الليبراليِّةُ الديمُقراطيِّةُ

د. حامد بن أحمد الرفاعي

د. حامد بن أحمد الرفاعي

الليبراليِّةُ أي التحرريِّةُ..مُشتقةٌ منْ كلمةِ "ليبر"وَتَعني باليونانيِّةِ إلهَ الحُريِّةِ..ومنْ معانيِها كَمَا جَاءَ في قاموسِ لاروس الفرنسي "إلهُ الجنسِ"وكانَت الليبراليةُ في البدايةِ مجردَ شعارٍ لتحريرِ الإنسانِ منْ كُلِّ شَيء..ثُمَ تَحوّلَت إلى مَذهبٍ اجتماعيٍّ..وَلَكن بَقيت بِدونِ ضوابطٍ وقواعدٍ تَحكُمُها..حَتى ظَهرَ مُفكرون اهتموا بتوضيحِ وتحديدِ مَدلولاتِها ودلالاتِ شعارِ (ديموس كراتوس) حيثُ أخذَت فكرةُ العقدِ الاجتماعيِّ تتبلورُ واشتهرَت بصيغةِ جان جاك روسو"1712- 1778م"تلميذِ العالمِ الأندلسيِّ فرحان أبو زيد "1679-1767م/ جنيف"وتفاصيل العلاقة بين جان جاك روسو وأبو زيد تجدونها موثقة في كتابي (العقد الاجتماعي منتج إسلامي) وهو متاح مجاناً..وَبدَأ تَقنينُ شعارِ"ديموس كراتوس"وهو مصطلح مركب من كلمتين:ديموس(الشعبُ) وكراتوس(حُكمُ) أي حُكمُ الشعبِ..الذي لمْ يُقنن لَه مُجتمعُ أثينا القديمِ..مِمِّا خَلَقَ عِندَهم حالةً منَ الفُوضى..وَيومَها خَرجَ أرسطو وسقراط بِفكرةِ "الحُكمُ المزدوجُ"بِينَ الشعبِ"ديموس"وَالنُخبَةِ منَ العقلاءِ والحكماءِ..والتقطَت المُجتمعاتُ الغربيِّةُ فِكرةَ "الحُكمُ المزدوجُ"واستفَادوا منْ عَمليِّةِ التَلاقحِ الفكريِّ والمعرفيِّ والاجتماعيِّ..التي كانَت جاريةً بينَهم وَبِينَ حضارةِ المسلمين المجاورةِ لَهم في الأنْدلُس..والتي مِنْ أبرزِها اقتباسُ جان جاك روسو وزملاؤه فِكرةَ العقدِ الاجتماعيِّ منْ  العلاّمة الأندلسيِّ فرحان أبو زيد..حيثُ تبلورَت لَديِهم فِكرةُ التَكامُلِ بِينَ مَبدأ الحريةِ والتحرّرِ"Liberalism"وَمَبدأ التَعاقُديِّةِ(Contractualism) بينَ الشعبِ والحاكمِ..وهُمَا من المبادئ التي يُؤكدُ الإسلامُ أهميتَهما في بناءِ المجتمعاتِ المستقرةِ الآمنةِ..ثُمَ اصطلَحوا عَلَى تسميِّةِ هذا التكاملِ بعبارةِ الديمقراطيِّةِ "Democracy"ثُمَ اختَزلُوا الديمقراطيِّةَ بِعمليِّةِ الانتخاباتِ وآلياتِها..فَضيّعوا قِيمةَ التَعَاقُديِّةِ والتَحَرّريِّةِ..وَغَرِقوا بِالشكلياتِ والوسائل على حساب القيم والمبادئ..فَعادَت الفُوضى كَمَا بَدَأت في أثينا..وَلكن بِدونِ أرسطو وسيقراط..وَبتمردٍ مُدمِّرٍ عَلَى تَوجُهاتِ روسو وأبو زيد.