مشروع تعزيز وتمكين الهوية العربية لمنطقة الخليج
مشروع تعزيز وتمكين الهوية العربية
لمنطقة الخليج
إبراهيم الديب
في سياق التهديدات الحقيقية التي تعيشها منطقة الخليج بأسرها إثر التمدد الإيراني السياسي والعسكري البالغ في المنطقة ، والذي بلغ حد الإستفزاز بكل ما تحمل الكلم من معني في خطاب الرئيس روحاني في يوم الجيش حينما أعلن أن الجيش الايراني هو اقوي جيو المنطقة وان قواته متواجدة في الخليج الفارسي الى بحر عمان وباب المندب وحتي البحر المتوسط ، هذا بالاضافة الي ما سبقه من تصريح واضح لقاسم سليماني بسيطرة ايران على القرار في أربعة عواصم عربية
مشيرا إلي التسلل والاختراق الايراني لدول المنطقة العربية عبر بوابات الطائفية ، وبناء وتعزيز وتمكين هويات وانتماءات متنوعة داخل المجتمع الواحد وصولا الى الاستقطاب الداخلي والدعم والتشجيع على الاقتتال الداخلي وفتح بوابات ومنافذ الأوطان للاختراق والتدخل ثم السيطرة الاجنبية وهذا ما أصبحا نراه جليا في لبنان حينما يتحدث حسن نصر الله عن دول المنطقة العربية وقد تجاوز حدوده اللبنانية ، كما أن التدخل والسيطرة الايرانية واضحة وجلية في العراق وسوريا واليمن عمان .
كل هذا يجعلنا امام سؤال كبير وهو سؤال الهوية ، ما هي الهوية الحقيقية لمنطقة الخليج
والامة العربية بأسرها ؟ وكيف تمكن جيرانها من استقطاب قطاعات عريضة من ابنائها
وكيف تفككت وضعفت هويتنا العربية حتى بلغنا من التفكك والضعف والتهاوي الى هذا الحد ؟
والاهم من ذلك كله ، وحتي نكون عمليين وعلي مستوى الحدث والتحدي الجاري ، ما هو السبيل الى إحياء واستعاده هويتنا الخليجية والعربية مرة ثانية وتأكيد القيادة الروحية والثقافية والسياسة للمملكة العربية السعودية في قيادة منطقة الخليج وتمثيلها بطبيعة الجغرافيا والتاريخ والاقتصاد والقوة البشرية والعسكرية والخلفية الروحية الخاصة للمملكة ، بما يضمن تأمين الوجود والاستقرار وفرص التنمية للجميع
بداية أحب أن أشير وأنبه إلي عدة نقاط تؤكد ضرورة البحث عن مخرج وسفينة إنقاذ لإعادة الاصطفاف والحشد الخليجي والعربي صفا واحدا في مواجهة تحدياته ، والتي لابد أن تبدأ بمشروع كبير للهوية الوطنية الخليجية والعربية ، يحدد هوية وبوصلة منطقة الخليج في مواجهةالتمدد الفارسي القادم على المنطقة بقوة .
أولا عدم وجود مشروع واضح وبارز لهوية المنطقة ، يعبر عن الهوية العربية الخاصة لأرض وأبناء منطقة الخليج ، ويمكن له فى نفوس أبناء المنطقة ويجسده عمليا فى سلوكهم الحياتي اليومي لدى كافة الشرائح العمرية والنوعية ، ليترجم إلي أرقام الأداء والإنجاز العلمي والمهني لشعوب المنطقة ، ممثلا الحصانة الذاتية وحائط الصد المانع ضد أية محاولات لتفكيك وتغييب هوية المنطقة وثانيا تعدد الهويات والولاءات داخل المجتمع الواحد فى أغلب دول المنطقة ، ووجود تكوينات حقيقية قابلة للانفجار والانفصال في أية لحظة ، مما فتح الباب واسعا أمام التهديد الايراني بالتمدد فى المنطقة ، خاصة بعد الاتفاق الغربي الايراني بشأن الملف النووي الإيراني وملحقاته الخاصة بالتمدد فى المنطقة ، خاصة بعد رفع العقوبات الاقتصادية عن ايران وآثاره فى دعم تحول
إيران إلى قوة إقليمية صاعدة تمتلك مقومات كبيرة تغريها بالتمدد في المنطقة
هذا بالإضافة إلي تحديات تفكيك وإضعاف القيم والهوية الوطنية الخاصة لأبناء المنطقة بفعل ثقافة العولمة وحرب الهوية ، ناهيك عن حالة الترف التى يعيشها أبناء المنطقة وخاصة الأجيال الشابة الصاعدة ، وآثارها على ضعف جاهز يتهم النفسية والثقافية والمادية لمواجهة التحديات الجسام التي تهدد المنطقة ، في مقابل ثلاث أجيال إيرانية تم تربيتها وتجهيزها بعقيدة عسكرية تتمركز حل فكرة وعقيدة الواجب الديني المقدس للتمدد في المنطقة العربية ، واستعادة مجد فارس الذى استولي عليه العرب ــ راجع دراسة د . إبراهيم الديب حول مرتكزات المشروع الايراني فى المنطقة * مركز امية للبحوث والدراسة 2001 م .
هذا بالإضافة إلي مخاطر تمدد الفكر الداعشى المتطرف بين أبناء المنطقة خاصة من ذوى الميول الاسلامية ، خاصة فى ظل غطرسة القوة والانتهاكات البالغة التى تمارسها القوى الشيعية ضد أبناء السنة فى العراق وسوريا واليمن
مع خفوت الكثير من معالم مشروع الهوية الوطنية السعودية والعربية للمنطقة في ظل تشتت وضعف وسائل التربية والتثقيف والإعلام الخليجية والعربية بشكل عام أمام آلة الإعلام الغربي والإيراني ، والتي تطورت وتمددت بشكل بالغ خلال العشر سنوات الاخيرة ــ (21 قناة شيعية جديدة من 205 ــ 2014 م ) .
مما أدي إلي ضعف مستوى التفاعل الشعبى مع القرارات الحكيمة والجريئة بعاصفة الصحراء ، حيث لم ترقي إلى المستوي المتوقع والمطلوب مع مثل هذه القرارات التاريخية في ظل التحديات الجسام التي تواجه المنطقة ، و محاولات النيل من عاصفة الحسم ومحاولات بعض الجهات المعادية لإنتاج و تصوير وتضخيم رأي عام مضاد لها للحد من تطورها ، و نتائجها المنتظرة .
كما أو أن أدق جرس تنبيه خاص لصناع القرار في منطقتنا العربية بأننا مازلنا نعتمد فى غالب معلوماتها عن الهوية على المراكز الأجنبية العاملة فى المنطقة والتى تعمل غالبا فى سياق مصالح الدول الاجنبية .
ما يؤكد حاجتنا الملحة إلي مشروع للهوية الوطنية الخليجية الواحدة يحقق العديد من الأدوار الوظيفية المرتقبة للهوية فى واقع ومستقبل منطقة الخليج
أ ــ الادوار الاجتماعية والأمنية الوطنية الخليجية الواحدة
بتحديد وتمييز المجتمع الخليجي بنمط حياته الخاص المميز للمجتمع المعتز المحافظ على عقيدته السنية الخالصة وقيمه وثقافته العربية الخالصة التي تمثل وجوده وفرص بقاؤه واستمراره بين الأمم ، وتحسين السلوك الفردي والجمعي للمجتمع الخليجي بما يرفع منسوب الأمن والاستقرار المجتمعى ، مع ضمان إستيعاب الطوائف والأقليات المختلفة بمنطقة الخليج داخل وعاء الهوية الوطنية الخليجية الواحدة وقطع الطريق أمام أية محاولات خارجية للاختراق والتفكيك .
و دعوة المجتمع الخليجي نحو التمركز حول الذات الوطنية العربية السنية الخليجية بما
يحفظها من عوامل التفكيك والتحلل والذوبان ، وتعزيز الامن الفكري للمجتمع الخليجي وتجسير الفجوات البينية بين النظم والشعوب .
ب ــ الادوار المهنية والاقتصادية للهوية الوطنية الخليجية الواحدة
التحسين المستمر لجودة الأداء والإنجاز المهني بما يرفع مستوي الناتج المحلى
و ضبط الميزان التجارى ورفع مستوي الدخل القومي ، وإحياءالبعث الحضاري الذاتى للتفكير والعمل والتضحية والمثابرة والانجاز والمنافسة الحضارية
ج ــ الادوار السياسية الوطنية الخليجية الواحدة
وضوح الرسالة والمشروع الحضاري للمجتمع الخليجي كنقطة مركزية لالتقاء كافة أبناء المجتمع الخليجي الواحد ، وتعبئة وحشد ه نحو بوصلة قضاياه ومصالحه وأولوياته الوطنية العليا تحت قيادة روحية وثقافية وسياسية واحدة ، و توحيد المجتمع والحد من معدلات الصراع البينى المتوقع بين طوائف ومكونات المجتمع الخليجي ، و تمكين اجهزة الامن القومي من أيكونه إدارة وتوجيه شعوب المنطقة نحو المصالح الوطنية العليا، كما أن قوة الهوية تعزز قدرة النظم السياسية المعاصرة على امتصاص الهزات الطبيعية والمفتعلة التي يمكن أن تحدث .
كل ذلك سيدي إلي نتائج استراتجية بالغة الفائدة على المستوي الداخلي والخارجي ، يأتي في مقدمتها وحدة واحتشاد الصف السعودى والخليجى كله خلف قيادته السعودية بحب واقتناع وقوة
حتى نهاية طريق عاصفة الحزم بل وما بعدها حتى تستقر أوضاع المنطقة ، قطع الطريق على أية محاولات للفرقة وشق الصف وتهديد الامن الداخلى للمجتمع ، بالإضافة إلي تفاعل واستجابة الشعوب الخليجية لتوجهات وقرارات القيادة السعودية والتفاعل معها وبذل كل ما تملك للمشاركة فى تحقيقها ، هذا بالاضافة الي استعادة الباعث الحضاري على التمسك بالهوية الخليجية العربية السنية الخالصة والتخلص من كل ما اعتراها من ضعف وتشوه ، وارتفاع معدلات الجد والعمل والأداء والانجاز
أما على المستوي الخارجي فإن مشروع الهوية الوطنية الخليجية الواحدة سيوجه رسالة واضحة للغرب ولإيران بوحدة واحتشاد شعوب منطقة الخليج كلها خلف القيادة السعودية وضرورة الكف عن محاولات الاختراق والتمدد الفاشلة والعودة لجادة الحوار والتعايش السلمى الآمن لتحقيق مصالح شعوب المنطقة جميعها .
و بامتلاك منطقة الخليج مشروع ذاتى للهوية الوطنية الخليجية تستعيد المنطقة توازنها
في صراع القيم والهوية داخل المنطقة والذى يعد أساسا لضبط موازين القوة العسكرية والسياسة
بالمنطقة ، بالإضافة إلي إعادة ترتيب الصفوف الداخلية داخل مجتمعات البحرين وعمان واليمن والأقليات الشيعية الموجودة بالمملكة على أساس الهوية الخليجية الوطنية الواحدة التى تستوعب في سياقها الوطني العام أية خصوصيات عقائدية أو ثقافية خاصة.