لا تقتلْ عثمانَ مرّتين
البراء كحيل
حكمَ الخليفةُ الراشديُّ عثمانَ بن عفّان بالعدلِ والسَّلامِ وكانَ رحيماً مُحباً للرّعية، ولقد سادَ الرَّخاءُ والأمانُ في عهدهِ الميمون وتوسعتْ رُقْعة الدولة الإسلامية واشتدَّ ساعدها ورمتْ أعداءها بسهامِ الحقِّ والعدل.
وبقيتْ هذهِ حالُ الدولةِ حتّى نخرَ السوسُ الخشبَ وخرجَ من يدسُّ السًّمَّ بالعسلِ ويُحرّضُ على عثمانَ "رضي الله عنه" وهو وإنْ لبسَ رداءَ الإسلامِ إلاَّ أنّ باطنهُ النفاقُ وظاهرهُ محبةُ الله ورسولهِ ومصلحة المسلمين، وانتهى الأمرُ بمقتلِ الخليفةِ الطّاهرِ، فطويتْ بذلكَ صفحةٌ من الأمنِ والأمانِ والرّخاءِ عاشَهَا المُسلمونَ وفُتِحَ بابُ الفتنةِ وجرى نهرُ الدّماءِ وخرجتْ خفافيشُ الظَّلامِ، ومنَ العسيرِ إذا ما بدأتِ الفتنةُ أنْ تُغْلِقَ بابَهَا فلعنَ اللهُ منْ أيقظها.
واليومَ حكمَ حاكمٌ عادلٌ بالعدلِ والسّلامِ بلداً طيباً وكانَ رحيماً مُحبَّاً لشعبه، وما إنْ بدأ الرّخاءُ يسودُ بلادَه والأمانُ يُظلِّلُ أرضهُ حتّى انقلبَ عليهِ - طالبُ دنيا - كذاكَ الذي انقلبَ على عثمان فظهرَ برداءِ الخوفِ والمحبَّةِ للبلادِ وباطنهُ مصلحة نفسهِ وخدمة الأعداء، ولجهلٍ أو طيبةٍ لدى حاكمنا العادلِ المُخلصِ ولأنّه ليّنُ العريكةِ زجَّ المُنقلبُ بهِ في السّجنِ وأصدرَ حُكماً بإعدامه.
فهل يُعدمهُ لكي يفتحَ بابَ الفتنةِ ويُجريَ نهرَ الدماءِ فيُنْزِلَ الخرابَ والدّمارَ بتلكَ البلاد ويخطفَ بسمةً كانتْ قد ارتسمتْ على وجهها ويُغْلِقَ نافذةَ الأملِ لدى شبابٍ يحلمُ بمستقبلٍ زاهرٍ لا ضنكَ ولا ظُلمَ فيه؟!!
ألاَّ أيّها المنازعُ ربّهُ رداءَ الرّبوبيةِ تبّتْ يداكَ لا تقتلْ عثمانَ مرّتين.