الدراسات العربية في ألمانيا

الدراسات العربية في ألمانيا

محمد هيثم عياش

[email protected]

بعيد الحروب الصليبية وعودة الصليببين الى بلادهم ، رأى بعض العلماء في اوروبا انه من الضروري دراسة الاسلام بشكل موضوعي وعلمي وذلك بعد احتكاكهم المباشر بالعرب المسلمين في الشرق ودرسوا أخلاقهم وعاداتهم وسياسة المسلمين في الحرب والسلام . وقد كانت الدعوة لدراسة الاسلام نتيجة من نتائج فشل الحروب الصليبية وأن دعوة القساوسة الذين قاموا بالتحريض على محاربة المسلمين وانقاذ بيت المقدس منهم جراء افتراءات منها ان المسلمين متوحشون  كانت كاذبة بعد أن لمس الصليبيون سماحة المسلمين اضافة الى  الجدل الديني في الغرب مع الاسلام من خلال ظهور حركات تطالب بتصحيح عقائد الكنيسة تأثرت بعمق كبير من   تعاليم الاسلام   ومعتقداته  ، الا ان دراسة اللغة العربية والاهتمام بها ودراسة القرآن الكريم والبحث العلمي حول الاسلام كانت منذ بداية الاحتكاك المسلح بين الدولة الاسلامية والبيزنطية المسيحية  اي منذ القرن الأول للهجرة النبوية ، فقد كانت الى جانب  الاعمال العسكرية مراسلات دبلوماسية بين الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم  وبين قياصرة الدولة البيزنطية ابتدأت منذ عهد الخليفة الراشد الصديق أبو بكر الصديق واستمرت على مدى  الدول الاسلامية التي تبعت دولة الخلفاء الراشدين ، الا أن دعوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لهرقل / هرقليوس / عظيم الروم الدخول في الاسلام كانت الاساس الأولي لهذه العلاقات فقد أصبحت اللغة العربية موضع اهتمام للباحثين الاروبيين منذ تلك الفترة .

هذا من جهة ، أما من جهة أخرى فقد كانت بلاد الشام والحجاز والعراق والاندلس ومن بعدها مصر  معروفة ومشهورة بجميع علوم المعرفة الانسانية من الفلسفة والطب والرياضيات والفلك التي برع فيها العلماء المسلمون كانت بمثابة إشعاعا لأوروبا لتي كانت تسبح في ظلام العصور الوسطى والقديمة الأمر الذي جعل اللغة العربية في اوروبا لغة المعرفة فما من عالم نبغ في اوروبا الا وكان يتقن اللغة العربية ، فالقيصر الالماني فريدريش فيلهلم فون هوهن شتاوفين كان معروفا بالقيصر المثقف لأنه كان يجيد العربية واللغة الالمانية القديمة وغيرها من اللغات .  كما كان لانتشار الاسلام موضع اهتمام لدى بعض القياصرة الالمان ، وقد عثر مؤخرا على قطع نقدية تعود الى عصر القيصر الالماني أوتو الثاني بين أعوام 955 و 983  الذي يقال له / أوتو التقي / مكتوب على احد وجهيها / لا اله الا الله محمد رسول الله / وعلى الوجه الثاني اسم القيصر وتاريخ صك النقود / ويقال ان بابا روما بينديكت السادس كان وراء عزل هذا  القيصر وقتله في ذلك العام لاعتناقه الاسلام .

وتعود أقدم ترجمة للقرآن الكريم الى اللغة اللاتينية الى عام 983 ميلادية ثم ظهرت ترجمة أخرى في عام 1143 ، وكان الغرض من هذه الترجمة معرفة ما يريد القرآن الكريم من المسلمين وغير المسلمين وبالتالي لأخذ صورة واسلوب واقعي عن حقيقة الاسلام وحقيقة العرب الذين استطاعوا جراء اعتناقهم الاسلام بسط سيطرة الاسلام على اكثر ارجاء المعمورة في تلك الاوقات ، وكانت ترجمة القرآن الكريم ودراسته مقتصرة على الكنيسة الكاثوليكية فقط ومنعت تداول الترجمة خوفا من اعتناق نصارى اوروبا الاسلام  ثم خطت الكنيسة خطوة لتجعل دراسة العربية واتقانها مقتصرة على الحركات التبشيرية لاقناع المسلمين بتغيير دينهم . الا انه ومن خلال العلاقات السياسية وظهور اوروبا كقوة من جديد بعد اربعة قرون تلت الحروب الصليبية وبحث الاوربيين عن مصادر اقتصادية لتقوية بلادهم من خلال قيامهم بحروب لاحتلال دول في افريقيا والهند ودول عربية بدأت دراسة اللغة  العربية تتخذ نمطا علميا آخر وأكثر توسعا ، وكانت هولندا بالتعاون مع علماء ألمان اول الدول الاروبية التي ساهمت بنشر  ثقافة اللغة العربية فتعود أقدم دار للنشر في اوروبا على الاطلاق لدراسة اللغة العربية والاسلام هي  دار نشر بريل التي تتخذ من مدينة ليدن الهولندية  مقرا لها اذ يعود تأسيسها الى عام 1683  ساهمت الى حد كبيربدعم وتقوية الاستشراق السياسي وسياسة احتلال الاوروبيين وأطماعهم في بلاد العالم الاسلامي كما ساهمت ايضا بتخفيف حدة عداء المسيحية الاوروبية  للمسلمين  وساهمت بانتهاج الاروبيين سياسة دبلوماسية تواجه المد الاسلامي العثماني الذي بدأ بفتح القسطنطينية / استانبول / على يد السلطان الفاتح  ابو الفتح محمد الفاتح في عام 1453 ميلادية ومحاولة المسلمين العثمانيين فتح النمسا في عام 1529 ومحاولتهم الثانية في عام 1683 .  ثم احتلت فرنسا زعامة اوروبا في دراسة اللغة العربية وذلك بعد قيام جيوشها باحتلال مصر فما أن  أعلن  نابليون بونابرت توجهه نحو مصر الا وكان العلماء الاوربيين في مقدمة جيوشه وذلك لشغفهم بالتعرف على بلاد الاسلام عن كثب اذ كان الشرق بالنسبة لهم سحر علمي جميل يريدون الاطلاع عليه عن كثب .

سبق الالمان اكثر من غيرهم من الاوربيين مثل  الفرنسيين والانجليز  الى معرفة الشرق الاسلامي العربي وربما يعود ذلك الى العلاقات القوية التي كانت قائمة بين القيصرية الالمانية منذ عهد اسرة فرانكين ومؤسسها القيصر الالماني  بيبين حفيد كارل مارتيل الذي أوقف  زحف المسلمين على اوروبا الغربية في معركة مدينة بواتييه المعروفة  ببلاط الشهداء وكان بين القيصر كارل الكبير / نجل بيبين / بين أعوام 747 و 814  الذي يطلق عليه العرب بـ / شارلمان / وبين الدولة العباسية  في بغداد والاموية في الاندلس علاقات قوية ،  وتؤكد مصادر التاريخ الاوروبي بأن / شارلمان / كان مندوب الخليفة العباسي هارون الرشيد  لتأمين حج نصارى الفرنجة  وتأمين وصول هداياهم الى  كنيسة القيامة  ببيت المقدس ولا تزال بعض هدايا الرشيد للقيصر المذكور موجودة في كنيسة مدينة آخن الألمانية   كما كانت البعثات الدبلوماسية والعلمية بين القيصرية الاروبية الى بلاد الاندلس التي كانت منذ حكم الاسلام فيها منارة للعلم في اوروبا  قائمة على قدم وساق حتى خروج آخر خلفاء بني الاحمر من اسبانيا .

بدأت الدراسات العربية في المانيا مع بداية ظهور المخطوطات العربية في  صالات مكتبات امراء ولاية راينلاند فالتس وذلك عندما اعتنق الامير فريدريش الثالث  الذي يطلق عليه فريدريش الحكيم عام 1561 مذهب الـ / كالفينيسموس /  الذي أسسه يوحنا كالفين بين اعوام 1502 و 1564 وهو مذهب يؤمن بوحدانية الله تعالى وأن المسيح لم يموت بل رفع الى السماء وهو مذهب قام بإصلاحات على مذهب اللوتارية لمؤسسها مارتين لوثر، وبذل هذا الامير ( الذي تأثر الى حد كبير بفلسفة القيصر الالماني فريدريش / الثاني / فون هوهين شتاوفين     بين أعوام 1194 و 1250 ملك بيت المقدس وقيصر المانيا وهو  من النورمانديين الذين استولوا على صقلية من العرب المسلمين ، اذ كان هذا القيصر الذي ولد في صقلية  على معرفة تامة باللغة العربية واهتمامه بالاسلام اذ تدل وثائق كثيرة اعتناقه الاسلام وان بابا روما انستانتس الثالث قام بقتله بالسم ، وكان النورمانديون الذين استولوا على صقلية ابقوا  الجزيرة تحت إدارة المسلمين العرب  لمدة وصلت الى حوالي 200 عاما كما كان زعيم النورمانديين القيصر فريدريش روجرز  هو مؤسس عائلة هوهن شتاوفين  التي حكمت اوروبا لمدة وصلت الى حوالي 180 عاما   ملما بالعربية محبا للاسلام ولا يزال يوجد في متحف مدينة بالرمو / عاصمة صقلية / الوطني   رداء القيصر روجرز مكتوب عليه آيات من القرآن الكريم وعبارة الله أكبر  الحمد لله وحده  )   وسعه لإحضار المخطوطات العربية التي تضم جميع علوم المعرفة وضمها الى مكتبة جامعة مدينة هايديلبيرج التي تعتبر اقدم جامعة المانية على الاطلاق ، الا أن أكثر تلك المخطوطات كانت مقتصرة على علوم الطب والفلك اضافة الى كتب تتعلق بالديانة المسيحية وتراجم للقرآن الكريم وخاصة ترجمة القرآن الكريم الى اللغتين اللاتينية  والالمانية التي كان مارتين لوثر وراء اقناع الكنيسة بضرورة ترجمتها  ثم أحضر ايماوئيل تريميليوس بين أعوام 1510 و 1580 من دمشق مخطوطات للقرآن الكريم  وقواعد اللغة العربية  وأول مخطوطة للعهد الجديد مترجمة من السريانية الى اللاتينية وعمل عند امراء ولاية فالتس بترجمتها الى اللغة الالمانية  ثم قام بإهداء مجهوده هذه الى جامعة مدينة هايديلبيرج . ثم قام طالبه وزوج ابنته فرديناند يونيوس بين اعوام 1545 و 1602 بترجمة الانجيل من اللغة العربية الى الالمانية وأطلق عليه اسم أقوال الرب ثم قام بترجمة معاني القرآن الكريم الى اللعتين اللاتينية والالمانية وأعطاها بدوره الى الجامعة المذكورة ويعود تاريخ هذه التراجم الى اعوام 1587 . ووضع يعقوب كريستمان بين اعوام 1585 و 1630  الذي درس العربية  بدمشق فهرسا لجميع المخطوطات العربية الموجودة في جامعة هايديلبيرج مع ملاحظات عليها وكان كريستمان يعتقد أنه بعمله هذا قام بخدمة جلية لطلاب العلم والمعرفة في المانيا وانه استطاع تصحيح الكثير من الاخطاء والافتراءات الكنسية  المتداولة عن الاسلام  مع انه اعترف بأنه أخطأ كثيرا في قواعد اللغة العربية .

وما ان وصل العثمانيون الى ابواب فيينا حتى أخذ الالمان يبدون اهتماما أكثر باللغتين العربية والتركية فقد كانت احرف اللغة التركية عربية ويعود سبب اهتمامهم باللغة التركية بروز  الدولة العثمانية  كدولة قوية تضاهي القيصرية الاوربية المتمثلة بعائلة هابسبورج التي حكمت اوروبا منذ القرن الخامس  عشر الميلادي واضمحلت بعد اعلان مستشار القيصرية البروسية اوتو فون بسمارك  بين أعوام 1815 و 1896 ووزير خارجية هابسبورج ميترنيخ في عام 1885 بأن الدولة العثمانية وهابسبورج على وشك الاحتضار  وذلك في مبنى لبرلمان الالماني الذي لا يزال قائما حتى يومنا هذا . وقد قام المستشار العسكري والمترجم لعائلة هابسبورج الحاكمة فرانس مينينسكي بين اعوام 1628 و 1698 بوضع عام 1677  قاموس عربي تركي الماني  لا يزال يعتبر مرجعا لعلماء اللغات الثلاثة  في الدول الناطقة بالالمانية وقد طبع هذا المستشرق القاموس على نفقته الخاصة الامر الذي جعله مديونا فقامت ابنته من بعده بتسديد تلك الديون وقد كان لهذا القاموس فائدة علمية كبيرة لدى الاوساط العلمية في المانيا والنمسا اذ اصبح طلبة العلم يتعرفون على لغة القرآن الكريم  اضافة الى لغة  الادارة العثمانية  فأصبح لديهم الى جانب معرفتهم بالعربية والتركية معرفتهم بالفارسية ايضا . ومع بداية الزحف الاسلامي العثماني الى اوروبا وتوقفه فيما بعد بدأ الألمان بتعميق معرفتهم حول الاسلام اذ أصبحت ترجمة القرآن الكريم متداولة بعد أن سمح البابا الكسندر السابع الذي استلم منصب البابوية  بين أعوام 1655 و 1667  بنشر وطباعة القرآن الكريم الى اللغتين اللاتينية والالمانية وقام العلماء الالمان بتصحيحات على اول ترجمة لمعاني  للقرآن  الكريم التي قام بها سلمون / سليمان / شفايغر عام 1535 بأمر من صاحب مذهب البروتسانت مارتين لوثر الذي نصح الكنيسة بدراسة القرآن الكريم  وترجمة الانجيل الى الالمانية وعدم اقتصار معرفته على اللاتينية .

 ولحبه وشغفه بالشرق قام  ملك الدانمارك والقيصر البروسي فريدريش فيلهلم السادس بين أعوام 1768 و 1838   بتأسيس اول معهد لعلوم الشرقيات في جامعة مدينة برلين  / هومبولدت / وقام بتعيين عالم اللغة العربية فريدريش روكرت  بين اعوام 1788 و 1866 رئيسا لهذا المعهد وقام بتكليف الامير الالماني كريستان كارل فون بونسين بين أعوام  1791 و 1860 بشراء مخطوطات عربية في لندن كانت بحوزة الرحالة البريطاني  روبرت شامبرز بين أعوام 1757 و 1803  الذي ساح في الجزيرة العربية وبلاد الشام والعراق بين أعوام 1749 و 1800 وتوفي في الهند وإحضار هذه المخطوطات الى برلين  كان من بينها مخطوط للقرآن الكريم تعود الى اعوام 450 هجرية   استطاع شامير احضارها من دمشق الى لندن ثم أمر روكرت علامة المصريات الالماني  ريشارد لوبسيوس بين أعوام 1775 و 1865  الذي صحب نابليون بونابرت بحملته الى مصر بإحضار مخطوطات عربية تضمن محتوياتها علوم الفلك والرياضيات وذلك في عام 1830 .

وتطلبت الدراسات العربية في المانيا الى المزيد من المراجع العلمية ولذلك  بذل الرحالة الالمان الذين زاروا الشرق جهودهم لإحضار نفائس المخطوطات الى المكتبات الجامعية ولا سيما جامعات برلين ولايبتسيغ وهايديلبيرج كما قاموا بإهداء بحوتهم حول الاسلام والعرب الى جامعات هذه المدن ، فقد استطاع هاينريش بيترمان في عام 1852 شراء مخطوطات عربية عن الفرق الدينية مثل اليزيدية والسومرية والفرق المارونية المسيحية واعتبرت هذه المخطوطات كنز خاص لمكتبة جامعة برلين ثم أحضر يوهان / يحيى / جوتفريد  فيتشتاين بين أعوام 1815 و 1905 الذي درس العربية بدمشق وعمل قنصلا للقيصرية البروسية فيها  مخطوطات نفيسة للطب مثل مخطوط الطب النبوي ودستور  الطب لابن النفيس  ومعجم الأدب ومعجم  العربية والفارسية وكلاهما للزمخشري ووضع كتابا باللغتين الالمانية والعربية يصف رحلة قام بها الى حوران أطلق عليه الحور في حوران وكان فيتشتاين عارفا  بتاريخ سوريا وفلسطين والحجاز ودخل مكة المكرمة تحت اسم ابو عمر البيزنطي  . ويعتبر الرحالة والمستشرق الالماني والدبلوماسي  الامير ماكس فرايهير فون اوبنهايم بين أعوام 1860 و 1945 وهو أحد أبناء مدينة كولونيا  أحد عمالقة المستشرقين الالمان  فقد عاش في الشرق وخاصة في دمشق ويغداد والمدينة المنورة حوالي 50 عاما أتقن العربية ولهجاتها وهو أحد الذين قاموا باعادة اكتشاف مدينة  البتراء مع صديقيه الفريد فون دوماسشفيسكي ورودولف ارنست  برونوف ، ويصف فون اوبنهايم الملك عبد العزيز آل سعود في كتابه القيم أصول البدو والقبائل العربية في بلاد الشام والحجاز بأنه خليق لخلافة العرب واعادة دولة الخلافة الاسلامية لكنها بطابع عروبي من جديد  كما كان لهذا الأمير علاقات مع القواسمة حكام رأس الخيمة اذ يعتقد اوبنهايم بأن الرحالة احمد بن ماجد من أهالي رأس الخيمة وهو الذي قام بمساعدة الرحالة البرتغالي فاسكو دا جاما في عام 1498 بإرشاده الى طريق الهند ، وقد وضعت عائلة هذه المستشرق التي تملك مصرفا يعود تأسيسه الى عام 1798 في مدينة كولونيا مبرة خاصة لتمويل الاكشافات في شرق وشمال سوريا والعراق قام هذا الامير بوضع كتب عن الاسلام والعرب تعتبر من نفائس الكتب العلمية بل مرجعا لخبراء منطقة الشرق الاوسط بأسرها .

ويعود الفضل للمستشرق الالماني اوجوست فيشر  بين أعوام 1865 و 1949 بتطوير معاهد الاستشراق في الجامعات  الالمانية اذ ساهم الى حد كبير بأن تصبح هذه المعاهد معاهد علمية عضوة في مجامع اللغة العربية  اذا بدأت معاهد الاستشراق الالمانية بإرسال طلبتها الى البلاد العربية لتعلم اللغة العربية واللغات الاخرى وكان معهد الاستشراق في جامعة مدينة لايبتسيغ اول من بادر في هذه السياسة العلمية عندما كان فيشر مديرا له وقام بقوية علاقاته مع علماء الشرق مثل الشيخ طاهر الجزائري مؤسس مجمع اللغة العربية ودار الكتب الظاهرية / نسبة للظاهر بيبرس / كما أقام فيشر علاقات مع عالم مدينة جدة الشيخ محمد نصيف واستطاع فيشر من خلال بحوثه القيمة عن الاسلام تصحيح فكرة هذا الدين وتمحيص  افتراءات المستشرقين الالمان وغيرهم عن الاسلام والمسلمين كما ساهم بخدمات علمية جليلة لاولئك الذي يشغلون انفسهم بعلوم القرآن الكريم والحديث النبوي فهو أول من وضع فهرسين لالفاظ القرآن الكريم والفاظ الحديث النبوي وقام العالم الاسلامي محمد فؤاد عبد الباقي  بتحسينهما ، وقام بتصحيح ترجمة للقرآن الكريم قام بها المستشرق الالماني جوستاف ليبريخت فلوجيل بين أعوام 1892 و 1870 الذي يعتبر من علماء المسشترقين الالمان والاروبيين فقد قام بترجمة معاني القرآن الكريم وقام الامير  كريستيان بيرنهارد فرايهير  فون تاوشينتس 1816 و 1895  الذي كان سفيرا للقيصرية البروسية في دار الخلافة العثمانية وقنصلا في دمشق وبيروت وأجاد اللغتين العربية والتركية اضافة الى الفرنسية والانجليزية وكان يملك دار  نشر في مدينة لايبتسيغ بطبعها عام 1893  كما كان هذا المستشرق فلوجيل صاحب فكرة وضع قاموس مفهرس لألفاظ القرآن الكريم والحديث النبوي لتسهيل الباحثين عن آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية بالعثور عليها في مواضعها بشكل سهل ، وقام فيشر بتصحيح المعجمين واعادة طبعهما في مدينة لايبتسيغ التي كانت مدينة ثقافة علوم الاسلام في المانيا واوروبا قاطبة ،  وكان لفيشر  الفضل بتخريج مستشرقين المان وغيرهم قاموا بتقديم كتب علمية عن واقع الاسلام واللغة العربية مثل ارتور شاده وايريش جريفيه وجوتهيلف بيرعشتراسير 1886 و 1933 ويعتبر الاخير مجمعا علميا راسخا ويقال انه اعتنق الاسلام وشغل نفسه بالفلسفة وعلوم القرآن ووضع في عام 1911 كتابا أطلق عليه / الصورة الناطقة في القرآن / قام سيد قطب بوضع بعض فقراته في كتابه القيم التصوير الفني في القرآن الكريم / كما وضع كتابا في تاريخ القرآن الكريم تتمة لكتاب المسشترق الالماني تيودور نولدكه بين اعوام 1836 و 1930 وبالتالي من خلال تبادل الطلبة بين الجامعات الالمانية والعربية والاسلامية . كما أصبح لمعهد علوم الاسشتراق في جامعة هومبولدت البرلينية أهميته الخاصة اذ اصبح لهذا المعهد علاقات واسعة مع جميع مجامع اللغة العربية في دمشق والقاهرة وبغداد وله الفضل لهذه العلاقات للمستشرق الالماني كارل  اوجوست سخاو  بين أعوام 1845 و 1930 اذ ساح هذا المستشرق في سوريا والعراق وعاش بدمشق وبيروت لمدة وصلت الى حوالي 20 عاما ووضع مقالة في معهد الاستشراق يصف فيها لقاء تم بينه وبين الشريف حسين بن علي الهاشمي والملك عبد   العزيز آل سعود وكان أستاذا للمستشرق الالماني كارل هاينريش بيكر بين اعوام 1875 و 1933 الذي أصبح وزيرا للثقافة في عهد القيصرية الالمانية بين عوام 1925 و 1939 قبل ان يطيح الزعيم النازي ادولف هتلر بها . 

وقد انتهى عصر الاستشراق العلمي في المانيا واوروبا  بوفاة  المستشرق كارل بروكلمان بين أعوام 1868 و 1956 اذ استطاع أن يجعل تدريس مادتي الاسلام والعربية في الجامعات الالمانية اكثر موضوعية وبالتالي علمية بحتة خالية من الكراهية بالدين الاسلامي  التي كانت سائدة في القرنين الثامن والتاسع عشر وكان بروكلمان عضوا فعالا في مجامع اللغة العربية بدمشق والقاهرة  ومن بين تلاميذه فؤاد سزكين الفائز بجائزة الملك فيصل العالمية الذي لا يزال يدير معهد المخطوطات العربية في جامعة فرانكفورت  كما قامت دولة الامارات العربية المتحدة بتكريمه على هامش معرض فرانكفورت للكتاب الدولي في تشرين أول / اكتوبر عام 2004 عندما كانت الدول العربية شريك معرض ذلك العام .

 

مراجع البحث : الاعلام للزركلي دار العلم للملايين – بيروت عام

الدراسات العربية في اوروبا يوهان فوك دار نشر اوتو هاروسوفيتس لايبتسيغ 1955 .

عبيد  الله في اوروبا ، شتيفان ماكوفيسكي ، دار نشر بينتسيغ زيوريخ 1970

Allahs Diener in Europa- Denker und Dichter- Stefan Makowiski, Benziger Verlag, Zürich- Düsseldorf 1970

Die Arabische Studien in Europa, Johann Funk, Otto Harrasowitz Verlag Leipzig 1955

ابن سعود ، ماكس فرايهير فون اوبنهايم وثيقة له ظهرت في عام 1912 خاصة بوزارة خارجية الرايخ

Ibn Saud, Max Freiherr von Oppenheim, 1912

ابن سعود ، ملك بين التقاليد والتقدم ، اوفيه فولمان ، دار نشر اديتسيون اوست برلين 1999.

Ibn Saud- König zwischen Tradition und Fortschritt- Uwe Pfuhllmann – deition Ost Berlin 1999

العلاقات الاوربية الاسلامية ، محمد هيثم عياش ، رسالة ماجيستير ، جامعة مدينة كولونيا عام 1992.

شمس الله تسطع على الغرب ، سيجريد هونكيه ، دار نشر اوتو  هاروسوفيتس عام 1945 .

Allahs Sinne über Abendsland, Siegrid Hunke, Harrasowitz, 1945

الاسلام والعرب واوروبا ، ماكس فرايهير فون اوبنهايم ، مبرة اوبنهايم للعلوم عام 1942.

Die Araba ,Islam und Europa, Max Freiherr von Oppenheim, Oppenheim Stiftung für Wissenschaft , Köln 1942

أثر الاسلام على الحضارة الاوربية ، كارل بروكلمان ، فرانكفورت عام 1920 .

الامبراطورية الاوروبية الرومانية المقدسة ، اوجوست فيشر ، لايبتسيغ 1930 دار نشر هاروسوفيتس .

القرآن والاسلام واوروبا ، جوتهيلف بيرغشتراسير ، دار نشر بريل /لايدن – كولونيا 1911 .

Die Araber in Europa, Belsar Verlag, Zürich- Düsseldorf 1964

Mohammed und Karl der Große- die Geburt des Abendland- Belsar Verlag, Zürich- Düsseldorf  1950