المغرب بلد محصن ضد كل أنواع التطرف بحكم تاريخه العريق
لا يدخر دعاة العلمانية جهدا على موقع هسبريس ذي التوجه العلماني للنيل من الإسلام تحت غطاء الخلاف السياسي والحزبي مع حزب العدالة والتنمية الحاكم . ومع أن حزب العدالة والتنمية هو أو غيره من الأحزاب أو الهيئات أو الجماعات لا يمكنه التحدث باسم الإسلام أو الوصاية عليه ، فإن العلمانيين يأبون إلا حشر الإسلام في صراعهم مع الحزب الحاكم في المغرب ، والذي يصرح بأن مرجعيته إسلامية. ويقود موقع هسبريس حملة مسعورة ضد كل ما له علاقة بالإسلام . وظاهر الحملة المسعورة أنها موجهة ضد الحزب الحاكم أما باطنها فهو استهداف الإسلام . والحملة ينطبق عليها قول : " رمي عصفورين بحجر " فالعصفور الأول هو الحزب الحاكم، ورميه إنما يقصد به التمويه على رمي العصفور الثاني الذي هو الإسلام ، وهو المستهدف بالدرجة الأولى .وتتوالى مقالات العلمانيين على صفحات موقع هسبريس ، وهي تغرد نفس التغريد، وكل طرقها تؤدي إلى الرغبة في جر المغرب نحو التطرف العلماني الذي لا يختلف عن كل أنواع التطرف . ومما نشر على موقع هسبريس مقال للمدعو لكحل وهو معروف بحقده الأسود على كل ما يمت للإسلام بصلة عنوانه :" محاكمة عيوش حلقة من مسلسل دعوشة المغرب ". ومن تهافت الفكر العلماني توظيف داعش لتصفية الحساب مع الحزب الحاكم الذي يعتبر لكحل توجهه لا يختلف عن توجه داعش أو التوجه الإخواني على حد تعبيره . ومع أن داعش إنما هي صناعة مخابراتية غربية وجدت خصيصا من أجل بث ما يسمى الفوضى الخلاقة لتغيير الملامح السياسية لمنطقة الشرق الأوسط الذي أريد له أن يكون جديدا إبان الغزو الأطلسي للعراق من أجل جعل الاحتلال الصهيوني للأرض العربية أمرا واقعا ومقبولا ومسلما به ، فإن المتاجرين بداعش كثر، وعلى رأسهم الغرب الذي يقف وراء صنع الإجرام الداعشي الذي لاعلاقة له بالإسلام بناء على ما يصدر عن أفراده من جرائم وحشية وهمجية وبربرية . ولقد وظف الغرب داعش من أجل الالتفاف على تداعيات ثورات الربيع العربي خوفا مما يسميه الإسلام السياسي الذي أفرزته هذه الثورات التي اندلعت ضد الأنظمة الفاسدة . وتلقف المتربصون بالإسلام الدوائر وعلى رأسهم العلمانيون فكرة توظيف داعش من الغرب واستعمال ذلك كأسلوب لتصفية الحساب مع الحزب الحاكم الذي يلتقي في نظرهم مع التوجه الداعشي ، ذلك أن كل ذي توجه إسلامي مهما كان ، وإن كان معتدلا لا يؤمن بعنف يعتبر في نهاية المطاف داعشيا عندهم . ويلوح العلمانيون بتهمة الداعشية ضد كل ذي توجه إسلامي ولو أعلن البراءة من داعش . وهذا يذكرنا بالتهم التي كانت تلفق للخصوم السياسيين في سنوات الرصاص من أجل النيل منهم ظلما وعدوانا . ومن تجني العلمانيين على الإسلام محاولة اختزاله كدين عالمي في مجرد حزب أو طائفة أو جماعة وتحميله مسؤولية ما يصدر عنها من مواقف . فداعش كعصابة إجرامية لا تمت بصلة إلى الإسلام الذي هو دين السلام وإن أرخى أفرادها لحاهم، ورفعوا الأذان، وصلوا، وصاموا، وحملوا المصاحف ، وتلوا القرآن ، ورفعوا شعار الدولة الإسلامية . ولقد سبقت عصابات الخوارج في الماضي عصابات داعش اليوم في ادعاء الانتماء للإسلام ، وهي عصابات أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحوالها قبل ظهورها ، وقال عنها من ضمن ما قال أن المؤمنين ربما احتقروا صلاتهم عندما تقارن بصلاة هؤلاء الخوارج ولكن كتاب الله عز وجل لا يجاوز حناجرهم حين يتلونه ، وهذه براءة رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الخوارج في كل زمان وفي كل مكان . وما تفتي به عصابات داعش اليوم باسم الدين من جرائم القتل والنهب والسلب والاغتصاب يشبه ما كانت تفتي به عصابات الخوارج الإجرامية في الماضي. ومع وضوح براءة الإسلام من عصابات الإجرام في الماضي والحاضر والمستقبل، فإن العصابات العلمانية تصر على النيل من الإسلام عن طريق ربطه بالعصابات الإجرامية التي تدعي انتماءها إليه . ومعلوم أن غرض العصابات العلمانية من وراء ذلك هو إدراج الإسلام ضمن دائرة ما يسمى الإرهاب ليستأصل حتى تخلو الساحة للمشروع العلماني الذي يوصف بأنه مشروع مجتمعي حداثي يدعي الديمقراطية ،وهو ديكتاتوري المنزع يتبنى فكرة استئصال المشروع الحضاري الإسلامي .
وبالعودة إلى مقال العلماني لكحل نلاحظ أنه اتخذ من فيلم عيوش موضوعا للنيل من الإسلام وكأن ما قام به عيوش يشبه ما قال به صاحب فكرة كروية الأرض حين كان الفكر الصليبي ينكر ذلك، ويعاقب من يقول به أشد العقاب . فعيوش إنما صور فيلما تافها بخسا يصور سلوكا شاذا في مجتمع يدين بدين الإسلام بل أكثر من ذلك يعرض ببلده وبقيمه الدينية والخلقية والحضارية، علما بأن فئة وصولية وانتهازية محسوبة على الفن تنبطح أمام رغبة الغرب في الاستخفاف بقيمنا وأخلاقنا وديننا فتتهافت على العفن المحسوب على الفن والذي يصور الرذائل والانحلال الخلقي .والغرب يشيد بهذا النوع من العفن ، وينفخ فيه ويسوقه إعلاميا على أوسع نطاق انتصارا لأذنابه العلمانيين أو لطوابيره الخامسة .ولقد قامت دنيا العلمانيين ولم تقعد حين منع الفيلم المسخ ، وحين رفعت دعوة ضد صاحبه . ولهذا يقول العلماني لكحل : " محاكمة عيوش حلقة من سلسلة دعوشة المغرب " وهو ينسب دعوشة المغرب لحزب العدالة والتنمية في إطار الصراع الحزبي والسياسي مما يدخل ضمن ما يسمى بالحملات الانتخابية قبل الأوان التي يخوضها معارضو هذا الحزب وعلى رأسهم العلمانيون بضراوة وشراسة . ويحلم العلمانيون في المغرب بنكبة حزب العدالة والتنمية على غرار نكبة حزب الحرية والعدالة في مصر الذين طبخت مؤامرة الانقلاب على شرعيته بإيعاز من قوى دولية وإقليمية ترفض حكم الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية جملة وتفصيلا . ويساهم التحرش بالإسلام من قبل العلمانيين في تشجيع التطرف المحسوب على الإسلام ، ذلك أن وقاحة هؤلاء العلمانيين ودعواتهم المتهتكة لإشاعة ثقافة الرذائل تستفز بعض الشرائح ذات الأرصدة المتواضعة من التدين وتحملهم على تبني ردود أفعال متسمة بالتطرف والعنف مقابل أفعال العلمانيين المتطرفة ،وهو ما يريده العلمانيون. وهكذا يساهم العلمانيون في الدعوشة بشكل واضح مع أنهم يدعون أنهم يدينونها وهم يوظفونها في نفس الوقت لتصفية حساباتهم مع كل من ينكرعليهم علمانيتهم . ولا يخفى على العلمانيين أن الإسلام ومصدره الخالق سبحانه له مشروعه الحضاري المتكامل سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ، وهو مشروع مناقض للمشروع العلماني الوضعي ، لهذا لايجدون مندوحة عن فكرة استئصاله بعد فشلهم في تهميشه . ومعلوم أن المغرب بحكم تاريخه العريق احتفظ دائما بخصوصية استقلاله سياسيا وثقافيا عما كان يعتري العالم الإسلامي من مختلف التيارات الفكرية والعقدية . ولهذا السبب اختلف الربيع المغربي عن كل أنواع الربيع العربي ، ولم يحصل فيه ما حصل من انزلاقات نحو العنف كما هو الحال في معظم البلاد العربية . وبناء على ذلك فالمغرب بلد محصن ضد كل أنواع التطرف سواء تعلق الأمر بتطرف الخوارج أو الداعشية أو تطرف العلمانيين أو تطرف غيرهم . والمغاربة منذ عرفوا الإسلام متمسكون به وعاضون عليه بالنواجذ ، لا يزعزع يقينهم فيه أحد . وكلما أريد تمرير ما لا ينسجم مع دينهم لفظوه ورفضوه وحاربوه تماما كما تهاجم المضادات الحيوية الجراثيم والفيروسات . ولن يرضى المغاربة بعفن عيوش لأنه ليس من سلوكهم ما صوره هذا العفن ، ولا يمت إليهم بصلة بل هو دخيل ومن مظاهر العلمانية التي تبيح الرذائل باسم الحرية . ولا يوجد مغربي سوي الفطرة يرضى بهذا العفن . وكل من دافع عن هذا العفن لا يخلو أن يكون مجبولا على الدياثة راضيا بها لأهله ومطبعا معها . ولا يستسيغ القذارة ولا يستعذبها إلا قذر.