تنمية الإنسان والمكان

د. حامد بن أحمد الرفاعي

سمعت خالد الفيصل/ أمير منطقة مكة المكرمة والمستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين في مجلسه مساء الاثنين 28 شعبان 1436هـ الذي يوافق 15يوليو 2015م يحاورجلساءه من الأكاديميين والمفكرين والإعلاميين ورجال الأعمال حول ما تساءلواعنه..فأفضى من خلال تعليقاته بهمومه المتألقة بشأن رسالة أبناء المملكة العربية السعودية..أنقل للقراء بعضاً من معانيها مع الاعتذار لسموه عن أي نقل يخل بما قصد وأراد..تحدث- سلمه الله-عن مشاريعه البنيوية في أداء أمارة المنطقة لتهتم بمسائل التطوير والتنمية إلى جانب اهتمامها بالمسائل الإدارية والأمنية،وتحدث بتركيزعن مسؤوليات الأجيال السعودية تجاه أمانة تبليغ رسالة الإسلام للعالمين..وقد استخلف الله تعالى إمامتهم الراشدة في ملك دولة الحرمين الشريفين..فهم معنيون ومكلفون بإقامة الأنموذج الأرفع لمقاصد شرعة الإسلام..ومطالبون بتفعيل خطاب ربهم جلَّ شأنه:"كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ"الحلم الذي بسط  بشأنه تطلعاته ليرى أبناء السعودية يمثلون الأنموذج الرائد لرسالة الإسلام..يقتدي بهم أبناء المسلمين في الأرض..هذا المشروع  الكبير الذي سجل أبعاد ملامحه في كتابه القيم (من مكة وإليها - تنمية الإنسان..وتنمية المكان) وكنت وأنا أستمع إليه وأصغي أحس وكأنه وهو يتحدث يستحضر قول الله تعالى:"وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا"وقوله تعالى:وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى? كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ"وقوله تعالى:"وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا"وقوله جلَ جلاله:"لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ"وتحدث حفظه الله عن ظاهرة ما يمكن أن أسميه(استمرارية الحضانة)فقال:الأجيال اليوم تنتظر أن يُقدّمَ لها كلُ شيء(علموني دربوني زوجوني وظفوني سكنوني)وأنت ماذا عليك ..؟ولتجلية هذه الظاهرة المؤلمة لفت نظرنا إلى دلالة كلمة(طالب) فقال:الطالبُ أن يسعى لتحقيق ما يُريد لا أن ينتظر ليسعى إليه ما يُريد وهذا معنى جميل أحسبه غير مسبوق..وتحدث سموه عن مسألة التنمية الذاتية لأهل الاختصاصات المتنوعة..من خلال تقديم مبادرات تطبيقية تفعل اختصاصاتهم في بناء الوطن وتنمية المواطن..وذكرنا بقولين عظيمين:قول الفيصل العظيم الزعيم العربي الفذعندما سئل عن مستقبل السعودية فأجاب:"أتمنى أن تكون السعودية مصدر إشعاع تنويري للعالم الإسلامي"وقول الزعيم الأمريكي الكبير جون كندي عندما خاطب أبناء وطنه قائلاً:"لا تسأل عما يمكن لبلادك أن تقدم لك،بل عما يمكنك أن تقدم لبلادك"وعلق قائلاً:كم كنت أتمنى لو أن عربياً قال ذلك..؟وتحدث وفقه الله عن ظاهرة تقليد الآخر إعلامياً من دون تقديم نماذج ذاتية إبداعية..ومما هو جدير بالذكر والإجلال..كان سلمه الله طيلة حديثه لا يَملُّ من تكرار قوله:"نريد الارتقاء والتطور والاستفادة من الآخر على أساس من التمسك والاعتزاز بثوابت هويتنا الإسلامية والعربية والسعودية"وتحدث سلمه الله عن تطلعاته للتحول من ثقافة الكم إلى ثقافة الكيف..ومن ثقافة الكيف النوعي إلى ثقافة الكيف الإبداعي..وأذكرُ في هذا السياق أمراً في غاية الأهمية كان تحدث عنه سموه في جلسات سابقة وهو:تطلعه لتأسيس جامعة باسم(جامعة الحج والعمرة) تُعنى ببلورة مقاصد قيم رسالة الحج الإنسانية الحضارية..وتُعِّدُ كوادر مؤهلة للنهوض بخدمات الحج والعمرة على المستوى الذي يليق بهذه العبادة الربانية الميدانية..ومما أحزننا جميعاً قوله سلمه الله:سيأتي يوم لا أكون بينكم..ولعلكم يومئذ تتذكرون ما أقوله لكم اليوم..بارك الله في صحتك وعمرك يا أبا بندر..فالأمة بخير مادام فيها رجال من أمثالكم..يترجمون بصدق وإخلاص ووفاء توجيهات أبو فهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد الزيز إمام العزم والحزم والحسم..والله المستعان.