إشْكَاليِّةُ الاستئذَانِ للقِتَالِ
الولايةُ في الإسلامِ على مُستويين:ولايةٌ عامةٌ وولايةٌ خاصةٌ..الولايةُ العامةُ أمرُها لِولي الأمرِ الأعلّى لِلأمةِ"إماماً أو خليفة أو ملكاً أو رئيساً أو أميراً أو سلطاناً..إلخ"أمَّا الولايةُ الخاصةُ فأمرُها لولاةِ الآمرِ المُفوضين والوالِدين ورَبِّ العملِ ومن هو بحكمهم..والسمعُ والطاعةُ بالمعروفِ..هُو أصلُ العلاقةِ الشرعيِّةِ بينَ أفرادِ الأمةِ وبينَ أهلِ الولايةِ الصُغرى والكُبرى أو الولاية الأدنى والأعلى..وهي علَى الوجوبِ منَ الأعلَى إلى الأدنَى لقوله تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ"والولايةُ الصُغرى لا تَسقطُ إلا لصالحِ الولايةِ الكُبرى..وعلَى هَذا الأساسِ يَنبغي أن يَفهمَ المسلمَ فَتوى منْ يقولُ:عِندَما يُصبحُ القتالُ فريضةَ عينٍ..فَعلَى كُلِّ مُسلمٍ أنْ يُلبي ولا يَلزمُ استئذانُ الزوجةِ زوجَها ولا الولدُ والِدَه..فَولايةُ الزوجِ والوالدِ هُنا تسقطُ لصالحِ أمرِ الولايةِ الكُبرى(ولي أمر البلاد) عِندمَا يَأخذُ قرارَه ويُعلنُ الحربَ والنفيرَ العام..أمَّا في حالِ عدمِ إعلانِ ولي الأمرِ قرارَه بالقتالِ..فَلا يَصحُ شَرعاً بحالٍ أنْ يذهبَ أحدٌ للقتالِ..لأنَّه في مثل هذه الحال يكون الخروج للقتال أمراً محرماً وتمرداً علَى طاعةِ وليِّ الأمرِ..ومن ثمَّ يكون خروجاً وتمرداً علَى طاعةِ اللهِ ورسولِه لقوله صلى الله عليه وسلم :"منْ أطَاعَني فَقد أطاعَ اللهَ ومنْ عَصَاني فَقد عَصا اللهَ،ومنْ يُطِع الأميرَ فَقد أطَاعَني ومنْ يَعصِ الأميرَ فَقد عَصاني"وذلكَ لأنَّ وليَّ الأمرِ هُو صاحبُ الحقِ المُطلقِ في تَقريرِ إنْ كان القتالُ فرضَ عين أولا..جَاءَ في المُغني لابن قُدامة يَرحمهُ اللهُ تَعالَى قولُه:"إذا جاءَ العَدو صارَ الجهادُ فرضَ عينٍ فَوجبَ علَى الجميعِ..فَلمْ يجز لأحدٍ التَخلفَ عنَه..فإذا ثبتَ هَذا..فإنَّهم لا يَخرجون إلا بِإذنِ الأميرِ..لأنَّ أمرَ الحربِ موكولٌ إليهِ.."وفي حالتيِّ قتالِ التطوعِ وقتالِ العينِ..يُؤخذُ برأيِّ الإمامِ فحسب..لأنَّ ولايةَ الوالدين والزوجِ تسقطُ لصالحهِ فقط ولا تسقطُ لصالح غيرِه بحالٍ منَ الأحوالِ..وعلى الأخصِ لا تسقطُ لصالحِ زعاماتٍ مُوهومةٍ مزعومةً مُدعيةٍ ضالةٍ مُضلةٍ..والأمرُ الأكثرُ خطورةً هي عمليةُ استدراجِ الأحداثِ والشبابِ..لِيُلبوا نداءَ مثلَ تلكَ الجهاتِ المجهولةِ المصنوعةِ..التي تَدعيِّ وتزعم لذاتها إمام المسلمين..ونُصرةَ الإسلامِ وتحقيق مصالح المسلِمين..وحقيقة أمرهم تؤكد أنهم منْ ألدِّ أعداءِ شرعة الإسلام والمسلمين..وأخطرُ ما يقومون به استدراج الفتيةِ الأغرار من أبناء الأمة..وإقناعهم بشرعيِّةِ قتل ذويهم من أبائهم وأمهاتهم..واستباحةِ دمائِهم وممتلكاتِهم وثرواتِهم..واعتبارِ القيامِ بذلكَ منَ القُربةِ إلى اللهِ..ومنَ الجهادِ الخالصِ في سبيلِه سُبحانَه..؟؟؟!!! أجلْ إنَّ الأمرَ لخطبٌ جللٌ..يَنبغي أنْ تُستَنفرُ كُلُّ فعالياتِ الأمةِ الدينيِّة والفكريِّةِ والثقافيِّةِ والسياسية لِوأدِ هَذه الفتنةِ الهوجاءِ..وإنقاذِ الأمةِ من شرٍ مُستطيرٍ..وحمايتها من فتنة حمقاء مدمرة لقوله تعالى:"وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً".
وسوم: العدد 627