ظاهرة تصنيف بعض بني آدم عندنا غيرهم حزبيا أو طائفيا تلفيقا لا تحقيقا

ظاهرة تصنيف بعض بني آدم عندنا

غيرهم حزبيا أو طائفيا تلفيقا لا تحقيقا

محمد شركي

[email protected]

تصنيف الناس حزبيا  أو طائفيا عند بعض بني آدم عندنا  في المغرب عبارة عن تلفيق لا يعتمد على تحقيق ،الشيء المعبر عن جهل مركب أو حتى مكعب . فلا يكاد المرء يعبر عن وجهة نظر أو يلبس زيا أو يرسل لحية حتى  يلفق له المصنفون الجاهلون بحقيقته  تصنيفا حزبيا أو طائفيا حسب أهوائهم . ومناسبة هذا الحديث مقالي السابق الذي أنكرت فيه كيل موقع على الشبكة العنكبوتية بمكيالين  في تناوله الحديث عن برلمانيين من الجهة الشرقية حيث أشيد بأحدهم وأدين الآخر، وهو ما يشي بتورط هذا الموقع في حملة انتخابية قبل الأوان من أجل التأثير على الرأي العام وتوجيهه وإعداده سيكولوجيا للاستحقاقات الانتخابية المقبلة . ولقد أنكرت على هذا الموقع تعريضه بأحد البرلمانيين مع أنه اتصل بأصحابه هاتفيا كما ورد في الموقع نفسه ،وكذب ما نسب له من انتحال شخصية مهندس ، كما أنكرت التوجه القبلي للموقع والذي عرض بانتساب هذا البرلماني للأطلس و ذم وفوده على الجهة الشرقية في عهد المغرب الديمقراطي ـ يا حسرتاه ـ  والذي يتعامل مع مواطنيه على قدم المساواة . وجاءت بعض التعليقات على مقالي كاشفة للمكبوت وهو إضمار العداء الشديد لحزب هذا البرلماني، وهو الحزب الحاكم . وعبر المعلقون على نواياهم بالتصويت ضده قبل حلول واجب التصويت . ولم يقف أمرهم عند هذا الحد بل تضمنت تعليقاتهم إدانة واضحة لي شخصيا وللموقع الذي نشر وجهة نظري  بل أخرج أحد المعلقين ما سماه الورقة الحمراء ضدي وضد موقع وجدة البوابة .  ولم يجد المعلقون حرجا في تصنيفي حزبيا وطائفيا تلفيقا  لا تحقيقا . ومعلوم أنني عبرت مرارا وتكرارا في مقالاتي على موقع وجدة البوابة ووجدة سيتي من قبل  على أنه لا انتماء حزبي أو طائفي لي ، وأنني أكتفي بانتمائي الوطني الذي يربطني بجميع المواطنين بغض الطرف عن انتماءاتهم الحزبية والطائفية  والعرقية واللغوية... والذي يمنعني من الانتماء الحزبي  أو الطائفي هو الالتزام  بسياسة الأحزاب  وتوجهات الطوائف  ومواقفها التي قد تجانب الصواب  والحق  والعدل  وهو ما لا أطيقه شخصيا ، لهذا نأيت بنفسي عن كل ذلك منذ فترة الجامعة  ولا زلت لا منتميا وسأبقى  كذلك باستثناء انتمائي الوطني  والديني  فلن أتنكر لهما أبدا .  ولقد أشرت من قبل في مقال سابق  منذ مدة طويلة  إلى جناية الجهة المختصة بتسليم رخصة امتلاك سلاح الصيد التي منعتني كمواطن من الحق في هذه الرخصة  وصنفتني الجهة المكلفة  بالبحث في توجهي تصنيفا ملفقا لجماعة العدل  والإحسان لتبرير قرار المنع مع أنني ما كنت يوما منتميا لهذه الجماعة ولا لغيرها من الجماعات . ولقد سخرت يومئذ من الموظف الذي أخبرني بقرار المنع من الرخصة  في ولاية وجدة بأن  الجهة التي  كلفت بالبحث عن هويتي  إما  متحاملة وإما بليدة  ، وأن الدولة إذا ما عولت عليها  فلن تصل أبدا إلى الحقيقة . ومن أسباب  وقوع بعض بني آدم في أخطاء تصنيف الناس حزبيا أو طائفيا الاعتماد على الأشكال  من ألبسة أو لحى أو ارتياد المساجد  أو حضور بعض التجمعات أو التظاهرات  أو الانطلاق من وجهات نظر . ومما يثير السخرية أن كل ذي لحية  عند أصحاب الجهل المركب أو حتى المكعب  هو من الإخوان المسلمين أو من الوهابيين أو من حركة طالبان أو من داعش  أو من الزاوية ... والمؤشر الوحيد عند أصحاب هذا التصنيف هو اللحية  مع أن المثل المشهور يقول : " اللباس لا يصنع الراهب "  . ولا يستقيم منطقا أن تكون وجهة نظرما أساسا لتصنيف  الإنسان حزبيا أو طائفيا . وأنا عندما عبرت عن وجهة نظري فيما نشر موقع على الشبكة العنكبوتية في حق أحد البرلمانيين خصوصا حين  مورس ضده التمييز القبلي  وأنكر ترشحه وفوزه في الجهة الشرقية ، وهو المنحدر من الأطلس لا يعني ذلك أنني أنتمي لحزبه أو أدافع عنه ،علما بأنه لا يحتاج إلى ذلك فهو من صقور حزب العدالة والتنمية  وله خبرة بالجدال في البرلمان وهو مضمار الجدال بامتياز . ولا يقبل صاحب منطق سليم أن تكون وجهة نظري دليلا على انتماء حزبي لفق لي . ومن يعرفني  جيدا وعن قرب   يعرف جيدا أنني لو كنت منتميا لحزب أو طائفة لما  أنكرت ذلك لأنني لا تعوزني الشجاعة التي أستطيع أن أضحي من أجلها بحياتي . ولهذا تعتبر التعليقات على مقالي السابق التي حاولت أن تلفق لي انتماء حزبيا مردودة على أصحابها وفي نفس الوقت هي فاضحة  لسوء نواياهم  بل  ومعبرة عن سوء تربية بعضهم الذي دعا علي بالتب  وهو أهل له  وأحق به . ولقد عبر المعلقون  على مقالي  بأنهم أصحاب فز أقفزهم مقالي ، وأنهم متورطون في الدعاية المجانية لحملة انتخابية قبل الأوان ، وهي حملة أخذت عدة أشكال  وتعتمد  على أساليب إطماع الطامعين ، واستغفال المغفلين  ، واستغلال المحتاجين ، و ركوب غضب الغاضبين ، ويصاحبها ما يلتبس بعمل الإحسان  والبذل بسخاء موازاة مع الخطاب الحزبي  الديماغوجي الإشهاري . وكل الذين ينخرطون في الدعاية المغرضة ضد حزب العدالة والتنمية هم من أتباع خصومه السياسيين وهو أمر طبيعي إلا أن الخصومة والعداوة غالبا ما تكون أعين أصحابها مبدية  للعيوب فقط . ويعرف المغاربة جيدا الظرف الذي فاز فيه حزب العدالة  والتنمية،  وهو فوز لا يحسد عليه لأنه جاء عقب حراك  وطني في ظرف اندلاع  حراكات الشعوب العربية  المنتفضة ضد الفساد في ربيعها . ومن سوء حظ كل حزب يفوز بعد حراك ضد الفساد أنه يواجه وضعية متأزمة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا  ،وليس من السهل أن يخرج البلد من نفق الفساد بين عشية  وضحاه  وبثمن باهظ قد يكلفه هزيمة نكراء بعد فترة حكمه لأن الناس  يفكرون في رحيل فساد  متجذرة دون ثمن أو تضحية . ولهذا  واجه حزب العدالة  والتنمية  نقدا لم يواجهه من قبل  حزب من الأحزاب لأنه أراد محاربة الفساد وتطلب ذلك منه قرارات  صعبة  منها ما مس  الجيوب  أوالمصالح،  فكان ذلك فرصة مواتية للتحريض عليه .  ولا يخطر ببال الغاضبين  والناقمين على هذا الحزب أن القرارات التي اتخذها من قبيل  منع تسيب الإضرابات وتسيب التوظيف ،  وتسيب استهلاك الماء والكهرباء ، وتسيب  صندوق التقاعد ... إلى غير ذلك من أشكال التسيب جاءت كرد فعل على الفساد الذي قامت من أجله انتفاضة الشعب . وعوض  اتهام الجهات المتسبب في الفساد والتسيب المتراكمين عبر عقود يوجه النقد  الشديد وبلا هوادة إلى حزب العدالة والتنمية  ،وهو بذلك  حزب تعيس الحظ  لأنه كان مضطرا  لاتخاذ قرارات  لا مندوحة عنها باعتبار وضعية الفساد المستشري في كل القطاعات . ويطالب الجميع  بالكشف عن تماسيح وعفاريت الفساد  والكل مع شديد الأسف  يعرفهم جيدا ولكنه الويل له والثبور وعواقب الأمور إن حدثته نفسه بمجرد النطق بأسمائهم ،ومع ذلك يطالب  حزب العدالة  والتنمية وحده  بملاحقتهم وإلا يعتبر خائنا  وكاذبا على الشعب . ولقد استخفت الأحزاب الخصمة لحزب العدالة  والتنمية  يمينية ويسارية  العوام والسذج  وجعلتهم يكررون كالببغاوات انتقاداتها فيه دون أن  يشعروا بأنهم ضحايا حملات انتخابية قبل الأوان لا غير. ولقد صار الحلف باليمين  المحرجة على ألا يصوت على حزب العدالة والتنمية  عبارة  متداولة في الشارع المغربي عند عوام الناس مع أن هذا الحزب قد يتهم بكل شيء إلا بالنهب  والسلب  كما اتهمت أحزاب يمينية ويسارية من قبل يوم كانت في مكان صنع القرار . ولقد صارت أحوال  وزراء حزب العدالة  والتنمية الشخصية  والخاصة مادة تسويق الانتقادات المجانية التي تفوح منها رائحة الخلافات الحزبية ، فوصف طعامهم  ولباسهم  وعلاقاتهم الأسرية ، وما بقي إلا أن تعرض أوضاعهم في الحمامات  ودورات المياه وتكشف عوراتهم ، علما بأن وزراء أحزاب سابقة لهم ملفات  فساد ثقيلة وأحوال شاذة ولم  تقم حولهم الضجة التي قامت حول وزراء حزب العدالة والتنمية . ولئن زعم البعض أن هذا الحزب قد خدعهم  قلنا له  وماذا كان حال الأحزاب  من قبل ؟ فإن ذكرها بخير  قلنا له  لماذا  كان الحراك الشعبي  ضد الفساد ؟ وهو الذي  جعل الشعب المغربي  يراهن على حزب  لم يعهد فيه الفساد ولم يجرب من قبل . وأخيرا لا بد من الإشارة إلى أن الأحزاب ذات التوجه الإسلامي  استهدفت من طرف قوى عالمية  علمانية وبشكل فاضح كما هو الحال في مصر  وفي البلدان التي تعيش اليوم حروبا أهلية طاحنة ، ذلك أن هذه القوى العالمية  لا تريد وصول أحزاب ذات توجهات إسلامية إلى مراكز صنع القرار  لأن ذلك  ينافسها  ويتعارض مع ما تسميه مصالحها الاستراتيجية ، لهذا عملت  هذه القوى العالمية  على  مواجهة ثورات الربيع العربي  بثورات مضادة من أجل تجميد وضعية العالم العربي  في حالة الفساد  كما كان قبل ثورات الربيع  حفاظا على مصالحها . ولا تستغرب  شدة  الخصومة  والعداء لكل  حزب ذي توجه إسلامي ، أو لكل وجهة نظر إسلامية أو حتى كل لحية إسلامية  ، ومن كان مسلما حقا  جعل عرضه  في سيبل الله عز وجل .