خضر عدنان: كف يناطح مخرزا

فؤاد الخفش

منذ اللحظة الأولى للافراج عن الشيخ خضر بعد اضرابه الأول  والذي استمر 67 يوما بشكل متواصل,  كنت أدرك أن الاحتلال ينتظر اللحظة التي يعيد فيها اعتقاله,  ليثأر لكرامته التي انتصر عليها الشيخ  خضر عدنان , فمرغ انفهم وانتصر  وحرر نفسه بجوع أمعائه .

لم يعتد الاحتلال على مثل هذه المعارك,  وكان له حساباته الخاصة حين أفرج عنه في المرة الأولى ,ومن أبرزها أن لا تتطور الأمور أكثر وأكثر,  وتتحول حالة التضامن لشبه انتفاضة قد تخرج عن السيطرة,  فقرر الرضوخ والاستجابة والافراج .

لم يكن  في حسابات الاحتلال  أن إضراب الشيخ خضر عدنان وانتزاعه حريته بإضرابه  سيخلق معركة من نوع آخر( معركة الأمعاء الخاوية) والتي  خاضها  عدد من الأسرى فكان حسن الصفدي وجعفر وبلال وثائر وطارق وأسرى كثر وجدوا أن الجوع هو أقصر الطرق لانتزاع الحرية !

خرج خضر وجاب الضفة بطولها وعرضها يدافع ويناصر ويكافح من أجل من تبقى في الأسر, وكان الطود الشامخ الذي لم يتخاذل في نصرة رفاق الأسر ، صرخ بأعلى صوته من أجل حريتهم واعتصم في مقرات الصليب الأحمر لتسليط الضوء على معاناتهم .

دوار نابلس وخيمة الاعتصام ومنارة رام الله وشارع بن رشد في الخليل وميدان قلقيلية ومحافظة جنين وطوباس وسلفيت وأريحا وكل مدن الضفة شهدت وتشهد لصاحب اللحية الطويلة ولصوته الصارخ مناديا بحرية هؤلاء الأسرى .

المكان الذي يحل به الشيخ خضر عدنان كانت تدب به الروح والحياة فالناس في بلادي تشعر بالصادقين المخلصين وتميل لهم وتتفاعل معهم وتعرف صدق مشاعرهم فتنطلق حناجرهم مع حنجرته مرددة (الحرية لأسرى الحرية )

صدق من قال "رجل ذي همة يحي أمة" فخضر باضرابه الأول أعاد الاعتبار لقضية الأسرى وأعاد الروح للشارع الفلسطيني الذي خرج ينتفض من أجل قضية الأسرى , فكان ما كان من  انتصارات نخبويه وانتصار الأسرى في اضراب الكرامة 14/5/2013 وما تلا ذلك من انتصارات .

اليوم ومرة أخرى يعود الشيخ خضر عدنان لخوض هذه المعركة  ، يعلم جميع الظروف المحيطة ويستشعر الحالة العامة,  ومخطئ من يظن أن الحالة كانت وقت اضرابه الأول أفضل من هذه الظروف , كانت مشابهة بشكل كبير ولكنها الإرادة والإصرار والتحدي يا رجال .

يعلم الشيخ خضر أن سقف الاضراب قد ارتفع بشكل كبير وأن معركة الستين يوما لم تعد سائدة , مع ذلك قرر العودة لهذا الإضراب مرة أخرى وبنفس كبير .

ليست سباحة عكس التيار!!  ما قام به الشيخ خضر عدنان  خطوة لا بد منها في زمن تخافتت فيه اصوات المتصدين للاحتلال في ضفتنا المحتلة السليبة .

سينتصر المخلصون...  هذه النتيجة المتوقعة في مثل هذه المعارك,  بغض النظر عن النتيجة .

أن تحاول أن تصرخ في وجه المحتل..  أن تقلقه ليل نهار , هذا انتصار وليس سباحة عكس التيار !!

 ومن يتساءل : هل سينتصر الكف على المخرز؟  أقول له: نعم,  انتصر الكف على المخرز رغم كثرة الدماء والألم والجوع , وخرج الكف المدرج بالدماء يرفع علم فلسطين ويهتف من أجل حريتها !!

خضر عدنان .. سر يا رعاك الله على بركة الله, وقد أقسمنا لك ألا نخذلك , وأن لا نألو جهدا في خدمتك,  لا لشخصك الكريم وحسب..  ولكنك تقود معركة أمة,  وجموع كثيرة سارت على جمر الاعتقال الإداري,  فاكتوت بنارها ..

وها أنت اليوم من شحم جسدك الذي يذوب يوما بعد يوم,  تطفئ جمر هذا الاعتقال الإداري .

حفظك الله يا شيخ ونصرك يا طيب وعجل في فرجك وحريتك ونصرك الله على من سامك سوء الاعتقال الإداري..  ولنا موعد ولقاء بحول الله قريب في مدن ومخيمات وقرى فلسطين ندافع عن أسرانا ومعتقلينا في سجون الاحتلال ..

يسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريبا " هذا املنا بالله وعليه توكلنا.