الكتابة الفيسبوكية في الميزان

د. محمد عقل

[email protected]

اللغة هي وعاء للتفكير ووسيلة للتواصل بين الناس. تعددت اللغات بتعاقب الأزمنة ووفقًا الأمكنة وتبدل الأحوال الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. التقدم التكنولوجي الهائل الذي نشهده اليوم جعل من العالم قرية صغيرة مما أوجب إيجاد طرائق للتواصل السريع، فظهرت مواقع عدة على الإنترنت مختصة بالتواصل الاجتماعي كموقع الفيسبوك وموقع تويتر ومواقع أخرى مشابهة، ناهيك عن تبادل الرسائل بالهواتف النقالة.

بعد إدخال اللغة العربية إلى أنظمة الإنترنت صار معظم العرب يستخدمون الأحرف العربية مع بقاء قسم منهم يستخدمون الأحرف اللاتينية أو حتى الأحرف العبرية وهذا يمس بمكانة اللغة العربية. والطريف هنا أن أسماء بعض المواقع عُرّبت، فصاروا يشتقون منها أفعالاً في هيئة: فَسبكَ، يُفسبكُ، واسم فاعل نحو: هو مُفسبِك، وهي مُفسبِكة، ومصدرًا: فسبكة.

الكتابة الفيسبوكية بالعربية مليئة بالأخطاء اللغوية ويكثر فيها استعمال المحكيات المحلية وهذا يشكل عائقًا أمام انتشار اللغة العربية المعيارية ويهدد كيانها. ثمة كتاب محترفون لهم صفحاتهم الخاصة التي ينقلون من خلالها مقالات لهم منشورة في أماكن مختلفة، والفيسبوك يوصلها للقراء بسرعة، ولكن عليهم عدم الإطالة لأن القارئ(المتلقي) في الفيسبوك يُعنى بما هو خفيف وسهل.

 كثير من الشعراء والكتاب ينشرون نتاجهم على الفيسبوك بخاصة الشباب الجدد، وهم لا يطيقون سماع نقد  هادف، وينهالون على من ينتقدهم... ما يجعل المجاملة وسيلة سائدة بين "الأصدقاء الافتراضيين" وهذا مدعاة إلى التسطيح وقتل الإبداع بغياب النقد الأدبي الهادف والتوجيه الصحيح.

أن يتخذ الناس من الفيسبوك وسيلة للتعبير والتواصل فيه فوائد جمة إذ لم تعد الكتابة حكرًا على المثقفين والأدباء وهذا بحد ذاته إنجاز عظيم شريطة أن يُحسّن هؤلاء من لغتهم ويتفادوا الوقوع في أخطاء لغوية ومن هنا جاءت أهمية رجال اللغة في تقويم الألسنة والكتابة!!.