أعظم وأجل ..!
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتناوب وصحابي جارٍ له حضور مجلس رسول الله وذات يوم عاد جاره الصحابي رضي الله عنه متجهم الوجه..فسأله عمر رضي الله عنه وما وراءك يا أخي..؟ فقال:إن الأمر لجللٌ يا أبا حفص..! قال عمر:وهل جاءت غسان..؟(كانت دولة الغساسنة في الشام تتوعد بغزو دولة الإسلام في المدينة المنورة) فقال الصحابي:لا..بل الأمر أعظم وأجل!قال عمر:وما ذاك يا أخي ..؟ قال:لقد طلَّق رسول الله أزواجه ..! قال:عمر:أو قد كان ..؟ونهض رضي الله عنه يهرول..حاملاً نعليه بيديه لم يمهله هول الخبر أن ينتعلهما..أجل إن اهتزاز استقرار البيت المسلم بعامة..واضطراب استقرار بيت القيادة المسلمة العليا بخاصة..أجلُّ وأعظم هولاً وخطراً على الدولة المسلمة من أن تغزوها دولة ما..وتهدد أمنها وسيادتها واستقرارها.."وهل جاءت غسان ..؟؟؟!!!"لا يا أخي..بل الأمر أعظم وأجل ..!!!"والقرآن الكريم يؤكد هذه المعاني ويؤصل لها بقوله تعالى:"وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا"وبقوله تعالى:"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"أجل ففي البيت المسلم( بيت الأسرة وبيت الدولة) تُستنبتُ وتنمو وتشمخُ شجرة المودة والرحمة..التي تحتضن بظلالها الوارفة أبناء المجتمع..وتبعث في نفوس أجياله الأمن والاطمئنان والاستقرار..وتُمهدُ لهم سبل التآخي والتعاون والتنافس..من أجل بناء الحياة الآمنة..وإرساء أسس السيادة والقوة والمنعة..وقد أكد رسول الهدى قيمة ترابط القيادة بالمجتمع في حديثه الشريف الذي رواه البيهقي رحمه الله تعالى حيث يقول:"كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ..فَقَالَ له عُمَرُ رضي الله عنه:وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلا نَفْسِي..فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ :"لا يا عمر..وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكِ..قَالَ عُمَرُ:فَأَنْتَ الآنَ وَاللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي..فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ :"الآنَ يَا عُمَرُ"أجل بمثل هذه المكانة الراسخة..وبمثل هذا العمق من المحبة للقيادة المسلمة في نفوس المسلمين..بُنيت صروح بناء المجتمع المسلم..على مثل ما يحب الله تعالى كما في كما قوله جلَّ جلاله:"إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ "وكما أكد ذلك رسول الهدى..وإمام المسير الربانية الراشدة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بقوله:"الْمُؤْمنُ للْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشدُّ بعْضُهُ بَعْضًا"أجل إن اختلال صف الأمة ووحدتها..واضطراب استقرار قيادتها..لأعظم وأجل خطراً على الأمة من أن تغزوها دولة أخرى..تهدد أمنها وتنال من سيادتها ومكانتها..أجل (الآن ياعمر)فبمثل هذا الحب الخالص المطلق يكون الولاء والوفاء..وبمثل هذا الفداء تكون المنعة والقوة للأمة..فهل أدركنا يا أحباب سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم عمق مقاصد فقه الحب والولاء والوفاء لإمامة الأمة وقيادتها..؟
وسوم: العدد 628