العالم في غضب
العالم اليوم تنتابه حالة من الغضب العام..غضب على مستوى الأفراد وغضب على مستوى المجتمعات..وغضب على مستوى الدول..غضب في الشرق وغضب في الغرب..وغضب في الشمال وغضب في الجنوب..الكل غاضب ولكلٍ أسبابه في تبرير غضبه..ولكلٍ منهجه في التعامل مع مصادر إغضابه..فمنهم الحكيم الماهر والذكي البارع..ومنهم المجامل المصابر..ومنهم الأحمق الغادر المتهور..ومنهم المتربص الماكر..إلا أنهم جميعاً مصرون على إنهاء حالة الغضب..ومصممون على التخلص من أسبابه..اجتماعية كانت أم ثقافية..سياسية كانت أم اقتصادية..أجل الكل غاضب..والكل يتعامل مع هذه الحالة وفق ما تمليه ثقافته وتربيته..والمشهد العربي والإسلامي في إطار المشهد الأمني العالمي..أحـــواله في غالب مجتمعاته - إلا من رحم ربي - لا تســـر إلا المبغض والعــدو..تحفه المخاوف والمخاطر والنذر من كل جانب..والأوطان والأجيال فيه تعاني من قلق على حاضرها ومستقبلها..والأمة بشكل عام تعاني من داخلها أكثر مما تقاسي من خارجها..فهي في مخاض صعب ليست أسبابه بغائبة عن أولي الألباب والنهى..والسؤال الملح إلى أين..؟الكل يحاول الإصلاح والرشاد..مما جعل الأجيال أمام حالة إغراق ثقافي وأيديولوجي..فالفضائيات وشبكات الإنترنت تمطر الأرض ومن عليها بفيض متدفق من الرؤى والأفكار..وبسيل لا ينضب من التساؤلات..تبحث عن أجوبة لألغاز معقدة تغمر حياة الأفراد والمجتمعات وتهدد أمنهم واستقرارهم..يوازي ذلك ضخ هائل من حلول ودراسات وأفكارٍ ورؤى تسعى للتعامل مع التساؤلات..إلا أنها مبعثرة وغارقة في سيل من المعرفة الغثائية المضربة المخيفة..إنها أشبه بأشعة مضيئة مشتتة في ظلمة حالكة من العبث الثقافي والاستجلاب المعرفي من هنا وهناك..تحتاج لمن يجمع منها رؤية فكرية محددة المعالم..أو ينسج من خيوطها المنثورة لوحة ذهنية هادفة..آمل أن تتنبه الجهات المعنية في الأمة إلى هذه الحاجة الملحة..فالأمة ثرية بالكفاءات والمهارة وبأهل الحكمة والرشد..تحتاج إلى من ييسر لهم أسباب التكامل والتعاون والتنافس والإبداع..من أجل بعث حركة استئناف حضاري راشد للأمة..فهل من مجيب ..؟
وسوم: العدد 627