أعظم حقوق الإنسان
عدنان عون
لم تعرف البشرية دينا ولا قانونا أكرم الإنسان كما كرّمه الإسلام فحرم اجهاضه جنينا ، وصان دمه أن يسفك وعرضه أن ينتهك وماله أن يغتصب وموطنه أن يقتحم ونسبه أن يبدل " ولقد كرمنا بني آدم " ، ولم يكتف الإسلام أن عرف كل فرد حقه نظريا في هذه الحصانة الإنسانية، ولكنه أخذ يهيب به أن يدافع عن حقوقه وطفق يحرضه أشد التحريض على أن يقاتل دونها و أن يضحي بنفسه في سبيلها .
وقد جاء الإسلام ليحرر الإنسان ويحقق له كرامته و إنسانيته ويحمي حقوقه من دين ونفس وعقل ونسل ومال ، وتلك لعمري ضروريات الحياة وأهم حقوق الإنسان .
(2)
الحياة حق للخلائق كلها :
فالحياة نعمة كبرى تفضل بها الخالق على خلقه وحق مقدس مصون ، وقد جعل الاعتداء على النفس الإنسانية على اختلاف أعراقها و ألوانها و أديانها ، جريمة من أكبر الجرائم الإنسانية ، وعدواناً صارخاً على المجتمع كله . قال جلا وعلا : " أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً " .
إن الإسلام وهو يبني الإنسان وينشئ المجتمعات والحضارات ليؤكد أن إنسانية الإنسان هي القيمة العليا ، وهي موضع التكريم والاعتبار ، فالناس سواء في حق الحياة لا يحق لأحد أن ينتزعها إلا بحق حدده الشارع وأن اليد التى تمتد إلى النفس الإنسانية إزهاقاً وإتلافاً بغير حق يد آثمة ممقوتة ..
وحماية الإسلام للنفس الإنسانية وحفظ حقها في الحياة لا تقتصر على المسلمين بل تمتد إلى غير المسلمين حفظا لحقوقهم وتأكيدا على حريتهم ( ومن آذى ذمياً فقد برئت منه ذمة الله ) فحرم أن تسفك دماؤهم ويعتدي على أعراضهم و أموالهم بل حرم غيبتهم وبلغ من إنصافه لهم وحماية حقوقهم أن حكم بتغريم المسلم إذا قتل لذمي خنزيراً أو أراق له خمراً .
ولم يكن للعبيد – كذلك – منأى عن هذه الرعاية وتلك الحماية فاحترم انسانيتهم وآدميتهم وصان دماءهم حتى قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " من قتل عبدا قتلناه به ومن جدعه جدعناه" . وجعل كفارة من أهان كرامته و أساء معاملته (العتق) وهذا لعمري غاية الإنصاف سمع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أبا مسعود يشتم خادمه ، فعاتبه عتاباً شديداً فما كان من أبي مسعود ( رضي الله عنه ) إلا أن أعتقه ، فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) "لو لم تفعل لمستك النار ".
بل إن الإسلام ليرتفع بالمسلم إلى ذروة الإنسانية ، وأكرم آفاقها حين يأمره بأن يوفر ( الأمن ) للمشرك و أن يبلغه مأمنه واسمع هذا التوجيه الرباني " وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه " .
إن الإسلام دين عدل وإنصاف ودعوة حق وسلام يحزنه أن يراق دم إنسان – بغير حق – ولو كان بعيد الانتماء ، لقد قتلت الشيوعية إبان تورتها ( 19 ) مليون نسمة ، وقتلت أمريكا لبسط سيطرتها على القارة آلاف السود ، واسترقت أمثالهم وتناست كل قيم الإنسانية وحقوق الإنسان حين ضربت اليابان بقنابل التدمير الشامل .
لقد امتدت حماية حق الحياة في ظل الإسلام لتشمل الحيوان فحرم الإسلام قتله إن لم يكن مأكولاً وغير ضار ، أو اتخاذه غرضاً وهدف للتسلية ، ولا يعرف الإسلام (طلقة الرحمة ) على الحيوان بل جعل تعذيبه سببا لدخول النار فقال ( صلى الله عليه وسلم ) " دخلت امرأة النار في هرة حبستها حتى ماتت" وبالمقابل جعل الإحسان إليه سبباً لدخول الجنة ( كالبغي التى سقت كلباً الماء ) .
ولقد حمى الإسلام هذا الحق جنيناً في بطن أمه ورضيعاً ، أوجب الانفاق عليه ولم يفرق بين حقوق طفل شرعي و آخر لقيط فجعلهما سواء .
(3)
تشريعات خالدة
لم يكتف الإسلام بإقرار حق الحياة للخلائق كلها، و الحقوق الأخرى بأن أكد على وجوب الحفاظ عليها، وحمايتها من كل ما من شأنه أن يؤثر فيها ضعفا أو تلفاً . فحرم الإسلام الانتحار بنوعيه المباشر، وغير المباشر بتعاطي المخدرات والمسكرات و الممنوعات ، والولوغ في الفواحش ، تأكيداً على حق الإنسان بالحياة .
وحرم الخروج على المجتمع و شدد ( حد الحرابة ) على كل من يسعى في الأرض فساداً أو يروع أمن المجتمع واستقراره، قال تعالى : " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولعم في الآخرة عذاب عظيم " ..
وحماية للنفس الإنسانية وحفظها، أباح الإسلام للإنسان إن خاف على حياته أو أشرف على الهلاك أن يقتحم سور المحرمات وفق قاعدة إسلامية عظيمة " فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه ، وإنّ الله غفور رحيم " ..
إن الإسلام دين الرحمة والسلام ، يحمل للبشرية جمعاء حقائق الإنسانية والعالمية ويعمل جاهداً على تغيير المفاهيم و إرساء مبادئ القيم والمثل العليا والأخلاق السامية.
وكما قلنا فإن الإسلام يقدم للإنسانية أسمى القيم وأكثرها رقياً وتحقيقا لمعنى الإنسان ولا يمكن لدين كله رحمة وسلام وعدل وإنصاف أن يكون إرهابياً .. كيف والرسول ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : " لايزال المسلم في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً ) ..
ليتنا نحن المسلمين نرقى لمستوى قرآننا وديننا ونتخلق بأخلاق إسلامنا لندعو الناس إلى الحق وطريق مستقيم ..