتماعية والنفسية والتربوية.
lوأشار إلى أهمية الاجتهاد الجماعي في حل الإشكاليات الكبرى، مشددا على أن المقصود به هو الاجتهاد الصادر من المجامع الفقهية، داعيا إلى ضرورة إنشاء مؤسسات تهتم بصناعة المجتهدين والفقهاء كما فعل نظام الملك المدارس النظامية في بغداد وغيرها.
lمنهجية التقنين
lوفي بحثه "منهجية التقنين.. أفكار أولية" أكد أ.د محمد كمال إمام أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية أن أول محاولة للتقنين الحقيقي هي مجلة الأحكام العدلية، مشيرا إلى أن التقنين لا بد أن يشمل ثلاثة أشياء: الاختيار من مذهب واحد أو من عدة مذاهب، والصياغة لهذه المواد وتنظيمها وهو أمر بالغ الدقة حسب إمام، وإلزام الناس بهذا التقنين.
lوأوضح إمام أن هناك ثلاثة اتجاهات في التقنين:
lأ. اتجاه ينظر في المدونات القانونية السائدة وتنقيتها من المخالفات الشرعية.
lب. اتجاه يحاول الانتقال من أن الشريعة هي المصدر الأول للتشريع إلى صياغة قانون كامل وشامل يستقي من الشريعة الإسلامية.
lج. اتجاه يأخذ القاسم الأعظم من التشريع العالمي دون الرجوع إلى الشريعة الإسلامية.
lوفي سياق متصل أكد الشيخ هلال بن محمد بن ناصر الراشدي القاضي بالمحكمة العليا العمانية أن التقنين المقصود لا يقتصر على الأحوال الشخصية ولا المعاملات، وإنما هو تقنين عام لكل سلوكيات المجتمع، وأن التقنين يعتمد على ثلاث جهات: السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، والسلطة القضائية.
lوأوضح الراشدي أن عوائق التقنين تكمن في الناحية القضائية والناحية السياسية، مشيرا إلى أن تطبيق القانون يتطلب إلماما بالشريعة، وإلماما بالواقع، وأحيانا يتم عزل الفقهاء عن الواقع، أو عزل القانونيين عن الشريعة، مشددا على ضرورة تضافر جهود العلماء والحكام لأن تطبيق الشريعة لا يتم إلا بذلك.
lالموسوعات الفقهية
l"الموسوعة خطوة أساسية في طريق التجديد وتيسير أعمال التقنين فمن خصائصها: شمول كل أو معظم أبواب الموضوع، وسهولة الترتيب، وبساطة الأسلوب، والاعتماد على الدليل، والإعداد الجماعي، وعرض الاتجاهات الفقهية".
lهكذا قرر الدكتور عبد الستار أبو غدة عضو مجمع الفقه الإسلامي الدولي وخبير الموسوعة الفقهية الكويتية، في بداية عرض بحثه المعنون "موسوعات الفقه والقواعد.. رؤية نقدية نحو التقنين الفقهي..".
lوأوضح أبو غدة أن من الموسوعات مشاريع القوانين التي صيغت وفق الشريعة، والمقررات في المستويات العلمية العليا، والموسوعات الخاصة ببعض الصحابة في رسائل علمية ومعاجم مصطلحات الفقه، وأبرز الموسوعات الحديثة هي الموسوعة الفقهية الكويتية التي تقع في خمسة وأربعين مجلدا مرتبة هجائيا حسب المصطلحات الفقهية.
lوذكر أن علاقة الموسوعات الفقهية بالتشريعات والقوانين هي تقديم المادة التي يصاغ منها القوانين وفقا للشريعة الإسلامية؛ لأن الموسوعات لا تشتمل على تشريعات يطرأ عليها التعديل والتبديل وتختلف حسب الزمان والمكان، مشيرا إلى أن الموسوعة تعتبر مادة فقهية ميسرة، تسهم في تفسير النصوص القانونية، وتساعد في المرافعات، وتذلل طريق الاجتهاد، وتساعد على التقريب، وتساعد على تمثيل الفقه الإسلامي في المؤتمرات الدولية ومراكز الدراسات، ونقلت الفقه إلى عالم الموسوعات العصرية، ووجودها بين يدي الباحثين ضرورة علمية.
lأما القواعد الفقهية -كما يقرر أبو غدة- فلها أهمية في عملية التقنين لا سيما في الأحكام العامة، بدأت بها مجلة الأحكام العدلية، وكذا القانون الأردني اعتبر تلك القواعد مواد قانونية..
lومن ثم يقرر "فالتقنين الفقهي لا بد من وجوده كي يزيح القوانين الوضعية التي وضعها الاستعمار.."، لافتا إلى أن "كليات الحقوق تسهم في ترسيخ القانون الوضعي وليس فيها إلا حظ يسير في مجال الشريعة".
lيذكر أن اليوم الثالث لفعاليات ندوة التقنين والتجديد في الفقه الإسلامي المعاصر قد اشتمل على مجموعة من البحوث منها بحث د. حمد بن ناصر الشيباني بعنوان "الأسس العلمية المقترحة لتقنين الفقه الإسلامي في العصر الراهن"، وبحث أ. د البشير محمد المدرس بمعهد العلوم الشرعية بسلطنة عمان حول "الفقه الجنائي في الإسلام ومحاولات التقنين"، وبحث الشيخ إسماعيل بن صالح بن حمدان الأغبري بعنوان "تقنين الفقه الإسلامي.. قانون الأحوال الشخصية العماني نموذجا"، وبحث الشيخ حمود بن يحيى بعنوان "التجديد الفقهي في الإفتاء العماني المعاصر.. سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي نموذجا"، وبحث أ.د قطب مصطفى سانو نائب رئيس مجمع الفقه الإسلامي الدولي بعنوان "في التجديد والتقنين والمصارف الإسلامية المعاصرة.. رؤية منهجية".