المقاطعة والفساد وتهديد وجود (إسرائيل)
يواجه الكيان الصهيوني هذه الأيام حروب ومعارك ناعمة، يستخدم فيها الفلسطينيون والداعمين للقضية سلاح استراتيجي وخطير على الدولة العبرية، وهو سلاح مقاطعة (إسرائيل) حيث تشهد حملات مقاطعة الكيان اتساعا كبيرا في معظم الدول الأوروبية، ودول أمريكا الجنوبية، كما تنتشر بقوة بين الشعوب المتعاطفة مع شعبنا الفلسطيني والداعمة لقضيتنا المقدسة؛ الأمر الذي دفع رئيس الوزراء الصهيوني (نتنياهو) وحكومته الفاشية لعقد اجتماع طارئ للنظر في شأن حملات المقاطعة، واعتماد ميزانية تبلغ (100) مليون شيكل (إسرائيلي) لمواجهة حملات المقاطعة.
وهنا أوجه التحية الكبيرة إلى اللجنة الوطنية لمقاطعة (إسرائيل) (BDS) التي تبذل جهودا كبيرة، في كافة دولة العالم لتفعيل المقاطعة بكافة الوسائل، حيث عبر الكيان الصهيوني عن غضبه الشديد، عند انضمام كبرى شركات الاتصالات الفرنسية، وهي شركة (أورنج) الفرنسية لحركة المقاطعة، و قطع علاقاتها مع الاسرائيليين والمستوطنات الصهيونية، ووقف عملها في دولة الكيان، وعلى نفس الطريق قاطعت البرازيل وأعلنها رفضها التعاقد مع شركة أمنية (اسرائيلية) في اطار استعدادات البرازيل لتنظيم الأولمبياد لعام 2016م، كما تنشط بشكل كبير حركة المقاطعة في المؤسسات الأكاديمية في أوروبا حيث انضم اتحاد الطلاب البريطاني الوطني لحركة المقاطعة، من شأنه التضييق على دولة الاحتلال في أوروبا.
ومع اشتداد حملات مقاطعة الكيان، عقد الكنيست الصهيوني جلسات مطولة للبحث في الظاهرة وكيفية مواجهتها، فيما شكلت حملات المقاطعة رعبا وذعرا لدى الصهاينة؛ الأمر الذي دفع أثرياء اليهود في أمريكا إلى التدخل لدعم مواجهة هذه الحملات، وإنفاق الملايين من الدولارات من أجل وقفه، واستعادة مكانة الكيان الصهيوني التي تهتز يوما بعد يوم بسبب هذه حملات المقاطعة، لذا تحركت بقوة الحكومة الصهيونية لمواجهة المقاطعة، وأعلنت وزيرة الثقافة الإسرائيلية (ميري ريغيف)، عن تشكيل طاقم خاص لمواجهة حملات المقاطعة الثقافية لإسرائيل بالتعاون مع وزارة الخارجية، يضم الطاقم مهنيين من جميع أنحاء العالم بالتعاون مع وزارة الخارجية، أوكلت إليهم مهمة مواجهة الحملات الداعية لفرض المقاطعة الثقافية على (إسرائيل)، كما اعتبر المراقبون والمحللون الصهاينة أن حملات المقاطعة تمثل (تهديدا استراتيجيا خطيرا على إسرائيل)، وأن الكيان قد يخسر قارة أوروبا بأكملها، فيما اعتبرت المصادر الأمنية في الكيان أن مقاطعة فرنسا وبريطانيا وألمانيا ودول إسكندنافية للمعرض الأمني في تل أبيب الذي عقد مؤخرا، يمس بمكانة " الجيش الإسرائيلي"، ويضر في قدرات الجيش الإسرائيلي والشرطة بشكل ملموس، كما أعلن الرئيس الصهيوني (روفين ريفلين) عن غضبه الكبير جراء حملات المقاطعة واعتبرها تمثل " تهديدا استراتيجيا للدولة العبرية".
الآن أمام الفلسطينيون فرصة كبيرة في أوروبا وأمريكا لاستخدام سلاح المقاطعة في مواجهة الكيان الصهيوني، خاصة أن حملات مقاطعة (إسرائيل) في أوروبا تشهد قبولا كبيرا بين المجتمعات والشعوب الأوربية.
الأمر الآخر الذي يشكل خطرا كبيرا وتهديدا على وجود (إسرائيل) قضايا الفساد الكثيرة والمنتشرة في الكيان الصهيوني، وفي كل يوم تتصدر قضايا الفساد عناوين الصحف ووسائل الإعلام الصهيونية، فقد هزت حديثا الكيان فضيحة تلاحق نائب رئيس الكنيست الإسرائيلي (أورن حزان) من حزب الليكود لاتهامه بممارسته "القوادة" واستخدام فتيات دعارة للعمل لحسابه الشخصي.
وبحسب التقارير الإسرائيلية الإعلامية حول الفساد فقد تم سابقا تقديم المرشح السابق لمنصب الرئيس (الإسرائيلي) "بن إليعاذر" للمحاكمة في خمس قضايا فساد تتعلق بجرائم رشوة وتبيض أموال وانتهاك الثقة وجرائم ضريبية خلال سبعة أعوام مضت، كما حكمت المحكمة المركزية في (تل أبيب ) بالسجن خمسة أعوام ونصف على رئيس بلدية ما تسمى (رمات غان) السابق بتهم تلقي رشاوي من رجال أعمال خلال تقلده منصب رئاسة البلدية، فيما تم تنفيذ حكم السجن بحق رئيس الحكومة الصهيونية الأسبق (أيهود اولمرت) 8 أشهر، إضافة إلى حكم سابق بحقه لمدة 6 سنوات في قضايا فساد كبيرة بسبب تلقيه أموال ورشاوي منه وايداعها في صندوق سري خاص به، كما طالت فضائح أخلاقية رئيس الكيان الأسبق "موشيه كتساف"، حيث اتهم بالتحرش، ومحاولة اغتصاب عدد من الموظفات العاملات في مكتبه، كما تعرض سابقا وزير الخارجية الصهيوني السابق ( أفيغدور ليبرمان ) للتحقيق في قضايا الفساد، ووجهت ضده لوائح اتهام خطيرة ، تتضمن مخالفات خطيرة من بينها تلقي رشوة وتبييض أموال والحصول على مكاسب شخصية، إلا أنه تمكن الإفلات من هذه القضايا بعد دخوله في ائتلاف حكومي مع المجرم (نتنياهو).
إذاً قضايا الفساد تنخر في جسد الكيان الصهيوني المهترئ الذي يعد أيامه، وفي كل حرب يخوضها يحسب لها ألف حساب في موازين الهزيمة والانتصار، فضلا عن ما يحدث من تطورات في العالم العربي يتابعها الكيان عن كثب وتمثل تهديدا استراتيجيا وخطرا كبيرا على وجود (إسرائيل) .
أمام اشتداد حملات مقاطعة ضد الكيان الصهيوني في شتى دول العالم وأكثرها أوروبا، وأمام استشراء قضايا الفساد التي تتسع يوما بعد يوما في الدولة العبرية، وتصيب أصحاب المناصب العالية في الكيان، لم يتبقى أمامنا كفلسطين سوى انتهاز هذه الفرص لفضح الكيان الصهيوني ونشر جرائمه بحق شعبنا، والعمل على توحيد جهودنا وخطابنا وبناء إستراتيجية تحرير قوية من أجل إقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس بإذن الله ،،
إلى الملتقى ،،